%@ Language=JavaScript %>
الصفحة الرئيسية |
|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية |
|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية |
|
لا للأحتلال |
|
---|
مقالات مختارة |
|
لا للأحتلال |
|
---|
الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا |
|
---|
الفلسفة البراغماتية
د.عدنان عويد
المصطلح لغوياً : يعود الأصل اللغوي للبراغماتية إلى الكلمة اليونانية «pragma» وتعني العمل أو (مسألة عملية), هذا وقد استعار الرومان المصطلح واستخدموا عبارة ( progmaticas), وقصدوا بها ( التمرس), وخاصة في المسألة القانونية. أما النشأة أو الظهور الحقيقي لها فقد كان في الولايات المتحدة الأمريكية, حيث لقيت هناك انتشاراً لم تصادفه أي فلسفة أخرى.
خطوطها العريضة تبلورت في سبعينيات القرن التاسع عشر في مؤلفات عالم المنطق « تشارلز بيرس», /1839- 1914/, ثم راحت تتطور على يد « وليم جميس», /1843- 1910/, أما الزعيم الروحي لها في أمريكا فهو, «جون ديوي». مع مطلع القرن العشرين اجتاحت الفلسفة البراغماتية أوربا, حيث لاقت أنصاراً لها دافعوا عنها بحماس شديد, مثل الفيلسوف الانكليزي» فرديناند شيلر», والايطاليين» بابيني وبرتيسوليني», وقبل الحرب الكونية الثانية, وصل مد البراغماتية إلى الكثير من دول العالم, إلا أنها لم تلعب ذاك الدور الكبير الذي لعبته في أمريكا, حيث استطاعت أفكار «جون ديوي» البراغماتية أن تسيطر على نظام التعليم لعشرات السنين .
المصطلح من الناحية الفكرية, يشير إلى أن جوهر البراغماتية يتلخص بالعبارات التالية : الإنسان مكره على العيش في عالم لاعقلاني يتعذر فهمه, وأن كل محاولاتنا لإدراك الحقيقة الموضوعية ستبوء بالفشل, لذا يجب النظر إلى مختلف النظريات العلمية وإلى الأفكار الاجتماعية والقيم الأخلاقية نظرة « أداتية». أي من وجهة نظر منفعتها في تحقيق أهدافنا, فما ينفع الناس, وما يعود عليهم بالنجاح هو الصحيح وهو اليقين.
أما المبادئ أو الأسس التي تقوم عليها الفلسفة البراغماتية فهي التالية:
أولاً : الشك - الاعتقاد:
إن الفيلسوف « تشارلز بيرس» لا يرى أن يكون وعي الإنسان انعكاساً للواقع الموضوعي, وبالتالي فإن وظيفة الفكر عنده ليست أكثر من تخليص الإنسان من الشكوك وتزويده بالعقيدة الراسخة. والعقيدة عنده هي الاستعداد الواعي, أو العادة في أن ينصرف الإنسان في ظروف معينة على هذا النحو أو ذاك .
هو إذن لا يعتبر الفكر المتعرّف عليه انتقالا من اللامعقول إلى المعرفة, بل انتقالاً من حالة الشك والتردد إلى الرأي والثبات, أي إلى العقيدة الثابتة التي باستطاعتها تسيير حياة الإنسان. فالحقيقة عنده هي الاعتقاد الراسخ الذي يصل إليه. وأن مسألة مطابقة العقيدة للواقع الخارجي المستقل عنها هي مسألة عقيمة ينبغي طرحها دون رجعة.
ثانياً : القيمة :
إن ريبية « بيرس « البراغماتية لقيمة المعرفة ووظائفها تدفعه لنفي الوجود الموضوعي لمادة المعرفة فقيمة أفكارنا ومفاهيمها تقتصر عنده على تلك النتائج العملية التي نتوخاها منها.
