<%@ Language=JavaScript %>

 

 

 

موسوعة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية: (68)

 

 الأمريكان : أبو مصعب الزرقاوي هو أنجح حملة تضليل أمريكية في تاريخنا

 

الزرقاوي هو الوجه البشري للإرهاب الذي اخترعته الولايات المتحدة   

 

 

ترجمة وجمع وإعداد : د. حسين سرمك حسن

 

بغداد المحروسة - 2015/2016

 

(الزرقاوي هو "الوجه" البشري للحرب على الإرهاب - أبو مصعب الزرقاوي: العقل المدبر الإرهابي الجديد - "الذئب الوحيد" - نمط ثابت لدى وسائل الإعلام الغربية - نقطة تحول في حملة التضليل - الصلة بأنصار الإسلام - لغز مصنع الأسلحة الكيميائية البيولوجية في شمال العراق - تهديد سمّ الريسين المزعوم في الولايات المتحدة - كذبة القنابل المُشعة القذرة - تهديد سمّ الريسين في بريطانيا - الصلة الاسبانية: رئيس وزراء إسبانيا الكذّاب؛ مواد كيمياوية أم مسحوق غسيل - تفجير قطار مدريد 11 آذار - شريط أسامة بن لادن المفبرك في أبريل 2004 - الزرقاوي وفضيحة سجن أبو غريب - هجوم الزرقاوي المُنتظر على أمريكا - إعدام نيكولاس بيرغ - مصداقية شريط الفيديو – الزرقاوي أداة لتشويه حركة المقاومة العراقية - الرزقاوي غطّى على مذبحة 100,000 مدني عراقي على أيدي الأمريكان - المؤامرة الدعائية الجديدة - صراع الحضارات Clash of Civilizations)

 

الزرقاوي هو "الوجه" البشري للحرب على الإرهاب

______________________________

"الحرب على الإرهاب" تتطلب تفويضا من المجتمع الإنساني. وتُطرح على أنها "حرب عادلة" يجب أن تُخاض على أسس أخلاقية. نظرية الحرب العادلة تقوم على الصراع بين "الخير" و "الشر" حيث يتم تصوير القادة الإرهابيين بشكل ثابت كـ "أشخاص أشرار".

والعديد من المثقفين الأمريكيين البارزين والناشطين المناهضين للحرب، الذين عارضوا بحزم إدارة بوش، هم أيضاً من أنصار نظرية الحرب العادلة: "نحن ضد الحرب بجميع أشكالها، ولكننا ندعم الحملة ضد الإرهاب الدولي".

للوصول إلى أهداف سياستها الخارجية، يجب أن تقوم الإدارة الأمريكية بجعل صورة الإرهاب حيّة في أذهان المواطنين، الذين يجب تذكيرهم باستمرار بالتهديد الإرهابي.

تقدم الحملة الدعائية "صورة" للقادة الذين يقفون وراء الشبكة الإرهابية. وبعبارة أخرى، على مستوى ما يشكل الحملة "الدعائية"، يجب أن "تعطي وجها بشرياً للإرهاب".

"الحرب على الإرهاب" توم على أساس إنشاء "بعبع" شرير واحد أو أكثر، من قادة الإرهاب، أسامة بن لادن وأبو مصعب الزرقاوي، وآخرون، الذين تُعاد أسماؤهم وصورهم في التقارير الإخبارية اليومية بصورة مثيرة للغثيان.

أبو مصعب الزرقاوي: العقل المدبر الإرهابي الجديد

_____________________________

منذ الحرب على العراق، قُدّم أبو مصعب الزرقاوي إلى الرأي العام العالمي على أساس أنه العقل المدبر الإرهابي الجديد، بحيث طغى على "العدو رقم واحد"، أسامة بن لادن.

زادت وزارة الخارجية الأمريكية مكافأة اعتقاله من 10 مليون دولار إلى 25 دولار، الأمر الذي يضع "القيمة السوقية" له على قدم المساواة مع أسامة بن لادن. ومن المفارقات، أن الزرقاوي ليس موجوداً على قائمة الهاربين المطلوبين من قبل مكتب المباحث الفيدرالي FBI .

وغالبا ما يوصف الزرقاوي في البيانات الحكومية الرسمية وكذلك في تقارير وسائل الاعلام بأنه "شريك أسامة"، وأنه مسؤول عن العديد من الهجمات الإرهابية في العديد من البلدان. في تقارير أخرى، والتي تأتي في كثير من الأحيان من المصادر نفسها، يُقال انه ليس لديه صلات بتنظيم القاعدة، وأنه يعمل بشكل مستقل تماما. وغالبا ما يُقدم على أنه فرد ينافس قيادة إبن لادن.

أسامة ينتمي إلى عائلة بن لادن القوية، التي لديها علاقات تجارية وثيقة مع آل بوش وأعضاء بارزين في المؤسسة النفطية في تكساس (كما سنرى ذلك في حلقة مستقلة). تم تجنيد أسامة بن لادن من قبل وكالة الاستخبارات المركزية خلال الحرب السوفياتية الأفغانية وخاض الحرب باعتباره من المجاهدين. وبعبارة أخرى، هناك تاريخ موثق منذ مدة طويلة بين إبن لادن ووكالة المخابرات المركزية وبين عائلة إبن لادن وعائلة بوش، والتي هي مصدر واضح من الحرج لحكومة الولايات المتحدة.

وعلى النقيض من إبن لادن، فإن الزرقاوي ليس لديه تاريخ عائلي مشهور. لقد جاء من عائلة فلسطينية فقيرة في الأردن. والداه متوفيّان. يبدو أنه جاء من الفراغ.

"الذئب الوحيد"

________

يوصف الزرقاوي من قبل CNN بأنه "ذئب وحيد" يُقال أنه معتاد على العمل بشكل مستقل تماما عن شبكة القاعدة. لكن من المستغرب، أن هذا "الذئب الوحيد" موجود في العديد من البلدان، في العراق، الذي كان قاعدته، وأيضا في أوروبا الغربية. كما يُشتبه في أنه يعد لهجمات إرهابية على الأراضي الأميركية.

وتشير تقارير وسائل الاعلام إلى أنه موجود في عدة أماكن في نفس الوقت. وهو يوصف بأنه "العدو الرئيسي للولايات المتحدة"، و "سيّد التخفي وتحضير أوراق الهوية المزوّرة". وقد جعلونا نعتقد بأن هذا "الذئب الوحيد" تمكّن من خداع أمهر عملاء مخابرات الولايات المتحدة.

ووفقا لصحيفة  Weekly Standard المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع المحافظين الجدد في إدارة بوش ويكلي فإن:

أبو مصعب الزرقاوي هو العقل المدبر ليس فقط لقتل نيكولاس بيرغ [في عام 2004] ولكن أيضا لمذبحة مدريد يوم 11 مارس [2004]، وتفجير مساجد المصلين الشيعة في العراق في الشهر نفسه، وفي هجوم 24 أبريل [2004] الإنتحاري على ميناء البصرة.  وقبل 11/9 ، كان المدبّر الفعلي لمؤامرة قتل السياح "الإسرائيليين" والأمريكيين في الأردن. علامته موجودة على الجماعات والهجمات الإرهابية في أربع قارات. الملف الشخصي للزرقاوي "يمثل تحديا لقيادة إبن لادن للجهاد العالمي".

في العراق، ووفقا لتقارير صحفية، أنه يستعد لـ "إشعال حرب أهلية بين السنة والشيعة". لكن أليس هذا بالضبط ما تريده المخابرات الامريكية من خلال خطّة ("فرق تسد") وهو ما أكده العديد من المحللين في الولايات المتحدة؟ تحريض فئة ضد الأخرى يوصل إلى إضعاف حركة المقاومة العرافية ككل.

