<%@ Language=JavaScript %> محيي الدين ابراهيم في ذكرى مذبحة القلعة مارس 1811.. ما هو مصير المماليك الجدد في مصر بعد ثورتين ؟؟

 

 

 

في ذكرى مذبحة القلعة مارس 1811..

 

 ما هو مصير المماليك الجدد في مصر بعد ثورتين ؟؟

 

 

 

بقلم: محيي الدين ابراهيم

باحث واعلامي مصري

 

قال اينشتاين: اثنان لا حدود لهما.. الكون الواسع.. والغباء الإنساني.

تمر علينا هذه الأيام الذكري المئتين لمذبحة المماليك الثالثة والأخيرة على يد الضابط محمد علي (1 مارس – 22 ابريل) من عام 1811، وأقول ذكرى ولا أقول احتفالا لأن مصر لا تحتفل بها أبدا رغم أنها كانت القنطرة الوحيدة للعبور إلى مصر الحديثة إذ يعتبر التاريخ أن محمد علي أبو مصر الحديثة وصاحب شعار "مصر للمصريين".

يقول كارل كوستاف يونج، مؤسس علم النفس التحليلي (1875 – 1961) والذي ساعد مكتب الخدمات الاستراتيجية في تحليل شخصية الزعماء النازيين لصالح الولايات المتحدة ما مفاده أن الأمم العظيمة تستلهم في حاضرها أحداثاً بعينها من تاريخها حتى ليتراءى لنا أن التاريخ يعيد نفسه، فهل تستلهم مصر اليوم تاريخها منذ مائتي عام حينما تخلص محمد علي باشا من المماليك، لتتخلص مصر اليوم هي ايضا بعد ثورتين 25 يناير – 30 يونيو من (المماليك الجدد) من دعاة الفوضى وقادة مناهج الفتنة وطغاة العصر والمستقوين بالغرب وبأميركا وببعض دول الجوار؟؟ .. ربما! .. لكن كيف؟؟

كان محمد علي (4 مارس 1769 - 2 أغسطس 1849) هو نائب رئيس الكتيبة الألبانية والتي كان قوامها ثلاثمائة جندي، حينما نزل إلى مصر لعقاب الخونة من جواسيس المماليك الذين فتحوا مصر لفرنسا عام 1798 (كانت الحملة الفرنسية مكونة من 30 الف محارب) ونجاحهم في ذلك الى حد ما، ولكنهم – أي المماليك – بعد انتصار محمد علي السريع في عدة مواقع، سلموا مصر مرة اخرى لأعدائها ولكن هذه المرة للإنجليز حيث كان أمين بك محافظاً على رشيد وسلمها بالكامل للكولونيل فريزر قائد الأسطول الانجليزي مقابل حماية الإنجليز للمماليك وأن يخلصهم من محمد علي لتستمر الحرب بين الإنجليز والمصريين قرابة العامين وتنتهي بانتصار المصريين وحيث يشاهد محمد علي فيها وبأم عينه عظمة المقاتل المصري ضد اعدائه في الداخل والخارج وربما يبوح بذلك عن عمد للشيخ عبدالله الشرقاوي، الذي كان قد ترأس الديوان الاستشاري الذي اسسه نابليون حينما غزا مصر ليستميل أهلها وكان ذلك الديوان مؤلفاً من المشايخ والعلماء المسلمين ومكونا من11عالما.

بدأت الثورة المضادة بالفعل ضد محمد علي، بدأها المماليك، ووصلت بهم بفساد قادتها للحد الذي جعلهم يدعون لتقسيم مصر إلى ولايات وإمارات وأن يستعينوا بالإنجليز على ذلك بل ويسهلوا لهم احتلال مصر ويسلم بالفعل أمين بك محافظ رشيد المدينة بالكامل للكولونيل الإنجليزي فريزر مقابل بقاءه واليا على الوجه البحري وكذلك التخلص من محمد علي بك وهو الأمر الذي دعا المصريين لأن يقاتلوا لمدة عامين ضد الإنجليز ومعهم كل قادة الثورة المضادة من المماليك والذين عاونوهم وساعدوهم على غزو الإنجليز لمصر مقابل مصالحهم الشخصية واعتلاء الحكم رغما عن المصريين أنفسهم، وقد قتل في هذه الحرب الى جانب عسكر الإنجليز اكثر من عشرة ألاف مملوك على ما اقترفت ايديهم في حق مصر واستعانتهم واستقوائهم بالأجانب ضد اهل البلد، ولكن هرب أمين بك للصعيد واحتمى برهبان الكنيسة الكاثوليكية التي انشأتها حملة نابليون في اسيوط وكذلك الأخرى الموجودة بجوار مسجد قنصوه الغوري في القاهرة المحروسة والتي كان الغرض من انشائهما القضاء على سلطة الكنيسة القبطية نهائيا.

لا بد إذن من القضاء على ( المماليك ) قادة الثورة المضادة الآن، وكانت مذبحة القلعة في 1 مارس عام 1811 بعد الانتصار على الانجليز ببضعة اشهر ومنذ مائتي عام بالضبط من الآن.