ثالثاً : الإيمان بالله:
يرى « وليم جيمس» أن من غير المجدي الاعتماد على العقل والعلم في حل المسائل العقائدية الهامة, كقضية ( الإيمان بالله) مثلاً , فمثل هذه المسائل لا يمكن حلها إل بالاعتقاد على الشعور والإرادة ( وهذا تراجع في الحقيقة عن دور العلم الذي تعوّل عليه البراغماتية).
كما يقول أيضاً : إن الواقع الموضوعي ليس سوى حشد من الحوادث التي لا ترابط بينها ( كونها متكثر) لا حتمية فيه ولا سببية, إنه مملكة المصادفة, والمصادفة وحدها.
رابعاً: التجربة :
يعد «جيمس» أن التجربة الراديكالية أساس العالم, وهذا الأساس لا مادياً ولا مثالياً , حيث لا يمكن التمييز فيه بين ذاتي وموضوعي, فلو أخذنا أي جزء من التجربة لوجدناه ( فكرة من جهة, وموضوعاً من جهة أخرى),. فالأشياء عنده التي نتعامل معها في التجربة نتاجاً لمسلماتنا الإخبارية, فبتركيز الانتباه والإرادة يمكننا أن نميز في تيار الوعي, أو في التجربة البحتة, أجزاء نكتشف من خلالها أشياء العالم المحيط بنا, وهذه الأشياء تبقى موجودة طالما نؤمن بها - بوجودها.
فالإيمان إذن هو الحقيقة الوحيدة هنا أيضاً التي يمكن الكلام عنها, و» جيمس حين يعتبر الأشياء موضوعاً للإيمان فهو يصور الواقع مرناً تماماً يستجيب بسهولة لجهودنا المعرفية, أي للجهود المثالية المحضة, فيكفي أن تكون لدينا إرادة قوية حتى يتمخض الواقع عن تلك الصورة التي نريده عليها.
هكذا تتحول تجربة « جيمس» إلى (مثالية ذاتية) مشوبة بالإرادة, وراديكالية وسعت مفهوم التجربة لتشمل الأحلام والهلوسة والنشوة الروحية الدينية واستخدام الأرواح وكل ما تختلج به مشاعر الإنسان . إن هذا المفهوم يفتقد عنده معناه المعرفي ويصبح لا عقلانياً.
هذا وتتمركز رؤية البراغماتية الفلسفية عموماً حول مجموعة معطيات أهمها:
1- - لا يمكن التوصل إلى معاني الأفكار, وبالتالي لا يمكن تفسيرها أيضا, إلا من خلال النظر إلى النتائج المترتبة عليها عبر الممارسة. كما أنه لا يمكن تحديد المعتقدات أو تبرير التمسك بها, إلا إذا أخذنا في عبن الاعتبار النتائج العملية المترتبة على الإيمان بهذه المعتقدات ذاتها .
2- - الحقائق النظرية ثانوية إذا ما قورنت بالممارسة العملية, فالحقيقة وفقاً للبراغماتية, ما هي إلا الحل العملي والممكن لمشكلة ما . كما أن المبرر الوحيد للإيمان بأي شيء, هو التمسك به والعمل وفقاً لما يجعل الفرد في وضع أفضل مما لو كان لم يتمسك به.
- 3- إن الحقيقة متغيرة, والفكر ما هو إلا مرشد لكيفية تحقيق المصالح والوصول إلى الأهداف.
4- - إن المعرفة بكل أنواعها ما هي إلا عملية سلوكية تقيميّه للأوضاع المستقبلية, وإن التفكير يهدف عن طريق التجربة إلى التنظيم والتخطيط والتحكم في الخبرات المستقبلية .
- 5- التأكيد على أهمية الخبرة ودورها الإيجابي تجاه المعرفة.
- 6- رفض وجود أشياء خارقة للطبيعة تتحكم في مقدرات العالم, وكذلك رفض المعايير المطلقة والأزلية للمعتقدات والقيم, وإحلال معايير أكثر مرونة ومحدودية محلها.