وكالة المخابرات المركزية، بميزانيتها الأكثر من 40 مليار دولار تتظاهر بالجهل: يقولون انهم لا يعرفون شيئا عنه، لديهم صور، ولكن، وفقا لصحيفة ويكلي ستاندرد، فإن الوكالة على ما يبدو لا تعرف وزنه أو طوله.

هالة الغموض التي تحيط بهذا الفرد هي جزء من المؤامرة الدعائية. يتم وصف الزرقاوي بأنه "من السرية بحيث أن بعض النشطاء الذين يعملون معه لا يعرفون هويته".

نمط ثابت لدى وسائل الإعلام الغربية

_____________________

ما هو دور هذا العقل الإرهابي الجديد في حملة التضليل التي تشنها وزارة الدفاع؟

في سابقة مسرحية في الدعاية الحربية، استأجرت وكالة المخابرات المركزية شركات العلاقات العامة لتنظيم حملات التضليل الأساسية. في عام 1990، قامت شركة العلاقات العامة البريطانية هيل ونولتون Hill and Knowlton عام 1990 بإطلاق حملة الحاضنات الكويتية حيث زعمت أن الجنود العراقيين قاموا برمي الأطفال الكويتيين خارج الحاضنات، في قصة ملفقة تماما وكاذبة، وذلك للحصول على موافقة الكونغرس على حرب الخليج عام 1991.

على الفور، وفي أعقاب أي حادث أو تحذير إرهابي، تعلن شبكة التلفزيون الامريكية، بإنها "تعتقد" بأن هذا الشخص الغامض أبو مصعب الزرقاوي هو الذي يقف وراء ذلك، دائما ودون تقديم الأدلة الداعمة، وحتى قبل إجراء أي تحقيق من قبل سلطات الشرطة والاستخبارات ذات الصلة.

في بعض الحالات، وفور وقوع الحدث الإرهابي، هناك تقرير أولي يذكر أن من "المُحتمل" أن الزرقاوي هو العقل المدبر لهذا الحدث. وغالبا ما يقول التقرير أنهم "يعتقدون" بأنه هو من فعل ذلك، ولكن "لم يتم تأكيد ذلك حتى الآن"، وهناك بعض الشكوك حول هوية الذين يقفون وراء الهجوم. في وقت لاحق؛ يوم أو يومين، سوف يتم تأكيد هذه التقارير، في الوقت الذي تقوم فيه CNN بنقل بيانات أكثر تحديدا، نقلا عن الشرطة الرسمية والعسكرية و/أو مصادر استخباراتية.

غالبا ما يستند تقرير الـ CNN على المعلومات المنشورة على موقع إسلامي، أو شريط فيديو أو تسجيل صوتي غامض. مصداقية الموقع و/أو الأشرطة ليست محلا للمناقشة أو تحقيق مفصل.

التقارير الإخبارية لا تذكر أبداً أن الزرقاوي قد تم تجنيده من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للقتال في الحرب السوفيتية الأفغانية، حسب ما اعترف به المجرم كولن باول في عرضه أمام مجلس الامن الدولي يوم 5 فبراير 2003. وعلاوة على ذلك، الصحافة عادة ما تقدم التحذيرات الإرهابية التي تنطلق من وكالة المخابرات المركزية كأنها حقيقية، دون الإقرار بحقيقة أن المخابرات الأمريكية قدمت دعما سرّياً للشبكة الإسلامية الإرهابية وباستمرار لأكثر من 20 عاما.

نقطة تحول في حملة التضليل

_________________

في الأشهر التي سبقت غزو العراق في مارس 2003، ظهر اسم الزرقاوي ، في هذا الوقت على أساس يومي تقريباً، مع التقارير التي تركز على "علاقة شريرة لصدام حسين" به.

وهناك نقطة تحول رئيسية في الحملة الدعائية حدثت يوم 5 فبراير، 2003 في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في أعقاب خطاب المجرم كولن باول التاريخي أمام هيئة الأمم المتحدة.

وللتركيز على الدور المركزي للزرقاوي، قدّم الوزير الكذأب كولن باول "وثائق" مفصلة عن العلاقات بين صدام حسين وتنظيم القاعدة، وتقوم هذه "العلاقة الشريرة" على أساس امتلاك العراق لاسلحة الدمار الشامل. قال الكذأب:

"قلقنا ليس فقط من هذه الأسلحة غير المشروعة؛ بل من الطريقة التي يمكن أن تصل بها هذه الأسلحة غير المشروعة للإرهابيين والمنظمات الإرهابية. ... 

ولكن ما أريد أن ألفت انتباهكم إليه اليوم هو الصلة التي يحتمل أن تكون أكثر شرّاً بكثير بين العراق وشبكة القاعدة الإرهابية، وهي صلة تجمع التنظيمات الإرهابية التقليدية بأساليب قتل عصرية. العراق يؤوي حاليا شبكة إرهابية مميتة، برئاسة أبو مصعب الزرقاوي، وهو شريك ومتعاون مع أسامة بن لادن ومساعديه في تنظيم القاعدة.

وواصل المجرم الكذاب خطابه قائلاً :

"حارب الزرقاوي، وهو فلسطيني ولد في الأردن، في الحرب الأفغانية أكثر من عقد من الزمان [لم يقل بأنه تم تجنيده من قبل وكالة الاستخبارات المركزية]. عاد إلى أفغانستان في عام 2000، وأشرف على معسكر لتدريب الارهابيين. واحد من تخصصاته ومن تخصصات هذا المعسكر هو السموم...

نحن نعرف أن هذه المجموعات مازالت ترتبط بالزرقاوي، حتى اليوم، وعلى اتصال منتظم مع مرؤوسيه المباشرين، بما في ذلك المتآمرين في خلية السموم، وأنهم متورطون في نقل الكثير من المال والعتاد. في العام الماضي، عنصران يشتبه بأنهما من تنظيم القاعدة تم اعتقالهما وهما يعبران من العراق إلى المملكة العربية السعودية. كانا مرتبطين بخلية في بغداد، وتلقى واحد منهما التدريب في أفغانستان على كيفية استخدام السيانيد.

من شبكته الإرهابية في العراق، يمكن للزرقاوي توجيه شبكته في الشرق الأوسط وما وراءه. [يُقدّم الزرقاوي هنا كناشط في عدة بلدان في نفس الوقت] ...

ووفقا للمعتقل، أبو عطية، الذي تخرج من معسكر الزرقاوي الإرهابي في أفغانستان، وكان يرأس جماعة لا تقل عن تسعة متطرفين من شمال افريقيا مكلّفة - في عام 2001 - للسفر إلى أوروبا للقيام بهجمات بالسموم والتفجيرات. منذ العام الماضي، تم القبض على أعضاء هذه الشبكة في فرنسا وبريطانيا واسبانيا وايطاليا. ووفق حساباتنا، تم القبض على 116 من نشطاء هذه الشبكة العالمية. هذا الرسم البياني يريكم الشبكة في أوروبا.

نعرف الكثير عن هذه الشبكة الأوروبية، ونعرف عن صلاتها بالزرقاوي، لأن المعتقلين الذين قدّموا معلومات حول الأهداف قدّموا أيضا أسماء أعضاء الشبكة.

ونحن نعلم أيضا أن زملاء الزرقاوي كانوا نشطين في وادي بانكيسي، بجورجيا، وفي الشيشان بروسيا. التآمر الذي يرتبطون به ليس مجرد ثرثرة. ويقول أعضاء شبكة الزرقاوي أن هدفهم كان قتل الروس بالسموم.

لا نستغرب ونحن نرى العراق يقوم بإيواء الزرقاوي ومرؤوسيه. هذا الفهم ينبني على خبرة عقود طويلة بما يتعلق بالعلاقات بين العراق وتنظيم القاعدة.

