<%@ Language=JavaScript %>  د.إقبال محمدعلي قوة أل ..... " لا" بقلم : ديمتري أورلوف

 

 

قوة أل ..... " لا"

 

 

 

بقلم : ديمتري أورلوف

ترجمة: د.إقبال محمدعلي

 

 

 

The Power of “Nyet”

July 27, 2016 "Information Clearing House" - "ClubOrlov"

By: Dmitry Orlov

 

 

الطريقة المفترض بها سير الامور على هذا الكوكب ، هي التالية : المؤسسات المهيمنة في الولايات المتحدة  اليوم( العام  منها و الخاص ) هي التي تقرر للعالم ، ما يفعل . تقوم هذه القوى  بإيصال ما تريد ، عبر القنوات الرسمية و غير الرسمية ، متأملة من الجانب الآخر التعاون و الامتثال التام لرغباتها . ان لم تنفع هذه الخطوة ،تبدأ بممارسة  كل اشكال الضغوطات ( الاقتصادية ، المالية و السياسية ). ان لم تنفع هذه الخطوات،تلجأ إلى عملية تغيير النظام : اما عن طريق الثورة بانقلاب عسكري أو تنظيم وتمويل مجموعة من المتمردين بالمال و السلاح للقيام بهجمات ارهابية ودفع االبلاد لحرب اهلية . ان لم تنفع كل هذه الطرق، تقوم بقصف البلد وإعادته إلى العصر الحجري ... . هذا ما فعلته المؤسسة عام 1990 و كررته عام 2000 .

كانت روسيا ،نقطة البداية لتطبيق مخططاتهم التي ذكرتها اعلاه و التي سرعان ما اصبحت بديهيات يعرفها الجميع .تقرر الولايات المتحدة لروسيا التعاون و الانصياع الكامل لرغباتها..كان جواب روسيا:  ( نيت/لا) وعندما بدأت تخويفها ،بالقصف النووي عن طريق قوات الردع ( الناتو)،كان رد روسيا :    ( نيت/ لا) . لنتخيل السيناريو  التالي : يشرع احد الاذكياء في الحكومة الامريكية  بالعزف على هذا المقترح : " وكما ترون ، روسيا  ترفض الانصياع لشروطنا لذا علينا و بنية صادقة ، التفاوض مع الروس على قدم المساواة . عند ذاك سيضرب الحاضرون على رؤوسهم و يصيحوا : واو ... فكرة عبقرية ! لمَ لمْ نفكر بهذا من قبل ؟ ". في اليوم الثاني يفصل هذا الشخص، لأن فكرة الهيمنة الامريكية على العالم غير قابلة للتفاوض و ستتصرف امريكا عكس ذلك تماماً: تقوم بتجميع نفسها و قوى شعبها و تبدأ بانتهاكات جديدة بحق الشعوب الأخرى . من المسلي مراقبة قضية ادوارد سنودن، المتشابكة التعقيد : تطالب الولايات المتحدة بتسليم سنودن ، جواب الروس ( نيت/لا )  ، دستورنا يحظر ذلك . فتتعالى بعض الاصوات في الغرب جذلة ،مقترحة على الروس( تغيير  دستورهم ) .... كان الرد ( هاهاهاها) . الوضع الاكثر مسخرة  من قضية سنودن هو ، المأزق السوري الذي وضع الامريكان انفسهم فيه : طالبوا الروس بالموافقة على خططهم بشأن التخلص من الاسد ،إلا ان الروس استمروا  الأصرار على رأيهم : ( نيت/لا) .. السوريون وحدهم يقررون من يحكمهم .. لا الروس ولا الامريكان . يبدأ الامريكان  بحك رؤوسهم عند سماعهم هذا  الجواب ..هم هم هم ... لنحاول مرة اخرى . يذهب جون كيري إلى روسيا للتفاوض مع بوتين و لافروف اللذين لا تستطيع قراءة وجهيهما .جون كيري يبُربر كعادته و ظهره إلى الكاميرا . وجه لافروف يقول : انا لا اصدق ان علي ، الاستماع لمثل هذه التفاهات مرة اخرى ... وجه بوتين يقول :ألا يدرك هذا الغبي ان جوابنا سيكون ( نيت/لا ) مرة ثانية . يعود كيري إلى واشنطن محملاً بكلمة ( نيت /لا) .

اخبر الامريكان البريطانيين ، لمن عليهم ان  يصوتوا...البريطانيون قالوا(نيت/ لا) ، وصوتوا للخروج من الاتحاد الاوربي .حاولوا إقناع الفرنسيين بالدخول في اتفاقية( التعاون والأستثمار المتبادل عبر الاطلسي)  المرعبة ،فكان جواب الفرنسيين ( بنيت/لا) . قامت الولايات المتحدة بأنقلاب عسكري في تركيا لتبديل أردوغان  بشخصية تكون اقل رحمة منه مع الروس ولكن الاتراك قالوا ( نيت/ لا ) . دونالد ترامب ( نيت/لا )  تعتبر الاكثر رعباً لرفضه : الناتو، تصدير مصانعهم إلى خارج الولايات المتحدة، المد الكبير من المهاجرين ، عولمة الاقتصاد ، تسليح اوكرانيا النازية، التجارة الحرة ............. ؟ .

