<%@ Language=JavaScript %> الدكتور بهيج سكاكيني حلف المتعوس وخائب الرجا

 

 

 

حلف المتعوس وخائب الرجا

 

 

 

الدكتور بهيج سكاكيني

 

قبل عدة ايام تم الإعلان عن انشاء "مجلس التعاون الاستراتيجي" بين السعودية وتركيا وذلك اثناء الزيارة التي قام بها مؤخرا اردوغان الى السعودية. وما رشح رسميا للان عن هذا التحالف الجديد على لسان وزير الخارجية السعودي الجبير "إن مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين سيهتم بأمور عديدة بما فيها المجالات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة والتعليم والشؤون الثقافية والطب وغيرها من المجالات". اما نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم ياسين أقطاي وفي معرض حديثه للجزيرة نت فقد كان أكثر صراحة ودقة في توصيف المهمة الأساسية لهذا التحالف الجديد في المنطقة حيث ذكر من ان تعاون بلاده مع السعودية سيثمر عن "بناء "خط دفاعي" في مواجهة الحلف الروسي الإيراني الذي يناكف البلدين في سوريا ويهدد أمن المنطقة وسلامها " وفق تعبيره.

ولا شك ان الكثير من الأسئلة ما زالت تطرح من العديد عن ماهية هذا التحالف "الاستراتيجي" بين بلدين كانوا ولغاية فترة قريبة الد الأعداء على الأقل لغاية موت الملك عبدالله، وخاصة لاختلاف المواقف بالنسبة لتنظيم الاخوان المسلمين والموقف مما جرى في مصر بعد إزاحة الرئيس مرسي من قبل الجيش وقدوم السيسي، الى جانب التنافس على المركز القيادي للعالم الإسلامي.

ومما لا شك فيه ان التغيرات التي طرأت على الساحتين الإقليمية والدولية بالإضافة الى الأوضاع الداخلية دفعت كلا البلدين الى التقارب وخاصة وان مواقف البلدين في السنة الأخيرة بدأت بالتقارب بالنسبة للعديد من المواقف والتحديد في سوريا والعراق واليمن. وربما انعكس هذا على ما تطرق اليه الاجتماع الذي تم بين الملك سلمان والرئيس أردوغان حيث تم بحث الأوضاع في سوريا والعراق واليمن وليبيا بالإضافة الى عملية السلام والمباحثات والمفاوضات المتعثرة بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني.

هنالك عدة عوامل أدت بمجملها الى حالة من العزلة للرئيس أردوغان الذي كان يطمح في تحقيق الكثير على المستوى الشخصي بالدرجة الأولى وان يحقق لتركيا تبوء مركزا هاما على مستوى الإقليم والساحة الدولية، الى جانب جعل الموانىء التركية مركزا هاما لتجميع وتوزيع مواد الطاقة الاستراتيجية من غاز طبيعي ونفط الى أوروبا وغيرها من الدول، وجعل تركيا مغناطيسا للاستثمارات الأجنبية. كل هذه الطموحات تبخرت نتيجة السياسات الداخلية والخارجية الحمقاء التي اتبعها اردوغان ورعونته والتهور باتخاذ قرارات مبنية على ردود فعل عاطفية أكثر منه بعقلانية وهو ما طبع وميز شخصيته عندما كان رئيسا للوزراء وأبقى عليها عندما أصبح رئيسا كما هو الان.

 

بحسب صحيفة أمريكان انترست (14 ديسمبر 2015) انه لا الامريكيون ولا الأوروبيون يعتقدون بان الرئيس التركي اردوغان شريك يمكن الاعتماد عليه أو انه لاعب جيد على الساحة الإقليمية او الدولية. ولا شك ان هنالك عدة أسباب وراء هذه النظرة لاردوغان بنيت على السياسات الداخلية والخارجية التي اتبعها.

