<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي  في العراق الشعب يريد اسقاط الطائفية !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

      

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

في العراق الشعب يريد اسقاط الطائفية !

 

 

جمال محمد تقي

 

تظاهرات بائسة ومدفوعة الثمن ، كما وصفها مقتدى الصدر ، خرجت في ساحة التحرير تتغنى بحكم المالكي وهي تتزين بصوره وتهتف بحياته ، وعلى شاكلتها خرجت تظاهرات في المحافظات التي يحكمها حزب الدعوة ، كل هذا للتهويش على التظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات الشعبية المتصاعدة والتي تعبر عن يأس مختلف فئات الشعب العراقي من امكانية تغيير الاوضاع الفاسدة والمزرية وعلى كل الصعد عبر الوسائل التي تتحكم بها ذات السلطة كالبرلمان والقضاء.

بعد القمع الذي شهدته مظاهرات شباط عام 2011 التي انطلقت من قلب بغداد وساحة تحريرها ، صار التظاهر المطلبي وخاصة في ساحتي التحرير والفردوس مغامرة قد تؤدي بالمشارك بها للاعتقال بتهمة الارهاب ، واصبحت تلك الساحات حكرا للمؤيدين من اصحاب الثمن المدفوع ، فتصاريح الرخص لا تعطى الا من وزارة الداخلية التي يحكمها المالكي نفسه وهي لا تمنح هكذا لوجه الله ، او لتبييض وجه الديمقراطية المسود ، حيث لا وجه لها اصلا في ظل نظام التقسيم الطائفي والاثني المعمول به منذ احتلال العراق وحتى الان ، وعليه فهي لا تمنح الا بعد حساب مردوداتها ، وبأي مصلحة تصب ، فاذا كانت تصب بمصلحة المطالبين بحقوقهم المشروعة والمسلوبة ، لا ترخص ، لانها تفضح عيوب رأس الحكم ، اما اذا كانت مؤيدة له او للتحالف الطائفي الذي اتى به فهي مرخصة وتوفر لها كل اسباب الحماية والرعاية ، مظاهرات التيار الصدري مثلا ترخص برغم عدم ارتياح حزب المالكي لتظاهرات التيار التي تسبب له الاحراجات احيانا لكنه يقبلها على مضض بحكم كون التيار احد الداعمين لسلطته في المحصلة النهائية .

رفضت اغلب طلبات رخص التظاهر المقدمة لوزارة الداخلية خلال العامين الاخيرين وخاصة في قلب بغداد خوفا من انتقال عدوى مظاهرات الربيع العربي الى العراق ، وخوفا من ترسخ تقليد جمع الاحتجاج ، وهذا بحسب تصريحات نشطاء منظمات المجتمع المدني في بغداد ، فهناك بعض الطلبات لا يرد عليها اصلا ، وبعضها يرد عليه ليس بالرفض المباشر وانما عبر تبريرات واهية كالحالة الامنية والزحام المروري ، في حين ان مظاهرات التأييد تنطلق من نفس الساحات وبسلاسة ملفتة !

يسمح احيانا بالتظاهر المغلق في عدد من مناطق بغداد امتصاصا للنقمة ولمنع انفتاحها على الشارع بكل اطيافه ، كالتظاهر في ساحة جامع الامام ابو حنيفة ، او مناطق الدورة وزيونة ، وهذه السياسة الحكومية القمعية ازاء حق التظاهر اخذت تتجاوز حدود محافظة بغداد الى المحافظات الاخرى ففي محافظة الموصل قامت قيادة عمليات نينوى التابعة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة ورئيس الوزراء باقتحام ساحة الاحرار التي اعتصم بها الالوف من اهالي المدينة مطالبين بالغاء سياسة التمييز والتهميش والاقصاء والاستبداد ،  بالرغم من حصول المعتصمين على رخصة رسمية من مجلس المحافظة ، وذات الشيء حصل في محافظة صلاح الدين ، ويجري التضييق وباساليب بوليسية مختلفة على المشاركين بالاحتجاجات في محافظة كركوك وديالى وسامراء ، اما معتصمو الانبار والفلوجة فانهم وبالرغم من الضغوط ومحاولات التسويف والاحتواء فانهم استطاعوا تنظيم انفسهم وباعداد مهولة تعجز معها المعالجات القمعية التقليدية ، وهم يشكلون الان اوسع تجمع احتجاجي دائم وعابر للقبلية والطبقية والمناطقية والطائفية والحزبية ، فهم يعبرون بوقفتهم تلك وبشعاراتهم واهدافهم عن حاسة وطنية حية وعن مسؤولية تجمل في طياتها صرخات كل عراقي طفح به الكيل ولم يجد سبيلا حتى للصراخ !