لا تجوز الاستهانة بالتاثير النفسي الذي تخلفه كلمة ( نيت/لا) على عقلية المواطن الامريكي الذي تشبع مخه بمفهوم( السيطرة) .فرض عليك ان تفكر و تتصرف كمهيمن ، و التفكير في موضوع كهذا ( حتى و ان كان مع نفسك) سيؤدي إلى تضارب معارفك. ان كانت وظيفتك ترهيب الشعوب التي حولك ، فالشعوب سترفض سلوكك الترهيبي ، ويصبح كل ما تفعله اضحوكة و تتحول أنتَ إلى مريض عقلي . ومن أعراض هذا المرض: قيام بعض العاملين في وزارة الخارجية مؤخراً ، بتسريب رسالة تدعو إلى قصف سوريا لإسقاط  بشار الأسد. هؤلاء هم  دبلوماسيو اليوم . الدبلوماسية ، هي فن تفادي الحروب من خلال المحادثات . الدبلوماسي الذي يدعو للحرب، ليس بدبلوماسي او هو شخصية عديمة الكفاءة . الدبلوماسيون الاكفاء تركوا الخدمة فترة إدارة بوش الثانية، لتقززهم من الاكاذيب التي تم ترويجها بشأن (الحرب الامعقولة ضد العراق ) . دبلوماسيو اليوم مرضى فاسدون ،يفقدون عقولهم بمجرد سماع كلمة : ( نيت/لا ) الروسية البسيطة .  انه لمن الظلم ان اخص بالذكر وزارة الخارجية الامريكية فقط ، إذ يبدو لي، ان كامل الهيكل السياسي الامريكي، مصاب بعدوى االفساد المتفشي الباعث للغثيان  الذي حول حياة الأخرين إلى بؤس حقيقي .رغم  تفاقم المشاكل في الولايات المتحدة،إلا انه ما زال من الممكن التحكم ببعض الامور  إلا شيئاً واحداً: فكرة اضعاف قدرتهم، في ارهاب و استنزاف و تدمير العالم بأكمله.

 تَخيلوا معي هذا السيناريو : اننا في منتصف الصيف  .. الناس على الساحل.. اغطية الساحل مهترئة يأكلها العث .. المظلات التي يتفيؤن تحتها مليئة بالثقوب..قناني المشروبات الغازية وضعت في الثلاجة إلى جانب المواد الكيميائية ذات الرائحة النفاثة .. القراءة تبعث على الملل صيفاً ..و فوق كل هذا : وجود حوت ميت متحلل، على مقربة من الشاطئ اسمه ( نيت /لا ) ، الذي سيتسبب في تسميم الجو بأكمله . ومما يبعث على الأسى ايضا ،اللغو الذي يثيره قادة الاعلام و ( المؤسسة السياسية ) الذين يدركون جيداً مصدر العِلة لكنهم و حسب عادتهم  سيقومون بإيجاد مصدر يلقون اللوم عليه لكل يجري من مشاكل ...وهذا المصدر الذي يتعكزون عليه اليوم هو ، موسكو .. بل الافضل ،علينا ان نقول بوتين : "ان لن تصوت لكلنتون،  فأنك تصوت لبوتين ".... " ترامب عميل بوتين ".. شعارات من هذا النوع ، اصبحت عملة  مربحة، يتداولها ساسة اليوم ... يطلقون ادعاءات منافية للعقل ،عندما يلقبون كل من  يرفض المؤسسة " بمستخدَمْ بوتن الأبله ". التفسير العميق لمثل هذا المنطق الموحد ،هو ما تمتلكه كلمة  ( نيت/لا ) من قوة . صَوتوا ( نيت/لا) لبرني ساندرس ،فقامت المؤسسة الديمقراطية بتقديم مرشحة وطالبة الناخبين بالتصويت لها ... اغلب الشباب صوتوا ب(نيت/لا)  . الشئ نفسه يتكرر مع ترامب : مؤسسة المحافظين جلبت للسباق الاقزام السبعة و طالبت المرشحين التصويت لهم ، إلا ان الطبقة العاملة المضطهدة من البيض ،قالت :( نيت/لا) وصوتت لفتاة الثلج من خارج المؤسسة .

ان اكتشاف القوة التي تمتلكها كلمة ( نيت/لا) هي بارقة امل جديدة للشعوب الواقعة تحت وطأة السيطرة الامريكية .  لربما تبدو لكم  (المؤسسة) التي تتحكم بالشؤون الامريكية ، متماسكة انيقة من الخارج إلا ان هيكلها الداخلي مصدع ،منخور ، يمتلئ نتانة و فساداً. دوي كلمة ( نيت/لا ) ،سيجبر المؤسسة ،على القيام ببعض التغييرات .ان حدث هذا التغيير ، فعليك ان تشكر روسيا ... وان كنت مصراً فأشكر بوتين . 

 

 

 

تاريخ النشر

20.08.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

20.08.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org