%@ Language=JavaScript %>
كيف جرى فرض قانون إنشاء الاقاليم في الدستور ؟
سعد السعيدي
قامت منظمة تموز للتنمية الاجتماعية قبل سنوات بإجراء استطلاع للرأي في العراق حول انشاء الاقاليم الاتحادية. اظهر الاستطلاع رفض 60% من المشاركين تشكيل الاقاليم في العراق. يمكن الاطلاع على تفاصيل هذا الاستطلاع على الرابط التالي :
http://www.tammuz.net/news/arabic/13-02-012.pdf
لم يكن العراقيون في كل تاريخهم من المطالبين بالانفصال او تشكيل الاقاليم ، ولا حتى كان هذا من ضمن مطاليب الاكراد انفسهم (حتى العام السابق لبدء الغزو الامريكي). لذلك لم تكن فكرة النظام الاتحادي من المطالبات الوطنية العراقية كما هو معروف. إذ ان جميع انظمة الحكم في العراق كانت مركزية الطابع. وقد استندت هذه المركزية الى جملة عوامل تاريخية وجغرافية. فلم ترسم الحدود الادارية للمحافظات اصلا إلا لايجاد حلول لاوضاع اقتصادية او إدارية مثل ري الاراضي الزراعية والتوزيع السكاني.
كذلك فإن هدف تشكيل اي إقليم هو اجراء يلجأ اليه لتجنب انفصال المنطقة التي يشملها. ولم يكن هذا من احوال العراق حيث ان المطالبات الانفصالية في كل تاريخه غائبة تماما.
اما الدساتير فهي اطر لضمان مصالح اهل البلد. لننظر الى تعريف الدستور. يعرف الدستور على أنه "مجموعة المبادئ الأساسية المنظمة لسلطات الدولة والمبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين فيها ، والواضعة للأصول الرئيسية التي تنظم العلاقات بين مختلف سلطاتها العامة". هل يلاحظ شيء لم يذكره التعريف ؟ نعم ... يلاحظ بأن التعريف قد خلا من "ضرورة" حشر مسودات قوانين فيه ! ما نعنيه هنا هو قانون الاقاليم المذكور في الدستور في الباب الخامس عند المادة (116).
فمن الاطلاع على الدستور العراقي يلاحظ بأنه إضافة الى احتواؤه على الامور الاساسية المذكورة في التعريف اعلاه ، فإنه قد احتوى ايضا على ما يمكن ان نطلق عليه "مسودة" قانون فيه. وهي من بين الكثير من البنود الاخرى مما حشر ايضا في الدستور حشرا دون منح الشعب الفرصة لاستبيان مصلحته فيه بحرية كما يجب. وقد جرى حشر هذا القانون في الدستور حتى بالتفصيل الممل ، بالهدف الواضح وهو قطع الطريق امام البرلمان لمناقشته علنا امام الشعب. وقد وضع بصيغة تفرض على مجلس النواب سنه كقانون بعد إقرار الدستور حيث ذكر في المادة (118) بأن "على مجلس النواب سن قانون الاقاليم في فترة ستة اشهر من تاريخ اول جلسة له" ! من الواضح بأنه قد جرى اللجوء الى هذه الطريقة تلبية لضغوط دولية تروم الوصول الى اهداف معروفة.