وكما قلتُ في البداية، يجب أن لا يكون شيء من هذا بمثابة مفاجأة لأيّ منا. الإرهاب كان أداة يستخدمها صدام على مدى عقود. كان صدام مؤيدا للإرهاب قبل أن يكون لهذه الشبكات الإرهابية اسم بمدة طويلة، واستمر هذا الدعم. العلاقة بين السموم والإرهاب شيء جديد. الصلة بين العراق والإرهاب قديمة. ولكن تركيبتهما قاتلة.

مع هذا المسار، فإن الإنكارات العراقية عن دعم الارهاب تأخذ مكانها إلى جانب إنكارات عراقية أخرى عن أسلحة الدمار الشامل. كل ذلك هو شبكة من الأكاذيب. عندما نواجه نظاما له طموحات للهيمنة الإقليمية، ويخفي أسلحة الدمار الشامل، ويوفّر ملاذا ودعماً لأنشطة الإرهابيين، فنحن لا نواجه الماضي، نحن نواجه الحاضر. وإذا لم نتصرف، فإننا سنواجه مستقبلاً أكثر إثارة للخوف".

لاحقاً اعترف هذا الكلب بأن كل ما قاله في هذا الخطاب كان كذبا ، ولكن بعد أن دمّر شعب العراق وأخرجه من الحياة والتاريخ .. فيا له من كذاب نذل وغد سيكوباثي أمريكي .

بعد خطاب هذا المجرم الكذّاب السافل كولن باول في فبراير 2003 أمام مجلس الامن الدولي باول، اكتسب الزرقاوي سمعة واسعة على الفور في العالم باعتباره العقل المدبر الإرهابي المشارك في التخطيط لهجمات بالأسلحة البيولوجية والكيميائية.

 الصلة بأنصار الإسلام

_____________

بناء على معلومات استخباراتية وهمية، تضمن عرْض وزير الخارجية السافل باول أمام مجلس الأمن الدولي ربط النظام العراقي العلماني بـ "شبكة إرهابية إسلامية"، وذلك بهدف تبرير غزو العراق واحتلاله.

ووفقا لباول، فإن الزرقاوي يعمل يدا بيد مع أنصار الإسلام، وهي جماعة إسلامية غامضة، مقرها في شمال العراق.

في أعقاب 11/9، زُعم أن جماعة أنصار الإسلام مسؤولة عن التخطيط لهجمات إرهابية في عدد من الدول من بينها فرنسا وبريطانيا وألمانيا. وقد أشار مسؤولون أميركيون أيضا إلى دور شرير للسفارة العراقية في اسلام اباد، حيث زعموا أنها تُستخدم كحلقة وصل بين عناصر أنصار الإسلام وممثلين عن حكومة صدام حسين.

ومن المفارقات، هي أن جماعة أنصار الإسلام كانت تنشط في هذه المنطقة التي كانت تحت سيطرة الولايات المتحدة العسكرية منذ حرب الخليج عام 1991، وهي المنطقة الكردية في شمال العراق. وكانت جزءا من "منطقة حظر الطيران" الخارجة عن سيطرة حكومة صدام حسين، وأصبحت بحكم الأمر الواقع محمية للولايات المتحدة في أعقاب حرب الخليج عام 1991.

لم يكن هناك أي دليل على دعم صدام حسين لأنصار الإسلام. في الواقع، بل على العكس تماما كانت السلطات العسكرية الامريكية المتمركزة في المنطقة تغض الطرف عن وجود الإرهابيين الإسلاميين وعمليا من دون أي تدخل من الجيش الامريكي. وحسب صحيفة Midland Independent فإن "العناصر التابعة لتنظيم القاعدة كانت تعمل بحرية في العاصمة الإقليمية، ... وتقوم بتنسيق حركة الأشخاص والأموال والإمدادات اللازمة لجماعة أنصار الإسلام".

المؤسس الروحي لجماعة أنصار الإسلام، الملا كريكار  "مثل معظم الاسلاميين المتشددين، يكره صدام." وفي وقت الغزو الأمريكي للعراق، كان الملا كريكار الإرهابي يعيش في النرويج الديمقراطية، حيث كان يتمتع بوضع لاجئ !!

"لم تطلب الولايات المتحدة القبض عليه. فإذا كان العراق يُتهم – كذباً - بلقاءات بين الحين والآخر مع المستوى الثاني من تنظيم القاعدة، فما هي جريمة الحكومة النرويجية التي تؤوي زعيماً إرهابياً إسلامياً ؟

كان أنصار الإسلام يشاركون إلى حد كبير في الهجمات الإرهابية الموجهة ضد المؤسسات العلمانية لحكومات المنطقة الكردية. وشاركوا أيضا في اغتيال أعضاء الاتحاد الوطني الكردي في كردستان (PUK).

في واقع الأمر، في الأيام التالية لخطاب الكلب كولن باول في 5 فبراير أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، اغتيل قائد عسكري بارز في قوات الاتحاد الوطني الكردستاني هو "شوكت الحاج مشير" من قبل أنصار الإسلام، ولم يرد أي ذكر لاغتيال شوكت في الصحافة الأميركية.

في الأيام التالية لخطاب الكذّاب كولن باول في 5 فبراير 2003 في الأمم المتحدة، أوضحت وزارة الخارجية العراقية في بيان رسمي أن:

الحكومة العراقية [حكومة صدام حسين] ساعدت زعيم حزب التحاد الوطني الكردستاني [PUK] جلال الطالباني ضد جماعة أنصار الإسلام. وأن جماعة أنصار الإسلام تقوم بأعمال تخريبية داخل العراق ... وأن الولايات المتحدة قد رفضت عرضا عراقياً للتعاون في قضية الإرهاب".

في حين تُتهم بغداد بصلات مع الشبكة الإرهابية، فإن وجود وأنشطة الجماعات الإسلامية الأصولية في شمال العراق كان يخدم إلى حد كبير مصالح الولايات المتحدة.

تسعى هذه الجماعات إلى إنشاء دولة دينية إسلامية، وكانت قد ساهمت في إحداث عدم الاستقرار السياسي، في الوقت نفسه إضعاف مؤسسات الحزبين الكرديين العلمانية المهيمنة، وكلاهما كان في بعض الأحيان يشارك في المفاوضات مع حكومة صدام حسين.

نقلا عن "وثيقة بريطانية سرية"، كشفت هيئة الإذاعة البريطانية في نفس اليوم الذي قدم فيه المجرم  كولن باول عرضه لمجلس الأمن للأمم المتحدة (5 فبراير 2003):

"أنه لا يوجد شيء غير العداء بين العراق والقاعدة. وقال مراسل بي بي سي أن تسريب هذه الوثيقة جاء من قلق مسؤولين في الاستخبارات البريطانية من أن عملهم كان يُستخدم لتبرير الحرب".

وعلاوة على ذلك، فإن مجلس العلاقات الخارجية (CFR) الذي يلعب الدور الرئيسي في التخطيط للأهداف العسكرية الأمريكية من وراء ستار طبعاً، رفض جوهر بيان كولن باول أمام مجلس الأمن الدولي بشأن الصلات بين الحكومة العراقية وشبكة الإرهاب الإسلامية. (وهذا التفنيد هو الأكثر خطورة، نظرا لأن تلك الصلات المزعومة استُخدمت كمبرر لغزو العراق):

"قضية الصلات العراقية بتنظيم القاعدة لا تزال غامضة، رغم أن كبار المسؤولين في إدارة بوش يصرّون على وجود مثل هذه العلاقات... الكثير من الخبراء ومسؤولي وزارة الخارجية لاحظ أن أي وجود لتنظيم القاعدة في العراق ربما يكمن في المناطق الشمالية الخارجة عن سيطرة صدام. ويقول العديد من الخبراء أن هناك دلائل ضئيلة جدا على العلاقات بين القاعدة والعراق، مشيرين إلى أن كراهية تنظيم القاعدة المعلنة للحكومات العربية "الآثمة" يجعل من المستحيل أن تتحالف مع نظام صدام العلماني"

لغز مصنع الأسلحة الكيميائية البيولوجية في شمال العراق

_______________________________

جوهر بيان المجرم باول في الأمم المتحدة فيما يتعلق بالزرقاوي يستند إلى وجود مصنع للأسلحة الكيميائية والبيولوجية لأنصار الإسلام في شمال العراق الذي كان ينتج الريسين والسارين وأسلحة بيولوجية أخرى، لاستخدامها في الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. قال الكذّاب باول :

"عندما أطاح تحالفنا بطالبان ساعدت شبكة الزرقاوي في إقامة مخيم آخر للسموم ومعسكر للتدريب على التفجيرات الناسفة، ويقع هذا المعسكر في شمال شرق العراق.