فعلى الصعيد الداخلي  فان معاداة اردوغان للديمقراطية في بلاده اتضحت بشكل جلي في تعامله مع المظاهرات الاحتجاجية الشبابية السلمية في ساحة تكسيم، وكذلك القيام بحملة اعتقالات واسعة في صفوف المثقفين والإعلاميين والتهديد بإغلاق الصحف المناوئة لسياسته الداخلية او الخارجية. هذا الى جانب الاعتقالات التي شنها في صفوف كبار ضباط الجيش وتعينات القضاة الداعمين لسياسته الخرقاء.  وكذلك عدم قدرته على صياغة وتطوير مسار مترابط لحل المسألة الكردية والذي يبدو انه عندما بدأ الحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني اوجلان الذي ما زال يرزح في السجون التركية كان همه هو تجيير المباحثات للحصول على أصوات جزء كبير من الاكراد لتدعيم انتخابه كرئيس الى جانب تغيير الدستور الذي يمنحه سلطات كبيرة وموسعة ليحقق حلمه بالعودة الى زمن السلاطين العثمانيين. مشروع المراهنة على الصوت الكردي فشلت وخاصة مع وصول اعدا كبيرة في الانتخابات البرلمانية التركية لأول مرة في تركيا، ومعها تراجع اردوغان عن كل الوعود الخادعة التي وعد الاكراد بها. ليس هذا فحسب بل شن حربا أكثر قساوة ضد الاكراد وخاصة حزب العمال الكردستاني وقام بإرسال وحدات من الجيش التركي الى المدن الرئيسية الكردية مثل ديار بكر وغيرها في جنوب شرقي البلاد وقام بحملات اعتقالات واسعة وفرض حظر التجوال في هذه المدن وقامت الطائرات بقصف مكثف لاماكن تواجد عناصر مقاتلي حزب العمال الكردي. وناصب العداء لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي التركي واتهم رئيسه بالخيانة والتهديد بتقديمه للمحاكمة لأنه طالب بإعطاء مزيد من الحريات والحكم الذاتي لأكراد تركيا.

أما على الصعيد الخارجي فقد قدمت تركيا اردوغان كل مقومات الدعم للمجموعات الإرهابية التي تقاتل على الأرض السورية من داعش والنصرة ومن لف لفهم وهو ما اثبت بالصوت والصورة ومن خلال اعلاميين أتراك الى جانب الصور التي اخذت بالاقمار الاصطناعية الروسية التي تبين الحافلات التي تقوم بنقل النفط الخام من سوريا الى الأراضي التركية. وكذلك قدمت تركيا اردوغان كافة الدعم السياسي لتيار الاخوان المسلمين في المعارضة السورية التي فتحت تركيا اردوغان احضانها اليها منذ البداية. كما وناصب العداء الشديد للأكراد في الشمال السوري الممثلين بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا لانهم يشكلون عقبة في وجه مشروعه باقتطاع جزء من الشمال السوري وضمها الى تركيا بالإضافة الى انه يرى في منطقة الإدارة الذاتية التي أقامها الكرد هنالك يمكن ان تكون نواة لإقامة دولة كردية وهو يعتبر ان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي ما هم الا امتداد لحزب العمال الكردستاني في تركيا. ولقد اثبت هذا الحزب على انه القوة الوحيدة في تلك المنطقة التي يقاتل المجموعات الإرهابية وعلى رأسها داعش والنصرة التي تدعمهم تركيا وهذا سبب آخر للعداء الشديد مع هذا الحزب. وبالتالي لم يكن من مستغربا ان تعمل وتحاول تركيا وقطر والسعودية ان تستبعد هذا المكون الكردي في النسيج الاجتماعي والسياسي في سوريا من مطابخها ورؤياها لما ستكون عليه سوريا المستقبلية وهي التي فشلت بالرغم من كل المليارات التي دفعتها والمرتزقة التي جمعوها وضلوعهم في الحرب الكونية على سوريا شعبا وقيادة وجيشا.

