Untitled Document

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  


حجر

بقلم: د. كاظم الموسوي

 

" حتى الحجر اذا نقل من مكانه يخف وزنه"

مثل كردي

 

مكثت انهي الاوراق التي كان علي اكمالها، حين زارنا الرفيق المسؤول الجديد لفصيل الاعلام ـ الاذاعي، وطلب مني الذهاب معه لزيارة الحزب الحليف المجاور لمقرنا، حيث علاقاته اكثر من جيدة مع قياداته وربما سيخبره بمهمته الجديدة وتوجهها او تحركه القادم وقد يكون طلب التعاون الجبهوي، كما هو واضح من علاقاتهما الخاصة والعامة، او كما هو يحاول الاشعار بذلك من جانبه، حيث لا اعرف موقف الطرف الثاني منه ومن مواقفه. ولكن حين عاد مع الاخرين وذكروا لي انهم استقبلوا بكؤوس اللبن والتمر فقط، بينما كانت تمر من امامهم صوان عامرة بما لذ وطاب، لموائد حافلة بما رزق الله من حلال وحرام، وما اهل لغيره، وعرفوا ان القاعة الثانية الرئيسية كانت لاستقبال وفد رسمي من بغداد، وكانت زيارتهم بغير وقتها وغير محسوبة، حمدت الله انني كنت مشغولا فعلا ولم اصاحبهم هذه المرة، واعرف بعضا من الادعاءات والتبجحات، اضافة الى ما كنت اعرفه.

وفي جلسة الاتفاق على موعد السفر وتقسيم العمل تم الحديث عن الاذاعة وبرامجها ومكانها، وبداية البث يوم عيد الحزب، احتفالا وابتهاجا، واستعدادا صحيحا منتظما، وان يكون البث لمدة ساعة، نصفها باللغة العربية والاخر بالكردية. وان اتحمل اعداد القسم العربي وهو وخوشناو القسم الكردي، ونتبادل المشورة قبل الاعداد، وان نتقاسم المواضيع وترجمة ما ينفع من لغة الى اخرى. واتفقنا وذهبنا على هذا الاساس. اذ ان عملنا اشبه بـ"التطوع" الحزبي طبعا، حيث لم يكن التنظيم الحزبي قائما ولم يعد التسلسل الهرمي والقيادة والقاعدة في العمل الحزبي موجودا.

وصلنا بعد مسيرة ثلاثة ايام متتالية، نكمن النهار ونتحرك بعد غياب الشمس، بقافلة من الرفاق الانصار والبغال واجهزة الاذاعة، ومهندسيها الثلاثة وحراسها الخمسة وكتبتها وقائدهم الميمون واسلحة خفيفة للحماية والواجب ودرأ الاخطار والرد على الاعداء المتحاربين من اشهر باشد من الجحيم. والتحق بنا اربعة من بينهم مهندس وآخر مذيع باللغة الكردية. ونصبنا المعدات في المكان المحدد والمقرر من قبل الرفيق المسئول وحده، لا احد غيره يعرفه عيانيا او زاره من قبل. ومن منا يستطيع ان يناقش او مجرد ان يطرح تساؤلا عن اختيار المكان واستراتيجيته العسكرية والاعلامية وظروفه وحمايته وموقعه في منطقة حرب مكشوفة ومعلنة بين بلدين وحكومتين وجيشين، لا نشكل "نحن" بالتالي بينهما شروى نقير او عفطة عنز؟! كما يقال في مثل هذه الاحوال، وهكذا فرض الامر وطلب الصمت والعمل والله اعلم ما في القلوب!.

ولابد ان اوصف المكان ليبقى في الذاكرة والاطلاع. من الصعب تحديد موقعه، ولكنه جبل عال اجرد من كل ما خلق الله من غابات، إلا ثمة شجيرات من العفص منتشرة متناثرة كأن الله نشرها حين غفوة، او رمية دون انتظار لزارع هاو لا يعرف النثر والزرع، وعين ماء عليلة شحيحة في المربع الاول من قامة الجبل، حفرت لها حفرة صغيرة كأنها خجولة منها. كيف حصل هذا في هذا المكان الغريب؟ لماذا لا توجد واحة عامرة مع وجود الماء، كما هو معروف في غيره، انها من بدائع الزمان في طبائع كردستان!. اختار الرفيق لنا المربع الثاني مقرا للتحرير والاعلام، تقربا من عين الماء وابتعادا عن الخطر اذا ما داهمتنا الطائرات وقصفت "مبنى" الاذاعة، وان يكون الجهاز الاذاعي في المربع الثالث، تحت شجرة مصفرة الاوراق، وجهاز البث والارسال في المربع الاخير قريبا من القمة ولابد ان يكون مرنا يتحرك موقعه ويمكن نصبه ليلا وتجميعه نهارا. نصبنا الخيام واعددنا شايا وجبنا وخبزا وبصلا لليلة الاولى، ما قبل الاخيرة من شهر آذار، وغدا موعد العمل، وهنا الوردة .. فلنرقص هنا!.

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

مقالات مختارة

 تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

webmaster@saotaliassar.org    للمراسلة