<%@ Language=JavaScript %> الُمحاكَمة المقالة : لروبرت فيسك ترجمة: د. إقبال محمدعلي

 

 

 

الُمحاكَمة

 

للذينَ ارتضَوا ان يكون العراق.... فندقاً عائماً لا بلاداً

للذين ارتضَوا ان يكون العراق ... جبلاً من دشاديشِ غرقى.

للذين ارتضَوا ان يكون العراق ... سوارَ العشيقة ، ..

أن تمسيَ البصرةُ الأُمُ مبغى الخليجِ

وأن تتنصّلَ بغدادُ من إسمِها ،..

للذين ارتضَوا أن يكونوا الأدِلاّءَ

أن يَهَبوا كلَّ ما كنَزَتْ أرضُنا للغريبِ المدجَّجِ

أن يعبِدوا أبرَهةْ

أن يقولوا:

العراقَ انتهى

..........

.........

هؤلاء

سوف أجمعُهم ، ذات فجرٍ،

بمقهىً على جَزْرةٍ بالفراتِ

و أحفرُ أسماءَهمْ في جماجمِهِم

وهمُ الصاغرون ، ...

 

سعدي يوسف

 

مجلس العمالة العراقي

 

 

 

 

المقالة : لروبرت فيسك

 

ترجمة: د. إقبال محمدعلي

 

 

قرأت تقرير تشيلكوت، اثناء ترحالي في المحافظات السورية هذا الاسبوع ، و رأيت بأمَ عيني ما سببه بلير، من خراب .

" ما الفرق بين "أسلحة الدمار الشامل التي لا أساس لها ، تحذير ال( 45دقيقة ) الكاذب و ال 70.000من المتمردين المعتدلين السوريين الذين لا وجود لهم "، و بين وعودهم الكاذبة ، للملايين من االبريطانيين لما سيحصلون عليه من النِعَمْ ، بشأن خدمات التأمين الصحي العام في حالة  تصويتهم الخروج من الاتحاد الاوربي ؟ " .

أعتقد ان محكمة نورمبرغ هي افضل مكان لمعاقبة بلير وبوش على ذنوبهما، لشناعة ما ارتكبناه من جرائم في حربنا في الشرق الاوسط .نحن ، مَنْ تسبب في مقتل ما يقرب  النصف مليون شخص ، غالبيتهم من المسلمين الذين يتحمل بلير وزر موتهم .نحن بحاجة إلى محكمة على طراز الاسلوب - النورنبرغي ، لتلقي الضوء على حجم الضحايا العرب في حملاتنا الاجرامية ، بدلاً من سماع ، كلمات بلير الشائنة البغيضة ،معلناًو بدمٍ بارد"  أسفه العميق " لما ارتكب . اللورد بلير.... .. لورد - كوت العمارة .

من المؤكد أن بلير كذب بشأن المعلومات الاستخباراتية التي وصلته عن ( أسلحة الدمار الشامل) قبل جرجرتنا إلى الحرب،كما كذب بشأن تحذيرات وزارة الخارجية عن الفوضى التي ستعم العراق بسبب هذه الحرب .و اليوم ، يأتي ليقول ( أن تقرير تشيلكوت برأه)  و الحقيقة ، هي عكس ما يقوله تماماً .

كنا بحاجة إلى دراسة مطولة للتقرير ،كي نخرج بإستنتاجات اكثر عمقاً ، بدلاً من النسخ  الموجزة ، المبسطة ، الباعثة على الغثيان التي اُعدت عنه و وزعت على الصحفيين والاعلامين في الساعات القليلة الماضية .إضافة، إلى ان جَلَ  تركيزنا، كان منصباً ، على الشرير بلير و اكاذيبه التي  كانت رداً مفهوماً على ما جاء في التقرير و التي اثارت قلقنا، بسبب المواقف المهينة ، التي تمارسها طبقتنا السياسية ، رؤساء وزرائنا وقادة الأحزاب ، أزاء مَنْ يمثلونهم.

 

سمعت بالتقرير الملحمي الادبي للسير تشيلكوت ،اثناء تجوالي في المناطق السورية وما خلفته هذه التجربة من قلق و مرارة في نفسي . قلقي، لم يكن محصوراً فقط ،على ما كنت اسمعه من الاخبار االواردة من الرقة عن قساوة الاسلامين وما يلحقون بهذه المدن من الكوارث التي تشبه بهمجيتها التدمير الذي أُلحق بالعراق( عكس ما يزعق به  بلير اليوم  ). انا قلق على حاضرنا المشكوك به - فرئيس وزرائنا ،ما زال يستخدم نفس الاسلوب ( البليري الكاذب ) لإقناع البرلمان بالموافقة على تقديم العون للسبعين الف متمرد معتدل في سوريا ، لمساعدتنا في ضرب اهداف داعش (رغم انهم غير موجودين اساساً ).كل هذه الفنتازيا ، كانت من صُنع  المخابرات  المشتركة ،التي يعتمد عليها بلير ،لتمرير مغامراته الاجرامية .عندما تساءل اعضاء البرلمان عن كل هذا الكلام الفارغ ،اسكتتهم غطرسة،السير الجنرال جوردن ميسنجر ( نائب رئيس اركان الجيش ) حين اجابهم : "لأسباب سرية لا يمكننا، اعطاء معلومات عن اسماء الوحدات". نحن نعرف هوية  هذه التنظيمات الرثة القيافة وقلة قدراتها القتالية ،التابعة للمخابرات الامريكية  . وهكذا انقاد هذا الميسنجر، لخيالات ديفيد كامرون ،شأنه ، شأن جون سكارلت ( رئيس لجنة الاستخبارات المشتركة) الذي كان يزود بلير،  بكل هذا العفن الاستخباراتي ليمنح فيما بعد، لَقَب نبيل .

