في ذكرى استشهاد سلام عادل
الأسطوري:
إفشال
الانحراف القومي البرجوازي
التصفوي الهادف إلى تقسيم
الحزب
الشيوعي العراقي على أساس
قومي عربي- كردي

.. القسم الثاني
صباح زيارة الموسوي
2006 / 3 / 14
إن التوجه القومي الانعزالي
الذي انتصر في الحزب الشيوعي
العراقي في المؤتمر الخامس
للحزب والذي أدى إلى سلخ
تنظيم كردستان عن الجسم
الأممي للحزب لم يكن وليد
ظروف المؤتمر الخامس فحسب. بل
ترجع جذوره التحريفية القومية
الانعزالية المتعارضة مع
أممية الفكر الماركسي إلى
محاولات سابقة كان أبرزها تلك
المؤامرة من الحزب الديمقراطي
الكردستاني عام 1957 والتي
كان قد تصدى لها الشهيد سلام
عادل سكرتير الحزب العام
وتمكن بدعم رفاقه في قيادة
الحزب من تصفية هذه الأفكار
القومية الانعزالية.
إن عودة الفكرة مجدداً إبان
تواجد المؤسسة اليمينية
الانتهازية خارج العراق بعد
طرد هذه القيادة من قبل
الدكتاتور المخلوع صدام حسين
من الجبهة الوطنية سيئة
الصيت، اقترن بعملية انقلابية
داخل هذه القيادة الانتهازية
للإفلات من مطالبة القاعدة
الحزبية المتصاعدة بمحاسبة
الكتلة الانتهازية التي هيمنت
على قيادة الحزب بشكل غير
شرعي إثر استشهاد قيادته
التاريخية في انقلاب 8 شباط
الأسود 1963.
واجهت المدرسة اليمينية
التحريفية لحظة الحساب بمزيد
من المؤامرات للتملص من
الحساب في مؤتمر شرعي يؤدي
بالنتيجة إلى تقييم علمي
لسياسة الحزب للفترة الممتدة
بين 1963 حتى 1979، ولم تجد
بعض العناصر القيادية سوى
سبيل ركوب موجة الكفاح المسلح
التي شكلت حركة الأنصار بضغط
قاعدي كبير وإفراغها من
محتواها الحقيقي وبالتالي
استخدامها كغطاء لتحميل بعض
رموز اليمين في القيادة
المسؤولية الكاملة عن
الانحرافات في سياسة الحزب
للفترة المذكورة، وهنا ادخل
العامل القومي الكردي
الانعزالي عبر تحالف العناصر
الكردية في المؤسسة اليمينية
لتحميل الأعضاء العرب فقط
المسؤولية الكاملة عن النهج
التحريفي الانتهازي، وجاء
الاستقواء في القيادة
العشائرية الكردية البارزانية
الطالبانية في عملية تصفية
الحسابات هذه بين أطراف
المؤسسة اليمينية التحريفية
فحسم الصراع على أساس قومي
عنصري مناف بالكامل للأساس
الأممي لبناء الحزب الشيوعي
العراقي.
ان محصلة هذا النهج القومي
الانعزالي هي شق الحزب
الشيوعي العراقي على أساس
قومي عنصري بإعلان الحزب
الشيوعي الكردستاني بسلخ
تنظيم إقليم كردستان من جسد
الحزب الأممي لصالح تحالف
طفيلي بين رموز هذا التغيير
الانقلابي مع الزعامة
العشائرية الإقطاعية الكردية
على حساب مصالح الطبقات
الكادحة من العمال والفلاحين.
إن هذا التحالف الطفيلي أدى
بالمحصلة إلى فقدان الحزب
الشيوعي العراقي لقراره
المستقل ولأول مرة في تاريخ
الحزب.
إن الوثيقة أدناه تقدم صورة
عن الجذور التاريخية لهذا
الانحراف القومي التصفوي
الانعزالي، مؤرخة في 20 آب
1957.
1-الانحراف
الانعزالي
في عام 1957 تعرض الحزب
لمخاطر الأفكار التحريفية
القومية الغريبة، انعكست من
خلال مقترحات تقدم بها فرع
الحزب في كردستان بحل نفسه
والاندماج مع الحزب الوطني
الكردستاني. ولمعالجة هذه
الظاهرة الخاطئة والخطرة على
الحزب كتب سلام عادل كراسا
تعرض فيه إليها وناقشها
بالتفصيل وتم تعميمه على جميع
منظمات الحزب لتحصينها ضد
الأفكار اليمينية الاستسلامية.
وفيما يلي مقدمة الكراس التي
تشير إلى تلك الظاهرة، أما
الكراس نفسه فننشره مع
الوثائق المرفقة بهذا الكتاب.
في
أواخر حزيران الفائت تلقت
قيادة الحزب عددا من الرسائل
والتقارير من الرفاق العاملين
في قيادة المنظمات الحزبية في
كردستان. وهي تحمل آراء
ومقترحات لا لسياسة الحزب
العملية بل ولأسس بناء الحزب
ووحدته ولمبادئ الماركسية
اللينينية ولضرورات وحدة كفاح
الشعبين العربي والكردي ضد
الاستعمار والرجعية في العراق.
