Untitled Document

الأوضاع السياسية في بلادنا في ضوء الانتخابات الأخيرة – نظرة عامة ومراجعة جديدة

 

أحمد الناصري 

لم أستطع الكتابة والنشر أثناء الحملات الانتخابية المحمومة بكل تفاصيلها الغريبة والمخجلة، لظروف شخصية قاهرة، مما أتاح لي فرصة أن أتابع واطل بهدوء على المشهد السياسي في بلادنا وعلى اتجاهاته الرئيسية واحتمالات المستقبل بشكل دقيق ويومي، منطلقاً في ذلك من الفكر الوطني النقدي الذي ينظر الى الواقع المحدد على أساس شروطه وأسسه الموضوعية والحقيقية، وليس على أساس الرغبات والأمنيات الذاتية الساذجة أو الوهمية، أو القبول والتسليم بالواقع الحالي، باعتباره الواقع الراهن أو المفروض علينا، ومن ثم القبول به على هذا الأساس الخاطيء، أو الادعاء بمحاولة تغييره، رغم عدم توفر أداوت وشروط التغيير، ثم التحول الى جزء من الواقع الراهن المفروض علينا في لعبة تبريرات واهية ومتهافتة لم تصمد أمام الواقع الحقيقي والمتحرك نفسه. وكنت قد سجلت آرائي ومواقفي من الانتخابات في مجموعة مقالات منشورة، أستطيع أن ازعم من جديد أنها صحيحة ودقيقة ومتطابقة مع النتائج التي ظهرت لاحقاً.

بهذه المناسبة وهذه اللحظات الخطيرة والملتبسة، وفي ضوء النتائج الكارثية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية، التي شخصناها وحذرنا منها من قبل، ومحاولة تكريس الوضع السياسي الحالي، بكل بؤسه وانحطاطه بشكل نهائي ودائمي، لا بد من التأكيد على المنهج الوطني النقدي والمعايير الوطنية في التحليل والاستنتاج، وعدم الإنجرار في كل مرة وبسهولة والسقوط في أوحال التشوه والعدمية وتدوير وتحويل المفاهيم الوطنية والمواقف والتجارب السابقة. وكانت مواقفنا تنطلق من الفكر اليساري الوطني المتجدد، الذي يراقب ويرصد الواقع وتطوراته كما هو دون حسابات غير مبدأية وغير جادة، وعليه فنحن نواجه أزمة بنيوية عميقة وشاملة تتعلق ببلد محتل، ومحاولة فرض نظام طائفي تابع ومتخلف عليه، وهذا ما لا تحله انتخابات لا تطرح بديلاً وطنياً واضحاً.. تلك هي المسألة الرئيسية التي تواجه الحركة الوطنية الجديدة.

بالنسبة لنا، فقد أكدنا على الحقائق الرئيسية الجارية في بلادنا منذ الحرب العدوانية الأمريكية واجتياح وسقوط بغداد بيد الجيش الأمريكي الاستعماري، وتنصيب دمى مجلس الحكم المشوهة والتافهة، ثم الانتقال الى لعبة الانتخابات ومواعيدها القسرية والمفروضة من قبل بوش وأدارته، لإضفاء شيء من الشرعية المستحيلة على الاحتلال، وقد تقاسمت الأطراف التي قبلت بمشروع الاحتلال هذه اللعبة بعد ضمان مواقعها من خلال التقسيم والتكريس الطائفي الخطير والمقيت، والذي طرح في مؤتمر لندن قبل الحرب والغزو، لتتوالى الخطوات الخاطئة الأخرى، والتي كان أخطرها فرض الدستور بالطرق والصفقات البائسة المعروفة، وصولاً الى الانتخابات الأخيرة، والتي أدت الى نفس النتائج المحسوبة والمخطط لها مسبقاً، ولكن بحجة مزيفة وتضليلية أسمها الديمقراطية والعملية السياسية والانتخابات، رغم عدم توفر أبسط شروط ومقومات الانتخابات الطبيعية والشفافة كما يقولون، ومنها التعداد السكاني وقانون الأحزاب، ورغم النتائج المرعبة والصارخة والتي تعد مؤشراً على التراجع والتدهور العام في جميع المجالات.

لقد كانت العملية الانتخابية، بالنسبة للجهات الحاكمة أو القريبة من الحكم والعملية السياسية، عملية أمنية ودعائية بامتياز واضح، وكطريقة وأداة للاستمرار بالحكم بواسطة أساليب غير ديمقراطية وقسرية، حيث مارست تلك القوى فيها أحط أشكال الفساد المالي والسياسي وتوزيع الهدايا والعطايا والأراضي والوظائف والمسدسات الحربية والبطانيات والكباب والمواد الغذائية، واستغلال إمكانيات السلطة وأعلامها الديماغوجي المتخلف، والتهييج والحشد الطائفي والديني السياسي والعشائري المكشوف والمتستر، واستغلال المناسبات والطقوس الدينية والأمية والجهل والعزلة والعوز والتخلف، والتهديد والتخويف من المجهول وعودة (البعث) لفرض نمط مشوه في نهاية الأمر، الى جانب أساليب بدائية ومنحطة كثيرة، لا يمكن تصورها أو تصديقها، في بلد عادت فيه نسبة الأمية ووصلت الى أكثر من النصف.

لقد قيل الكثير من الكلام المفيد وغير المفيد، ومن اللغو المفرط والفارغ والكلام المحدد والدقيق، من قبل المؤيدين للانتخابات والمعارضين لها، فقد قيل كل شيء تقريباً، وظهر وتبين كل ما هو مضحك ومبتذل وما هو تافه وسطحي، لكن مالآ حراماً معروفاً ومجهولاً قد سفح على مذبح الدعاية الانتخابية، وفي النهاية سقط من سقط ووصل من وصل الى مبتغاه وغايته، لتحقيق مآربه الشخصية بالطرق الدونية. ولا يهم مستوى وحجم الوعود التي قيلت، فهذه فقاعات ووعود سوف تتلاشي وتنتهي مع قيام الإدارة الجديدة بدورها المرسوم والموكول أليها، لكن أهم ما قيل هو موقف الناس في الشارع العراقي الذي رفض كل شيء وشكك بكل شيء، وشخص الحالة والوضع كما يجري وكما هو معاش ومتوقع، وتلك كانت عينات مدهشة للرأي العام والنواة الوطنية الواعية والراقية، خارج أطار التخريب والتشويه والتظليل الذي يقوده الاحتلال والأطراف الطائفية المتفقة معه والمحمية من قبله بواسطة الاتفاقية الاستراتيجية مع المحتل كأداة لبقائه وتحقيق مصالحه الحيوية كما يسميها.

لقد أكدنا في وقت مبكر على الربط بين عملية الانتخابات وارتباطها ب(العملية السياسية الأمريكية)، وهذه زاوية أساسية وحاسمة، لا يمكن تجاوزها أو التغاضي عنها والتقليل من خطورتها بأي حال، (وأستطيع أن أعود وأنقل نصوص مبكرة كثيرة) من أن هذه الانتخابات سوف لن تغير شيء من الأوضاع المأزومة والخطيرة في بلانا، ولن تساهم في الخروج من المأزق التاريخي الذي بدأ قبل الاحتلال وأستمر الى الآن، لكن أهم وأوضح ما قلناه هو إن هذه الانتخابات هي استمرار للعملية السياسية الأمريكية التي بدأت مع مجلس الحكم  الممسوخ واستمرت الى الآن. فهل يمكن إثبات هذا الكلام الخطير أم لا وكيف؟؟ وجوابنا أن كل الخطوات التي جرت وتجري فيما يسمى بالعملية السياسية الأمريكية، مفروضة ومقبولة من قبل الاحتلال، وهي تجري بأشرافه والتنسيق معه، كما إن جميع ما يسمى بالقوى الرئيسية المشاركة في إدارة الحكم، الى جانب أطراف أخرى، لا ترفض ولا تعارض خطط الاحتلال في بلادنا، وهذا ما أثبتته وأكدته التجربة السابقة والبرامج والشعارات الانتخابية التي لم تتطرق أو تفصل بقضية المسألة الوطنية وتحقيق السيادة والاستقلال، وهي لا تعنيها، والطائفي تهمه طائفته ومصالحة الشخصية الضيقة ولا يهمه الوطن، وقد تمسكت هذه الأطراف بالمعاهدة مع الاحتلال، التي تتضمن وصاية على بلادنا وشكل من أشكال التبعية والهيمنة والارتباط المفتوح به، مع حماية للإدارة المحلية. كما توجد عناصر رئيسية في العملية السياسية، لا تزال تعتبر الاحتلال تحريراُ، وهناك عناصر مرتبطة أرتباطاً مخابراتياً علنياً وغير مخفي بالمحتل، وهذه العلاقات لم تتغير أو تتبدل الى هذه اللحظة، وقد لا تتبدل.

هناك محاولة خبيثة وخطيرة تقودها مؤسسات سياسية وفكرية ومخابراتية وإعلامية عديدة للعب على الوقت، واستغلال الأزمة العامة لتمرير وتكريس المفاهيم الخاطئة وخلق وصناعة جيل جديد من السياسيين والمثقفين بدون ذاكرة أو مواقف وطنية للاستمرار في اللعبة القذرة القائمة اليوم، وقد بذلوا جهوداً وأموالاً طائلة لتحقيق هذه النتيجة، لكن يبدو إن أساليبهم لا تزال متخلفة لتحقيق اختراق كبير وحاسم في الكتلة المجتمعية الأساسية في ظل معارضة وطنية واسعة للاحتلال وللطائفية والتخريب والتخلف، لكن هذا الميدان سيبقى ميداناً أساسياً يدور حوله صراع حاسم وشرس الى النهاية.

نحن مع الديمقراطية والحرية والحداثة من غير جدال أو تردد، والديمقراطية قضية رئيسية من قضايا الحداثة والمدنية، وهي تحتاج الى شروط وأدوات كثيرة، سياسية واجتماعية واقتصادية وتشريعية، تتراكم بالتدريج وبشكل متواصل ومترابط. والانتخابات هي أحد آليات الديمقراطية، وقد تتعارض معها ولا تؤدي إليها، كما في حالات فوز وصعود القوى الفاشية أو القوى الدينية والطائفية الرجعية والمتخلفة فيها، أو ترسيخ وتقديم القبلية البدائية على تطور المجتمع نحو المدنية الحديثة بواسطة التعليم والبناء المجتمعي الحديث، فأن الانتخابات الأخيرة كرست الانقسام الطائفي والعرقي بشكل واضح وكامل، فكيف لنا أن نتفق مع ما هو غير وطني وغير حديث، بل يشكل نكسة وتدهور عن الحالة السابقة التي كان يعيشها المجتمع في كافة المراحل؟؟ لقد عادت الطائفية والمحاصصة والتبعية للمحتل والتدخلات الإقليمية كما أردوا لها أن تكون.

 لقد قلنا في وقت مبكر أيضاً أن المالكي وجماعته الطائفية لن تغادر مواقعها القديمة، وهم غير قادرين على ذلك لأسباب كثيرة معروفة، وهو لا يملك أن يكون وطنياً وديمقراطياً بالادعاء والكلام الفارغ، فقد كانت تجربته بالسلطة واضحة ببعدها الطائفي وارتباطها بالإرهاب الداخلي والفساد الواسع والأمتيازات الحزبية، وقد ساهم في استغلال موارد وإمكانيات السلطة في حملته الانتخابية المكلفة وتوزيع الهدايا والمسدسات الحربية والعطايا وبناء مؤسسات عشائرية متخلفة لكسب أصواتها، وعدم التحرك ولو البسيط لحل مشاكل الخدمات المتفاقمة، ومعالجة مشاكل البطالة والفقر والجوع، بينما كشف المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد إعلان نتائج الانتخابات عن هستريا ملفتة وهو يقول لأنصاره( أن الوضع لا يزال تحت السيطرة) وكأنه يتحدث عن انقلاب عسكري ودبابات تتقدم نحو (القصر الجمهوري) المحمي من قبل الاحتلال، ثم توالت الاتهامات والحقائق المفزعة حول مستوى التزوير والتخريب الذي رافق انتخاباتهم، والتي تبجحوا بنزاهتها وشرعيتها بل بشفافيتها، تلك المفردة التي استهلكت وفقدت كل معنى لها من أيام الجعفري (الشفاف)، والذي كررها في غير محلها بمناسبة وبدون مناسبة. وأخيراً عاد المالكي الى مواقعه الطائفية التقليدية بعد أن أعلن عن قبوله العودة الى الائتلاف الطائفي القديم (بنفس مضمونه السابق ولكن باسم جديد) حسب تعبيره، وكأن المشكلة في الاسم وليس في المضمون. كل ذلك التعارك والتهافت يجري من أجل سلطة تافهة تقبع تحت الاحتلال، وقد عادوا للتهديد وللحوار بالسلاح والمفخخات في وضع أمني هش وخطير قابل للانزلاق والانحدار بسهولة تامة، بينما استغلت الوضع القائم، أطراف عديدة تقود الإرهاب الغامض لتضرب بغداد من جديد.