 دخلنا الحرب مع سوريا ضد داعش الذي كان  يهاجم  نظام الاسد ، و لم نفعل شيئاً بهذا الشأن اطلاقاً، رغم تطبيل وتزمير هيلاري بن العنيف ( عن فاشيي الحرب) . نعم ، سندين  الغلام المسكين بلير ، ولكن لا تظنوا ، ان شيئاً تغير في السنوات الست الماضية التي قضاها السير جون  تشيلكوت لتفنيد بلير في كتابه المقدس . بعد لحظات قليلة من نشر تقرير شيلكوت ، كان رد بلير على ماجاء في التقرير:" فلنقبِر االمزاعم التي تقول ان "اعتقادي" لم يكن له دليل مادي وانه كان قائماً على الكذب و الخديعة ". لم يثُر الشارع البريطاني  ضد ما اعتقده بلير أو ضد اكاذيبه و خداعه . وكونوا ان على ثقة ، ان من سيخَلَفه  لن يتردد في النصب و الاحتيال على الشعب ، مرات و مرات .  ان مقارنة ادعاءاتهم بخصوص - اسلحة الدمار التي لا وجود لها  و الخمسة اربعون دقيقة من التحذير الكاذب و  70,000 من المتمردين المعتدلين الذين لا وجود لهم - لا يفرق عن كذبهم على الملايين من البريطانيين ، بشأن خدمات التأمين الصحي العام ، في حالة خروجهم من الاتحاد الاوربي .هناك الكثير من الاخطاء و التأويلات في الاستشهادات الساخرة  التي كان يطلقها جوزيف  غوبلز وزير الدعاية النازي ،عندما قال: "كلما كَبَر حجم الكذبة، كلما اصبحت افضل". ومن المستحيل ان لا تصدم ، وأنت  تقرأ ملاحظته ، التي كتبها عام 1941: "السر الجوهري للقيادة الانجليزية ، انها لا تعتمد في معلوماتها ، على جهات استخباراتية  معينة"....... لكنها و بكل تأكيد، تعتمد على، اغبياء ، مغفلين" . الانجليز يتبعون، المبدأ  القائل : إذا كذبت فلتكن كذبتك كبيرة وتشبث بها حتى النهاية . وهكذا يمضون، مستمرين في الكذب على الاخرين غير مبالين في المجازفة بسمعتهم .

ما يبعث على القشعريرة  في هذه الكلمات ليست الأفتراءات التي كان يطلقها غوبلز على الانجليز طوال فترة الحرب ولا اكاذيب تشرشل (  الذي كان هدف غوبلز الرئيسي) أيام النضال ضد الفاشية و بغض النظر عن وجهات نظر  تشرشل من ان: "الحقيقة يجب ان تصاحبها اكاذيب مدعمة "،  فالانجليز تميزوا بالقدرة على قول الحقيقة ، وان كانت لا تخلو من االنكهة البليرية ، لتغطية  فشلهم في الحرب( 1945-1939) ... المخيف هنا ، ان كلمات غوبلز تنطبق بشكل مؤلم ، على ساسة انجليز اليوم .

بعد نشر التقرير ،كيف يمكننا معرفة: مَن مِن هؤلاء ، ما زال يطلق الاكاذيب الكبيرة حتى و ان بدت تافهة للأخرين ؟و ما اخشاه بجزع ، هؤلاء الرجال الصغار الذين يعتقدون انهم  بحجم تشرشل ، ليقودوا بلادهم للحرب .يبدو ان الشئ الرئيسي، الذي جذب الاهتمام في جدل  السير تشيلكوت هو اعتماد بلير على " اعتقاداته "، رغم خطورة ، ما تحمله هذه الكلمة من إبهام في الحكم على الاخرين .

 صُعقت و انا ادخل مدينة تدمر الصحراوية  المهجورة التي دنس قدسيتها المرتزقة من صنيعة بلير، الذين قاموا بنفس الدور الكارثي في العراق. انا لن  اصدق من يقول :ان ( إزاحة صدام حسين )هو سبب الارهاب الذي نراه اليوم سواء كان في الشرق الاوسط او في اي مكان في العالم .

يقول بلير ، و لتنزل رحمة السماء علينا لما قال : "  تجربتي ، تصلح ان تكون درساً ، يستفيد منه قادة المستقبل" . على بلير ان لا يضجرنا بأكاذيبه ثانيةً ، لأن هذه الاكاذيب اصبحت جزءاً لا يتجزء، من بعبعات ،ديف  كامرون بشأن ال 70,000 من المتمردين المعتدلين و غلمان الخروج من الاتحاد الاوربي االذين يلهون انفسهم بذات الاكاذيب ، التي ستحقق نبوءة غوبلز لهذه الدولة : نهاية المملكة المتحدة .

في هذا السياق، يمكنني القول ، ان تقرير شيلكوت ليس بالعمل الضخم  في تقصي ذنوب  كل هؤلاء الذين قادونا للحرب عام 2003، بقدرما  هو ، فصل آخر في قصة ،عدم قدرتنا ، السيطرة على عالم ، يزدري  فيه- ساسة العلاقات العامة البريطانيين ، شعبهم : بقتل البعض من جنودهم و ذبح مئات الالاف من الاجانب دون رحمة .

 

 

 

 

تاريخ النشر

26.07.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

26.07.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org