وجاء التصرف الأرعن الذي قام به الجيش التركي وتحت توجيه اردوغان بإسقاط طائرة سوخوي 24 الروسية فوق الأراضي السورية التي كانت تقصف الإرهابيين في الشمال السوري بحادث مدبر ومخطط له مسبقا ليأخذ العلاقات التركية الروسية الى ادنى درجاتها حيث بدأت روسيا بقطع العديد من علاقاتها مع تركيا وفرض عقوبات تدريجية عليها وخاصة بعد الوقاحة المتناهية التي أبداها كل من اردوغان ورئيس الوزراء اوغلو ووزير الخارجية التركي، بتصريحاتهم المتكررة ان تركيا لن تقدم اعتذارا عن الحادث وانها على استعداد ان تحارب دفاعا عن سيادتها، والاستقواء بحلف الناتو. كل هذا اثار حفيظة روسيا ورفض بوتين مقابلة اردوغان في احدى المؤتمرات التي أقيمت في أوروبا بسبب عنجهية ووقاحة اردوغان وتوالت العقوبات الاقتصادية على تركيا لتبيان ان من الان فصاعدا ان تركيا لن تعتبر صديقا لروسيا ان لم نقل انها اصبحت عدوة. ويبدو الان ان خط انابيب الغاز "تيركش ستريم" الذي كان من المفترض ان ينقل جزء من الغاز الروسي الى أوروبا بالإضافة الى تزويد تركيا بمزيد من الغاز الروسي بأسعار مخفضة.

ولا شك ان تركيا اردوغان قد خسرت الكثير من اوراقها الإقليمية وخاصة في الملف السوري بدخول روسيا لمؤازرة الحرب التي يقودها الجيش السوري وحلفاؤه في محاربة المجموعات الإرهابية المدعومة من قبل تركيا الى جانب قطر والسعودية. فالجيش السوري وضع الوصول الى الحدود مع تركيا والقضاء على تجمعات الإرهابيين هناك هدفا أساسيا ولقد حقق تقدما ملحوظا في هذا المجال بالمؤازرة الروسية الجوية. ولقد أصبح امل وحلم اردوغان بإقامة "المنطقة العازلة" او "منطقة حظر جوي" أو "منطقة آمنة" أو "منطقة خالية من داعش"، كحلم ابليس في الجنة. وقد عجز اردوغان بالرغم من كل محاولاته التي كان آخرها اغراق أوروبا بالمهجرين والمهاجرين السوريين وغير السوريين من الأراضي التركية نقول عجزت كل محاولاته لإقناع الولايات المتحدة او الدول الأوروبية على إقامة منطقة الحظر الجوي لان الناتو ببساطة لا يريد ان يدخل في مجابهة مع روسيا من اجل عيون اردوغان.

وفي محاولة على ما يبدو للتعويض عن خسارته في سوريا قام اردوغان بإرسال قوات من الجيش التركي الى داخل الأراضي العراقية دون علم الحكومة المركزية ودون التنسيق معها. وكانت الحجة الواهية التي قدمت هي حماية المدربين الاتراك المتواجدين في بعشيقة "لتدريب القوات العراقية" في محاربة الارهاب. وعلى الرغم من طلب الحكومة العراقية من تركيا بسحب هذه القوات لان هذا تعدي سافر على سيادة الدولة العراقية الا انها ما زالت ترفض ذلك وتتملص وتراوغ وتماطل ولما لا وهي تعلم ان الولايات المتحدة والدول الأوروبية ستحميها من أي قرار دولي يلزمها بسحب قواتها فهي عضو في حلف الناتو ومن الضروري ان تحمي المافيا أبنائها. 

الفشل الذريع لأردوغان في اسقاط النظام في سوريا وفقدانه للعديد من الأوراق الإقليمية وخاصة فيما يتعلق بخسارة تنظيم الاخوان المسلمين في مصر الذي أفقده تحقيق مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، بالإضافة الى خلق المشاكل مع كل دول الجوار زاد من عزلة تركيا مما دفع اردوغان الى محاولة إعادة ترميم علاقاته مع الكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات التي كانت فاترة وخاصة بعد حادث السفينة التركية مرمرة التي كانت متوجهة الى قطاع غزة في محاولة لكسر الحصار عندما هوجمت من قبل جيش الاحتلال الاسرائيلي وقتل في الحادثة عدد من الاتراك. وعلى الرغم من الصراخ العالي الذي أطلقه اردوغان عندئذ معطيا الانطباع ان تركيا قطعت علاقاتها مع دولة الكيان الصهيوني فانه من الضروري ان نؤكد هنا على ان "قطع العلاقات" لم يشمل الغاء أي من المعاهدات والاتفاقات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية بين البلدين التي بقيت على حالها بالإضافة ان العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين لم تنقطع على الاطلاق. وبالتالي فان التصريحات النارية التي أطلقها اردوغان حول قطع العلاقات أو الصراخ في وجه بيريس الصهيوني المخضرم في مؤتمر دافوس لم يكن الا مسرحية استعراضية ليس بأكثر من هذا.

