<%@ Language=JavaScript %>

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

      

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

العراق وبيئة إقليمية آمنة

 

 

د. كاظم الموسوي

 

 

 

تثير قضايا البحث عن بيئة إقليمية آمنة أسئلة كثيرة وتحتاج إلى قراءات موضوعية. وهناك آراء كثيرة، منها لخبراء أمريكيين خصوصا، تقول بان تحديات كثيرة تواجه إدارة العمل السياسي في العراق، تختصر في الصراعات على السلطة والمال بين الكتل السياسية المشاركة فيها، وفي التجاذبات الجانبية بينها ككتل سياسية وتصوراتها في إدارة الدولة. ومع كل محاولاتها في التلاقي أو تغيير التحالفات بينها لم تستطع أن تصل إلى المشترك الوطني. الأمر الذي تستطيع فيه إعادة بناء الدولة بقواها وإرادة الشعب العراقي وخياره الوطني. وهذه الصراعات تفرض نفسها، سواء بين الإقليم والمركز، أو داخل الكتل السياسية الأخرى المشتركة في العملية السياسية، أو تأثرها بالتنافس الإقليمي وأجنداته، على إضعاف دور العراق ومكانته، محليا وإقليميا ودوليا.

بلا شك يؤثر التنافس والصراع الإقليمي عمليا وينعكس على القوى السياسية العراقية وارتباطاتها الإقليمية أو تعاملاتها معها. وما قامت به بعض القوى الإقليمية، سلبا أو إيجابا، استمر بأشكال أخرى.

وقائع الأمور تفضح أكثر، إذ أن كل المعلومات التي أصبحت علنية ومثبتة بالوثائق ومذكرات السياسيين والعسكريين الذين اشتركوا في الغزو والحرب على العراق، تؤكد التعاون العسكري والمالي الكبير لانطلاق الحرب على العراق من بعضها وباقي القواعد الأمريكية العسكرية في المنطقة.

من المتغيرات الأخرى تبدل السياسات التركية ومن خلال عدة أبعاد، ليس فقط في تطوير العلاقات مع إقليم كردستان والخلاف مع المركز. ولاسيما بعد تخلصها من خوف إقامة دولة كوردية ضمن الصفقات السياسية، فان الثابت في الأمر هو أن الحدث العراقي قد رمى بتداعياته على الدولة التركية من زاوية محورية، هي مستقبل وظيفة الدور الإقليمي لتركيا.

ودفع هذا المتغير - الذي صاحبته دبلوماسية نشيطة متمثلة في ثلاثية القيادة التركية ( اردوغان، غول، اوغلو) - تركيا إلى دخول لعبة إستراتيجية إقليمية تضع دول الخليج العربية وأنقرة في مواجهة إيران. كما نشرت وكالة رويترز وبلغتها المعروفة.

ونقلت عن سولي اوزيل وهو أكاديمي ومعلق تركي بارز "الأمر الحاسم حقا هو الانسحاب الأمريكي من العراق لان ذلك جعل العراق بشكل أساسي ملعبا مفتوحا بدرجة أكبر أمام الإيرانيين. "بدأت تركيا تجد نفسها لا محالة وربما دون رغبة منها جزءا من العاب طائفية على عكس الموقف الذي حاولت على نحو دقيق أن تحافظ عليه وهو تساميها عن الطائفية."

ويشن المسؤولون الأتراك حربا كلامية مع بغداد منذ ديسمبر/ كانون الأول 2011 عندما صدر أمر باعتقال نائب الرئيس السابق طارق الهاشمي بناء على اتهامات خطيرة، وجاءت بعدها أحداث سورية والتدخل السافر فيها. فازداد قلق تركيا من أن "قوتها الناعمة" - الصاعدة القائمة على اقتصاد مزدهر واستقرار ديمقراطي نسبي بعد حقبة طويلة من الانقلابات العسكرية - قد تتعرض للتهديد من جانب "محور شيعي" وليد تجسده إيران وحكومة بغداد التي تدعمها طهران.

