Untitled Document

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

المغرب: خطوة إلى الأمام.. خطوة إلى الوراء

 

د. كاظم الموسوي

تشهد المغرب تطورات عديدة في مشهدها السياسي، لكنها في الواقع تسير خطوة إلى الأمام، خطوة إلى الوراء. ففي الوقت الذي تتوسع عمرانا واستثمارات أجنبية وتتطور وسائل كثيرة فيها، من مواصلات واتصالات إلى خدمات سياحية كبيرة، تكثر لديها أيضا أعداد الخريجين الباحثين على عمل وأعداد العاطلين عن الإنتاج، وأعداد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر. هذا فضلا عن التموجات في مساحات الحريات العامة والإعلام وحقوق الإنسان والعدالة ومحاولات تبريد سنوات الجمر والرصاص. تلك انطباعات من زيارة سريعة للمغرب، خلال أيام المؤتمر الوطني الثامن لحزب التقدم والاشتراكية (28- 30/5/2010)، الذي شاركت في أشغاله بدعوة كريمة منه. واستمعت لكلمة أمينه العام السابق الرفيق إسماعيل العلوي، واطلعت على وثيقته السياسية وشعاره: نحو جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديمقراطية.

علق أكثر من مراقب سياسي على ما انتهت إليه الانتخابات البرلمانية الأخيرة في المغرب (عام 2009) من خيبة لآمال الأحزاب السياسية التي اشتركت في مرحلة التوافق التاريخي، لاسيما أحزاب اليسار المغربي وشاركت فيها. إذ كانت الممارسات التي طبعت فترة الانتخابات وما بعدها تشي بعودة وهيمنة المخزن والمال السياسي والفساد والمفسدين، كما ورد في الخطاب السياسي المغربي الحريص على إنجاح التجربة وتعزيز مسار المسلسل الانتخابي، واستكمال مرحلة الانتقال الديمقراطي سلميا. ولاحظ حزب التقدم والاشتراكية في وثيقته الأساسية، ان أوساطا تقليدية مخربة للعمل الديمقراطي السليم واصلت أساليب مسيئة للمشهد السياسي الحزبي، مما ترك أثره في العزوف الواضح لفئات اجتماعية واسعة عن الشأن السياسي، وضعف تجذر الثقافة الديمقراطية في المجتمع والتنمية الإنسانية والبناء الوطني.

والحزب مشترك في البرلمان ولأعضائه فيه نشاط كبير، ومشترك بوزيرين في الحكومة الحالية، احدهما الناطق الرسمي باسم الحكومة، ولديه صحف ومبادرات إعلامية ونشاط سياسي مع كتلة ديمقراطية سواء في العمل البرلماني أو اليومي، ولكنه كحزب مسؤول يراقب العملية السياسية وتطوراتها والتحولات السياسية والثقافية والاقتصادية ويسهر على تقدمها وتغيرها نحو المغرب الديمقراطي، دون ان يعفي نفسه من تصحيح أية عرقلة أو تراجع عن التوافق التاريخي الذي اختاره بوعي وحرص على انتقال البلاد إلى ما يصبو إليه كل مواطن مخلص لشعبه ووطنه. كما يناضل الحزب من اجل تصويب ما يراه مخلا بالخيارات الوطنية التي انتهى إليها الشعب المغربي، في المشاركة السياسية والعمل على انجاز مهمات مرحلة الانتقال الديمقراطي وتطوير الإصلاحات نحو التغيير الشامل والتقدم الحضاري. ويرى الحزب نفسه في موضع المساءلة عن عمله ومشاركته وقناعته في "الحل الوسط التاريخي"، الذي يتفق مع المرحلة التاريخية والممكنات الواقعية للتطور والانتقال في المغرب. وبعد معالجته لكل التطورات الداخلية في العمل السياسي والحزبي والشعبي، ومقاربة مرحلة التوافق والمشاركة في تدبير الشأن العام، "ينتصب تساؤل مركزي: هل ما زلنا، من حيث التشكيلة السياسية والمؤسساتية والحكومية، في مرحلة التوافق التاريخي، أم أن مهام مرحلة الانتقال الديمقراطي قد انتهت، وآن الأوان لولوج مرحلة الممارسة الديمقراطية الطبيعية والسوية؟  وهل أصبح المغرب في منأى عن خطر التراجع في مجال البناء الديمقراطي بارتباط مع تحولات موازين القوى؟. ويرد عليها في برنامجه: إن الواقعية تملي علينا أن نستحضر أن أوساطا نافذة، ومؤثرة، أصبحت تعتبر أن مرحلة هذا الانتقال قد انتهت وولت، وأن ندرك، تبعا لذلك، أنه حتى لو افترضنا، جدلا، أن إرادة الاستمرار في التوافق الحالي لا تزال متوفرة لدينا، ولدى بعض حلفائنا، فإن تطورات الحقل السياسي الأخيرة تؤشر على أن المسألة لم تعد تقارب بالرؤية نفسها من قبل فاعلين سياسيين، من مشارب مختلفة." ولهذا يعمل الحزب لإنضاج الحل التاريخي ومراكمة المكاسب العديدة التي تخللت التجربة، وفحص وتدقيق الصعوبات والإخفاقات التي ما فتئ الحزب ينبه إليها ويدعو إلى تجاوزها ويقدم بدائل ملموسة لها.

