<%@ Language=JavaScript %> د. كاظم الموسوي تحية الى الراحل الاستاذ

 

 

 

تحية الى الراحل الاستاذ

 

 

د. كاظم الموسوي

 

رحل او انصرف الاستاذ محمد حسنين هيكل  صباح يوم 17/2/2016 دون استئذان هذه المرة، وكنت قد نشرت المقالين التاليين في اوائل تموز/ يوليو 2013  في العديد من الصحف والمواقع الالكترونية، اعيد نشرهما تحية للاستاذ، ومشاركة في الوداع، حيث لا كلمات تعوّض الخسارة وتعبّر عن المشاعر...

الاستاذ هيكل بين كوارث مصر والأمل بالشباب

استأذن الاستاذ محمد حسنين هيكل (أيلول/ سبتمبر 1923) عام 2003 قبيل ان يبلغ الثمانين من العمر للانصراف عن الكتابة، وكتب رسالة ورجاء وتقريرا ختاميا ( طبع في كتاب ووزع وموجود على الشبكة العنكبوتية) وترك اصداء وأسئلة لدى الكثيرين من المتابعين له والمراقبين لآرائه. إلا انه رغم ذلك عاد الى الشاشة والتقى المشاهدين في حلقات اسبوعية وأعطى ما لديه من معلومات وآراء في سيرته وحياته التي عاشها. وتوقف بعد ذلك لموقف منه كان اضطراريا وضروريا، فالوسيلة التي اختارها لم تف بعهدها الاخلاقي والتزاماتها الاعلامية والمهنية ولم يكن من اللائق لمثله الاستمرار فيها. وظل بين فترة وأخرى يطل عبر شاشة محلية او على صفحات الصحف المصرية، فتنتشر نصا او مقتطفات منها في اغلب الصحف العربية ويعاد نشرها كثيرا في المواقع الاعلامية، وتتوزع عبر الفضاءات الالكترونية وغيرها.

الاستاذ هيكل صحافي (جورنالجي) عاش التجربة بكل تفاصيلها وأدارها بتفوق وتميز، وأثار عبرها الكثير من الحوارات والتساؤلات بما قام به وما طرحه خلال رحلته الاعلامية والثقافية. وهو مفكر استراتيجي بامتياز في الشؤون المصرية والعربية والقضايا التي تهمهما. وله حضوره الكبير في المجالات التي اختارها وبرع فيها، فكان سيدها ومازال رائدها، أُتفق معه فيها أو اختلف، لا يمكن انكار براعته في الغوص فيها وجمع ما يتعلق بها من معلومات ووثائق وسجلات. لم ينصرف او يطالب ذلك للتخفي، كما علق حينها، وإنما ليبتعد قليلا ويعيد ترتيب اوراقه ويتبحر فيها لينقلها بموضوعيته ومهنيته وقراءته لما حصل، وما يجري وما لابد من ادراكه والتنبيه له. وكان هذا الحال فرصة ومجالا له للتواصل بعد ان سهر الليالي وجال العالم من اجل نقل المعلومة والخبر والرأي، كما رآه او تصوره.

ما يحدث في مصر المحروسة اليوم يتطلب استشارته. وهو ما قامت به الاعلامية لميس الحديدي ونقلته الوكالات والصحف والبريد الالكتروني. صرح الاستاذ هيكل إن الأسابيع الماضية اثبتت بيقين أن نظام الرئيس محمد مرسي غير قادر، إن لم يكن غير صالح، مضيفا أن شهر حزيران/ يونيو شهد ثلاث كوارث "كل واحدة منها تسقط النظام لوحدها". وأوضح أن أولى ما سماها الكوارث هي الاجتماع الذي بث على الهواء في الأسبوع الاول من يونيو والذي تحدث فيه مرسي مع عدد من السياسيين بشأن قرار إثيوبيا بناء سد النهضة مما قد يهدد حصة مصر المائية في نهر النيل.

