<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني المساعي نحو مخطط اللبننة أو التقسيم لسوريا لم تتوقف

 

 

 

المساعي نحو مخطط اللبننة أو التقسيم لسوريا لم تتوقف

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

آل سعود ما زلوا يمعنون في غيهم وعنترياتهم وما زال التخبط في السياسية الخارجية والعيش على كوكب آخر هو السمة المميزة للخطوات التي يتخذونها مما يقربهم الى نهايتهم المحتومة وهي الخروج تدريجيا من الدوائر المؤثرة وذات الثقل والوازنة في الإقليم. وقد يتساءل البعض وكيف يكون هذا وهي التي ما زالت تتحرك في الإقليم وعلى المستوى الدولي وتقيم وتنشأ الحلف الاستراتيجي الواحد تلو الاخر. نعم هذا ما هو الظاهر للعيان ولكن نظرة مدققة في هذا الخضم المشوش والمرتبك تدلل على ان كل هذا في المحصلة لا يعني الكثير. جميعنا يعلم ان الدجاجة تطوف بسرعة بعد ذبحها معطية الانطباع بانها لا زالت بخير ولكنها سرعان ما تسقط وتستسلم لقدرها المحتوم.

آل سعود فشلوا في مخططاتهم في سوريا وذلك على الرغم من دفع عشرات مليارات البترودولار في تجنيد وتعبئة عشرات الالاف من المرتزقة المحليين والدوليين وتسليحهم وتوفير كل مقومات معيشتهم اليومية هم وعائلاتهم الى جانب دفع مليارات البترودولار كرشاوي لدول غربية بالتوقيع على صفقات أسلحة وعقود تجارية لتقوم بشكل مباشر أو غير مباشر لتدمير الدولة السورية والتخلي عن الرئيس المنتخب الدكتور بشار الأسد على طريق تفتيت الدولة السورية او على أفضل حال خلق نظام يقوم على المحاصصة الطائفية والعرقية كما هو الحال في لبنان والعراق.

 

ما يميز الميدان السوري في المرحلة الحالية وخاصة بعد المؤازرة الروسية سواء بالقوة النارية التي توجه من الجو من قبل الطائرات الروسية الحديثة والعالية الدقة والفعالية، او من حيث تقديم الأسلحة الحديثة والمتطورة للجيش السوري، نقول ما يميز الميدان بعد كل هذا هو التقدم والإنجازات السريعة التي يحققها الجيش السوري وحلفائه على الارض وعلى جميع الجبهات في آن واحد دون استثناء. فقد أصبح الجيش السوري يمتلك الإمكانيات المادية والبشرية التي تؤهله لفتح عدة جبهات مع الإرهابيين وعلى محاور عدة. وهذا ما أربك المجموعات الإرهابية وتقهقرها وعدم قدرتها على تجميع قواها لأخذ زمام المبادرة وانتقلت من الهجوم الى الدفاع وهو ما أفقدها العديد من المناطق وبسرعة أذهلت الكثير من المراقبين والمحللين العسكريين. والجميع يعلم بان آل سعود وقطر وتركيا على وجه التحديد وبتشجيع امريكي على وجه الخصوص كانوا يعولون على هذه المجموعات الإرهابية لتحقيق انتصارات على الأرض حتى يستطيعوا ان يحملوا هذه الأوراق الى طاولة المفاوضات في المؤتمر أو المؤتمرات المتوقعة.

 

بعد الفشل الذريع لهذه المخططات كان لا بد من إعادة ترتيب أوضاع المعارضة وإعادة فك وتركيب المجموعات الإرهابية بحيث يبتعد بعضها ولو بصورة شكلية عن داعش والنصرة أو الانسحاب من تحت عباءتهم فلم يعد بالإمكان ان تقبل النصرة او داعش او من يتعامل معهم في الجلوس على طاولة المفاوضات بعد ان تم تصنيفهم دوليا كمنظمات إرهابية هم ومن يتعامل معهم او يقيم تحالفات معهم، ولذلك رأينا ان جيش الإسلام واحرار الشام انسحبت من جيش الفتح التي تسيطر عليه النصرة القاعدية في الفترة الأخيرة وبناء على الأوامر السعودية على وجه الخصوص.

 

واعطي المبعوث الاممي لسوريا ستيفان دي ميستورا الصلاحية بتحديد تشكيلة وفد المعارضة السورية بعد الاتصال بجميع الأطراف الإقليمية والدولية التي لها تأثير على الوضع في سوريا الى جانب الأطراف المختلفة من المعارضات السورية. ولكن السعودية ومنذ البداية قامت بمصادرة هذه الصلاحية والتعدي عليها حيث قامت بدعوة المعارضة التي تؤيدها من الائتلاف المعارض ودعوة قيادات عسكرية من جيش الإسلام واحرار الشام الى اجتماع في الرياض وذلك كخطوة استباقية لإجهاض جهود المبعوث الاممي دي ميستورا وقبل القيام بتحديد المجموعات الإرهابية والتي أعطيت مسؤوليتها الى الأردن على ان يتم تقديم اللائحة للدول الراعية للمفاوضات وعلى وجه التحديد الى الإدارة الامريكية وروسيا لمناقشتها.

واليوم نرى ان السعودية تريد ان تستفرد بالقرار في تحديد المعارضة التي يحق لها حضور المؤتمر في جنيف الذي كان مقررا في 25 من الشهر الجاري وتم تأجيله عدة أيام بسبب التعنت السعودي المدعوم الى حد ما من الإدارة الامريكية على الرغم من تعليقها بان وفد الرياض غير متوازن.

 

آل سعود سيعملون على تقويض أي حل سلمي لا يضع سوريا ضمن دائرة نفوذهم وتحكمهم وخاصة بعد كل هذه الجهود التي بذلوها ومليارات الدولارات التي صرفت من اجل اسقاط الدولة السورية وخاصة الرئيس الدكتور بشار الأسد وكأن هنالك ثأر قبلي. ولكن من الضروري ان ندرك ان الغوص في التفاصيل الجانبية أحيانا قد ينسينا الصورة الأكبر التي تسعى اليها الولايات المتحدة فالهدف الأساسي كان وما يزال اسقاط الدولة السورية والمجيء بحكومة ورئيس دمية والعوبة للبلاد وتفتيت سورية الى مناطق ربما ضمن وضع فيدرالي بين الأقاليم مع وجود حكومة مركزية ضعيفة قائمة على المحاصصة الطائفية والعرقية. وبمعنى آخر القضاء على الدور السوري والمكانة السورية في محور المقاومة وذلك لتمرير المخططات والاستراتيجية الامريكية دون وجود دولة سورية وقيادة تقف حائلا وسدا منيعا امام هذه المخططات.

الولايات المتحدة المايسترو والمحرك للأدوات سواء السعودية او قطر او تركيا لم ولن تتخلى عن مخططاتها ونواياها انما تحاول الان تحصيل ما فشلت به الأدوات التي تعهدت منذ بداية الازمة تمرير هكذا مخطط على أمل ان تحصل على بعض المكاسب الجانبية لها. فتركيا من جانب ما زالت تسعى لضم بعض المناطق من الشمال السوري واجراء بعض التغيرات الديمغرافية فيها ومنع قيام كيان كردي في الشمال السوري وهذا ما يفسر عدم دعوة أكراد سوريا الى ان يكون ضمن وفد المعارضة في الرياض على الرغم من المرونة التي صرح بها رئيس الحزب الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم من ان حزبه يقبل باي طرف حتى بجيش الإسلام واحرار الشام إذا ما صرحوا بأنهم مع الحل السلمي ونحن نندرك تماما ارتباطهم بجبهة النصرة القاعدية وانهم يكفرون الاكراد كما يكفرون بقية المكونات في المجتمع السوري. وهذا ما يفسر أيضا القصف التركي الجوي لأكراد سوريا والتهديد الأخير لاردوغان بان تركيا لن تسمح لقوات حماية الشعب الكردية السورية من التخطي الى غرب نهر الفرات.