ويعمل الحزب بكفاح مستمد من تاريخه النضالي إلى: "ان حزب التقدم والاشتراكية، الذي ناضل من أجل تحقيق هذه المكاسب، وهو في موقع المعارضة البناءة، وأسهم في بلورتها وتنفيذها، وهو في موقع المشاركة الفعالة في تدبير الشأن العمومي، يثمن ما تحقق من تقدم ملحوظ، وتحولات عميقة، وإصلاحات إيجابية، ويدرك جيدا مكامن الخلل ومواطن الضعف، قياسا بالحمل الثقيل الموروث عن المرحلة التاريخية السابقة، وبحجم الانتظارات الشعبية".

ويبدأ الحزب في التغيير من نفسه أيضا، فقد أنجز مؤتمره بنجاح وبحضور كبير من أعضائه، المؤتمرات والمؤتمرين (1843) وبانتخاب قيادة جديدة، وأمين عام جديد، هو الرفيق نبيل بنعبد الله، دخولا إلى مرحلة جديدة من العمل والكفاح لجيل جديد من الإصلاحات والتوافقات والتحالفات والبناء. ومن الأمور الجديدة فيه هو تخلي الأمين العام السابق برغبته، بعد انتخابه  لدورتين متتاليتين، عن مركزه، وتشكيل مجلس رئاسة للحزب إلى جانب المكتب السياسي واللجنة المركزية، برئاسته وعضوية كوادر حزبية قيادية أسهمت بقسطها في العمل الحزبي، والنضال الوطني، وكذلك متابعة مهمات الحزب التي طرحها في وثائقه التي اقرها المؤتمر الثامن الوطني.

تلفت الانتباه هذه التجربة الحزبية في تاريخ الحزب والحركة الوطنية في المغرب والعالم العربي عموما. وهي دعوة إلى التعلم منها وان تصبح تقليدا حزبيا عربيا يسهم بكل معانيه في معافاة الحركة الحزبية وعملية التغيير والحداثة المنشودة. وتفيد مثل هذه التجربة اغناء العمل الحزبي العربي والسياسي والإسهام في إعادة بناء الحركة الجماهيرية التي تسعى إلى تفعيل الحراك الشعبي وتطويره للنهوض العام، وطنيا وقوميا، والدخول فيه إلى مرحلة تاريخية جديدة من المشاركة والتحول التاريخي. وهي من بين ما يلاحظه المراقب ويلتفت إليه لأنها مثلا يضرب ونموذجا يتوجب الاحتذاء به، كي تكون الأحزاب السياسية في العالم العربي قادرة فعلا على تطبيق برامجها وأهدافها وفعالة بين أعضائها وشعبها وقواها الجماهيرية، ليس بتضحياتها الجسيمة وحسب وإنما بنموذج القيادة المتقدم في العطاء والمثال الديمقراطي، وان يمارس كل فرد وظيفته من موقعه وموقفه وقدراته. ومن أجل أن تصبح التطورات السياسية الوطنية والحزبية، وفي ظروف عالمنا العربي، محققة للقول المشهور..خطوتان إلى الأمام، خطوة إلى الوراء....

 

k_almousawi@hotmail.com 

www.kadhimmousawi.blogspot.com 

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

Rahakmedia - Germany

مقالات مختارة

 مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

webmaster@saotaliassar.org للمراسلة   

 
   

 

 

لا

للأحتلال