<%@ Language=JavaScript %> عصام الياسري المحتجون يهتفون بأنه كذاب ـ وبلير يقول: دمرنا العراق ولن أعتذر!!

 

 

 

المحتجون يهتفون بأنه كذاب

 

 وبلير يقول: دمرنا العراق ولن أعتذر!!

 

 

 

عصام الياسري

 

على مرمى حجر من البرلمان البريطاني يقع مركز لجنة "السير جون تشيلكوت" المكلفة بدراسة وقائع الحرب على العراق ودور بلير وموافقته بوش في التخطيط لها وتحريض بعض الدول للمشاركة فيها.

بعد عمل مضني دام لاكثر من سبع سنوات خرجت لجنة تشيلكوت بدراسة قيمة لكنها مثيرة للجدل حول الحرب على العراق. التقت خلالها العديد من الشخصيات السياسية ومن الجيش وأجهزة الاستخبارات لمعرفة من يتحمل المسؤولية. كما اجرت مقابلات مع أكثر من 150 من الشهود وقامت بتحليل الآلاف من الوثائق الحكومية. التقرير من اثني عشر مجلدا و 2.5 مليون كلمة، نشر بعد انتهاء عملية التدقيق من قبل الأمن الوطني دون حذف أو حجب أي جزء منه.

 

وعلى اثر إعلان التقرير رفع المحتجون أصواتهم بأن بلير مجرم حرب، وحملوا لافتات شوهدت في عام 2003 حينما كان مئات الالاف يتظاهرون ضد الحرب. كتب عليها كلمة "بلير" "كذاب" كاذب.. وأعلنت اللجنة عن نيتها تقديم نتائج التحقيق عن غزو العراق الى مجلس العموم البريطاني للمصادقة عليها، تمهيدا لاجراءات قانونية. وخرج بلير أمام الاعلام وكان يبدو مرتبك بشكل واضح، شاحب الوجه وصوت يرتجف، محاولا في موقف دفاعي تبرئة ساحته قائلا: نعم، كانت هناك معلومات خاطئة من الاستخبارات قبل الحرب على العراق. نعم، كانت النتائج أكثر دموية مما كنا نتصور. نعم، أننا خربنا العراق وجعلناه ممزقا لا يمكن الأجيال من احداث اصلاح وتغيير ما لا يستحق. ولكن: "كان العالم في خطر وأصبح مكانا أفضل بدون صدام حسين"؟. إن ما فعلته في السنوات الماضية على بداية الحرب في العراق تسبب بأكبر خسائر بشرية. دمرناه لأجيال ومجتمعه الآن يحتاج الى الكثير، لكنني لن أعتذر!!.

 

لقد أسقط توني بلير مجده السياسي بالوحل حين لعب في العام 2003 دورا أساسيا في قيام الحرب على العراق وموت الآلاف من أبنائه الأبرياء وخراب مدنه وبناه التحتية؟. نعم، هذا ما يؤكده تقرير "لجنة تشيلكوت" الذي أعلنت عنه من أمام مقرها في العاصمة البريطانية على وسائل الإعلام قبل أيام. التحقيق الذي نشر يشير الى أن هناك معلومات كاذبة سربتها الاستخبارات لبلير قبل الحرب بأشهر دون أن يحقق في صحتها، وكانت نتائجها أكثر دموية.

 

تذكير: جنبا إلى جنب مع الأميركيين، كان البريطانيون قد هاجموا العراق في عام 2003 - رغم عدم وجود تفويض من مجلس الأمن الدولي. بيد أن الحكومتين قد اعتمدت على معلومات استخباراتية قريبة من الرئيس العراقي السابق صدام حسين حول مزاعم أسلحة دمار شامل لم يتم العثور عليها حتى اليوم.

وللمشاركة في الحرب أرسلت الحكومة البريطانية بالاضافة الى القوات الأمريكية ودول التحالف التي شاركت بالحرب ومن بينها دول عربية عدة، 46 ألف جندي الى العراق، 179 لقوا حتفهم. ومن جانب العراقيين فقَدَ مئات الآلاف من الناس حياتهم ـ فيما لَقِيّ بعد الاحتلال عشرات الآلاف من بينهم اساتذة ومفكرين وعلماء حتفهم، وأصبح ملايين المواطنين العراقيين مشردين بلا مأوى أو طعام او عمل، بسبب التهجير والصراعات الاثنية والطائفية، عمليات العنف والدمار والتطرف، الإرهاب والشغب. وبلير النجم السابق لحزب العمال، اليوم، واحدا من الناس الأكثر شعبية في بلاده.