 

أما السعودية فان آل سعود اخذوا مملكتهم من حلف الى آخر كان آخرها التحالف "الاستراتيجي" مع تركيا. فآل سعود يعيشون في ازمة لا يحسدون عليها على الاطلاق والأزمات والتحديات التي يجابهونها لتعاسة خياراتهم وسياساتهم الداخلية والخارجية أصبحت تهدد مستقبل العائلة المالكة كما تهدد الوحدة الجغرافية للدول السعودية. فمن الفشل الذي منيت به في سوريا العراق حاولت التوجه الى اليمن فشنت حربا شعواء على اليمن بأكمله منذ مارس الماضي تحت غطاء " دعم وعودة الشرعية" وانشأت "تحالف عربي" بقيادتها وعلى الرغم من المليارات التي صرفت للان وشراء المرتزقة من جيوش دول مثل السودان وتعاون التحالف الغير عربي مع القاعدة وداعش في اليمن وجلب مرتزقة بلاك ووتر وخيراء ومدربين من عدد من الدول الإسلامية والغربية واستمرار القصف الجوي والبحري يوميا منذ بدء العدوان فإنها لم تفلح في تطويع الشعب اليمني، بالرغم من حجم الدمار الذي خلفه هذا العدوان البربري على اليمن.

. آل سعود يجابهون مأزق وجودي بدخولهم المباشر الى اليمن فالتراجع على هذه الساحة يعني ببساطة خسارة موقعهم وهيبنهم وسلطتهم في مجلس التعاون الخليجي الذي سيطروا عليه لسنوات منذ تأسيسه في بداية الثمانينات بمعنى انهم سيصبحون مسخرة الدول الخليجية التي بدأت تنفك عنهم لعدم رغبتهم في الدخول الى المستنقع اليمني. وإذا ما أضفنا خسارتهم على الساحة السورية والعراقية فان موقعهم في المنطقة ككل سيتراجع الى حد كبير. أما على الساحة الدولية فان العديد من الصحف الأجنبية ومراكز الدراسات الاستراتيجية والقريبة من مراكز القرار في الدول الغربية التي صمتت دهورا على السعودية أصبحت تتحدث صراحة على الارتباط العضوي بين الارهاب وآل سعود من حيث التمويل والتجنيد ونشر الفكر الوهابي الذي يتبناه آل سعود وفرضه على الشعب السعودي من خلال تأسيس منظومة فكرية وتعليمية وثقافية واجتماعية لتجذر هذا الفكر الإقصائي الإرهابي التكفيري، بالإضافة الى نشره في الدول الغربية والاسيوية وغيرها عن طريق المدارس لتحفيظ القران ودراسة الفكر الوهابي والذي يشرف عليها مدرسين وخطباء وأئمة مرسلين من السعودية أو تحت اشرافهم مباشرة ودفع مرتباتهم. وهو الامر الذي بدأت الدول الأوروبية بالتنبه اليه واتخاذ الإجراءات الأمنية ضد العديد من الخطباء والمساجد والمدارس التي تشرف عليها السعودية، بعدما بدأت جحافل الارهاب تدق أبواب العواصم الأوروبية.