كانت مجزرة رهيبة قتل فيها ألف ومائتين من اعظم قادة المماليك، والمدهش أنه لم ينجو من هذه المذبحة إلا أمين بك الخائن الذي سلم مصر للإنجليز حيث قفز بحصانه من فوق سور القلعة وبدلا من أن يهرب للرهبان الكاثوليك في اسيوط هرب إلى دمشق عاصمة الشام، وظل الأرناؤوط لمدة أيام يجوسون فيها خلال الديار ويقتلون اي مملوك يجدونه حتى ولو كان عمره عام واحد، وتخلص محمد علي من المماليك للأبد ومن قادة الثورة المضادة نهائياً.

حتى يضمن محمد علي بقاء أمبراطوريته واتساعها وقوتها كان عليه أن يبني من شباب التغيير المؤمنين بحتمية التغيير ومن ابناء الفلاحين المتعلمين قاعدة جيشه، لقد كانت نواة الجيش الأولى من ابناء الفلاحين المصريين الذين يؤمن بهم محمد علي جداً، ويؤمن أنه بهم وبهم فقط سيحقق مقولة نابليون التي تتردد في آذانه ليل نهار: من يحكم مصر بإمكانه أن يغير التاريخ‏، وأن يحكم العالم، وفي عام 1819 كانت اسوان هي المقر لأول كلية دفاع في تاريخ مصر تحوي 100 جندي مصري من ابناء الفلاحين ويعلمهم فنون الحرب والدعم اللوجيستي علي مدي ثلاث سنوات العقيد سليمان باشا الفرنساوي أو العقيد أوكتاف جوزيف انتلم سف أحد أهم قادة جيش نابليون بونابرت ضد روسيا، لينتصر شباب التغيير لدرجة أن يضعوا علم مصر فوق منابع النيل بأثيوبيا ويقولون لإمبراطورها في ذلك الوقت هكذا إذن صارت منابع النيل مصرية.

بهذه القراءة التاريخية أظن أنه على المماليك الجدد الذين يظنون أن مصر بعد ثورتين ( 25 يناير – 30 يونيو ) وبعد مائتي عام من ذكرى التخلص من المماليك القدامى قد اصبحت دولة ضعيفة وتنتابها الفوضى وأن لهم الحق فيها وانهم سيحققون ما يظنون أنه سهل المنال، إنهم واهمون، لأن مصر أقوى مما يتوقعون، أقوى منهم ومن حلفائهم في الشرق والغرب، ربما تمر ( حالياً ) ببعض الفوضى، لكن من يظن متصورا نفسه أن بإمكانه إعلان نفسه زعيما، أو يقتسم غنيمة أو يصنع أتباع، أو يتولى أمارة أو جزء من أرض مصر ليحكم فيه هو وحلفائه واتباعه، فهو تائه، واهم، غارق في غبائه الإنساني، لأن مصر لا يحكمها الأغبياء، الأغبياء يسقطون سريعاً، لذا - في تقديري – هناك محمد علي جديد قادم ، من رحم ثورتين كبار أطاحتا بنظامين كاملين، وبالمناسبة محمد علي القادم ليس شخص الرئيس الحالي ولا شخص الرئيس القادم، ولا شخص أي رئيس قادم، محمد علي القادم سيكون شخص ( النظام القادم ) الذي سيحكم من وراء أي رئيس مصري قادم ومن وراء أي برلمان مصري قادم خلال الخمسين عاماً وربما المائة عام القادمة، وحين يستقر هذا النظام الجديد، هذا الـ ( محمد علي باشا الجديد )، حين يستتب له الأمر، وتحت شعار: ( مصر بنت الجيش )، سيتم التخلص من كل المماليك الجدد، وذراريهم، وحلفائهم ومواليهم وأبواق اعلامهم وتلفزيوناتهم ونواديهم، وسيتم اتهام الكل بالخيانة العظمى والزج بهم في السجون حتى تكتظ بهم مزارع طرة ومن حولها أو اجبارهم على مغادرة البلاد – هرباً - دون رجوع لها مرة أخرى كما فعلوا بالباشوات بعد ثورة 23 يوليو.

النظام القادم خلال العشرة سنوات القادمة – على أقصى تقدير - في مصر سيكون أكثر أنظمة البلاد صرامة وشدة وقسوة في التاريخ المعاصر، لا أقول بطشاً، ولكن ربما يكون أشد صرامة وشدة وقسوة من نظام جمال عبد الناصر، وحين تظهر ملامح هذا النظام خلال العشرة سنوات القادمة سيحكم البلاد لعقود من الزمن ولن يجد هذا النظام من يخالفه أو يعارضه حتى من خارج مصر، وسيكون من أهم أولوياته تصفيه ( الخونة ) في الداخل والخارج بدم بارد كما فعلها محمد علي باشا.

في الذكرى المائتين لمذبحة المماليك القدامى بالقلعة في مارس من عام 1811 في مثل هذا التاريخ ومثل هذا الشهر، على المماليك الجدد أن يستمعوا جيداً لمقولة كارل كوستاف يونج، مؤسس علم النفس التحليلي:

مصر ربما تكون الآن في حالة استلهام لأحداث الماضي من تاريخها وربما يعيد التاريخ نفسه فأحذروه واحذروا بطشة المصريين.

 

 

 

 

تاريخ النشر

13.03.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

13.03.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org