<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني آل سعود أداة من أدوات الفتنة المذهبية والطائفية في المنطقة

 

 

 

آل سعود أداة من أدوات الفتنة المذهبية والطائفية في المنطقة

 

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

من الواضح ان آل سعود لن يهدأ لهم بال وهم يرون ان مخططاتهم الجهنمية للمنطقة التي رسموها مع اسيادهم في البيت الأبيض والتي تتماشى مع المخططات الامريكية في المنطقة واستراتيجيتها الكونية تتساقط الواحدة تلو الأخرى مثل احجار الدومينو. فهم (آل سعود) لا يعدون عن كونهم أداة من أدوات الامبريالية الامريكية وان تراءى للبعض ان السعودية تتصرف بشكل منفرد ومستقل عن الإدارة الامريكية وهو ما تريد الإدارة الامريكية ان تسوقه في المنطقة، حتى تبعد عنها اية محاسبة سياسية أو قانونية أو أخلاقية لما يرتكبه آل سعود من مجازر دموية جهارة وبتدخل عسكري مباشر وخاصة في اليمن.

آل سعود أقدموا على اعدام الشيخ الجليل نمر باقر النمر المعارض السعودي لانتقاده "ولي الامر" والسياسات السعودية الداخلية التي تميز بين أبناء الوطن الواحد وما يتعرض له السعوديون الشيعة في المنطقة الشرقية من تمييز في الخدمات والوظائف الحكومية وغيرها. أعدم وهو الذي كان دائما يرفض الا ان تكون المعارضة حركة سلمية، وهو الذي لم يعتدي على أحد او يقتل أحد. وكان إعدامه هو اعداما سياسيا بكل المقاييس وكان المراد به ولا يزال هو احداث وتأجيج فتنة طائفية مذهبية ليس على مستوى الإقليم فقط بل وعلى مستوى العالم الإسلامي برمته. ويجب الا ننسى ان احداث الفتنة الطائفية كان ولا يزال هدفا رئيسيا من اهداف الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني في المنطقة، لان هذا سيكون المفتاح السحري الذي سيساعد ويساهم في تقسيم وتفتيت دول المنطقة الى دويلات طائفية مذهبية صغيرة متناحرة فيما بينها، الى جانب ان هذا سيتيح للكيان الصهيوني مبررا منطقيا الى تحويل الكيان الى "دولة يهودية".

وما نود ان نورده هنا الى ان "مؤتمر هرتسليا" لعام 2003 الذي يعقد سنويا في مدينة هرتسليا الواقعة الى شمال تل ابيب في فلسطين المحتلة والذي يحضره اقطاب من السياسيين والامنين الإسرائيليين الى جانب المتخصصين بالشرق الأوسط من جميع انحاء العالم، والذي يعتبر أحد اهم المنابر للدراسات الاستراتيجية التي تحدد المسارات السياسية المستقبلية للكيان الصهيوني أورد في تقريره النهائي التوصية بضرورة تكريس ما اسموه بالصراع السني-الشيعي وذلك من خلال السعي الى تشكيل محور سني من دول المنطقة أساسه دول الخليج ومصر وتركيا والأردن، ليكون حليفا لدولة الاحتلال والولايات المتحدة، ضد من أطلقوا عليه محور الشر، الذي تقوده ايران، ويضم سورية وحزب الله..." وهو المصنف بمحور الشيعة.