أما بالنسبة للحركة القومية الكردية، ورغم أن الانتخابات حددت حجمها الطبيعي، لكنها ظلت تلعب نفس الدور الخطير والقديم، بالاعتماد على الاحتلال وتقديم التنازلات له، واستغلال ضعف المركز، وتهافت البعض على الحكم عبر صفقات بينية، بينما يستمر تدهور حال الناس في كردستان بسبب الفساد الشامل وتقاسم السلطة وغياب الديمقراطية الحقيقية، وسيطرة الزعامات التقليدية العشائرية وبيوت الإقطاع السياسي، رغم ما يزخر به الشعب الكردي من طاقات ثقافية ومدنية وشبابية رائعة. كما إن نجاح علاوي والائتلاف الطائفي، في الحصول على أصوات ومقاعد كثيرة، يؤكد نفس التصورات التي طرحناها، ولا يدلل على شيء آخر جديد أو صحيح.

والانتخابات الأخيرة ونتائجها مناسبة لكشف حالة ووضع الحزب الشيوعي العراقي الداخلية والجماهيرية، ومستوى وطبيعة قيادته، وأساليب العمل بين الناس والجماهير، والأزمة الفكرية والسياسية والإعلامية التي تعصف به. كم تمنيت وأتمنى على الرفاق والأصدقاء المخلصين داخل الحزب وخارجه، وعلى الماركسيين واليساريين الوطنيين، من الذين كانت لهم آراء مبدأية بصدد وضع الحزب ونتائج الانتخابات، ولكل من كتب وتوقع شيء ما أن يعود ويقيم بشكل موضوعي هادئ، بعيداً عن الإنشاء والعواطف والإيمانية الجامدة، وبعيداً عن سلطة وأبوية القيادة، أن يناقش أسباب هذه النتيجة وهذا التراجع المريع والنهائي في حالة الحزب الشيوعي العراقي، السياسية والجماهيرية، التي هي انعكاس لحالته الداخلية والعامة، الفكرية والسياسية والتنظيمية والجماهيرية. فالحزب فقد صفاته الماركسية وتخلى عنها بالتدريج، في مراحل ومواقف معروفة، الى أن وصل الحال الى الانزلاق التاريخي، الحاسم والنهائي، والتعرض واللعب بالموقف الوطني الطبيعي لحزب شيوعي من احتلال عسكري استعماري مباشر، ولكي يساهم ويشترك ولا يعارض تجربة طائفية رجعية بكافة المقاييس، بل سماها ديمقراطية ووطنية، ووافق على كل خطواتها وأعمالها وصمت عن جرائمها، ولا يزال يعول على وطنيتها وديمقراطيتها وآفاقها، بإصرار عجيب، ومن دون مراجعة. وصمت الحزب عن سلوك الحركة  القومية الكردية المشين والمخرب، وعن جرائم الطائفيين، وتلك هي المشكلة الرئيسية، التي بدأت خطوتها الأولى الخطيرة والمشينة في دخول الحزب الى مؤتمر العميل الجلبي عام 92 في مؤتمر شقلاوة، الذي تديره وتشرف عليه المخابرات الأمريكية، وربما سمت قيادة الحزب هذه المواقف بالتطوير الفكري وعدم الجمود العقائدي، في مفارقة هزلية. المشكلة أذن ليست وجود خلل في التكتيك أو أساليب العمل الجماهيري أو ضعف إعلامي ومالي معين، أو الخروج من قائمة العميل الرسمي علاوي، أو وجود ظروف موضوعية جديدة قاهرة فقط، وهذا قصور كبير في المساهمات الجادة رغم قلتها ومحدوديتها. بينما عادت أقلام إنشائية أخرى الى النغمات القديمة والحديث عن التاريخ الغابر وقوافل الشهداء( وعدم التمييز بين الضحايا والشهداء أو الصمت عن شهداء معينين) وعن الشامتين والذين كانوا ينتظرون هذه النتائج، وهو كلام غريب، لا ينفع الحوار الجاد، وهو بلا مستوى أيضاً. فلماذا لم تتحققوا نتائج جيدة لكي يصمت الشامتون، وتضيع عليهم فرصة الشماتة؟؟ إن المطلوب الآن خطوات عملية جادة لدراسة حجم وطبيعة الأزمة التي يمر بها الحزب، وهذه مهمة العناصر الواعية والمخلصة، وليس العناصر المتخلفة أو المستفيدة من الوضع الحالي والقابلة به. ومع كل ذلك فالوضع صعب وهو نتاج تراكم أزمات قديمة كرستها المدرسة اليمينية المتخلفة لكي تسيطر على الحزب وتفرض سياستها الحالية، وقد ضاع وقت طويل لإنقاذ الحزب. لا ندري ما هي أصداء نتائج الانتخابات على الصعيد الحزبي الداخلي؟؟ هل ستطرح وتفجر أسئلة أساسية وكبيرة هو وضع ومصير الحزب، مع أجوبة محددة ومقنعة، وخطوات عملية هامة؟؟ أم إن الحزب أستسلم لمصيره؟؟ بالنسبة لنا لا نعول بشيء على القيادة الرسمية الحالية، لأننا نعرف إمكانياتها وصفاتها وتوجهاتها، بل وارتباطاتها ومصالحها الجديدة. لكن هذه النتائج الكارثية، قد تحرك أوساط معينة في الحزب أو بقايا الحزب، وهناك بين ثلاثة الى ستة أشهر قادمة، لكي يتبين وينجلي الموقف والصورة بشكل تام ونهائي، قد تقود الى إعلان نهاية الحزب وبقائه صورة باهتة على حائط الذكرى، مثل ظواهر وأشياء كثيرة، وقد يكون الحزب في اللحظة الأخيرة، وهذا ما لا نتمناه للرفاق والأصدقاء المخلصين في الحزب، لذلك ينبغي التحرك الجاد والعملي لوضع نهاية لحالة الخراب والتخريب. لقد وصل الحال بإعلام الحزب الرسمي أن يسمح لخائن معروف أن يشبه نفسه بالحزب وبالجراح المشتركة، فيا للبؤس ويا للشقاء، بينما تصدى إنشائي آخر للحملة الانتخابية بشكل ملفت ويومي، وكان سبباً من أسباب الخسارة الفادحة حسب نكتة مرتجلة.

المأزق التاريخي الذي يمر به الوطن، والذي بدأ قبل الاحتلال وتعمق وتفجر معه وبعده، وأخذ أبعاداً خطيرة، لا يزال يسير وفق مخطط الاحتلال، وهو بلا حل آني أو منظور، حيث أن الأحزاب الدينية والطائفية والتابعة للاحتلال، لا تملك رؤية وطنية داخلية لحل مشاكل البلاد، وبناء الدولة الحديثة ومعالجة مسائل الديمقراطية والمواطنة والاقتصاد والسياسة الحديثة في جميع مجالاتها، ونحن إزاء أربع سنوات جديدة، طويلة ودامية من التخريب والفساد والعبث، ومن السيطرة المباشرة للاحتلال، التي قد تتحول الى سيطرة وإدارة غير مباشرة وفق أساليب الاستعمار الجديد، مع وجود قواعد ثابتة و(50) ألف جندي، وأكبر سفارة ومحطة مخابرات في العالم، مما يتطلب تطوير الفكر السياسي الوطني، ومتابعة المواقف الوطنية العميقة والواضحة التي رفضت الاحتلال وتصدت له بجميع الوسائل الممكنة، ومتابعة ودراسة الظواهر الاجتماعية والسياسية الجديدة التي نشأت في المجتمع، وتنشيط الجبهة الثقافية والفكرية، لتحليل وكشف وتشخيص الوضع الحالي، واللجوء الى علم الاجتماع الحديث، مما يعطي للمفكر والمثقف دور خاص في الظروف الحالية، رغم صعوبة المشهد وقله الإمكانيات وشح الأدوات، الى جانب دور المؤسسات الثقافية والفكرية والتعليمية الوطنية، ودور الإعلام الوطني في التصدي لمشروع التشويه والتخريب الشامل الذي يتعرض له مجتمعنا.