قد لا يكون من المستغرب والحال هذا رؤية ان يوضع في الدستور لبنات قوانين مثل قانون إنشاء الاقاليم الاتحادية هذا او اي قانون آخر. فسن القوانين يعد شأنا داخليا يخص اهل البلد فقط دون اية تدخلات خارجية. وما هو بالامر الاساسي الذي يستوجب إدراجه في الدستور. إلا اننا نرى في حالتنا ان العكس قد حدث هنا. فحصلت تدخلات خارجية لغرض فرض هذا القانون وحشره في الدستور. نتساءل إن كان اقليم كردستان (باعتباره ممن ساهم بكتابة الدستور) قد قام بتطبيق فقرات القانون هذا على نفسه بعد تشريعه لتثبيت حصوله على صفة الاقليم حسب هذا التشريع... ام انه تجاهله ؟ حسب علمي فقد تجاهله إقليم الشمال حيث لم يقم ممثلوه بمناقشة وضع اقليمهم بحسب هذا القانون في البرلمان كما يرى في المادة (117) من الدستور. فقد اختارت هذه المنطقة التحول الى نظام الاقاليم الاتحادية بملء إرادتها واخذت الوقت الكافي لذلك ، وهو حقها الشرعي. إلا ان هذا الاقليم الجديد قد ساهم في فترات كتابة الدستور بفرض فكرة إنشاء الاقاليم من دون توفير إمكانية النقاش الحر لباقي البلد وقاموا بحشر تفاصيل القانون في الدستور بشكل بند واجب التشريع.. بينما نجد انه قد اشير لكل القوانين الاخرى المطلوبة التشريع والمذكورة في الدستور بسطر واحد لا اكثر ! ولا ندري إن جرت مناقشة موضوع الاقاليم في مجلس النواب خصوصا مع ما تسرب من تواجد السفير الامريكي بشكل يومي في المجلس وقتها ومع التغييب المتعمد ايضا لكل ما كان يجري فيه. اي ان هذا الاقليم قد تحول الى الاداة التي ساعدت القوى الدولية في فرض إراداتها على العراق في لحظة حرجة من تاريخه. من الواضح بأن من كان يقف خلف هذا الفعل اراد ضمان عدم رفض فكرة سن هذا القانون وبالتالي احتمال سقوطه عند طرحه للنقاش العام الحر.
وعدا عن فشل تطبيق قانون إنشاء الاقاليم الاتحادية غير المفيد هذا في العراق ، فالاكراد الذين اعتبروا انفسهم خارج مجال اتباع فقرات إنشاء الاقاليم في القانون الذي ساهموا بفرضه في الدستور ، وعند النظر الى الاوضاع في إقليمهم حاليا بعد تطبيقهم له ، نرى انهم قد وصلوا منذ فترة ليست بالقليلة الى طريق مسدود.
كيف جرى ما جرى مع هذا القانون بهذه الطريقة ؟ الجواب هو انه قد جرى فرض هذا القانون في الدستور خلال فترة تخلخل ميزان القوى في العراق ، هذا التخلخل الذي احدثه حل الجيش وقوى الامن الاخرى بالقرار الامريكي المعروف إياه. فليس غرض القوات الامنية (ومنها الجيش) فقط الدفاع عن امن البلد من الاخطار الخارجية والداخلية ، بل انه ايضا القوة التي توفر للدولة القدرة على فرض وجودها وقوانينها. لذلك فإنه باختفاء هذه القوة تتحلل قدرة الدولة مع قوانينها ويسهل تمرير اي شيء حسب مشيئة القوى المقابلة الممسكة بالارض. كذلك فمن وظائف قوى الامن هو توفير الامن للمواطن في عيشه وفي المشاركة في الحياة العامة. لذلك فمن الواضح بالنتيجة بأن من الاهداف الاخرى لحل القوات الامنية هو رفع الغطاء الامني ووضع العراقيين فجأة بمواجهة الجريمة والارهاب. وبالتوصل لهاتين النتيجتين يكون من الواضح بان الهدف من حل الجيش واجهزة الامن هو ابتزاز البلد باكمله لفرض ما قد لا يمكن فرضه في الاحوال العادية. فمن كان ستتوفر له القدرة في اوضاع كهذه على التصرف بحريته ؟
كتبنا هذا الموضوع لغرض تسليط الضوء على احد جوانب المؤامرة التي حيكت ضد العراق في تلك الفترة. فمن الواضح بأن اسباب واهداف حل الجيش العراقي وعلاقته بالاحداث اللاحقة على حله ما زالت غير واضحة للكثيرين. وما قمنا به هنا ليس إلا قطرة مما هو معروف. وان هناك من يحاول تغييب الموضوع وعدم إثارته لاهداف معروفة. ولأننا قد لاحظنا وجود إرادة ما في تأجيل طرح الامور المهمة ومحاولة تغييبها في لجج الاحداث.
تاريخ النشر
19.06.2016
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة الرئيسية | [2] [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة © 2009 صوت اليسار العراقي
الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
19.06.2016 |
---|
|
لا للتقسيم لا للأقاليم |
لا للأحتلال لا لأقتصاد السوق لا لتقسيم العراق |
صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين
|
|
---|---|---|---|---|
|
||||
للمراسلة webmaster@saotaliassar.org |