الشبكة تعلّم عناصرها كيفية إنتاج الريسين والسموم الأخرى. اسمحوا لي أن أذكركم كيف يعمل الريسين: أقل من قرصة من الريسين - تصوّروا قرصة من الملح - ، أقل من ذلك من الريسين تأكلها في طعامك من شأنها أن تسبّب لك الصدمة، يليها فشل في الدورة الدموية. ثم تحصل الوفاة في غضون 72 ساعة وليس هناك ترياق.. لا يوجد علاج. إنها مميتة.

يواصل باول الكذّاب خطابه :

"أولئك الذين يساعدون في تشغيل هذا المعسكر هم مساعدو الزرقاوي العاملون في المناطق الكردية الشمالية خارج سيطرة صدام حسين، ولكن لبغداد عميلاً في المستويات العليا من المنظمة المتطرفة أنصار الإسلام، التي تسيطر على هذا الركن من العراق. في عام 2000، قدم هذا العميل ملاذا آمنا للقاعدة في المنطقة. بعد أن ازحنا تنظيم القاعدة من أفغانستان، قبل بعض أعضائها هذا الملاذ الآمن. وظلوا هناك حتى اليوم".

العبارات أعلاه من قبل كولن باول، فيما يتعلق بالمصنع في شمال العراقي حيث يجري إنتاج الريسين، قد فنّدته العديد من التقارير الإعلامية، قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة:

لا يوجد أي مؤشر للأسلحة الكيميائية في أي مكان؛ فقط رائحة البارافين والزيت النباتي المستخدم لطهي الطعام. في المطبخ، وجدت بعض الطماطم المفرومة ولكن ليس أي شيء آخر. وكان الطبّاخ قد ترك بندقيته الكلاشينكوف مسنود بدقة إلى الجدار. جماعة أنصار الإسلام، الجماعة الإسلامية التي تستخدم المعسكر الذي يدّعي باول بأنه مقر لتصنيع الأسلحة الكيمياوية – دعتني أمس وعدد من الصحفيين الأجانب الآخرين إلى أراضيها للمرة الأولى:
"نحن مجرد مجموعة من المسلمين نحاول أداء واجباتنا"، أوضح محمد حسن، المتحدث باسم جماعة أنصار الإسلام: "ليس لدينا أي أدوية لمقاتلينا. نحن لا يوجد لدينا حتى الأسبرين. كيف يمكننا إنتاج أي مواد كيميائية أو أسلحة دمار شامل؟".

ثبت أن المعلومات الاستخباراتية الواردة في بيان الكذّاب المجرم كولن باول في الامم المتحدة كانت مفبركة. في ذروة الغزو العسكري للعراق، بعد بضعة أسابيع، احتلت القوات الخاصة الامريكية، جنبا إلى جنب مع الصحفيين "المرتبطين" بها، منشأة الأسلحة الكيميائية البيولوجية المزعومة في شمال العراق. دحض تقرير هذه القوّات أيضا تصريحات السافل كولن باول لهيئة الأمم المتحدة:

"ما وجدته القوات الخاصة الأمريكية كان معسكراً دمرته صواريخ كروز الأمريكية خلال الأيام الأولى من الحرب. قام فريق الكيمياء الحيوية المتخصص بجمع العيّنات حتى من الأنقاض. كانوا يرتدون أقنعة واقية أثناء دخولهم المبنى وكأنهم يدخلون مختبراً للأسلحة الكيمياوية. عثروا بداخله على قذائف هاون ومستلزمات طبّية، وزنزانات سجون مظلمة، ولكن لا يوجد أي دليل مباشر على العوامل الكيميائية أو البيولوجية. كان هذا اليوم مخيّباً لآمال هذه القوات على خط المواجهة في البحث عن أسلحة الدمار الشامل هنا. جيم سكيتو ، ايه بي سي نيوز، مع القوات الخاصة الأمريكية في شمال العراق".

تهديد سمّ الريسين المزعوم في الولايات المتحدة

________________________

في 8 فبراير 2003، بعد ثلاثة أيام من خطاب الكذّاب كولن باول في الأمم المتحدة، عادت إلى الظهور لعبة التهديد بالريسين، وهذه المرة في الولايات المتحدة. الزرقاوي كان مسؤولا عن "مسحوق أبيض مُريب وُجد في رسالة بُعث بها الى زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ "بيل فريست"؛ المسحوق يتضمن نفس مادة الريسين القاتلة".

في تقرير لوكالة المخابرات المركزية "تسرّب" إلى مجلة نيوزويك، توقّع مجموعة من المحللين المخوّلين في الـCIA  ما يلي:

"إن هناك احتمالاً بنسبة 59 في المئة أن يحدث هجوم على الأراضي الأمريكية بأسلحة الدمار الشامل قبل 31 مارس 2003" ..
وتبدو هذه النسبة (59%) أكثر دقة وإثارة للرعب من نسبة الـ 90% التي وُضعت لاستخدام صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل ضد الولايات المتحدة.

كانت صورة "الارهابي" الزرقاوي بارزة في قصة الغلاف لمجلة نيوزويك.

في مجلة ناشونال ريفيو (18 فبراير 2003)، وقبل شهر واحد من غزو العراق، وُصف الزرقاوي بأنه "كبير مهندسي الأسلحة الكيمياوية الحيوية" في تنظيم القاعدة:

"من المعروف على نطاق واسع أن الزرقاوي، كبير مهندسي الكيمياء الحيوية في تنظيم القاعدة، كان في منزل آمن في أفغانستان حيث تم العثور على آثار لمادة الريسين وسموم أخرى. ما هو غير معروف، ولكن ألمح إليه على نطاق ضيّق في خطاب كولن باول في الامم المتحدة أنه ابتداءً من منتصف التسعينات، كانت السفارة العراقية في اسلام اباد مضيفاً روتينيا لعلماء الكيمياء الحيوية في نظام صدام حسين، الذين تفاعلوا مع عناصر القاعدة، وبينهم الزرقاوي وفنيي مختبراته، تحت غطاء دبلوماسي من سفارة طالبان القريبة، لتعليمهم فن خلط السموم بسهولة".

كذبة القنابل المُشعة القذرة

_______________

في أعقاب خطاب الكذّاب المجرم كولن باول مباشرة، كانت هناك حالة تأهب باللون البرتقالى (اللون البرتقالي يعني تهديد عالي والأحمر تهديد خطير وشديد). لقد قلبوا الواقع رأسا على عقب. الولايات المتحدة لا تهاجم العراق. العراق هو الذي يستعد لمهاجمة الولايات المتحدة بدعم من "الإرهابيين الإسلاميين". أشارت التصريحات الرسمية أيضا إلى مخاطر وقوع هجوم بقنبلة مشعة (نووية) قذرة في الولايات المتحدة. مرة أخرى تم تحديد الزرقاوي كمتهم رقم واحد.