 

خدع الجمهور؟

 

لقد توصل التحقيق الى أن بلير والرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش قد عملا عمدا على تلفيق الأكاذيب وتزوير الحقائق لخداع الجمهور بهدف الحرب تحت ذرائع طالها العديد من الشبهات والسرية والكذب والاحتيال.. ويبدو أن شيوع كلمة "الأكاذيب" وارتباطها بحيثيات الحرب، جعل لجنة تشيلكوت أكثر اهتماما لكشف المستور، اذ جاء في التقرير: لم يكن الغزو ضروريا، ولم تتخذ الحكومة البريطانية كل "الخيارات السلمية" لنزع السلاح من العراق قبل أن تكن الحرب الملاذ الأخير. وإن رئيس الوزراء بلير قد اعتمد معلومات استخباراتية مع يقينه بانها "ناقصة وغير مبرر للحرب" فكانت النتائج بالتالي عكسية. ويعزو التقرير أيضاً، الى ان ادعاءات بلير تشير إلى أن معلوماته بشأن الأسلحة النووية المزعومة لم "تتأكد بوضوح" انما كانت مقصودة لقيام الحرب والتقليل من الآثار المترتبة على الغزو على الرغم من تحذيرات واضحة. وانتقد رئيس اللجنة "السير جون تشيلكوت" التخطيط لفترة ما بعد الحرب قائلا: بأنه كان "غير كاف بالمرة" وغير مدروس بالمطلق.

 

وبغض النظر عن ما كتب في يوليو 2002 إلى بوش - قبل ثمانية أشهر من الغزو، فان عبارة بلير الشهيرة، "سأكون بجانبك مهما يكن". جعل المملكة كما يشير التقرير في وضع دبلوماسي لا يسمح في أي عودة الى الوراء". بيد أن رئيس الحكومة السابق في أدنبرة "أليكس سالموند" قد اشار الى أن بلير يمكن أن يحاكم أمام محكمة اسكتلندية. وعلق جيريمي كوربين زعيم حزب العمال المعارض بالقول: بأن حرب العراق كانت عدوانا عسكريا شنت بناءً على مبررات كاذبة، وأنه كان يفكر في الماضي بصوت عال حول تقديم لائحة اتهام ضد بلير لارتكابه جرائم حرب. وعلى الأرجح، ستبدأ في المملكة المتحدة سلسلة من الدعاوى المدنية ضد بلير. فقد أوعز بعض عائلات الجنود الذين سقطوا لمحاميهم باتخاذ الاجراءات القانونية ضد بلير. ونقلا عن "الغارديان" البريطانية فقد صرح والد الشاب الذي قتل في العراق في عام 2007 بالقول: "لقد كانت حرب غير مشروعة"، كما قال "توفي ابني من أجل لا شيء"

وسائل الإعلام تتوقع مفاجئات غير سارة ستحدث لبلير. وسيواجه انتقادات مستمرة، رغم أن اللجنة لم تحدد ما إذا كان العراق معني بالأمر وأنه سيتخذ اجراءات لملاحقته قانونيا. غير أن المتظاهرون في وسط لندن، بما في ذلك الساسة، يأكدون على أن "توني بلير - مجرم حرب" ويطالبون بمحاكمته.

 

خلاصة القول: من هو المسؤول عن تورط بريطانيا في الحرب المثيرة للجدل في عام 2003 على العراق؟. وكيف يمكن لحكومة توني بلير اتخاذ قرارات على أساس معلومات مشكوك فيها وغير كافية؟. وهل يهم الأمر القائمين على السلطة في العراق، مَن دفع الاحتلال بهم الى دفة الحكم بعد التغيير، ليتحملوا مسؤولياتهم الأخلاقية في شأن، حصرا، هو شأن وطني عام؟.

 

 

 

تاريخ النشر

28.07.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

28.07.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org