<%@ Language=JavaScript %> الجواهري وكلام السفهاء .. ; د.وسام جواد

 

الجواهري وكلام السفهاء ..

 

د.وسام جواد

 

أتذكر اللقاء الذي جمعني بالسيد أحمد قريع في فندق البنتوماني في السيراليون وما دار بيننا من نقاشات جعلت اللقاء شيقا, بفضل ثقافة ابو علاء السياسية والأدبية واطلاعه الواسع على الأوضاع في العراق, وحفظه لشعر محمد مهدي الجواهري الى حد, جعلني اقلق من احتمال نفاذ رصيد حفظي لقصائد هذا الشاعر الكبير قبل نفاذه لدى ابو علاء . وأتذكر ما قلته, ردا على أحد الذين استثقل شُهرة الجواهري في أمسية شعرية عقدت في ليبيا : اذا كان مُحمد خاتم الأنبياء, فالجواهري خاتم الشعراء . 

 

 دفع الى كتابة هذه المقدمة ما تنشره شبكة "المنصور" من سفاسف وترهات, كان من بينها تهنئة بمناسبة عيد اخوتنا الصابئة المندائيين, كتبها صلاح المختار,الذي لو توقف عند كتابة التهنئة, لكان أفضل من ان يضيف سخافة جديدة الى قائمة سُخفه الطويلة, وأفكاره العليلة, وتعابيره الهزيلة, بتعرضه لعبقري الشعر العربي محمد مهدي الجواهري. 

" ان عبدالزراق عبدالواحد هو المعبر الاصيل عن عراقية الصابئة المندائيين وتمسكهم بالشرف وعزة النفس والحفاظ على قسم الولاء للعراق ، واذكر انني حينما اطلقت لقب شاعر العرب الاكبر على عبدالرزاق اعترض البعض وقال انه لقب الجواهري, فقلت الشاعر الاكبر ليس  من يتقن نظم الكلم والقوافي فتلك مهنة فنية, بل هو من يستخدم الشعر سلاحا للدفاع عن الوطن والمبادئ دون انتهازية او تملق او تقلب بين امتداح هذا الملك او ذاك الزعيم للحصول على منفعة شخصية ، وعبدالرزاق يخلو تاريخه من التملق والتقلب بين بلاط وبلاط وبقي شاعر المقاومة والصمود رغم تهجيره ومرضه ومعاناته الكبيرة وهو مهجر بالقوة خارج وطنه ووطن اجداده العظام ، لذلك فانا اتحدى مرة اخرى من يثبت ان هناك شاعرا يستحق لقب شاعر العرب الاكبر غير العر بي الصابئي عبدالرزاق . هذا ما قلته في التسعينيات اثناء الحصار والمعاناة والتي وقف فيها عبدالرزاق عراقيا شامخا متجاوزا الموت والخوف."

أصاب الشيخ أحمد الكبيسي حين قال عن عبد الرزاق عبد الواحد بأنه " شاعر مبدع أفسدته السياسة, إذ لا يجوز للشاعر المبدع ان يبيع نفسه لأحد, أو ان يكون شاعر بلاط ". ولم يكن دفاع عبد الرزاق عن نفسه مقنعا حين قال " لست بشاعر بلاط, فالمتنبي كان يمدح سيف الدولة كشخص وأنا لم أكن أمدح صدام كشخص وانما كرمز للعراق ." (عذر أقبح من فعل) .

كان عبد الرزاق عبد الواحد, مداحا معروفا, سبق وان مدح عبد الاله والزعيم عبد الكريم قاسم, وتملق لقادة البعث, وكتب في مديح أحمد حسن البكر وصدام حسين فلقب بشاعر "القادسية" و"أم المعارك", كما أنه مدح الشيخ زايد في تسعينات القرن الماضي مما أثار غضب عدي صدام, وكتب عنه بهذا الخصوص مظهر عارف في (موت شاعر) "ان بعض الشعراء يقولون ما لا يفعلون وينكرون الجميل, فقد أغناهم صدّام بعدما كانوا نكرات ولكن, في سبيل حفنة من الدولارات يسيل لها لعابهم ويهيمون في كل واد". أما الشاعر كمال سبتي فقد كتب عنه: حصل عبد الرزاق عبد الواحد من صدام على ما لم يحصل عليه شاعرٌ مادحٌ, من مالٍ وجاهٍ وبيتٍ على نهر دجلة.

نظرا لمستوى صلاح المختار الضيق أدبيا وسياسيا, لذا فهو أضعف من ان يتحدى وأصغر من ان يُقيم شاعرا عظيما بمستوى محمد مهدي الجواهري,الذي انتظرت ولادته الأمة قرونا بعد رحيل المتنبي. وليس غريبا أن يجد المختار في بعض قصائد عبد الرزاق عبد الواحد, كقصيدة "لنا كل البلاد" بلسما لجراح طائفيته المُتقيحة, وان يسمي شاعر بلاط البعث المطلق بشاعر العرب.

مَرّ الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد وأسرته,التي أعرفها منذ سنوات الدراسة وعلاقات الصداقة بشقيقه الدكتور بشيرعبد الواحد, بظروف الإضهاد السياسي والأوضاع المادية الصعبة بعد انقلاب 8 شباط 1963, حيث فصل, شقيقه الملازم عبد الوهاب من الجيش بتهمة الانتماء الى الحزب الشيوعي. وقد تكون رغبة التخلص من المعاناة من بين أسباب انقلاب الشاعر. واذا صدق قوله في ان الشهيد فهد كان وراء رفض ترشيحه للحزب الشيوعي, فلا شك ان هذا الرفض كان في محله, تحسسا وتحسبا لاحتمالات تقلبه ( وهو ما حصل لاحقا ) .

أنه لمن الإجحاف ان يكتب صلاح المختار عن هجرة ومرض ومعاناة الشاعر عبد الرزاق عبد الواحد, ويتناسى معاناة شاعر العراق والأمة محمد مهدي الجواهري,الذي استشهد شقيقة جعفر برصاص الغدر في وثبة كانون 1948, وينسى مواقف الجواهري المشرفة ضد الاستعمار وأعوانه, ووقوفه الى جانب أبناء الشعب الذين أحبوه وحفظوا روائع شعره الخالدة خلود المُعلقات :

-         نامي جياع الشعب نامي, حرستك آلهة الطعام

-         أتعلم أنت أم لا تعلم بأن جراح الضحايا فم

-         يوم الشهيد تحية وسلام, بك والنضال تؤرخ الأعوام

ويكتب صلاح المختار عن مرض وهجرة الشاعر عبد الرزاق, كما لو ان شاعرنا الفذ محمد مهدي الجواهري لم يذق طعم الغربة الطويلة ومرارتها,التي عبر عنها في ملاحمه الشعرية :

-         حييت سفحك عن بعد فحييني, يادجلة الخير يا أم البساتين

-         أرح ركابك من أين ومن عثر, كفاك جيلان محمول على خطر

 

 فهل حال عمى البصر والبصيرة دون قراءة صلاح المختار لشعر الجواهري الوطني القومي الأصيل, أم انه قرأه ولم يفهمه لقلة استيعابه, واضطر الى التحيز وتفضيل شعر البلاط الفاني على شعر الوطنية والأممية الخالد ؟.

لا خلاف حول قوة ومتانة وجمال شعر عبد الرزاق عبد الواحد. ولا خلاف حول انزلاقه في هاوية المدح المبتذل للنظام السابق وتعظيم رجله الأول,الذي أغدق عليه  وحَرَفه عن  طريق الشعر المُترفع, وجعله ينظم شعر البلاط, الذي أدى سقوطه الى سقوط ٍغير مأسوف عليه, لبعض ما كتبه من قصائد. أما قمة الشعر,التي اعتلاها الشاعر محمد مهدي الجواهري, فإن أمنيه الوصول اليها كانت وستظل حلما يراود  مخيلة كل الشعراء المبدعين.

أنه شاعرٌ عباسي ولِدَ في القرن العشرين, وشاعر العراق والعرب الأول دون منازع .

   

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

مقالات مختارة

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الصحفيين والكتاب العراقيين

webmaster@saotaliassar.org    للمراسلة

 
   
 

 

لا

للأحتلال