وأضاف: إذا كان مبارك أخذ البلد لحالة من التجريف فهذه الأوضاع أخذت البلد لحالة من التعرية الكاملة. وإن الخطأ الثاني هو إعلانه في الأسبوع الثاني من يونيو في قاعة المؤتمرات أن جميع الخيارات مفتوحة في الأزمة مع إثيوبيا وهو نوع من الإنذار .. "يجب ألا يقولها أحد ولا يملك أحد في العالم أن يقوله ولا حتى أمريكا". اما الخطأ الثالث فهو إعلانه في الأسبوع الأخير عن قطع العلاقات مع سورية، مشيرا أن "الرئيس مرسي تجاوز فيه الخطوط المسموح بها لأي رئيس". وأضاف هيكل "لا يملك أي رئيس أن يتجاوز حدود الأمن القومي المصري الذي يستند على العلاقة بسورية وهي لا تقبل المناقشة.. وإذا خرجت مصر من التأثير على الوضع في سورية تكون خرجت من آسيا بالكامل وانحصرت في أفريقيا وهي محاطة فيها بمشاكل لا حد لها". ثلاث كوارث كبرى اوقع الرئيس المصري وجماعته مصر بها، وكان لابد ان يشير اليها الاستاذ وينبه عنها، لأهميتها ولضرورة التوقف عندها وحساب السياسة واستراتيجية الدولة. حيث موقف مصر ودورها وسياستها ومكانتها، داخليا وخارجيا. وما يقوله الان الاستاذ هيكل ناقدا ومعترضا له اهميته، لأسباب ولضرورات يمليها عليه ضميره الوطني والإنساني والأخلاقي، كما يتوجب ان يقال ذلك بعد عام من حكم حركة الاخوان المسلمين وفوزها في انتخابات جرت بعد الثورة الشعبية التي اطاحت بنظام الرئيس حسني مبارك وقادته الى المحاكمة وما تزال رهن التحقيق والمحاسبة.

تراكم غضب الشعب وشباب الثورة في حركة تمرد وقرارها في جمع خمسة عشر مليون توقيع يطالب بتنحي الرئيس وانتخابات رئاسية مبكرة ( بلغ اكثر من 22 مليونا قبل يوم التحرك المقرر)، سبقه الرئيس بخطاب استفزازي آخر، وجد الاستاذ هيكل فيه انه تعبير عن حيرة الرئيس بسبب ضغوط جماعته والأزمات التى تواجهه، وأن كل كلمة وردت فيه كانت بمثابة دق لطبول الحرب. وأشار، إلى أن العالم قلق على مصر، وجريدة الحرية والعدالة تخرج بعنوان (إعلان الحرب على محطات الثورة المضادة)، وسبق الخطاب شائعات كثيرة مقصود تسريبها وكان طبيعيا فيه غياب شيخ الأزهر والبابا، بينما أدهشنى حضور السيسي (وزير الدفاع)، وأنه لم يكن من المفروض دعوة قائد القوات المسلحة فى اجتماع حزبي لأن القوات المسلحة مؤسسة دولة لا يجب أن تكون فى اجتماع حزبي. لافتاً إلى أنه لا يجوز لرئيس دولة أن يتحدث عن أشخاص ويوجه لهم تهما مرسلة، موضحا أنه دافع عن مرسي كثيرا والتيارات الإسلامية لأنه لا يحب الإقصاء، وأنه كان يجب على مرسي أن يراعي أنه رئيس دولة، ولكنه تحدث كرئيس حزب. وقال هيكل، أن الرئيس محمد مرسي قدم في خطابه وعيدا ولم يقدم وعدا، وتابع قائلا "أتعجب من رئيس تحدث عن ديون السابقين بينما هو استدان 12 مليار دولار"، واختتم الاستاذ: أنه لا يجب الاستشهاد بآيات قرآنية فى الخطب السياسية، لافتاً إلى أن أوروبا وصلت إلى الصندوق بعد أن فصلت الكنيسة عن الدولة، بينما خطاب الرئيس حرّض مؤسسات الدولة ضد بعضها البعض، وفيه حساسية واضحة ضد القضاء، ونسب المشاكل التى تمر بها البلاد إلى الإعلام (!). واكمل: أن الشباب المصري الذي هو أمل المستقبل كانوا فى حاجة إلى المصارحة.

بعد كل ما حصل من تراكم الاخطاء أو الكوارث، فالأمل معقود على الشباب في ارض الكنانة ليرد الحق ويجدد العهد.

الاستاذ هيكل وشباب تمرد

يحتفل الاستاذ محمد حسنين هيكل في 23 ايلول/ سبتمبر 2013 القادم بعبوره العقد التاسع من العمر، قاضيا تسعين حولا، جلها في مهنة البحث عن المتاعب، والتفكير بجغراستراتيجية ما يحصل في بلده مصر والأكبر العالم العربي وما يحيط به من تحولات وتطورات وتغيرات. وفي كل الاحوال فان ما يحصل الان في بلده موضوع الساعة بالنسبة له ولغيره من المنشغلين بهموم السياسة وما يصنعه الحدثان فيها. وتطورات الحدث في مصر شاغلة الناس، وهو الاولى بها والمفكر الاعمق في تحليلها وحساب متغيراتها. وبلاشك لم يبتعد عن المجريات وأصحاب القرار فيها. ولم يتفرج عليها رغم عمره ومشاغله الشخصية وموقعه غير الرسمي الان، وهو برجاحة عقل وذاكرة ثرية منفعل بما يحصل، ومشترك بخبرة عميقة بما يجري ومتواصل بتجربة طويلة مع الاحداث، فكرا وتحليلا، نصحا واستشارة، تقديرا وحرصا. ولمكانته الكبيرة يقوم بدوره المطلوب.

يسهم الاستاذ عضويا مع الشارع المصري ومع النخب السياسية والقوات المسلحة، ومع من يهمه ما يحصل في مصر، داخل وخارج مصر، عربا وغيرهم، مع هؤلاء جميعا في حوار مفتوح وتبادل رؤى ومواقف واجتهادات، رغم عمره المديد وحقه الطبيعي ومتاعب الزمن العربي مرة أخرى وأخرى.

هناك اخبار مؤكدة عن علاقات له مع قيادة القوات المسلحة ولقاءات مستمرة مع رموزها وشخصياتها الفاعلة والمؤثرة. وهناك اتصالات مباشرة ومعلنة مع شباب حركة تمرد. هذه الحركة التي تمكنت من تجميع اكثر من 22 مليون توقيع يطالب بتنحي الرئيس وانتخابات مبكرة. جمعت باختيار شخصي وتبرع فردي وحماس جمعي، مجموعات شبابية تحمل الطلبات ويوقع عليها من يرغب ويعبر عن نفسه باسمه وبهويته الشخصية وعنوانه، دون ضغوط عليه او شحن مستتر او ارغام تنظيمي او موجه بشعارات مخادعة. ولما لم يستجب الرئيس وجماعته يوم 30 حزيران/ يونيو لخروج اكثر من 30 مليون مواطن مصري في الميادين والشوارع في المدن والأرياف، تحقق لهذه الملايين مطلبها وهدف الشعب وخياره. واستعاد الشباب ثورتهم وغضبهم وحلمهم المشروع بالثورة والعهد والوعد، وأوفوا لدماء الشهداء، الذين رووا ارض الميادين الثائرة، التي علمت العالم مثالها ونموذجها الثوري وإرادة الشعب العربي.