ثبت لاحقاً أن مختلف الإنذارات عن الريسين والقنبلة النووية القذرة كانت ملفقة. كانت  القصص الملفقة الصادرة عن وكالة الاستخبارات المركزية حول ما يسمى بـ "القنابل القذرة المشعة" قد زُرعت في سلسلة الأخبار (ايه بي سي نيوز، 13 فبراير 2003). بعد أيام قليلة من خطابه أمام الأمم المتحدة، حذر الكذّاب المجرم باول ثانية بما يلي:

"سيكون من السهل على الإرهابيين إعداد قنابل قذرة مشعة لتنفجر داخل الولايات المتحدة .. كيف ؟.. لا أستطيع أن أقول .. ولكن أعتقد أنه من الحكمة بالنسبة لنا أن ندع الشعب الأمريكي يعرف هذا الاحتمال. "(ABC ونقلت في ديلي نيوز (نيويورك)، 10 فبراير 2003).

وفي الوقت نفسه، كانت شبكة التلفزيون قد حذّرت من أن "فنادق أمريكية، ومراكز تسوّق أو مباني سكنية يمكن أن تكون أهدافاً لتنظيم القاعدة في أقرب وقت من الأسبوع المقبل ...".

وعقب هذا الإعلان، هُرع عشرات الآلاف من الأميركيين لشراء أشرطة لاصقة وأغطية بلاستيكية وأقنعة للوقاية من الغاز السام.

اتضح فيما بعد أن هذا الإنذار الإرهابي مُلفّق من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، بالتشاور مع وزارة الخارجية (ايه بي سي نيوز، 13 فبراير 2003). وأشار مكتب التحقيقات الفيدرالي، لأول مرة، بأصابع الاتهام إلى وكالة المخابرات المركزية، مع الاعتراف ضمنا أن التنبيه كان وهمياً. مع ذلك، قرّر مدير الأمن الداخلي توم ريدج الإستمرار في حالة التأهب على المستوى البرتقالي.

وبعد بضعة أيام، وفي مبادرة دعائية فاشلة أخرى، قدّم الكذّاب النذل كولن باول شريطاً صوتياً لأسامة بن لادن إلى الكونغرس الأمريكي كـ "دليل" على أن الإرهابيين الإسلاميين يتعاونون مع "الديكتاتور الوحشي". (نقلا عن مسؤول أمريكي في تورونتو ستار، 12 فبراير 2003). الغريب، أن هذا الشريط الصوتي كان في حوزة كولن باول قبل يُبث عن طريق تلفزيون الجزيرة. (المرجع نفسه).

وفي الوقت نفسه، اعتُبر الزرقاوي على أنه العقل المدبر وراء هجمات إرهابية عديدة (أُحبطت) بالريسين في عدة دول أوروبية من بينها بريطانيا وإسبانيا، في الأشهر التي سبقت غزو العراق.

تهديد سمّ الريسين في بريطانيا

__________________

في يناير 2003، كان هناك حالة تأهب ضد هجمة بالريسين، يفترض أنها أيضا تتم بأمر من الزرقاوي. وزُعم أنه تم اكتشاف مادة الريسين في شقة في لندن، كان سيتم استخدامها في هجوم إرهابي في مترو الانفاق في لندن. ادعت تقارير صحفية بريطانية نقلا عن بيانات رسمية أن الإرهابيين قد تعلموا إنتاج الريسين في معسكر أنصار الإسلام في شمال العراق.

بعد ذلك بعامين، كشفت تحقيقات الشرطة أن تهديدات الريسين في بريطانيا مُلفّقة، وأن نظام بريطانيا للعدالة قد تمّ "تفصيله خصيصا لزمن الإرهاب". لم يكن هناك ريسين ولا توجد وصفة من تنظيم القاعدة. فقط صيغة لمسحوق نباتي استخلصها من الإنترنت   مسيحي أمريكي أبيض اسمه "كامل بورغاس"..

في حالة عدم وجود السم الكيميائي، وحرب ضد العراق، وصلة وهمية بين القاعدة وصدام، ومساعدة مزدوجة من ازدراء المحكمة من قبل كامل بورغاس، فإن توني بلير، وديفيد بلانكيت، وكولن باول وعدد من كبار ضباط الشرطة لن يستطيعوا استخدام الاعتقالات لإثبات وجود جيل جديد من الإسلاميين الإرهابيين. لقد استُغلت الملاحقة الجنائية لتناسب الأجندة السياسية. وقد تم تبرير حرب وتعريض الحريات المدنية للخطر بسبب مقدار من الريسين لم يكن موجوداً أبداً.

كان محامو الرجال الثمانية غاضبين من الطريقة التي تم تصوير عملائهم بها من خلال وسائل الإعلام والسياسيين، ووجود اعتراف قليل جدا بالنتيجة العادلة، من وزارة الداخلية وغيرها، تدفع المرء لأن يتساءل حول كون القناعات المراوغة تجعل بعض السياسيين أكثر ارتياحا. وفي الوقت نفسه، يُعد قانون جديد للإرهاب، وهو أكثر شيطانية وقسوة مما كان متوقعا، ويدفع نحو المحاكمات الجنائية لأولئك الذين "يمجدون أو يباركون أعمال الإرهاب".

ثمانية رجال أبرياء اعتبروا مذنبين. ويُقال أن عشرة آخرين اعتقلوا لمدة عامين دون تهمة محدّدة.

ومن الجدير بالذكر أن القصص الإخبارية "المخوّلة" عن تهديد الريسين وعن مصانع الأسلحة الكيماوية في شمال العراق، ما زالت تتردّد في الصحافة الغربية في أعقاب غزو العراق، على الرغم من أن التقارير الرسمية أكدّت أنها غير موجودة مطلقاً. في تقرير يونيو 2004 في صحيفة واشنطن تايمز:

"الزرقاوي يقف دليلا قويا على وجود صلة بين نظام صدام حسين الاستبدادي وتنظيم القاعدة التابع لأسامة بن لادن.

الزرقاوي، 38 عاما، يدير معسكراً إرهابياً في شمال العراق متخصصاً في تطوير السموم والأسلحة الكيماوية".

الصلة الاسبانية: رئيس وزراء إسبانيا الكذّاب؛ مواد كيمياوية أم مسحوق غسيل

____________________________________________

في الأشهر التي سبقت غزو العراق، ظهرت تهديدات ملفقة عن هجمات بالأسلحة الكيميائية في عدة بلدان في نفس الوقت. هل حملة التضليل الإعلامي في العديد من البلدان ينسقها مسؤولو الاستخبارات في هذه البلدان المختلفة؟

في إسبانيا، في الأشهر السابقة على غزو العراق في مارس اذار عام 2003، بدأ شريك بوش التابع في الائتلاف؛ رئيس وزراء إسبانيا خوسيه ماريا أثنار [وهو جاسوس فعلياً – راجع الحلقة الخاصة بفنزويلا – الحلقة 10] قد بدأ حملة التضليل الخاصة به، في تعاون مؤكّد مع وزارة الخارجية الامريكية.

كان التوقيت مثاليا : في نفس اليوم الذي قدّم فيه المجرم الكذّاب كولن باول ملف الزرقاوي إلى الأمم المتحدة (التركيز على منشأة لإنتاج الأسلحة الكيميائية الشريرة في شمال العراق)، كان رئيس الوزراء خوسيه ماريا أثنار مشغولاً في إطلاع البرلمان الإسباني على مادة كيميائية مزعومة لهجوم إرهابي في إسبانيا، واعتبر الزرقاوي العقل المخطط لها.

ووفقا لرئيس الوزراء أثنار، أنشأ الزرقاوي صلات بعدد من الإسلاميين الأوروبيين "المتعاونين" بما فيهم "مروان بن أحمد"، وهو خبير في الكيمياء والمتفجرات زار برشلونة سابقاً".

أكد رئيس الوزراء أثنار في كلمته أمام مجلس النواب في 5 فبراير 2001 أن المشتبه بهم الستة عشر من تنظيم القاعدة، كانوا يملكون متفجرات ومواد كيميائية قاتلة، ويعملون يداً بيد مع "العقل المدبر" الزرقاوي.