وقال حسن تورناك الباحث بجامعة اوكسفورد "يتعلق الأمر بتصاعد صراع القوى في بغداد مصحوبا بصراع إقليمي بين إيران وتركيا ودول الخليج العربية يدور في سوريا والعراق."  

كما يبدو إن صياغات الخبراء ووكالات الأنباء الغربية لبحوثهم أو تقاريرهم تركز على مفاهيم ومصطلحات تريد تكريسها وممارسة سياساتها في ضوئها وتوفير البيئة الملائمة لها واختيار من يقدم نفسه لخدمتها، وهذا الأمر الخطير في حاضر العراق ومستقبله يتطلب وعيا حادا وحرصا كبيرا من القوى السياسية الوطنية ومن كل قطاعات الشعب ومنظماته السياسية والاجتماعية وغيرها، وتصديا حاسما لمثل هذه المخططات المعروفة في تاريخ القوى المعادية لطموحات الشعوب وإراداتها.

ورغم ذلك فالعراق، يستطيع تأدية دوره على الساحة الإقليمية والدولية مقترنا إلى درجة كبيرة بالمحدد الإقليمي، ولاعتبارات متعددة أبرزها الجغرافية، وذلك لقدرته أن يكون شريكاً استراتيجياً في المنطقة. والعراق طرف أساسي في النظام العربي ودوره ضروري وفاعل ومؤهل لتصحيح الاختلال في موازين القوى الإقليمية الإستراتيجية. وأية محاولة لفصل العراق عن محيطه العربي تؤثر على سياسات التنافس الإقليمي والدولي وتفرّق المنظومة العربية بشكل مباشر. وتسمح لأي نفوذ إقليمي في الحد من دوره وصناعة بؤر توتر أخرى. ولذلك لا يمكن اعتبار العراق تحت أي نفوذ، أو قُدم بطبق من ذهب لجهة إقليمية معينة، أو أصبح ركيزة لقوة محددة، رغم استمرار أشكال من النفوذ الإقليمي والدولي، غير مباشرة وغير قادرة على خنق العراق من الناحية الإستراتيجية وعلى المدى البعيد. حول هذه الموضوعات دار مؤتمر دولي عقد في بغداد بتحضير المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية، التي تضم نخبة من الأكاديميين المختصين برئاسة واثق الهاشمي، تحت شعار: نحو بيئة إقليمية آمنة. استمر ليومين في 23 و24 من شهر شباط/ فبراير 2013.

وبهذا المعنى، فإن السياق الجديد للعلاقات الإقليمية العراقية قد خدم فرص اندماج العراق في بيئته الإقليمية، (عقد مؤتمر القمة العربية في بغداد، ومؤتمرات ومشاركات أخرى)، وزاد من إمكانية قبوله فيها، دونما هواجس متضخمة في هذا الاتجاه أو ذاك.

ومع انطلاق انتفاضات شعبية عربية وحراكات وطنية، بدءا من تونس في شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 2010 وما تلاها من موجات تغيير، حرقت هشيم المستبد وبعض عروش الطغيان، شخصت أبصار القوى الإقليمية والعالمية مجدداً إلى المنطقة مترقبة ما سوف تؤول إليه الأوضاع فيها وما يمكن أن تتمخض عنه تلك التحولات من تداعيات على علاقات دولها بالقوى العالمية والإقليمية.

وفي خضم كل ذلك لابد من العمل الجدي لإعادة دور العراق الإقليمي بما يخدم المصالح العراقية في إطار الإقليم والمصالح العربية المشتركة في إطار المنظومة الدولية، وتأكيد ذلك في صناعة بيئة متوازنة وقادرة على إدراك طبيعة العصر والمصالح المشتركة لكل الأطراف. وهذا يضع تحديا كبيرا أمام القوى السياسية، في العراق وأي مكان مشابه من العالم.

 

 

كاظم الموسوي

05.03.2013 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا