<%@ Language=JavaScript %> عارف معروف من صداقة " ادرعي " الى تأبين "بيريز ".....

 

 

من صداقة " ادرعي " الى تأبين "بيريز ".....

 

 

 

عارف معروف

 

تناول البعض من الاخوة الناشطين والكُتاب " مجلس العزاء " الذي اقامه عدد ممن سمّوا انفسهم بالناشطين الشباب من الكرد في محافظة دهوك ، على روح " الفقيد " رئيس الوزراء الاسرائيلي في الوقت الذي نقلت بعض وكالات الانباء" المهتمة " وصفهم اياه بانه من "انصار السلام بين الشعوب والمدافعين عن الحقوق القومية للكرد "  بالرفض والإدانة ووصفوا من روجوا له بالعدد الضئيل من الحمقى او العملاء الساعين الى التطبيع مع العدو الاسرائيلي بتغاض بل وربما تشجيع من سلطات الاقليم ...لكن الامر الجدير بالفحص والمراجعة ليس هذه الممارسة البائسة من قبل عدد بالغ الضآلة من العصابيين الذين يركضون خلف كل ما يمكن ان يرفع عنهم شعور الدونية والهوان عبر التوسل بالأقوياء مؤكدين روح مترسخ لعبودية متجذرة  او المأجورين الذين يسعون الى الترويج لل" صداقة " مع اسرائيل .وانما الممهدات والظروف التي جعلت هذا الامر ممكنا في كردستان العراق  والذي ربما يكون مقدمة لممارسات اكبر منه بكثير سواء في كردستان  او في اي مكان آخر من العراق  خصوصا وانه سُبق بممارسات مشابهة بالفعل ...ان مواجهة مثل هذا الامر وما قد يتبعه تتطلب جهدا منظما ومدروسا يتجاوز موقف الانفعال ، صريحا ويعنى بتفحص الواقع وقراءة قواه وصراعاته وقناعات الاجيال الشابة فيه وما اذا كانت تنظر الى قضايا الصراع الجوهرية في المنطقة بذات النظرة التي ميّزت الاجيال السابقة ام انها ترى رأيا آخر له حوافزه ومسوغاته....

في الستينات كنّا ننشأ وسط اجواء عربية وعراقية كانت تتأسس على التعبئة ضد العدو الصهيوني وكانت تخاطب فينا الوعي واللاوعي باللغة والصورة ، الفكرة والشعار ،الوقائع التاريخية والحوادث اليومية الراهنة ذات العلاقة ، التي تتضمن كل ما يمكنّ من تسريب الموقف الى طبقات اللاوعي بحيث يصبح جزءا من نظامنا النفسي عبر التأكيد والتكرار والعدوى فننشأ والعداء لإسرائيل بديهية حاضرة في نفوسنا حتى انها يمكن ان تكون أُسا من أسس السوّية النفسية والاجتماعية والفكرية ، رغم ان ذلك كان الركن الاساس من اركان السياسة والتعبئة الايديولوجية للقوى والانظمة القومية التي تربعت على قمة السلطة في البلدان العربية ولم يكن يحظى منها بما يستحقه ويتطلبه من اهتمام حقيقي وجاد بالقناعات الفعلية المؤسسة على تلمس المصلحة الفردية والاجتماعية في هذا العداء وتبّين الترابط المنطقي بين وجود وتوسع " اسرائيل " وبين الضرر الذي يمكن ان يتسببه للعرب كمجتمعات وكأفراد ، وبقي هذا الامر جزءا من ايديولوجيا مفروضة لا تعني كثيرا بالصدق والمصداقية وانما تتأسس دائما على المصادرات الايديولوجية التي تفرض  بالقوة !

