<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي العراق بين محنتي الانسحاب والمعاهدة

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

      

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

العراق بين محنتي الانسحاب والمعاهدة

 

 

د. كاظم الموسوي

 

 من الصعب تصور العراق بعد انسحاب القوات الامريكية القتالية قبل اكثر من عام بأنه تخلص من تبعات وجودها وما فعلته، سواء بجرائم الحرب والإبادة او بتهديدات مشاريع التقسيم والتفتيت والتضليل الاعلامي وغيرها، أو تجاوز تداعيات الاحتلال البغيض الذي استمر اكثر من عقد من الزمان. حيث استطاع الاحتلال ان يوفر له بيئته ومجاله الحيوي. ومنها ما ترسخ في العراق منه مما كانت خطط الغزو والحرب والاحتلال ترسمه لحاضره ومستقبله. هذه احوال تاريخ الاستعمار والاحتلال ولابد من التأكد من ان هزيمته وإجباره على الانسحاب والهروب من الساحة لا تنتهي عند الخروج والابتعاد وهذا ما حصل في العراق، فقد ادبر المحتلون بلا شك ولكنهم وقعّوا معاهدات استراتيجية وضمان لخططهم ومشاريعهم وأهدافهم من غزو العراق واحتلاله. وترك الاحتلال اثارا له في تدمير البنى الفوقية والتحتية وانهاك الاقتصاد وخراب المؤسسات وبلا شك صناعة طابوره الذي بنى سابقا عليه اماله ولاحقا يرامجه. ان المستعمر القديم والجديد لا يتخلى عن قواعده في العمل ومشاريعه في الغزو. وكل الجرائم التي ارتكبت في العراق شاهد واضح وصورة مكررة لسابقاتها، وليس في العراق وحده طبعا. ولكن المؤسف حقا هو تمرير تلك الاكاذيب على الرأي العام ومحاولة استغفاله والتلاعب باتجاهاته والتنكر لتاريخه وإرادته في المقاومة والرفض للاحتلال والعمل بكل ما يستطيع لخياراته الوطنية والقومية.

بوجود القوات الامريكية وحلفائها ومنذ عام 2003 لم يتوقف شلال الدم العراقي عبر التفجيرات والمفخخات وكاتمات الصوت وكل اساليب القتل والتعذيب، وضحايا الحرب الدموية الاهلية، ولم تحمّل قوات الاحتلال بموجب قرار الاحتلال وميثاق الامم المتحدة والاتفاقيات الدولية المرتبطة به المسؤولية عما لحق بالشعب العراقي، من خسائر لا تعد ولا تحصى، بشريا وماديا. في الوقت الذي احصيت فيه خسائر القوات الامريكية ومن تبعها من المريدين لها، من الاوروبيين والناطقين باللغة العربية. ومن خلال قرار مجلس الامن الدولي نصبوا على العراق ما سمي بـ "سلطة التحالف المؤقتة" برئاسة المندوب السامي "الحاكم المدني الأميركي" بول بريمر. وخلال عام من مندوبيته، أصدر بريمر 99 أمرا اداريا كانت لها قوة القانون وكان المفروض بتلك القرارات ان تشكل الأسس التي يقوم عليها ما سمي عند المحتلين والمراهنين عليهم، رغبة او رهبة، بـ"العراق الجديد" بدء من قرارات حل مؤسسات النظام السابق بما فيها المؤسسة العسكرية، وإدخال مصطلح "الاجتثاث" وتوابعه، إضافة الى قرارات اقتصادية أبرزها الخصخصة وربط الاقتصاد العراقي بعجلة ادارات الاحتلال الاقتصادية واستثمار ثرواته بما يوفر للاحتلال كل فرص الاستغلال. وتضمنت القرارات الحريات العامة، والتعددية الحزبية وحرية التعبير واستقلال القضاء والإعلام والهيئات الرقابية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها من مؤسسات دستورية وديموقراطية، كما رغب تسميتها بعض من وافق عليها واغلب من تعاون مع السلطة الجديدة واستمر في اللعبة التي سميت بالعملية السياسية في مراحلها وخطواتها وصولا الى الانسحاب العسكري للوحدات القتالية فقط. وبعد مرور عام عليه ماذا حصل؟. ماذا شهد العراق وهو يحتفل بمرور عام على الانسحاب؟ ومن المسؤول عنه؟.