الطائفية المذهبية والاثنية التي كرسها المحتل الامريكي لتكون محورا تكوينيا للنظام الجديد الذي اقامه في العراق اضرت بكل المكونات العراقية بشكل مباشر وغير مباشر ، لانها الغت التعريفة الاساسية لمكون لاغنى عنه في اي وطن ينشد التماسك والرفاه والحرية ، انه المواطن ، وبالتالي دولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع بالحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنفسية والثقافية ، وبطبيعة الحال بالواجبات الوطنية التي يؤديها لدولة المواطنة وليس للسلطة التي ينحصر دورها بادارة الجهاز التنفيذي ولاجل مسمى ، المواطن الكردي متضرر من النظام الطائفي القائم لانه وفي كردستان ايضا وبالرغم من الحالة شبه المستقلة للاقليم ، لكن القائمين على السلطة فيه لا يعتبروه مصدرا للسلطات وانما مصبا لها ، ففي بادينان لا حصانة فعلية الا لمن هو من الطائفة البرزانية نسبا او انتسابا ، اما في منطقة سوران فالحصانة الفعلية لاتكون الا للطالبانيين نسبا او انتسابا ، والامثلة كثيرة على هذه الحقيقة ابتداءا من دستور الاقليم وانتهاءا بالميزانيات المليارية التي لا يعلم عن مصيرها شيء الا من خلال الاخبار المسربة من الخارج عن التخمة المليارية للحسابات المصرفية للبرزانيين والطالبانيين ، المواطن الشيعي بدوره هو اكثر الجميع تضررا بالرغم من ان سلفون الحكم القائم حاليا في العراق مطبوع بماركة تحالف سياسي شيعي ، فاصحاب هذا التحالف لا ينظرون للشيعي نظرة تخالف نظرة حكام الاكراد للمواطن الكردي ، فالشيعي في الحسابات الباطنية للطائفيين الشيعة هو عبارة عن مقلد مهمته نصرة من يجتهد لاحياء مراسيم ذكرى استشهاد ال البيت ، لا يهمهم ان يكون الشيعي متعلما لانه ان تعلم سيكون اكثر قدرة على فضحهم ، والدليل ارتفاع نسبة افلاس وتردي خدمات النظام التعليمي في المناطق الشيعية عن غيرها ، ولا يهمهم ان يكون الشيعي منتجا لان انتاجه سيجعله ذا ثقة عالية بنفسه وبقدرته على صناعة قدره ، المهم لديهم ان يكون مهموما بالتنفيس عن نفسه بمراسيم الزيارات التي تستغرق اكثر من نصف ايام السنة ، بحيث يتطبع الناس على اللا عمل  ، وعلى انتظار ساعة الفرج او ما يتصدق به اصحاب التحالف من رواتب للرعاية الاجتماعية او التقاعد المبكر والتي لا تسد رمق 5 بالمئة من اصحاب الحاجة ، اما عن الانخراط بالمجال الوحيد للعمل وهو الانتساب للجيش او الشرطة ، فحتى هذا الانتساب لن يكون الا بشروط فاسدة ، لا مصانع ولا معامل تعمل ، ولا مزارع تزرع ، فالمياه شحيحة ولا تتوفر حتى للشرب ، وانحدر الامر لدرجة ان اهل التمور صاروا يستوردونها من الخارج ، كل شيء يجري استيراده من دول الجوار ، معاناة اهل البصرة تقارب معاناة اهل الفلوجة في مجال التسرطن الذي سببه استخدام الامريكان للاسلحة المحرمة ، لا اهل الفلوجة ينالون عناية بحالتهم ولا اهل البصرة ، بل ، ولا اهل العراق كله ، كل الذي تبقي هو بقايا من اطلال النظام الصحي السابق ، والان هو باعلى درجات الانحطاط ، نفس معاناة الشيعي هي معاناة السني والكردي ، شحة بالخدمات التي يستحقها المواطن العراقي والتي يجب ان توازي دخل الثروة النفطية للبلاد ، شحة حتى في توفر البنزين والوقود للمواطن مقابل انتفاخ جيوب المسؤولين من السنة والكرد والشيعة ، حتى السجون والمعتقلات فهناك شيء من العدالة في توزيع القمع ، الشيعي الذي لا ينقاد والذي يرفض سطوة رجال الدين على السياسة وينشط بهذا الاتجاه مصيره اما التصفية او السجن ، ونفس المصير سيلقاه المواطن الكردي عندما يرفض ديكتاتورية البرزاني او الطالباني ، صحيح هناك جملة من الاجراءات والقوانين التي جاء بها بريمر والتي الحقت ابلغ الضرر في التركيبة الاجتماعية للمناطق الغربية بحكم استمرار بؤر المقاومة فيها وبحكم تسرب تنظيم القاعدة الى ضواحيها ، لكن استمرار حكومة المالكي التي استخلفها المحتل الامريكي زاد الطين بلة عندما اصل الاستخدام الطائفي لتلك القوانين والاجراءات ، فقانون حل الجيش يجب ان يكون مترادفا مع منح عناصره كامل الحقوق التقاعدية ، ونفس الشيء بالنسبة لقانون الاجتثاث الذي لا يجب ان يكون دون حدود ، وذات الشيء ينطبق على قانون 4 ارهاب الذي تحول من مكافحة الارهاب الى اداة ارهاب منظمة بيد السلطة تستخدمه عند الطلب بوجه خصومها السياسيين .

المالكي وعلى مدى ستة سنوات امعن في اذاء الشعب العراقي بكل مكوناته ، فبدلا من تنفيذ وعوده بالتغيير والاصلاح السياسي والخدمي والدستوري وفي انجاز المصالحة الوطنية ، راح يمعن بالتماهي مع روح القوانين والاجراءات الاحتلالية ، واتخذ من فنون صناعة الازمات والتجييش الطائفي لاغراض انتخابية مدخلا للبقاء بالسلطة .

 ليس صحيحا ان ردة الفعل الحالية التي تشهدها ساحات المقاومة والكرامة في العراق هي فزعة مناطقية لبعض السياسيين الذين اختلفوا مع المالكي ، لان مطالب المتظاهرين اكثر عمقا ونضجا من كل طروحات من يدعي الاصلاح من السياسيين ، وتلك المطالب تجاوزت سطحية الخلافات السياسية بين الكتل البرلمانية ، وقد اثبت المحتجون انهم مؤهلون لطرح وصفة طبية لمعالجة الحالة المرضية للوضع العراقي برمته ، بصيغة طلبات مترابطة لها علاقة بالدستور وشكل النظام القائم وفصل السلطات الى ضمانات حقوق الانسان الى الغاء القوانين والمحاكم اللا شرعية ، والتشديد على تفاصيل عمل الجهاز القضائي وقانون المحكمة الاتحادية ، كل هذه المطالب هي تعبير وطني اصيل يمقت الدولة الطائفية وينشد التغيير باتجاه دولة المواطنة التي لا تقوم لها قائمة دون الاستعداد لاعادة النظر بكل ما هو ساري المفعول في عراق اليوم .

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا