الصفحة الرئيسية |
|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية |
|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية |
|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية |
|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
|
---|
صانع أقفاص المتاهة في الطريق:
اقتراب ساعة فك الذيول المربوطة
حمزة الحسن
منذ عدة اسابيع ونائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن يرهز على العراق ويهدد بزيارته لكنه يؤجل الموعد، وسرورنا بهذه الزيارة المرتقبة لا علاقة له بالسياسة ـ اذا كان ما يجري في العراق هو علم سياسة وليس علم جريمة ـ ولكنه سرور آخر يتعلق بطبيعة هذه الشخصية وطبيعة الدور وكذلك الطريقة التي يأتي بها والظروف ونوعية الناس الذين يلتقي أو لا يلتقي بهم والصورة الضاحكة المستبشرة المرافقة للزيارة، والحفاوة الأسطورية التي يقابله فيها الرئيس حسام الدين الطالباني التي هي خليط من العناق والشم والضم على الصدر وتأمل الوجه بشاعرية خرافية فذة كما لو أن حسام الدين كان تائها في صحراء وجاء المنقذ من السراب.
أبو كاترين لا يصل فجأة كما نتصور لأن الغرف المغلقة والشاشات تعبّد الأرضية لهذه الزيارة التي لا غرض ولا هدف منها سوى مساعدة شركاء العملية السياسية على تجاوز الأزمة، عدّاً ونقداً، كما لو أن هؤلاء الشركاء يستعدون للتخرج من دار الحضانة أو مأوى للقاصرين أو مصح عقلي للتأهيل المهني ويقومون بتجربة عمل في بناء أو مزرعة أو انهم من مطلقي السراح من اصلاحية للأحداث للإطمئنان على سلامتهم العامة أو من معوقي الحرب المتخرجين، تواً، من دورة سياقة عجلات العوق والخ.
الرجل خبير ومحارب قديم ونائب مخضرم وصاحب مشروع معروف ومعلن لتقسيم العراق كما انه شهير بصناعة الأقفاص والمتاهات والدهاليز وهي خليط من علم السياسة والحواسيب والالكترونيات وفن الحرب والاقتصاد والابتزاز وادارة الأزمات، وهو علم لا نمارسه نحن لأنه يتطلب صبراً ودقةً ودهاءً ووقتاً وعقلية تضحي بالآني من أجل القادم، بالخسارة العابرة من أجل ربح وفير، بالتكتيكي من اجل البعيد، ونفضل العبوة الناسفة والكاتم والمفخخة والحبل والحائط والشاحنة المدعمة بواقية صلبة والرصاص لأن هذا أفضل ولا يأخذ وقتا ولا يحتاج الى تفكير ولا مستشارين وكل ما يحتاجه هو عصابة قتل وتحت أي عنوان وما أكثر العناوين التي لو طبقت لما نجا أحدنا أبدا.
الرجل في زيارته المرتقبة لن يأتي ليساعد أحدا ولا يخطر هذا في باله أو برنامجه بل سيأتي ليشهد عرضا مسرحيا ويفك ذيولا مربوطة ببعضها بخيوط سرية متينة، ويطمئن على متانة القفص المنجور بمهارة وهو يشاهد مخلوقاته وهي تلوب من زاوية الى اخرى، ومن متاهة داخلية الى ثانية، وتفتح أبواباً مغلقة داخل المتاهة لكنها لن تصل الى الأبواب الخارجية التي يعرف الرجل جيدا أنها مغلقة باحكام، وسيشاهد، بنشوة، ان هذا القفص الصغير تتحرك داخله، بمعجزات وقدرات الحاسوب والسياسة والجيش والأذرع الخفية، سيارات وجماعات وولائم وزيارات وزعماء وانصاف زعماء ومؤتمرات وحفلات شاي وعناق وتسمع فيه طقطقة حبات المسابح لكن نزلاء القفص وعند الوصول الى الباب الأخير، باب النجاة والخلاص والحل، بوجوه تطفح بالابتهاج والأمل، حتى تكون هذه الباب تفضي الى باب أخرى أو لا تفضي الى طريق بل متاهة جديدة.
سيضحك أبو كاترين بجلجلة محارب فيتنامي قديم وهو يقرر هذه المرة المساعدة في الخروج من هذه المتاهة السياسية فعلا ولكن بشرط أن يكون قد تأكد تماما ان الشركاء قد وصلوا، في النهاية، الى الاستنتاج الوحيد والحقيقي والقطعي، وبعد كل الانهاك ومحاولات الخروج من القفص على مدى شهور واستنزاف الطاقة والدم والمال والولائم، الى نتيجة كان يجب معرفتها من وقت أبكر وبلا كل هذا الوقت الضائع وهي: ان الخروج من القفص مستحيل لأنه بلا أبواب طوارئ، أولا، والباب الرئيسي فيه، ثانيا، مغلق ومموه والمفتاح الوحيد هو في جيب السيد أبو كاترين، وعليه سيكون هؤلاء أمام خيارين: إما الركض واللف والدوران العبثي السيزيفي في هذه المتاهة وهذا القفص بلا جدوى، لأنه كلما تمكن فريق منهم من الحصول على العدد القانوني لكتلة برلمانية كبيرة، وجدوا الكتلة المجمعة في اليوم الثاني أو بعد ساعات قد صارت كتلا وشيعا وأحزابا وطلبات جديدة واحتجاجات كما لو ان صانع المتاهة أو القفص يملك كل خيوط كرة الصوف وحين يتم العثور على رأس، تظهر العشرات، أو قبول( مساعدة) نائب الرئيس.
الغريب ان هؤلاء الشركاء لا يشعرون بوجود أي قفص ولا متاهة ولا جدران، وكلما حاول أحدهم التحرك نحو اليسار، مثلا، شعر بثقل الخطوات وان قوة تجذبه نحو الخلف، من دون أن يرى أن ذيله مربوط بذيل غريم يتحرك في الاتجاه المعاكس بالقوة نفسها وفي الوقت نفسه، ويستطيع هؤلاء التكلم مع العالم ومع كل وسائل الاعلام سواء من الحمّام أو الحقل أو الضريح أو المكاتب وبلا ازعاج ولا أحد يعترض طريقهم في الذهاب الى أي مكان ولا يحجر على أصواتهم، اذا كانت تلك الزمجرة أصواتا، ومع كل هذه الديمقراطية( المخصصة للنخبة الحاكمة والحواشي فقط) لكنهم على مستوى العمل الجوهري والقرار السيادي لا يتقدمون خطوة واحدة، بل حتى لا يتراجعون خطوة واحدة كما لو أنهم مقيدون بسلاسل سرية وهي بلا أدنى شك طبيعة بناء المتاهة والدولة والدستور والسلطة والمؤسسات، البناء الداخلي والبنيوي والعضوي القائم على التداخل في الصلاحيات والمصالح والطوائف والأحزاب والأهداف والفتن والثارات والمخاوف، وهذا التداخل البريمري الشائك يمنع بصورة حاسمة أية خطوة مصيرية بلا( مساعدة) أبو كاترين ومن معه.
زرع الخوف والقلق والهواجس بين شركاء عمل سياسي خلال سنوات الثأر المتبادلة والاحقاد في مجتمع مؤسس على الثأر والشرف والخوف من العار والحرص على الواجهة والشكل، واللعب على هذه الأوتار، يجنب صانع الاقفاص الكثير من المتاعب والظهور في الواجهة، لأن القلق سيقوم بدور الحبل اللاجم من كل حركة الى الأمام، والخوف من الآخر والارتياب منه يشكل رعبا من القادم، والهواجس تنتج سلسلة من التصورات عن حليف غير مؤتمن أو غادر.
حين يقترب هؤلاء بعد قطيعة طويلة في لقاء، يحضنون بعضهم في ود استعراضي أقرب الى الرعب والاحتقار منه الى الشوق والاحترام، وفي بعض حالات العناق يلوح هؤلاء كمخلوقات تلتقي في كوكب آخر، ويعزز هذا التصور مشاهد حميمية مفرطة في الاناقة في الظاهر ولكنها مفرطة في التصنع في الباطن، قبل الاجتماع، كما لو أن المُشاهد أمام عرض دعائي سريع لفيلم عاطفي وعائلي، لكن يتلاشى كل هذا في الوجوه المحبطة، بعد الاجتماع، والتعثر في الكلمات واللاقطات والذهول الغريب على وجوه كما لو كانت قد خرجت، الآن، من حفلة جلد أو مشاهد رعب.
كل هذا يعرفه نائب الرئيس الأمريكي بدقة مجهرية ولكن اللياقة والسياسة والاحتلال والقانون الدولي والشعب والكاميرات تقتضي سلوكا مغايرا في الظاهر: سلوك صديق مغرم بعشق مساعدة هؤلاء الشركاء على الخروج من هذه الورطة وهي من صنعه، ومن هذا القفص وهو نجارته، وهذه المتاهة وهو من خطط لها وصمم أنفاقها الداخلية وحمل المفتاح الوحيد وترك الجميع يركضون في الممرات، أحراراً، لكن الحرية ليست في أن تركض بل أن تصل الى هدف وهذا الهدف يعرفه أبو كاترين ويعرفه الرئيس حسام الدين المؤدلِج النظري لهذا القفص والمعبر عنه في بعض الهفوات بعبارات أقرب ما تكون الى لغة الحقيقة مثل:( نحن على وشك الخروج من النفق) أو( الشركاء يبذلون جهدهم للخروج من الوضع غير المقبول) أو( نحن نقترب من حل لهذه القضية وعلى وشك الاتفاق) وهذه التصريحات تؤكد وجود القفص أكثر مما تنفيه لأن التركيز على( الخروج) يعني في الأعماق ان هناك مخلوقات حبيسة في الداخل تلوب للخروج ولكنها تبحث عن طريق ـ لا ندري هل راقبت لجنة الحكماء أو أية لجنة متخصصة بمراقبة حركات الرئيس الطاعن في السن وهي لجنة موجودة في دول كثيرة في العالم من أجل الحفاظ على الهيبة الشخصية والدولة، ان الرئيس صار ينظر في اللقاءات القصيرة المرتبة مع وسائل الاعلام الى الأعلى بذهول وبنظرات مخلوق فضائي أو أسير؟
المشكلة ليست في العثور على طريق للخروج من هذه المتاهة ولكن أولا وأخيرا المشكلة هي في نوع الطريق، وحتى تُنهك هذه المخلوقات من البحث والدوران والاجتماعات والاحباط، سيقوم نائب الرئيس، ومن خلال الرئيس حسام الدين برمي المفتاح من تحت الباب المغلق وبعنوان:(حكومة وحدة وطنية) وهو عنوان يغري بكل أنواع الفرح والأمل والبهجة ولا يمكن لأحد مقاومته علنا أمام الناس بصرف النظر عن محتواه في هذا الصيف المهلك والترقب والا وقع في ورطة أخرى، ومن يرفض سوف: لن يجد دعماً من الجوار، ولا المجتمع الدولي، ولا الاحتلال، وسيتأخر الانسحاب، وتفتح سجلات سرقات مؤجلة وتذاع اسرارا، ويؤلب هذا على ذاك، ولن يجد عوناً من صندوق النقد الدولي ولا صندوق المعونة الأمريكية ولا صندوق الجامعة العربية السياسي، ولا أي صندوق آخر غير صندوق المتاهة أو قفص المتاهة، وتستمر الصواريخ المجهولة الهوية، كالجثث، تمطر على المنطقة الخضراء بعيداً عن طائرات الاستطلاع المسيرة آليا والتي تكشف كل صغيرة وكبيرة إلا الصواريخ الذكورية، لأن طائرات التجسس الصغيرة الالكترونية الانثوية الشكل مبرمجة على صور الأطفال وهم في أسرَّة النوم من مبدأ عسكري يعرفه جيداً المحارب القديم ونائب الرئيس: قتل الاحلام في المهد أفضل طريقة لتجنب حروب قادمة وصنع السلام.
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة
الرئيسية
|
مقالات
|
دراسات
|
عمال
ونقابات
|
فنون وآداب
|
أرشيف
الأخبار
|
المرأة
|
الأطفال
|
إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة
© 2009 صوت
اليسار العراقي