لقد فقدت الانتخابات الحالية قيمتها وشرعيتها، في جميع مراحلها وخطواتها، لكن هذه المرة من داخلها وعلى لسان أطرافها، خاصة ما يتعلق بالمال الانتخابي والتزوير الواسع وطريقة فرز الأصوات وإعلان النتائج، والصفقات المخجلة الحالية لكسب السلطة والعودة للحكم في ظل وحماية وتأييد الاحتلال، الذي تدخل وأشرف على الانتخابات بشكل مباشر، ودور ودعم التحرك الإقليمي الواسع بالمال والسلاح والإعلام. وما اجتماع طهران للأطراف الطائفية والقومية (بمشاركة فخري كريم!!) سوى فضحية أخرى، وقد برر أحدهم الأمر على عدم وجود سرية في بغداد والخوف من التجسس والتلصص. فهل طهران قلعة طائفية آمنة؟؟ وهل إن طهران لا تتجسس على أحد؟؟ وكيف الحال في بغداد بصدد الأمور الأخرى، هل كلها مكشوفة لتجسس المحتل، كما بينت غرفة الرصد والتصوير الأمريكية، في ما يسمى مجلس النواب السابق؟؟ أنه تبرير أغرب من الغرابة نفسها، لكنه يكشف طبيعة التخلف والصلف الطائفي، ويكشف الفشل السياسي البالغ.

يبقى دور اليسار الوطني والأطراف الوطنية الأخرى، دوراً أساسياً في العمل الوطني،  والفرص الحقيقية لا تزال قائمة وموجودة، من خلال الإصرار على العمل وتجاوز النواقص والمشاكل التي تعرقل وتواجهه، والقيام بخطوات ومبادرات عملية مستمرة، وتنشيط العمل الفكري والتنظيمي والإعلامي والجماهيري، وتكوين مراكز فعالة في المدن الرئيسية. إننا إزاء مرحلة أخرى في العمل الوطني المتنوع، عليه أن نستمر في فضح فشل وهشاشة العملية السياسية الأمريكية وعدم شرعيتها، ولكي نستطيع أن ننظر ونعمل للمستقبل رغم قساوة وقتامة المشهد.

 

* الشريط الأخير الذي بثته الوكالات العالمية، عن لعبة القتل الجماعي المجانية في بغداد الجديدة، كشف من جديد وبالدليل القاطع بربرية وخسة جيش الاحتلال ومدرسته العسكرية الاستعمارية وكيف تعمل في بلد محتل، والصمت الذليل لأتباع الاحتلال. والشريط يتزامن مع موجة التفجيرات الإرهابية الجديدة، التي ترافقت مع تهديدات أطراف سياسية بالتفجير والتدهور الأمني، والتي ضربت بغداد ومدن عديدة أخرى، مع مجزرة هور رجب البشعة، التي تقودها أطراف عديدة محلية وخارجية، في مقدمتها تنظيم القاعدة الفاشي، ويمسك ببعض خيوطها المحتل نفسه ويحركها متى يشاء. لذلك فالمشكلة سياسية كبيرة ومعقدة، وليست مشكلة أمنية بسيطة، يمكن أن يحلها الجيش أو الشرطة.

                                                                               

                                          

Alnassery3@hotmail.com

 

 

مواضيع متنوعة

يا صبر أيوب

إحدى روائع
الشاعر العراقي عبد الرزاق عبد الواحد

إلى جوقة المنطقة الخضراء

     تمهلوا

 قصيدة بقلم شاعرها

حوار بين طفل فلسطيني و آخر يهودي

يحصل على جائزة أفضل كاريكاتير في أمريكا

مجرم الحرب دونالد رمسفيلد في

زيارة الى أحد الفنادق في واشنطن

مقطع من فيلم فيديو

____

كاريكاتير

 

ماهو رأيكم بالوضع السياسي ؟

 

__

فتى عراقي يفك رموز معادلة

 برنولي الرياضية

______

حول تقرير برنامج الامم المتحدة للبيئه

 لتقييم المناطق الملوثة في العراق 2005

لمصلحة من يتم تجاهل التلوث

 الاشعاعي في العراق؟؟

الجزء الأول

إعداد عزام محمد مكي

حول تقرير برنامج الامم المتحدة للبيئه

 لتقييم المناطق الملوثة في العراق 2005

لمصلحة من يتم تجاهل التلوث الاشعاعي

 في العراق؟؟

الجزء الثاني

إعداد عزام محمد مكي

________

كاريكاتير

ديمقراطية وحرية وسلام

 

 

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

 

صوت اليسار العراقي

 

تصدرها مجموعة من الصحفيين والكتاب العراقيين

webmaster@saotaliassar.org    للمراسلة

 
من الصدف الجميلة ان يدق لي عود المشنقة في نفس المكان الذي كنت اثير منه المظاهرات الوطنية

الشهيد حسين محمد الشبيبي

الشيوعية أقوى من الموت وأعلى من أعواد المشانق

الرفيق الخالد فهد