أما الولايات المتحدة فلم تخفي عن نيتها بتقسيم العراق مثلا الى ثلاث دويلات سنية وشيعية وكردية كحل أمثل للدولة العراقية وهو ما صرح به بايدن نائب الرئيس الأمريكي أوباما سابقا. وفي تصريح حديث للجنرال رايموند اوبيرنو رئيس هيئة اركان الجيش الأمريكي الذي احيل على التقاعد ذكر فيه ان تقسيم العراق هو الحل الوحيد. وما التأخير والمماطلة الامريكية في مساعدة الجيش العراقي في تحرير الموصل والانبار ذات الأغلبية السنية من ايدي داعش ورفض مشاركة الحشد الشعبي في المشاركة في عملية التحرير وابتزاز الحكومة العراقية والقيام بتسليح العشائر السنية في الانبار متجاوزة الحكومة المركزية، وكذلك دخول وحدات من الجيش التركي الى الأراضي العراقية تحت حجة تدريب وحدات عراقية (سنية خالصة) في معسكر بعشيقة وامدادهم بالسلاح وحتى دفع رواتبهم من تركيا وعدم قيام الدول الخليجية وخاصة السعودية بإدانة التعدي التركي على السيادة العراقية، كلها تصب وتوضح السعي الى خلق وتأجيج الفتنة الطائفية والمذهبية في المنطقة. وضمن هذه الرؤيا قام آل سعود بإنشاء "التحالف العربي" للعدوان على اليمن وكذلك "التحالف العسكري الإسلامي" من دول سنية ومؤخرا الى التحالف مع تركيا للوقوف امام إيران والدولة السورية والعراقية. وهذا بمجمله يدلل على المساهمة الفعلية في تنفيذ ما يسعى اليه المخطط الصهيو-امريكي في المنطقة على ايدي وأدوات عربية وإقليمية.

 ومن هنا فان اعدام الشيخ الجليل النمر يجب ان يرى من هذا المنظور أي من منظور تأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة. وتأتي أيضا الحملة المتسارعة التي يقوم بها آل سعود لتأجيج الفتنة المذهبية على خلفية الاعتداء على السفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد دون التريث لرؤية ما تسفر عنه التحقيقات الإيرانية في الحادثتين بعد ان اعتقلت بعض المتظاهرين الذين قد يكونوا قد تسببوا بالحادث، لتدلل ان السعودية معنية بالدرجة الأولى بالتصعيد وليس بالتهدئة ورؤية ما ستسفر عنه التحقيقات. ولا بد ان نتساءل هنا لماذا لم تصعد إيران وتؤجج هكذا نوع من الصراع عندما توفي أكثر من 400 حاج إيراني على أثر تدافع الحجاج نتيجة غلق احدى الممرات لتمرير موكب أحد الامراء السعوديين؟

آل سعود قاموا بدعوة مجلس التعاون الخليجي الى اجتماع طارئ في الرياض لبحث ما اسموه "الاعتداءات الإيرانية" على السفارة السعودية في طهران والقنصلية في مشهد. ان الدعوة تحت هذا العنوان توحي وكأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي من اعتدت على الممثليات السعودية وليس بعض المتظاهرين الذين كانوا ينددون بإعدام الشيخ الجليل النمر. لماذا لا يضع آل سعود فرضية او احتمال ان يكون هنالك بعض المندسين في التظاهرة للقيام بمثل هذا العمل بهدف اثارة الفتنة؟

السعودية قامت مباشرة بقطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية وحركة الطيران المدني مع إيران على خلفية الحادثتين. وتصريحات وزير الخارجية السعودي جبير تدلل على ان الحادثتين قد اخذت كحجة لتأجيج الصراع المذهبي على ما يبدو لخلط الأوراق في المنطقة وخاصة وان الظاهر يقول باننا ذاهبون الى تسوية ملفات المنطقة، الى جانب أن التصعيد يدلل على امتعاض السعودية من توقيع الاتفاق النووي مع إيران واقتراب الافراج عما يقدر 100 مليار دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في البنوك الغربية وبروز الدور الإيراني في المنطقة. فالجبير هدد بأن السعودية ستقوم باتخاذ إجراءات أخرى إذا لم توقف إيران تدخلها في شؤون دول الجوار والدول العربية. ومن هنا نحن نقول من غير المستغرب ان يكون ان هنالك مندسين في التظاهرات وهم من قاموا بإحراق السفارة والقنصلية لتحقيق هذا الغرض اثارة الفتنة والتحشيد ضد ايران.