تصريحات رئيس الوزراء أثنار بشأن هذه "الأسلحة الكيميائية الفتاكة التي في أيدي الإرهابيين الستة عشر" استندت أيضا إلى معلومات استخباراتية ملفقة. أكد تقرير رسمي من وزارة الدفاع الإسبانية أن "التجارب على المواد الكيميائية التي استولوا عليها من الستة عشر مشتبهاً من رجال تنظيم القاعدة في إسبانيا ... كشفت أنها غير مؤذية، وكان بعضها منظفات منزلية".

تفجير قطار مدريد 11 آذار

_______________

في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، ارتبط اسم الزرقاوي بشكل روتيني، وبدون أدلة داعمة، بالعديد من التهديدات والهجمات الارهابية في أوروبا الغربية والولايات المتحدة.

في حين أن التقارير الصحفية بشأن تفجير قطار مدريد في 11 مارس 2004 لم تشر بشكل عام إلى تورط الزرقاوي، فإنها مع ذلك ألمحت إلى أن الفريق المغربي الذي زعم أنه "أشرف على التفجيرات في مدريد، كان يتصرف [وفقا للـ CIA] حسب وجود صلة بين الزرقاوي وخلية معظمها من أعضاء التنظيم المغاربة".

هذا النوع من التقارير، والذي يتطابق بشكل عام مع وصف العلاقة الشريرة الذي قدّمه رئيس الوزراء أثنار في بيانه في 5 فبراير عام 2003 أمام البرلمان الإسباني ، يقدّم " وجها " للعدو الخارجي.

بعد يومين من تفجيرات 11/3 في مدريد، ذكرت CNN، نقلا عن مصادر في الاستخبارات الاميركية، ان الزرقاوي، الذي وصف بأنه "ذئب وحيد"، قد خطّط لشن هجمات على "أهداف سهلة" في أوروبا الغربية:

شريط أسامة بن لادن المُفبرك في أبريل 2004

__________________________

وفي الوقت نفسه، ظهر شريط صوتي غامض لأسامة بن لادن (أبريل 2004) أقرّ فيه إبن لادن بمسؤوليته عن هجمات 11/9 على برجي مركز التجارة العالمي وتفجير القطارات في مدريد 11 مارس 2004:

( أنا [سامة] أعرض هدنة على الدول الأوروبية، وجوهرها هو التزامنا بوقف العمليات ضد أي بلد لا ينفذ هجوما ضد المسلمين أو يتدخل في شؤونهم كجزء من مؤامرة أمريكية كبيرة ضد العالم الإسلامي . ... وسوف تبدأ الهدنة عندما يغادر آخر جندي بلداننا. ... من يريد المصالحة والطريق الصحيح، فنحن الذين نبادر إليه، لذلك أوقفوا إراقة دمائنا حتى نتمكن من وقف إراقة دمائكم.. ما حدث في 11 سبتمبر و 11 مارس هو بضاعتكم رُدّت إليكم"

وبعبارة أخرى، أسامة بن لادن يعرض "هدنة" لمختلف الدول الأوروبية التي تشارك في احتلال العراق وتقبل بسحب قواتهما. في المقابل، فإن تنظيم القاعدة يعلن وقفاً للهجمات الإرهابية في أوروبا.

ودون المزيد من التحقق، وصفت وسائل الإعلام الغربية شريط أبريل 2004 الصوتي لاسامة بأنه محاولة من "العدو رقم واحد" لخلق فتنة بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين.

كان الشريط في جميع الاحتمالات خدعة من المخابرات الأمريكية. تتمثل الحيلة الدعائية ليس فقط في الدفاع عن الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في إطار "الحرب على الإرهاب" الأوسع نطاقا، كما يوفر ذريعة للحكومات الأوروبية، التي تتعرض لضغوط من قبل حركات المواطنين، لتغض الطرف عن جرائم الولايات المتحدة وبريطانيا التي تقترفها في العراق. وعلى حد تعبير الرئيس الفرنسي جاك شيراك، "لا شيء يمكن أن يبرّر الإرهاب، وعلى هذا الأساس، لا شيء يمكن أن يسمح بأي نقاش مع الإرهابيين".

الإفتراض الكامن وراء الشريط الصوتي لأسامة هو أن "المتطرفين" في العراق هم نفس الاشخاص المسؤولين عن الهجمات الإرهابية في 11/9 و11/3. ويترتب على ذلك، وفقا لتقرير صحفي من الولايات المتحدة، أن "المتعصبين المناهضين للحرب"، يقدّمون – من خلال معارضتهم للاحتلال الذي قامت به الولايات المتحدة- الدعم المعنوي لتنظيم أسامة بن لادن:

الأوهام المختلة لابن لادن متشابهة بشكل مخيف لتلك التي يحملها العديد من المتعصبين المناهضين للحرب سواء هنا أو في الخارج.. كما انه يحاول على ما يبدو تبرير هجمات 11/9 كانتقام من دعم الولايات المتحدة لليهود في فلسطين، والغزو الأميركي في حرب الخليج والصومال. "أفعالنا هي ردود فعل على أفعالك" هكذا يقول أسامة بن لادن.

هذه رطانة، لكنها الوضع الطبيعي للعقل المصاب بجنون العظمة. حتى هتلر، بعد كل شيء، أصرّ على أن هجومه على بولندا كان للدفاع عن النفس. الشر في كثير من الأحيان يأتي وهو يرتدي معطفا طويلا من الفضيلة المزيفة.

لكنه أيضا من السهل أن نرى كيف أن هذه الحجج يمكن أن تكسب التأييد بين العرب الفقراء الذين يتم قمعهم من قبل حكوماتهم ويبحثون عن إجابات.

الزرقاوي وفضيحة سجن أبو غريب

____________________

فضيحة التعذيب في أبو غريب، بما في ذلك الإفراج عن صور لتعذيب أسرى الحرب، وصلت ذروتها مع إذاعة قناة سي بي أس برنامج "60 دقيقة" يوم 27- 28 أبريل 2004.

في غضون أيام من فضيحة وشيكة تشمل المستويات العليا من وزارة الدفاع الأمريكية، وتورط مباشر لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد، أعلن أن الزرقاوي يخطّط لشن هجمات إرهابية متزامنة على نطاق واسع في العديد من البلدان، بما في ذلك عملية إرهابية كبرى في الأردن.

مع الظهور الثابت للزرقاوي على شبكة التلفزيون، حقّقت هذه التقارير صرف انتباه الرأي العام عن فضيحة التعذيب في أبو غريب.

ثم صدر شريط فيديو غامض، يصف بالتفصيل الدقيق كيف أن "العقل المدبر" الزرقاوي كان يخطط لشن هجوم كبير داخل الأردن. يتألف الهجوم المزعوم من استخدام "مزيج من 71 مادة كيميائية قاتلة، بما في ذلك عامل فقاعات ليسبب حروقا من الدرجة الثالثة، وغاز أعصاب وعامل اختناق، من شأنها أن تشكل سحابة سامة قاتلة مساحتها ميل مربع فوق العاصمة عمان".

ووفقا لتقارير صحفية، "ان المؤامرة الإرهابية المزعومة كانت على بعد أيام فقط من التنفيذ". كانت الأهداف هي مقر المخابرات الأردنية ومكتب رئيس الوزراء والسفارة الأمريكية. ووفقا لشبكة CNN، التي بثت مقتطفات من شريط الفيديو الغامض، فإن الحكومة الأردنية تخشى أن عدد القتلى يمكن أن يكون بالآلاف (البعض قدرها بـ 80 ألف قتيل)، وتكون أكثر فتكا حتى من هجمات 11/9 ".