لقد ارتبطت قضية فلسطين والعداء للصهيونية ، لذلك السبب، مع الاسف الشديد ، في اذهان اغلب الناس ، لا بالحق والشرعية والظلم  الشديد الذي تعرض له شعب شقيق اُقتلع من دياره وشُرد من  ارضه وباتت ملايينه تعيش حالة الذل والهوان في معسكرات لاجئين منذ سبعة عقود مما يقتضي التضامن معه برفض العدوان عليه ونتائج هذا العدوان والسعي الى نصرته بالموقف والكلمة والقناعة كأقل ما يمكن من نصرة بل بدعاية الانظمة القومية الدكتاتورية التي سامت الناس الخسف والهوان وصادرت الحقوق والحريات بل واعدمت العشرات وربما المئات باسم " القضية المركزية " للأمة ، واذا كان عرب العراق قد عانوا الامّرين من نظام البعث ومتاجرته بالقضية الفلسطينية ويذكر جيلنا ، مثلا ،كيف ركز نظام دعاية واعلام  صدام حسين وطارق عزيز خلال منتصف ونهاية السبعينات على تخوين اليساريين وحتى القوميين والبعثيين المخالفين  باسم فلسطين لمجرد القول بإمكانية الحلول السلمية لها على اساس القرارات الدولية والكفاح الشعبي المسلح ، وكيف نُحرت حتى بعض القيادات الفلسطينية في العراق وخارجه تحت ذات الراية الزائفة ، فما بالك بالكرد وشبابهم الذين قُتل رجالهم وابيدت قراهم واستحيت نسائهم من قبل طواغيت القومية باسم العروبة مرة وبأسم فلسطين اخرى ! حتى صارت اذهان الكثيرين منهم ومشاعرهم مرتعا خصبا وارضا مهيئة لغرس ما تريده اسرائيل والصهيونية وانصارها ومن يقف معها وخلفها من قوى عالمية واقليمية من افكار ودعاوى  .  فالمواطن الكردي  ، خلال عقود طويلة ،كان يعاني الأمّرين على يد  طغاة العرب لا مجرمي الصهيونية، في ما يحس ويلمس على الأقل ! اما وقد زال ظل الدولة الموحدة الجامعة ذات الهوية الواضحة  والسلطة المسؤولة وتُرك الامر على عواهنه  فليس من الغريب ان لا تظهر براعم هذا الغرس هنا او هناك ....

ان من يتابع، اليوم، ردود افعال وتعليقات البعض من ابناء اجيالنا الشابة  عربا واكرادا ، عراقيين وغير عراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي يدهش من الروح العدائية التي تتسم بها هذه التعليقات اتجاه بني جلدتهم  ومواطنيهم من المخالفين طائفيا او قوميا  وكيف يجهر الكثيرون منهم بتفضيل الاسرائيليين عليهم وكيف بدأت ترتبط لديهم افكار حسن الادارة والدراية والانسانية والرحمة بالاسرائيلين في الوقت الذي يستعذبون فيه جلد الذات فتراهم لا يرون في العرب الاّ الكذب والنفاق والكراهية والدعاوى الزائفة والخيانة الوطنية والتقاعس عن اداء الواجب واتباع الشهوات( وهذا الطبع لاينفي تدخل وقيادة موجهة من قل جهات اسرائيلية تحت واجهة اسماء عربية وكردية مزيفة تتسم تعليقاتها بالتحريض الطائفي والاثني لتأجيج  وتوجيه مشاعر العداء ) ...

ان اجيالا تربّت في ظل انظمة  اجرامية بلا قلب ولا رحمة تلتها اجيال مضّيعة ما بين سياسيين لصوص وقادة جواسيس ورجال دين قتله  يأتمرون ، جميعا بأمر السيد الامريكي او الصهيوني ، اجواء تتحول فيها مقاومة العدوان الصهيوني الى جريمة ، ورموز المقاومة الى رموز طائفية مقيته جديرة بالشتيمة. اجواء تجيش فيها الجيوش وتحشد كل الاموال واسلحة الفتك لقتل فقراء اليمن  او تمزيق وحدة سوريا او سفك دماء ابرياء العراقيين اومصادرة الحقوق المشروعة للشعب الكردي لصالح هذه الزعامة العشائرية او تلك القيادة المنفذة لأرادة وخطط الناتو او  تدمير ثروات الليبيين او قتل افراد الجيش المصري باسم الجهاد ...الخ ، اجواء تجول فيها وتصول قوى خرافية الاجرام  مجهولة الأب والام والمال والسلاح ، باسم نصرة الدين واحياء الخلافة فينحر الشباب وتؤكل اكباد الاطفال وتسبى وتغتصب النساء وتدمر اوابد الآثار والحضارة باسم الاسلام ومحمد لا يمكن ان تتوفر على نظرة سويّة للأمور وفهم متوازن للوقائع ،كما لا يمكنها ان تتفهم معنى الرابطة القومية ولا الانتماء الوطني الصميم ولا الحق الانساني المقدس في تقرير المصير على اساس من حرية الشعوب ومصالحها المتبادلة ، اجواء لا يمكن فيها لهذه الاجيال وهي المشوهة الوعي الممسوخة الذاكرة المرعوبة بالقتل على الهوية  الاّ ان تعود الى ما  يلقى اليها من مادة ليست بريئة تماما تتغنى بأوطان كانت  ترفل بالأمن والامان لأن سلالات الملوك الغرباء كانت تحكمها ويفيض فيها الانتاج الزراعي عن حاجة سكانها لأن سوط الملاك الاقطاعي كان يلهب ظهور فلاحيها وتنعم خزائن مالها بالنمو والثقة لأن حسقيل ساسون  كان هو وزير ماليتها الامين ، وكانت تجارتها رائجة لأن مناحيم دانيال كان من اعمدة تجارتها  ولذلك ترى الاجيال تحنّ حنينا جارفا الى ذلك العهد السعيد وتجد ان كل ما حلّ بنا من بلاء كان نتيجة  عقوقنا بمصادر نعمتنا وتنكرنا لل" عقول " التي جعلت تلك السعادة ممكنة، فيجد " افيخاي ادرعي" من يرحب بصداقاته عبر الفيس بوك ويتعاطف مع " اعجابه " بأغنية عراقية ، ولا غرابة والحال هذه ان يؤبن آخرون ... " فقيد الانسانية ومحب السلام والاكراد " شيمون ييريز !

ان من اكثر الاوهام انتشارا هو القول بأن  الحق منتصرٌ بذاته وان شمس الحقيقة لا تحجب بغربال ، ولو كان الامر كذلك فعلا اذن لأنتصر الخير وعّم الرخاء وشاع الوعي وعاشت الانسانية ترفل في جنة اسمها الدنيا ، لكن الامر ليس كذلك مطلقا ، والحق بحاجة ملزمة الى كفاح مستميت من اجل اثباته وشمس الحقيقة تتطلب قتالا ضاريا ضد آلاف الغرابيل التي تحجب ضوئها والخير يعيش معاركه الطاحنة ضد الشر المستذئب ولذلك فأن على من يرى ان " ادرعي وغرفة عملياته " تتصيد عقول شبابنا في مياه واقعنا الكدرة ان يشحذ امكاناته لا بالملامة والشتائم والاتهامات بل ببذل الجهد والوسع في التنوير بالحقائق والقاء المزيد من الضوء على الوقائع ودعم محاجته بالوثائق والارقام فهي الحرب ولن يكسبها الاّ المكيث الكيّس الذي يعرف كيف يخاطب العقول ويغازل الافئدة ...   

 

 

 

 

تاريخ النشر

04.10.2016

 

 

 

  عودة الى الصفحة الرئيسية◄◄

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

   الصفحة الرئيسية [2][3][4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

04.10.2016

  الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4]  | أرشيف المقالات  |  دراسات  |  عمال ونقابات |  فنون وآداب |  كاريكاتير  |  المرأة |  الأطفال | إتصل بنا       

      

لا للتقسيم لا للأقاليم

 

لا

للأحتلال

لا

لأقتصاد السوق

لا

لتقسيم العراق

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة

من الكتاب والصحفيين العرب و العراقيين   

 

                                                                  

                                                                          

  

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org