من الواضح ان آل سعود لم يحصلوا على ما يريدون فلم تعد لهم السطوة على دول الخليج التي كانت عادة ما تذعن "لولي الامر" السعودي قبل عدة سنوات. والدولة الوحيدة من الدول الخليجية التي قامت بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران هي المحمية السعودية ونقصد بها البحرين. اما بقية الدول الخليجية فقد اكتفى البعض منها بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مثل الامارات أو استدعاء السفير الإيراني وتسليمه ورقة احتجاج عما جرى كما حصل في الكويت وقطر، أما سلطنة عمان فلم يصدر عنها أي تصريح بهذا الشأن. والدولتين الوحيدتين خارج النطاق الخليجي التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران هما السودان وجيبوتي وكان هذا من اجل حفنة من الدولارات. والمضحك ان الرئيس السوداني البشير اتصل هاتفيا بالملك سلمان ليبلغه بطرد السفير الإيراني وفي حقيقة الامر لا يوجد سفير إيراني في السودان فالعلاقات لا تتعدى ممثلية إيرانية هنالك منذ مدة طويلة. لكن الذي يبدو ان الرئيس البشير رفع مستوى التمثيل نظريا لان دفعة الدولارات تعتمد على مركز من يطرد.

ولا شك ان آل سعود كانوا يعولون على الموقف الخليجي لاستخدامه كورقة رابحة وداعمة لجر الجامعة العربية الى مواقف أكثر تشددا من فقط اصدار بيان بالإدانة أو التنديد وهي أي السعودية التي قامت بالدعوة لاجتماع طارئ لجامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية لبحث "الاعتداءات الإيرانية" على الممثليات السعودية. والذي يبدو ان فشلهم في الرياض سينعكس على اجتماع "مجلس التعاون الخليجي رقم  2 "  أي الجامعة العربية، فهي قد أصبحت وبكل جدارة مطية لقطر الى حين والسعودية الى حين آخر منذ الضلوع في المؤامرات على الدولة السورية. ولا يسع المرء الا ان يقارن بالسرعة التي تتم فيها اجتماعات ما يسمى بالجامعة العربية عندما يتعلق الامر بزرع الفتنة وتأجيج الصراعات المذهبية، أو حرف بوصلة الصراع، أو تدمير دولة وطنية، وتلك التي تأخذ وقتا طويلا من الاخذ والعطاء والتباحث اذا ما كان فعلا هنالك ضرورة للانعقاد عندما يتعلق الامر ولو حتى "بالتنديد الفارغ"  للكيان الصهيوني وبالاعتداءات على الشعب الفلسطيني. الا يثير هذا نوع من الاستغراب من هكذا جامعة تدعي انها عربية؟ ومما يجب التأكيد عليه هنا القول بان وزراء خارجية الأردن والجزائر وتونس لم يحضرا الاجتماع الطارئ هذا. اما لبنان فقد أعلن انه غير موافق على البيان بالإضافة الى ذلك فان العراق تحفظ على بعض البنود التي وردت في القرار.

نعم كان هنالك اجماع على ادانة الاعتداء على السفارة السعودية في طهران وهذا ما ادانته طهران أيضا. ولكن هذا الاجماع لم يعني ولن يعني دعم السياسة السعودية المتهورة التي تريد ان تجر المنطقة بالنيابة عن الولايات المتحدة وخاصة المحافظين الجدد والكيان الصهيوني الى حرب طائفية ومذهبية لتدمير المنطقة بالكامل. وهذا ما يفعله آل سعود سواء عن وعي وإدراك أو عن غباء وعربدة سياسية تبشر بدمار هذه العائلة. 

 

bahij.sakakini@gmail.com

الدكتور بهيج سكاكيني

 

 

 

 

تاريخ النشر

11.01.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

11.01.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org