آل سعود يشعرون بان البساط بدأ ينسحب من تحت اقدامهم ولديهم الإحساس بان الإدارة الامريكية قد تخلت عنهم بعد ان أعطتهم هامش من الحرية للتصرف في الملف السوري والعراقي بما يتناسب ويتطابق مع الاجندة الامريكية واستراتيجيتها في المنطقة. وجاء توقيع الاتفاق النووي بين إيران والدول الست الكبرى ليزيد من ازمة آل سعود وشعورهم بالعزلة وفقدان الهيبة والمكانة التي كانوا يتمتعون بها في المنطقة بحكم الفراغ الذي خلفه ابتعاد مصر عن دورها الريادي وانغماسها في مشاكلها الداخلية السياسة والاقتصادية والاجتماعية. وقد عمل آل سعود المستحيل على عدم توقيع الاتفاق النووي مع ايران فقامت بتجنيد فرنسا ودفعت لها المليارات عن طريق عقد صفقات الأسلحة مع الشركات الفرنسية وابرمت العديد من العقود التجارية بالإضافة الى الاتفاق على بناء محطات لتحلية مياه البحر وبناء مفاعلات نووية واقامت العلاقات مع الكيان الصهيوني وقامت وفود سعودية وخليجية بزيارة تل ابيب والاجتماع بالقيادة السياسية للكيان وعلى راسهم نتنياهو كما وقامت بدفع مئات الملايين من الدولارات لصحف ومجلات ومراكز أبحاث غربية وامريكية على وجه التحديد لشن حملة إعلامية واسعة ضد توقيع الاتفاق النووي وقامت بتحريض أعضاء من الكونغرس لنفس الغرض. فشل آل سعود في وقف التوقيع على الاتفاق والتطبيع الغربي مع إيران، وهم أي آل سعود الذين بنوا سياستهم الخارجية على أساس ان العداء الغربي لإيران سيستمر الى ابد الابدين.

ومع بدأ الإدارة الامريكية للسير ولو على مضض في اتجاه الحل السياسي في سوريا بما ينسجم الى حد كبير مع الطروحات الروسية الإيرانية السورية في الفترة الاخيرة تحت ضغط الوقائع الميدانية على الأرض السورية التي أصبحت تميل بشكل لا لبس فيه لصالح الدولة السورية والجيش السوري والإصرار الروسي على الدعم المبدئي للدولة السورية الى جانب الدعم الإيراني وبقية الحلفاء، والتصريحات المتتالية للروس والايرانيون على ان الحل يجب ان يكون سوريا خالصا والإصرار على ان مستقبل الرئاسة في سوريا يحددها الشعب السوري من خلال انتخابات حرة تشرف عليها الأمم المتحدة، شعر آل سعود انهم قد يفقدون كل ما عولوا عليه، وكان لا بد من فتح جبهة أخرى اعتقد آل سعود انها لن تستغرق الا بضعة أيام وكانت الحرب الظالمة على اليمن ولكن هنا لم تجري الرياح بما يشتهيها آل سعود.

وتحرك آل سعود وقاموا بتشكيل تحالف آخر هو "التحالف العسكري الإسلامي" لمحاربة الارهاب في سوريا والعراق وأي مكان آخر وتحت قيادة سعودية وعلى ان تكون إدارة هذا التحالف وتوجيه العمليات العسكرية من قبل لجنة مقرها الرياض. شكل هذا التحالف بعد اتصالات هاتفية مع بعض زعماء الدول ولقد صدق من اطلق عليه "تحالف الهاتف النقال" لان هذا التحالف شكل دون اجتماع عام للدول التي من المفترض ان تكون في التحالف لمناقشة ماهية التحالف وطبيعته..الخ". ومما زاد سخرية من هذا التحالف هو ان العديد من الدول لم يبلغ بالتحالف ووجدت ان اسمها مدرج ضمن الدول المنضوية في التحالف مثل الباكستان وغيرها.

لم يمضي أسبوعين على اعلان تشكيل "التحالف العسكري الإسلامي" الا وسمعنا بتحالف آخر تحت مسمى آخر وهو "مجلس التعاون الاستراتيجي" ما بين وتركيا. فما هو الغرض يا ترى من هذا الحلف الجديد؟ وماذا يعني انشاء ثلاثة تحالفات من قبل السعودية في ظرف فترة زمنية لا تتجاوز التسعة أشهر، سوى التخبط في السياسات ومحاولات بائسة ويائسة في سبيل الظهور بمظهر ان آل سعود ما زالوا يملكون مفاتيح الحلول في المنطقة، هذا في اللحظة التي تشهد فيها كل مجريات الأمور والمتغيرات على أرض الواقع سواء في سوريا أو العراق أو اليمن بعكس ذلك.