 

 أما السعودية فهي وبكل وقاحة تملي على معارضة الرياض وحقا انها معارضة الرياض لأنها مسلوبة الإرادة والموقف السياسي ولا تنطق الا بما تريده الرياض طبق الأصل لما عليه الحال مع "الشرعية" اليمنية "للرئيس " هادي. وتصريح السيد رياض حجاب منسق الهيئة التفاوضية لقوى المعارضة السورية المنبثقة عن اجتماع الرياض صرح بان وفد الرياض لن يذهب الى المفاوضات في جنيف إذا ما دعي طرف ثالث الى المفاوضات وهو ما تتمسك به السعودية التي تريد ان تلغي المعارضات الأخرى من الخارطة السياسية، لأنها ببساطة ترفض العمل تحت العباءة السعودية.

 

السعودية تسعى الى إقامة نظام طائفي على أفضل الأحوال كتلك القائم في لبنان الذي يعجز عن انتخاب رئيسا للدولة الا عندما تأخذ بعض الأطراف الفاعلة الدمغة الملكية السعودية. آل سعود يعتقدون ان العيش في الأوهام والتمنيات المنفصلة عن الواقع والميدان والبقاء على كوكب غير الكوكب الذي تدور عليه الاحداث التي لا تسير بما تشتهيه سفنهم، يعتقدون انه بالإمكان تحقيق مكتسبات. دعهم يحلمون كما يريدون فالواقع والميدان هو سيد الموقف وهو الذي سيحسم الأمور. وما يجري على الأرض اليوم هو بالتأكيد ليس لصالح المخططات الامريكية أو التمنيات والاوهام التي يحيا بها آل سعود ولا تطلعات تركيا أردوغان. 

 

من الطبيعي ونحن بصدد التوجه الى جنيف ان يشتد الصراع في الميدان لان كل طرف إذا ما أتيح للمؤتمر بالانعقاد على الرغم من معرفة انه لن يتأتى بانعقاده على أي نتائج مرجوة، فان الأطراف تريد ان تحقق اكبر قدر ممكن من النقاط الميدانية. وما التصريح الأخير لوزير الحرب الأمريكي كارتر من ان الولايات المتحدة تعتزم ارسال قوات أمريكية برية لتحرير الرقة والموصل من ايدي داعش وكذلك تصريحات فرنسية مماثلة الا خطوات قد تقدم عليها الولايات المتحدة لتحسين صورتها في التحالف الدولي لمكافحة الارهاب وكذلك صورة بعض المجموعات الإرهابية التي من الممكن التي تريد ان تتضمنها في الوفد المفاوض على انها مجموعات "معتدلة". هذا بالإضافة الى ان ذلك يدخل ضمن مخطط تقسيم الوطن السوري. وهذا بالمجمل يدلل ان الظروف لم تنضج بعد للحلول السياسية في سوريا. فما زال الطرف المعادي يأمل بإحداث ثغرة في الميدان قبل الذهاب الى عملية التسوية. والثغرة المراد ايجادها والاستقواء بها ليس بالضرورة ان تكون في الساحة السورية، فمن الممكن ان تكون في الساحة اليمنية أو العراقية فهذه الملفات مترابطة مع بعضها البعض لكون المخطط والاهداف واحدة متشابهة ومترابطة وجبهة الأعداء واحدة وبما فيها الأدوات. ومن يعتقد بغير ذلك فانه يرتكب خطأ استراتيجيا كبيرا.

 

ولا بد لنا في النهاية ان نعود ونؤكد من ان الصراع في سوريا والنتائج التي ستتمخض على هذا الصراع والحلول التي ستنتهي اليها هذه الهجمة الكونية على سوريا لن يكون تأثيرها وارتداداتها محصورا في سوريا بل سيتعداها الى الصراعات القائمة في الإقليم وكذلك على الساحة الدولية. الجميع يدرك ذلك بشكل جيد. ومن هنا تنبع أهمية الصراع الدائر في سوريا وما ستؤول عليه الأحوال. ولا نبالغ إذا ما قلنا ان سوريا هي التي ستحدد مسار ومستقبل المنطقة ومسار ومستقبل الصراعات على الساحة الدولية.

 

bahij.sakakini@gmail.com

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 


 

 

 

 

 

 

 

 

تاريخ النشر

24.01.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

24.01.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org