هذا المشهد الجديد لم يتركه الاستاذ هيكل دون ان يذكره، يؤرخه ويشير اليه بعظمته، عظمة شعب مصر، خلال حواره مع الإعلامية لميس الحديدي على فضائية CBC، والذي نشر وانتشر ايضا عبر وسائل الاعلام الاخرى، إلى أنه شاهد حشود المصريين الذين خرجوا في 30 حزيران/ يونيو وما بعدها من شرفة مكتبه، مؤكدا أن هذه الجحافل الشبابية وحركة الشباب شكلت موجة هائلة من البشر وكتلا استيقظت ووجدت أن شيئا ما قد سُرق منها، وبالتالي ذهبت كي تسترده، قائلا: حقيقة إن حجم الحشد قد فاجأني جدا، وسعدت به.. وحينما كنت أنظر إلى المشهد كان الجميع يحدثونني باستمرار من كافة الدول العربية والأجنبية، لا يستطيعون أن يُصدقوا ما حدث بالفعل، لدرجة أن أحد الشخصيات العربية قال لي: لقد عادت مصر التي نعرفها!. وتابع: الشباب المصري كسر كل القيود، وحقق مطلبا عزيزا، إذ خرجوا بقوة متخطين كافة الحدود، وكل الحسابات، وبالتالي قد نجح في أن يحاول استعادة وطنه، واستعادة روح هذه البلد، وخاصة أنه كان هناك فارقا بين ما كانوا يتمنون وبين ما كانوا يرون على الواقع الفعلي.. كما أن العالم العربي كله يرى أن مصر تنسحب خارج التاريخ والجغرافيا، بعد أن كانت قائدة الفكر والفعل على الأقل خلال القرنين الماضيين. واستطرد قائلا: "نجح الشباب في كسر كل القيود وكل الثوابت، فمن عقود طويلة السياسة المصرية انتهجت منهجا يعتمد على الولايات المتحدة الأميركية بصورة مباشرة، وظل الاعتماد طيلة السنوات الماضية على أميركا بسبب الوضع الاستراتيجي والمعونة العسكرية والاقتصادية، لكن الشباب تجاوزوا ذلك".

هذا هو بعض السر الذي جمع بين الاستاذ والشباب، لاسيما شباب حركة تمرد. عقل وخبرة وموقف مبدأي وحماس شباب واندفاع خيارات وعزيمة ارادات. حدد منسق الحركة الشاب الصحافي محمود بدر في كلمته في افتتاح المؤتمر القومي العربي في القاهرة يوم الاول من حزيران/ يونيو، الهدف، ممثلا عن شباب مصر، وثورة 25 كانون الثاني/ يناير، انهم ثاروا على حكم مبارك لأنه عميل للولايات المتحدة الامريكية، ومشاريعها في اذلال الشعب المصري عبر البنك الدولي والتعامل مع الكيان الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، ولان الرئيس الذي جاء بعده، عميل مثله، ينفذ اجندة الصديق الوفي، بيريز، والادارة الامريكية. صفق له الحضور إلا ممثلو حركة حماس الفلسطينية حاولوا صناعة مشهد مسرحي، ورغم ذلك كان هو جريئا لدرجة قوله عند انسحابهم التمثيلي، بان ما حصل هو تنظيف للمؤتمر من المندسين وكلمات اخرى مسجلة في يوميات المؤتمر وحضوره الاعلامي المعروف.

كشف الاستاذ ايضاح أحد الزعماء الأتراك له أنه ضمن محادثات "رفع الفيتو الأميركي عن مشاركة الإسلاميين بالسلطة في الشرق الأوسط تلقت الإدارة الأميركية إشارات من الإخوان أكدوا خلالها أنهم سوف يكونون أكثر "مباركية" من مبارك نفسه، ما يعني أنهم سوف يخدمون المصالح الأميركية" (!).

وأضاف: إنه أمام هذه الوضع من الدعم الأميركي للإخوان، وأمام موقف راهن يؤكد أن كل مسؤول أو صانع قرار في مصر يأخذ في اعتباره الأميركيين وجملة من التحديات أبرزها المساعدات والمعونة، وأمام هذا الوضع الذي يأتي أي إطار في خارجه شبه مستحيل، جاء تحرك الشباب المصري في 30 حزيران/ يونيو، وجاءت حشود بطريقة غير مسبوقة في السياسة الإنسانية المعاصرة، رغم أننا شاهدنا حشودا كبيرة في فرنسا وانجلترا، تفوقت عليها حشود الشباب المصري مؤخرا.. قائلا: "حتى الإخوان والعالم الخارجي وحتى الولايات المتحدة والأتراك الذين كانوا يعتقدون أن القاعدة التصويتية للإخوان تتمركز في الريف والصعيد، انكسر ذلك الاعتقاد بالحشود الهائلة التي خرجت".

شباب ثورة مصر، فتيات وفتيان، عمال وفلاحون، مثقفون من كل الطبقات والفئات الاجتماعية اعلنوا تمردهم ويعملون نحو الامل والتغيير.

 

 

 

 

 

تاريخ النشر

22.02.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

22.02.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org