 رغم السير بالعديد من الخطوات التي ارادتها قرارات بريمر ومن تبعه من السفراء الامريكيين، ورغم كل ما تم عمله إلا ان الوقائع كانت ومازالت تضع على عاتق الاحتلال والمراهنين عليه مسؤوليات كبيرة بما حدث ويحدث. ومنها ما تعلنه اغلب البيانات الدولية لمنظمات الشفافية وحقوق الانسان وحتى البيئية بان العراق خلال سنوات الاحتلال اصبح في المراتب المتأخرة في كل منها، والأولى في التأخر والتخلف والخراب. فالفساد الاداري والمالي وانتهاك حقوق الانسان وتشوهات البيئة وغياب الخدمات الاساسية والرئيسية واستمرار العنف والتهديد به او الوقوع في اتونه هو ما غطى المشهد السياسي بصورة عامة. وما حصل من فترات استراحة بين تلك السنوات لم يعد الفضل فيها لقوات الاحتلال ولا للإدارة التي تمكنت في فرضها. ولعل ما حصل بعد انسحاب القوات القتالية لم يتغير كثيرا مما لا يعطي صورة مختلفة كثيرا وواضحة. كما ان المعاهدة التي وقعت وصودق عليها برلمانيا ومن كل الكتل السياسية المشتركة في العملية السياسية الحالية (ما عدا بعض الاصوات غير المؤثرة على النتائج المحسوبة والمحسومة) تحمل في طياتها تداعيات الاحتلال وصوره. وابرز ما يميز الاتفاقية المعنية وغيرها هو انها حبر وورق من قبل الاحتلال لفرض امر واقع بديل عن وجود عسكري مقاتل وخسائر مادية وبشرية تعني ما تعنيه عند الرأي العام العالمي وخارج العراق اساسا، وإلزام واقعي وبقوة السلاح والسياسة على الاطراف العراقية.

بلا شك ان انسحاب قوات احتلال لم يكن امرا هينا، ولكنه في العراق لم يكن له طعمه. فما ذاقه الشعب العراقي وما زال منه يجعل الصورة مرتبكة وملتبسة، وراهنها لا يختلف عن ماضيها. وما خلفه الاحتلال من ازمات متصاعدة، وما ابقاه من صعوبات متعددة، وما مارسه من زراعة تناقضات بين مكوناته وأطيافه وألوانه، لا يعفيه من تحمل المسؤولية ولا يُقبل منه ما حصل من بعده. وللأسف يمارس السفير الامريكي دورا كبيرا في فرض نفسه وطاقمه في موقع المسؤولية السياسية لحل ما خلفته اداراته وما صنعته قواته. وكأن بريمر لم يهرب من ارض الرافدين. وقد اوقعت المقاومة الوطنية والرأي العام دورهما في الانسحاب إلا ان التنكر للوقائع والفظائع لا يبدل في صورته. وما قام به مؤخرا من تعويض متضرري جريمته في سجن ابو غريب، ورغم ضآلته، اعتراف قانوني وأخلاقي بما ارتكبت قوات الاحتلال من جرائم بشعة بحق العراق والعراقيين، والتي مازالت اثارها متراكمة في العراق من الاحتلال وأتباعه.  كما ان ترك العراق تحت رحمة بنود من الاتفاقية وعدم تنفيذ فقراتها كلها، من تدريب وتسليح للقوات المسلحة العراقية يبرهن على استمرار خطط الاحتلال وانتهاك الاستقلال والسيادة التي وضع مفرداتها في مقدمة الاتفاقية. وفي كل الاحوال يظل العراق منذ الاحتلال والى الان مرتهنا ومرتبطا وجريحا، حتى تتم له ولقواه الوطنية فرصة تحقيق انجازات وطنية قادرة على انقاذه ومداواته ووضعه في مكانته المعروفة.

 

كاظم الموسوي

28.01.2013 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا