كتابات حرّة

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

               

مقالات مختارة

 صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 

ما الذي تبقى لكم ؟

 

كامل الجباري

   البصرة ثغر العراق الدامي على مر عصور طويلة . ولأنها تمثل وتعني الكثير لبلاد وادي الرافدين ، العراق ، فهي مركز حضارته ونخيله ونفطه وبوابته على البحر . كما إنها عرفت بطيبة أهلها ووداعتهم وتسامحهم . لأنها كذلك فقد كانت وما تزال الأكثر تعرضا للموجات الهمجية والتخريب الذي تعرض له البلد .

   منذ دمارها بعد ثورة الزنج مرورا بحروب الخليج المتعددة وهمجية المدمر الأمريكي – البريطاني ، مضافا إلى ذلك همجية العديد من الأنظمة الحاكمة اتجاه أهلها وبيئتها وثرواتها وحضارتها إنتهاءا بزمن ‘‘الدم .. قراطية ’’ فما يزال ثغر العراق داميا .

   لقد صبر أهل البصرة الطيبون المتسامحون كثيرا وهم يذبحون من الوريد إلى الوريد بنار سرقة ثرواتهم وتاريخهم من طبقات اللصوص المختلفة ولسعات الحر والرطوبة القاسية التي لا ترحم وتسويف ولاة الأمر فانتفضوا ولسان حالهم يقول : احذروا صولة الكريم إذا ما حاولتم إذلاله .

    كانت محاولات الإذلال متنوعة ، من الخارج والداخل ، شرقا وجنوبا يتعرضون إلى القتل أو الاعتقال أو الاهانة وهم يصطادون السمك في البحر ، وهي مهنة مقدسة لهم منذ حضارة سومر ، ولا يوجد من يحميهم أو يدافع عنهم تجاه صلف الآخرين شأنهم شأن أبناء دول العالم ، إضافة إلى ما يقال عن نهب نفطهم بطرق مختلفة وتحويلهم إلى سوق مستهلكة لكل ما هو سيء من بضاعة دول الجوار وغيرها . أما ما يفعله ولاة الأمر وأثرياء الحروب والأزمات والمتنفذون منهم فحدث ولا حرج وهي أمور يعرفها العراقيون جيدا .

    بعد كل هذا الضيم نفذ صبر أهل البصرة الكرام وخرجوا في انتفاضة الكهرباء بشكل سلمي وحضاري وأصولي فأطلق الرصاص عليهم . وعلى طريقة الطبقة السياسية العراقية السائدة ألان وثقافتها أخذ الكل يتهم الكل ولان دولتنا ينطبق عليها المثل الشعبي (وشيعة وضايع راسه) فسيكون البحث عن المسئول عما جرى كالبحث عن الإبرة في كومة القش . ومن غرائب الأمور أن يخرج علينا أحد البرلمانيين من الحاكمين في بغداد والبصرة ليطالب بفدرالية البصرة – منتزعا ثغر العراق الباسم من وجه أمه بلاد سومر – كحل للمشكلة مع المركز مستشهدا بتجربة إقليم كردستان ؟!

     يبدو إن الكثير من ممثلي الطبقة السياسية عندا لا يقرؤون الإحداث والتاريخ كما يجب . فالسيد النائب لا يعرف إن المرجل الذي يغلي تحت رماد الشارع الكردستاني لا يختلف عنه في البصرة ، وإن الدعوة إلى إقليم البصرة لا يعني سوى زيادة الموارد لتزيد الكروش . الإقليم لم يحمي كردستان من الاعتداءات الخارجية والاستبداد الداخلي بل جعله واهنا . وإن الطبقة السياسية التي تحكم هي ذاتها سواء أكانت الوحدة الإدارية محافظة أم إقليم . إنهم يريدون إيهام الناس بعد تيئيسهم في إن الحل في التجزئة فكأنما الأزمة هي أزمة البصرة فقط وليست أزمة العراق . كما إنهم يتناسون التاريخ القريب جدا والذي كان الكثيرون منهم من ضحاياه وهو إن أجهزة القمع المتعددة لا تنفع أحدا إذا ما تخلى الشعب عنه .

    ويبدو ألان إن التاريخ يعيد نفسه . إن من أنتفض اليوم هم أنفسهم من انتخبوكم بالأمس وعليكم أن تدركوا الدلالة الرمزية التي عبرت عنها شعارات التظاهرة والتابوت والكف الملطخة بالدم وقد قطع إصبعها البنفسجي .

   لم يبقى من الديمقراطية شيء سوى اللهفة على التربع على كراسي الحكم ونيل ما يمكن من مغانمه بالصراع المرير والمستمر وليذهب الشعب ومعاناته إلى الجحيم . بذلك أصبحت الطبقة السياسية في واد والناس في واد آخر وهنا الخطر . بعد كل هذا ما الذي تبقى لكم ؟

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

 
 

 

لا

للأحتلال