 لأول مرة، أجريت مقابلات مع المتآمرين المزعومين على شريط فيديو، بث على شاشة التلفزيون الأردني. حصلت CNN على نسخ من الأشرطة من الأردنيين. هذا الرجل كشف عن أن أوامره جاءته من رجل يدعى "عزمي الجيوسي"، زعيم الخلية. وعزمي هذا يعترف في الشريط بأن الأوامر جاءته من ابو مصعب الزرقاوي !! وأنه التقى بالزرقاوي في العراق !! وأن الزرقاوي أعطاه 170,000 دولار كي ينفّذ العملية ويشتري 20 طنّاً !!! من المواد الكيمياوية (عرض التلفزيون الشاحنات التي تحمل هذه الأطنان !!).

هجوم الزرقاوي المُنتظر على أمريكا

_____________________

بعد يومين ، في 29 أبريل 2004، وفي أعقاب التقارير عن التهديد الإرهابي في الأردن، وعلى الفور، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الزرقاوي كان يخطّط لهجوم مماثل بالأسلحة الكيميائية على أمريكا.

"الذئب الوحيد، ... يتصرف بمفرده باسم تنظيم القاعدة.. يعبر الحدود الدولية دون أن يلاحظه أحد. في يوم هو في الاردن، وفي اليوم التالي في الولايات المتحدة، وبعد ذلك ببضعة أيام يعود إلى العراق.

ووفقا لتقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الارهاب، والذي نقلت  CNN مقاطع منه :

"فإن عدد الهجمات الإرهابية حول العالم قد انخفض في العام الماضي، لكن تقرير الحكومة السنوي حول الإرهاب يتضمن تحذيرا تقشعر له الأبدان حول السنة المقبلة. ... وتقول وزارة الخارجية إن الارهابيين يخططون لهجوم على الاراضي الاميركية. وعلى رأس قائمة قلقها، هو الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي".

تم نشر تقرير وزارة الخارجية المخيف عن الإرهاب في نفس اليوم الذي عرضت فيه قناة سي بي أس برنامجها "60 دقيقة" عن فضيحة سجن أبو غريب.

إعدام نيكولاس بيرغ

____________

بالكاد بعد أقل من أسبوعين، أعلن أن الزرقاوي هو العقل المدبر لإعدام نيكولاس بيرغ في 11 أيار 2004 في العراق، واستندت التغطية الإعلامية لموت بيرغ الرهيب على أساس تقرير غامض (وشريط فيديو) على موقع إسلامي، والذي وفقا لشبكة CNN قدّم أدلة على أن الزرقاوي قد يكون متورطا:

لقد تزامن التقرير حول اعدام نيكولاس بيرغ، مع دعوات من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي لاستقالة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد بسبب فضيحة سجن أبو غريب. كما جاء بعد أيام قليلة من "اعتذار" المجرم القذر الرئيس بوش الثاني عن ما سمّاه "تجاوزات" أبو غريب. هذا التقرير خدم مرة أخرى صرف انتباه الرأي العام عن جرائم الحرب التي أمر بها أعضاء بارزون في إدارة المجرم الرئيس بوش.

مصداقية شريط الفيديو

____________

لقطات الفيديو التي نشرت على المواقع كانت تحت اسم : "أبو مصعب الزرقاوي يقتل مواطناً اميركياً."

في الوقت الذي أصدر فيه خبراء وكالة المخابرات المركزية بيانا قالوا فيه ان أبو مصعب الزرقاوي "كان الرجل المقنّع الذي قطع رأس المواطن الأمريكي نيكولاس بيرغ أمام الكاميرا"، فإن تقارير عديدة شكّكت في صحة شريط الفيديو.

الزرقاوي رجل أردني. لكن الرجل الذي ظهر في شريط الفيديو على أنه الزرقاوي لم يكن يتكلم اللهجة الأردنية أو اللكنة الأردنية (طبعا في البداية رفض الإختصاصيون اللغيون في CNN أن يكون صوت القاتل هو صوت الزرقاوي ولكن خبراء الـ CIA اللغويون حسموا الأمر). والزرقاوي كما أشيع لديه ساق اصطناعية، ولكن أيّاً من هؤلاء القتلة لم يكن يملك ساقاً اصطناعية. والرجل كما عُرض في الفيلم كان يلبس حلقة ذهبية صفراء، والتي يُمنع الرجال المسلمون من لبسها، وخاصة من يُسمّون بالأصوليين".

عندما طُُرحت قضية الساق الاصطناعية فيما يتعلق بالفيديو، قام المسؤولون الأمريكيون على الفور بقلب قصتهم، مشيرين إلى أنهم لم يكونوا متأكدين تماما ما إذا كان الزرقاوي قد خسر في الواقع ساقه : "مسؤولو الاستخبارات الأميركية، الذين كانوا يعتقدون أن الزرقاوي كان قد خسر ساقاً في أفغانستان، راجعوا هذا التقييم مؤخراً، وخلصوا إلى أنه لا يزال يحتفظ بساقيه".

لقد أُعدم نيكولاس بيرغ. لكن لم تتضح هوية القتلة بصورة مؤكدة. وعلاوة على ذلك، كان هناك عدد من الجوانب الأخرى المتعلقة الفيديو، التي تشير إلى أنه كان مفبركاً.

فقد ذكر تقرير آخر أن الزرقاوي كان ميّتاً.

وفي الشريط لم يكن الصوت متزامناً مع الصورة، مما يعني أن لقطات الفيديو قد تم التلاعب بها.

الزرقاوي أداة لتشويه حركة المقاومة العراقية

__________________________

في أعقاب غزو العراق، تركّزت حملة التضليل في تقديم حركة المقاومة العراقية كحركة من "الإرهابيين".

وتُقدّم صورة "الإرهابيين" هؤلاء الذين يقاتلون قوات حفظ السلام الامريكية على شاشات التلفزيون في جميع أنحاء العالم.

وبتصويره على أنه عدو شرير، كان الزرقاوي يُستخدم بغزارة في المؤتمرات الصحفية للمجرم بوش وخطبه، في حيلة علاقات عامة واضحة:

"أنتم تعلمون، بأنني أكره أن أتنبأ بالعنف، ولكن أنا فقط أفهم طبيعة هؤلاء القتلة. هذا الرجل، الزرقاوي، زميل تنظيم القاعدة، كان في بغداد، بالمناسبة، قبل إزالة صدام حسين، وما زال طليقا في العراق. وكما قد نتذكر، كان جزءا من خطته هو زرع العنف والشقاق بين المجموعات المختلفة في العراق من خلال القتل بدم بارد. ونحن بحاجة إلى المساعدة في العثور على الزرقاوي لنجعل شعب العراق يتمتع بمستقبل أكثر إشراقاً".

صورة الزرقاوي كعقل إرهابي مُرعب استُخدمت لـ "شخصنة" المقاومة العراقية وتجسيدها.

بطريقة روتينية تقريبا ومتكررة جدا، رُبط اسمه بالعديد من "الهجمات الارهابية" في العراق ضد الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة.

الرزقاوي غطّى على مذبحة 100,000 مدني عراقي على أيدي الأمريكان

_________________________________________

في حين كانت وسائل الإعلام الغربية تسلط الضوء على هذه الحوادث المختلفة بما في ذلك عمليات خطف المرتزقة المأجورين المتعاقدين مع الشركات الأمنية الغربية، كان هناك صمت مميت عن مذبحة أكثر من مائة ألف مدني عراقي على يد قوات التحالف منذ بداية الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة في أبريل 2003.

العملية الأمريكية لتدمير الفلوجة 2004-2005 ، والتي أدت إلى مقتل عدة آلاف من المدنيين، وصفت عرضا من قبل إدارة بوش بأنها "حملة" ضد المتطرفين الذين يعملون تحت قيادة الزرقاوي. وفقا للبيانات الرسمية، فإن العقل المدبر لتنظيم القاعدة في الفلوجة كان أبو مصعب الزرقاوي، هذه المدينة التي أصبحت تُسمى بـ "معقل المقاتلين الأجانب". على حد تعبير مجلة نيوزويك.