- 7- ضرورة عدم الفصل بين الفكر والحركة, وبين العلم المحض والعلم التطبيقي, وبين الحدس والتجربة .
8- - على المستوى السياسي, يرى المفكرون السياسيون البراغماتيون, ضرورة عدم الفصل بين المصلحة الخاصة والعامة, ويؤمنون بالمذهب الفردي, ويرفضون التسلط والشمولية.
9- - أهم ما في الفلسفة البراغماتية هو تركيزها على الخبرة والممارسة والفكر العملي في حل المشكلات, وخدمة المجتمع الديمقراطي, وتبني مبدأ المشاريع كوسيلة من وسائل التعلم. كما تؤكد على ضرورة تجاوز الماضي, وأن التعليم أحوج ما يكون إلى ثقافة اليوم والغد, ويأخذ منها على قدر الحاجة للحياة الفاعلة المفعمة بالخبرات الناجحة.
- 10- إن الفلسفة البراغماتية تجد جذورها في العقل العملي لكانت, وفي تمجيد الإرادة لشوبنهور, وفي فكرة البقاء للأفضل لدارون, وفي النظرية النفعية التي تقيس الخير بالنظر إلى مدى نفعيته. وهي نظرية أمريكية شكلت رد فعل للمفكرين الأمريكان تجاه الفكر الغربي, وبخاصة الفكر الميتافيزيقي منه .
نقد النظرية :
يرى المنطق الجدلي والعقلاني للأشياء, أن نجاح الإنسان في حياته العملية برهاناً على مطابقة تصوراته الطبيعية للأشياء الموضوعية التي يدركها بحواسه, بينما يجد الراغماتي أن النجاح هو كل ما يلزم لي في نشاطي الخاص العملي .
والبراغماتية عموماً تفهم الاختبار العملي للحقائق ( الممارسة) فهماً ذاتياً محضاً, فهي لا ترى في هذه الممارسة إلا تحقيقاً لأهداف الفرد ورغباته, أما دعاة المنطق الجدلي العقلاني فيرون في الممارسة معياراً للحقيقة التي هي مجمل فعاليات الناس الإنتاجية ونشاطهم الثوري ألتغييري للعالم , أي التي تهدف إلى تحويل الواقع ليصبح أكثر ثراء واستجابة لمتطلبات البشرية.
لقد أدخلت البراغماتية العلاقات الاجتماعية في منظومتها الفكرية القائمة على التجربة, أي في إطار الفهم المثال الذاتي كما بينا في موقع سابق. فالإنسان هنا لا يخضع لأية ضرورات موضوعية, فهو حر في اعتماده هذا السلوك أو ذاك, أو في تبني هذه المثل الأخلاقية أو تلك, أو هذه المعتقدات أو تلك. فالوصية الأخلاقية الوحيدة النابعة من البراغماتية في هذا المجال هي: ( إعمل ما يثاب عليه.. ويعطي نقوداً).
إن البراغماتية تؤمن بإمكانية الإصلاح التدريجي للعالم والأفراد كل على حدة, فهي تقر أن (بإمكان الفرد أن يصبح مليونيراً حين يقول إن النجاح في الحياة رهن بسعي الفرد وإرادته . حيث أن كل إنسان عندها يضع سعادته بنفسه هو قادر على بلوغها إذا أحسن استخدام الإمكانات المتوفرة لديه.
إن البراغماتية وفق هذا الإدعاء تنفي أي قوانين تحكم سير التاريخ الإنساني, وتبرهن على عجز العلم عن التنبؤ بإقامته. وهذا ما دفعها هنا أن تدافع عن نظرية «النخبة» التي تقول : إن التاريخ ليس من إبداع الجماهير الشعبية, وإنما هو من صنع الناس العظماء الذين يقودون الجماهير كما يقود الراعي قطيعه.
