كلمة:
وماذا لو تشكلت (الحكومة أو الإدارة)
التابعة للاحتلال؟؟
أحمد الناصري
أساس خلافنا الرئيسي مع البعض، حول
الاحتلال والحرب والطائفية والخيانة
الوطنية والطبقية و(العملية السياسية
الأمريكية)، والكارثة المروعة
القادمة، والتي تجسدت في الواقع، في
أنهم يناقشون النتائج الحالية، أو قسم
منها (بعد فوات الأوان)، ولم يناقشوا
الأسباب التي أدت أليها، والتي تسبقها
وفق التسلسل والمنهج المنطقي. وهذا
الموقف له أسباب كثيرة، منها ما هو
خطير وكبير، وقد ينطوي على احتيال
وتلاعب ما بالوقت وبالعقول. فبعضهم
كان يعتقد أن الوقت يسير لصالحه، وإن
نتائج ما يمكن التعكز عليها والتحجج
بها، لذلك أيدوا الاحتلال وخطواته،
وأيدوا المحاصصة الطائفية، كحل مؤقت
أو خطوة انتقالية كما ادعوا، أو إن
الطائفية واقع يجب التعاطي معه،
وأيدوا مجلس الحكم البائس بحجج ومتون
فجة، وأيدوا (العملية السياسية)،
وقانون إدارة الدولة، والدستور المشوه
والمترجم عن نسخة نوح فريدمان، وقالوا
بالعراق (الديمقراطي الفيدرالي
الطائفي الجديد الفاشل) والآفاق
والتحولات القادمة نحو.... المجهول
الأمريكي، عبر الانتخابات المليونية،
حيث كانت بقايا نثرية الحملة لحزب
طائفي بائس أكثر من ربع مليار دولار،
كشفتها أجهزة مطار جنيف، فكم مليار
دولار كان المبلغ الأصلي للحملة؟؟
وقالوا في السياسة، ما لم يجرأ أحد
على قوله، ضد الوطن والوطنية والناس
والتاريخ، بصلافة وجهل قل نظيرهما!!
لقد صبر البعض وانتظر في الدهاليز كي
يصبح مستشاراً، وفق نسخة وصيغة جديدة
مقلوبة عن الماضي (بالمناسبة الجحوش
الأكراد كانوا يلقبون بالمستشارين!!)
أو رئيس تحرير جريدة تشرح فوائد
ومنافع الاحتلال، وتدس السم بالعسل
والدسم الوهمي، أو عضو دائم أو مؤقت
في مجلس أعلام العراقية، أو أي فضائية
أو( فضائحية)، تقول أي كلام، وتتبادل
المديح الفارغ، وتستدعي أي واحد، بصفة
خبير، كما يحصل هذه الأيام.
التجربة الكارثية التي عايشها شعبنا
ووطننا، صادمة وواضحة وكافية، بما لا
يقبل النقاش والشك حول جريمة الحرب
والاحتلال والطائفية والإرهاب والقتل
الجماعي والفساد وتخريب وتشويه
المجتمع وانعدام الخدمات الأساسية
والبسيطة، مما يستدعي رفض هذا الوضع
والوقوف ضده بشكل قاطع وتام. والوضع
الحالي، وكما تصورناه منذ البداية،
يشكل مأزق تاريخي عام، كما شكل أيضاً،
هزيمة سياسية وأخلاقية للأحزاب
والشخصيات الدينية الطائفية والأطراف
التابعة للاحتلال أو المتعاونة معه أو
الصامتة عنه.
الآن نعود الى سؤال الكلمة، وهو سؤال
مركزي، حساس وجامع لما قبله ولما
بعده، فماذا لو تشكلت (الحكومة) أو
الإدارة المحلية التابعة للاحتلال،
و(هذا التوصيف الوطني الدقيق)، في
موعدها المحدد، حسب توقيت ما يسمى
بالدستور؟؟ هل سيعيدون اكتشاف العجلة
مثلاً؟؟ وماذا سيتغير؟؟ وماذا ستفعل
هذه الإدارة، التي تتحكم فيها حفنة من
الطائفيين الجهلة، لحل وتجاوز الكارثة
الوطنية؟؟ وهل للأحزاب الدينية
الطائفية أو لغيرهم رؤية وبرامج
اقتصادية حديثة؟؟ وهل للديني الطائفي
المتخلف، أو غيره، رؤية ومساهمة في
الفكر السياسي الحديث، وفي العمل من
أجل بناء الدولة الوطنية الجديدة
وتطبيق الديمقراطية؟؟ وما هي علاقتهم
بالمواطنة وحقوق الإنسان والعدالة
الاجتماعية؟؟ وما هي علاقة الطائفي
الإرهابي المتخلف بالثقافة والفنون
المعاصرة؟؟ وما علاقة البرجوازي
الطفيلي التابع والفاسد (المتدين أو
العلماني) بهموم الناس والوطن؟؟
صحيح إن عدم النجاح في تشكيل
(الإدارة المحلية) يعد فضيحة ذاتية
كبيرة لهم، كشفت طبيعتهم ونواياهم
وأساليبهم ومستواهم وصراعاتهم، كما
كشفت درجة الإنحطاط والبؤس العام الذي
يتخبطون به، لكنها في نهاية الأمر
والمطاف خطوة شكلية تافهة، لا قيمة
حقيقية لها بالنسبة للناس، ومع ذلك
فأنهم لم يستطعوا تجاوزها وإنجازها،
فدعهم يتخبطون باسم الديمقراطية
وبرعاية وحماية الاحتلال.
شكلوا (الإدارة المحلية التابعة
للاحتلال)، وسوف نناقشكم بعد أربع
سنوات، عندها سيكون عمر الاحتلال
البغيض قد تجاوز 12 عاماً دموياً،
ودخل في عقده الثاني، ويكون النموذج
الطائفي البائس قد فقد محركاته. أما
أنتم فسوف تفشلون أكثر، وملفات
وفضائح الخراب تكبر، وسوف يحاسبكم
ويلعنكم الشعب والتاريخ، رغم غياب
وانعدام إحساسكم الإنساني والأخلاقي
والشخصي، عندها لن يحميكم كل ما
سرقتموه من مال حرام.
Alnassery3@hotmail.com