آل سعود بتحالفهم مع تركيا يهدفون الى الغاء الدور المصري او تعطيل دخول مصر على الساحة الإقليمية كلاعب أساسي وتبوئها الدور الريادي في المنطقة وفي المشاركة بإيجاد حلول لملفاتها العالقة. نقول ذلك لان مصر هي المرشحة الان لقيادة المنطقة والتوسط في إيجاد الحلول ليس محبة في النظام المصري بل لان هذا ما يدلنا عليه الواقع. فبينما أحرق آل سعود واردوغان كل اوراقهم في كل الملفات دون استثناء وذلك لمناصبة العداء للدولة السورية وتقديم الدعم المباشر للمجموعات الإرهابية والعمل على تدمير الدولة السورية والإصرار على رحيل الرئيس الدكتور بشار الأسد وكأن سوريا ملكهم الخاص للتحكم بمصير الدولة. الى جانب ذلك فان تدخلهم في العراق وتأجيج الصراع الطائفي والمذهبي والعرقي كان وما زال واضحا هنالك. أما في اليمن فحدث ولا حرج فالتدخل هنالك تدخلا عسكريا سعوديا مباشرا بامتياز ذا بالإضافة الى تحكمها بالمفاصل السياسية وما يجب ان تكون عليه مواقف "الشرعية" في المباحثات التي تجري تحت رعاية الأمم المتحدة والتي عمل آل سعود على عدم انجاحها بكل الطرق المتاحة.

آل سعود يسعون الى خلق وتأجيج الصراعات الطائفية والمذهبية في المنطقة وإظهار ان الصراع القائم ما هو الا صراع سني-شيعي. هذا المنطق المقيت والمرفوض جملة وتفصيلا لان الصراع هو صراع سياسي بالدرجة الأولى بين محوريين رئيسيين لا ثالث بينهما ولا مناطق رمادية بعد والجلوس على السور. محور مقاومة النهج والاستراتيجية الصهيو-أمريكية في المنطقة ومحور مرتبط ومنفذ واداة لهذا النهج المدمر للمنطقة بأكملها وخاصة دولها الوطنية وهو محور انهزامي رجعي خانع وخاضع للإملاءات الامريكية والصهيونية. آل سعود يعمدون من خلال استخدام البترودولار والمكانة التي يتمتعون بها في العالم الإسلامي لوجود المعالم الإسلامية في السعودية في فرض اجندتهم التي ترتكز على الفكر الوهابي لتغذية الصراع والفتنة الطائفية. ومن هنا فان سياسة التصعيد تلو التصعيد الذي يتبناه آل سعود يصب في زرع وتأجيج الفتنة الطائفية التي كان آخرها القصف المتعمد للسفارة الإيرانية في صنعاء من قبل طائرات "التحالف العربي" الى جانب اعدام الشيخ الجليل نمر باقر النمر في السعودية والذي يجمع معظم المحللين والمراقبين على انه اعداما سياسيا بامتياز. ان تنفيذ الإعدام بحق الشيخ لمجرد انتقاده القيادة السياسية في السعودية بشكل سلمي الغرض منه هو اثارة النعرات الطائفية وجر المنطقة الى حرب من هذا النوع خدمة للمخططات الصهيو-أمريكية في تفتيت المنطقة وضرب الدول الوطنية وجيوشها وسلب مقدراتها وثرواتها وتحقيق أمن الكيان الصهيوني الغاصب.

 

Bahij.sakakini@gmail.com

الدكتور بهيج سكاكيني

 

بحسب تصريح السفير التركي السابق للأردن مراد بلهان فان هنالك عدة عوامل متداخلة دفعت تركيا وإسرائيل الى التوجه لتطبيع العلاقات فيما بينهم وقد لخصها " بان كل من الدولتين تشعران بنوع من العزلة في هذه الفترة. فالتدخل الروسي في سوريا ازعج إسرائيل أيضا. كما ان هناك الحاجة الى التعاون في مجال الطاقة. وهذه العوامل مجتمعة تدفع كل من تركيا وإسرائيل للتصرف بشيء من المرونة كل تجاه الاخر."

 

 

 

 

تاريخ النشر

10.01.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

10.01.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org