إن الفلسفة البراغماتية تعاني في المحصلة من الذاتية المتطرفة, والفردية الصارخة, والعداء المكشوف للديمقراطية - رغم تأكيدها الدائم عليها - واللاأخلاقية في علم الاجتماع, واللاعقلانية, واللاعلمية التي دفعت بصاحبها إلى استحضار الأرواح.
وهي عندما ترى الحياة الاجتماعية حشداً من الأحداث الاجتماعية المتكثرة التي تتفاعل مع بعضها بعضاً, إنما تضع علامة المساواة بين هذه الأحداث المختلفة في الحياة كالفن والسياسة والتربية والتجارة والأخلاق الصناعية, فهي تنفي الطابع القانوني للتطور الاجتماعي, وبالتالي فإن محصلة العوامل والقوى التي تفعل في اتجاهات مختلفة لا يمكن أن تكون موضوعاً للبحث العقلي, وكذلك يتعذر قيام علم اجتماع حقيقي عن المجتمع والظواهر الاجتماعية . فطريقة التجربة والخطأ هي التي تعتبر هنا الأسلوب العلمي أو المنهج الذي يستطيع تحسين المواقف الاجتماعية المعينة.
أما بالنسب لـ ( أداتية ) البراغماتية فهي تنفي وجود أية مبادئ أخلاقية ذات قيمة كلية, فالمبادئ الأخلاقية كباقي المفاهيم, هي أدوات لا أكثر, وعلينا أن ننظر إلى أخلاقية السلوك الإنساني من منظار قيمته في حل كل من المواقف الأخلاقية الإشكالية على حدة. أي من منظار ذاتي محض .
لقد استخدمت «الأداتية» هنا في السياسة خاصة, حتى في أكثر الأعمال الجنونية, واللجوء إلى العنف كوسيلة لحل القضايا السياسية. وما نراه الآن من سياسات أمريكية إجرامية تمارس على مستوى الساحة العالمي , وبخاصة في فلسطين والعراق وأفغانستان وباكستان وغيرها من دول العالم, إلا تأكيد على طبيعة هذه البراغماتية وهذه الأداتية التي تنفي وجود القيم الأخلاقية .
إن المهمة الأساس للأداتية على مستوى الداخل الأمريكي والغربي هي تشويه وعي الفقراء وإقناعهم بالصبر على ما أصابهم من فقر وتشىء واستلاب واغتراب في ظل النظام الرأسمالي وتناقضاته. فالشر الاجتماعي مهما استفحل فهو في نظر البراغماتيين لا يتعدى كونه حلقة عارضة من التجربة التي لم تكتمل بعد, لكنها تتطور وتتحسن باستمرار إذا تسلحنا بالصبر وتهيأت لنا القدرة على إيجاد الوسائل المناسبة لذلك حتى ولو كانت على حساب دماء وثروات الشعوب الفقيرة في دول العالم الثالث .
نعم إن البراغماتية لا تسمح للإنسان أن ينظر للمستقبل واستشراف أفاقه, وتحرمه بالتالي من تقويم الحاضر تقويماً صحيحاً . إن الطريق إلى التقدم الاجتماعي عندهالا يمر عبر الصراع الطبقي والثورة الاجتماعية ( بالرغم من مرورها بالثورة الفرنسية), بل يمر من خلال الحل التدريجي للقضايا الاجتماعية المنفردة في إطار المجتمع الرأسمالي القائم. والأداتية حين تنادي بضرورة الاعتقاد بالإصلاحات الجزئية الصغيرة كسبيل وحيد للتقدم الاجتماعي , إنما تشكل الأساس النظري للنزعات الإصلاحية والانتهازية المعاصرة .
تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم
الصفحة
الرئيسية
|
مقالات
|
دراسات
|
عمال
ونقابات
|
فنون وآداب
|
أرشيف
الأخبار
|
المرأة
|
الأطفال
|
إتصل بنا
جميع الحقوق محفوظة
© 2009 صوت
اليسار العراقي