وبعبارة أخرى، فإن إدارة بوش تحتاج الزرقاوي و "الحرب على الإرهاب" كمبرر لقتل المدنيين في العراق، الذي لا تزال تصفه بأنه "أضرار جانبية".

باستمرار، كان هناك سيلا من التقارير الإعلامية يتحدث عن صلة تنظيم القاعدة بحركة المقاومة العراقية، ويصف المسلحين بأنهم متطرفون وأصوليين إسلاميين ، ومتشددين سُنة ومتطرفين أجانب.

لقد أُهمل الطابع العلماني لحركة المقاومة العراقية المقاوم للاحتلال بصورة كاملة. في المنطق الملتوي تماما، يقال إن تنظيم القاعدة يشكل القوة الكبرى وراء المتمردين العراقيين.

حملة التضليل الدعائية صارت تتضمن في النهاية إقناع الرأي العام الأمريكي بأن "الدفاع عن الوطن" واحتلال العراق هما جزء من العملية ذاتها، والتي تنطوي على نفس العدو. على حد قول مدير وكالة المخابرات المركزية السابق جيمس وولسي في مقابلة CNN:

"المخابرات العراقية، تدرّب القاعدة على الغازات السامة والمتفجرات التقليدية. وتجري اتصالات على مستوى رفيع تعود لعقد من الزمان. والاسلاميون من الجانب السني، من تنظيم القاعدة، يعملون مع أناس مثل حزب الله. انهم سعداء تماما للعمل معاً ضدنا. انهم مثل ثلاث عائلات من المافيا، ولكنها لا تهاجم بعضها البعض، ولكن تتعاون ضدنا.. وقد كان البعض لديه فكرة ثابتة لزمن طويلة، وهي أن القاعدة لن تعمل مع البعثيين والإسلاميين الشيعة لن يعملوا مع السنة. انها مجرد مُكسّرات. إنهم يعملون معا على الأمور الهامة. انها ليست بالضرورة سيطرة الواحد على الآخر، ولكنه تعاون، ودعم هنا وهناك ضدنا، وبالتأكيد، قاموا بهذا الأمر لسنوات وسنوات".

المؤامرة الدعائية الجديدة

_____________

مع تفتّح حركة المقاومة في العراق وتحدّيها الاحتلال العسكري الأمريكي، صار الزرقاوي يصوّر بصورة متزايدة من قبل وسائل الإعلام باعتباره العقبة الرئيسية أمام إجراء "انتخابات حرة ونزيهة" في العراق.

بأقل من أسبوع قبل الانتخابات العراقية التي رعتها ونظمتها إدارة بوش، بدعم من "المجتمع الدولي" في كانون الثاني 2005 ، ظهر شريط صوتي غامض آخر للزرقاوي على الإنترنت.

في حين ذكرت تقارير إخبارية في البداية أن "صحة الشريط يتعذر تحديدها"، أكدوا في وقت لاحق، نقلا عن "معلومات استخباراتية موثوقة" أن "الصوت في الشريط على ما يبدو هو للزرقاوي". وحسب كلماته، فإن الزرقاوي قد أعلن الآن "حربا شرسة على مبدأ الشر هذا : الديمقراطية، وعلى أولئك الذين يتبعون هذه العقيدة الخاطئة".

في هذا الشريط الصوتي الذي سبق الانتخابات خدم الزرقاوي حملة التضليل، من خلال التأكيد على الروابط الشريرة والخبيثة بين الزرقاوي والموالين لنظام صدام السابق.

وفي هذا الشريط الصوتي قام الزرقاوي بتقديم الأغلبية الشيعية بأنها "الشر"، ذلك يخدم خلق الانقسامات داخل المجتمع العراقي.

ووصَفَ زعيم تنظيم القاعدة في العراق، أبو مصعب الزرقاوي، الذي يقوم "أشباله" بمهاجمة مراكز الاقتراع وقتل المرشحين، الشيعة بـ "شرار الخلق، والثعابين المتربصة، والعقارب الماكرة، والعدو المتجسس و السم النافذ". وقال انه فهم أن الولايات المتحدة دبرت الانتخابات لغرض حصول الشيعة على السلطة".

مرة أخرى، يتم قلب الحقيقة رأسا على عقب. فقد تم نفي وجود حركة للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الذي قادته الولايات المتحدة. و"المتمردون" هم "إرهابيون" يعارضون الديمقراطية. والزرقاوي يحاول تخريب ما وصفته كل وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية في جوقة بأنها "أول انتخابات ديمقراطية عراقية في نصف قرن". وفي الوقت نفسه، يحظى الاحتلال العسكري للعراق من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بتأييد من قبل "المجتمع الدولي" وحلفاء واشنطن الأوروبيين.

صراع الحضارات Clash of Civilizations

__________________________

مع وجود العراق في ظل الاحتلال الامريكي المستمر، بدأت المؤامرة الدعائية تركز الآن على "صدام الحضارات": الفجوة الكبيرة بين مجتمعات الشرق الأوسط الإسلامي والغرب المسيحي - اليهودي. في حين يُعترف بالأخير بأنه "نظام أخلاقي" مرتبط ارتباطا وثيقا بالأشكال الحديثة للديمقراطية الغربية، يوصف السابق بأنه شكل راسخ من أشكال الحكومة الثيوقراطية والاستبدادية التي تهيمن عليها ، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، المبادئ الأصولية الإسلامية.

وعلى أساس أطروحة "صراع الحضارات" هذه أقامت أمريكا رسالتها التبشيرية المنافقة في "لنشر الحرية في العالم" على حد تعبير الرئيس المجرم المدمن "جورج بوش الثاني" الذي قال: "لا توجد أرض محايدة في الصراع بين الحضارة والإرهاب".

صارت أطروحة "صدام الحضارات"، كما وصفها صامويل هنتنغتون، جزءا لا يتجزأ من الحملة الدعائية التضليلية الجديدة.

لم يتم وصم الإسلام فقط وعلى نطاق واسع بأنه "غير ديمقراطي"، وغير متوافق مع النظام (الغربي) في الحكومة التمثيلية، بل بُشّر بالإرهابيين، بما في ذلك بن لادن والزرقاوي كممثلين ومتحدثين وحيدين باسم الـ "التمرد" العراقي الذي يُصوّر في التقارير الصحفية وعلى شبكات التلفزيون، مكوناً من "الإرهابيين" و "العصابات الإجرامية":

الأسئلة التي أثارتها ظاهرة الزرقاوي تذهب الى ابعد من دائرة الانتخابات في العراق إلى مسألة التحديث في العالم العربي برمّتها: هل ديمقراطية غير إسلامية؟ هل هناك صراع أساسي بين مبادئ الحكومة التمثيلية ومبادئ الإسلام؟

وفي الوقت نفسه، تمت التغطية على عدم شرعية الاحتلال الأمريكي بموجب القانون الدولي وميثاق نورمبرغ، ولم تتم إدانة هذا الإحتلال وجرائمه البشعة بحق الشعب العراقي، وصارت المسألة التي تشغل الرأي العام هي الزرقاوي وقطعه الرؤوس وتفجيراته الإرهابية والصراع السنّي الشيعي الذي اثاره ليمزّق وحدة المجتمع العراقي.

 خلف ستار "حفظ السلام"، تعاونت منظمة الأمم المتحدة – التي صارت حذاء أمريكياً تلبسه الولايات المتحدة متى تشاء آنذاك وجزءا من الحملة التضليلية - بنشاط مع قوات الاحتلال الأمريكية البريطانية. موت الآلاف من المدنيين، وغرف التعذيب ومعسكرات الاعتقال، وتدمير البنى التحتية لبلد بأكمله وسلب ثرواته، ناهيك عن كذبة "أسلحة الدمار الشامل" - طغت عليها صورة ملفقة عن الالتزام الأميركي بالديمقراطية وإعادة الإعمار بعد الحرب.

 

 

 

تاريخ النشر

21.04.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

21.04.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org