ولقد اتضح منها أن رفيقين من
قادة إحدى منظمات الحزب عوضا
من أن ينشطوا في اتجاه الحزب
لتوحيد القوى الوطنية في
كردستان فإنهم دخلوا دون
تخويل من قيادة الحزب أو من
لجنة فرع كردستان في مفاوضات
مع ممثلين من الحزب
الديمقراطي الموحد في كردستان
" البارتي" من أجل " وحدة "
ليس لها أي أساس فكري أو
سياسي أو اجتماعي أي من أجل
"وحدة" انتهازية على حساب
مصلحة الشعب العراقي بما فيها
الشعب الكردي وعلى حساب الدور
الذي ينبغي أن يقوم به في
الحركة الوطنية والقومية،
فضلاً عن أن هذين الرفيقين قد
تصرفا بروح منافية للتمسك
الدقيق بوحدة الحزب في مجالها
الخاص. ولكن قيادة فرع حزبنا
الشيوعي في كردستان بدلا من
أن تقف موقفا صريحا وقويا
تجاه هذا الانحراف القومي
البرجوازي التصفوي فأنها
انساقت هي بدورها فيه ودعت
إلى اجتماع لا مبرر له حضره
-عدى لجنة الفرع-رفيقان من
قادة المنظمات الحزبية وأيدت
مجمل الآراء والاستنتاجات
التي تميز هذا الانحراف
القومي البرجوازي الصريح
ورفعت تقارير ومحاضر ورسائل
بهذا الشأن إلى قيادة الحزب
طالبة منها الإقرار بها
وتبنيها كما أرفق بعض الرفاق
رسائلهم بتحد بين لقيادة
الحزب ولمبدأ المركزية
الديمقراطية فيه.
ولا شك
أن هذا الانحراف لم يكن شيئاً
مفاجئاً بشكله العام. فنظرة
الانعزال القومي المظللة
الانفصالية بين مثقفي
البرجوازية الصغيرة الكردية
لها جذور تاريخية واجتماعية
متشعبة وهي تجد التشجيع كل
التشجيع من القوى المعادية
لوحدة الشعب العراقي بعربه
وأكراده ضد الاستعمار
الأنجلوأمريكي وصنائعه
المحليين.وما لم يقف الوطنيون
والقوميون الصادقون من
الأكراد والعرب وفي مقدمتهم
الشيوعيون موقفاً حازماً
وصريحاً إزاءها، وفي الدفاع
عن الوحدة الشعبية المتينة
فإنها ستؤثر لا في حرف نضال
جماهير الشعبين العربي
والكردي عن طريقها الصحيح
الوحيد للتحرر الوطني والقومي
وحسب بل يمكن أن تتسلل إلى
صفوف المناضلين الطليعيين
الشيوعيين أيضاً.
لقد وجه الحزب رفاقه خلال
السنتين المنصرمتين بوجه خاص
إلى ضرورة وأهمية استيعاب
الحركة القومية مطالبها
ومشاعرها وبين أن الشيوعيين،
لهم من المؤهلات الكاملة
والأصالة للوقوف لا في طليعة
الحركة الوطنية وحسب بل في
طليعة الحركة القومية العربية
والكردية في قطرنا أيضاً. إلا
أنه يبدو أن بعض الرفاق الذين
لم يستوعبوا أفكار الحزب
وسياسته استيعاباً كاملاً
ومنهم الرفاق جابر وشاكر وقه
لغان وشريف وقه لا وقد تفهموا
أفكار الحزب وسياسته فهما
خاطئا لم يعطهم الصيانة
الضرورية تجاه روح الانعزال
القومي المعادية للشعب الكردي
ولسائر جماهير الشعب
أيضاً.كما أن بعض الأوضاع
الذاتية التي تتعلق ببعض
الرفاق المعنيين قد سهلت
انزلاقهم في هذا المجرى
المناهض لأفكار الحزب وسياسته
ووحدته. ولا شك أن الحزب كان
قد بذل جهدا فكريا مناسبا
لتوضيح وشرح سياسته في
المسألة القومية ولمساعدة
المناضلين في التخلص من
الأفكار الذاتية المترسبة من
أوضاع سابقة.
وتجاه المشكلة التي آثارها
الآن ورفاق آخرون فإن قيادة
الحزب بذلت جهدها لعدم تكرار
الأمثلة السيئة التي أن عولجت
بها حالات من هذا القبيل. وقد
وقفت قيادة الحزب بحزم مبدئي
لا تتطرق إليه روح التلطيف
والمهادنة تجاه ما يمس مصلحة
الحزب والحركة والشعب. وفي
الوقت نفسه فإنها اعتمادا على
ثقتها بإخلاص هؤلاء الرفاق
لأمتهم وشعبهم وحزبهم
والشيوعية وضعت نصب عينها
العمل على تصحيح أفكارهم
ومواقفهم والمحافظة عليهم
أمناء في الحزب الشيوعي الذي
كرسوا كل طاقاتهم وإمكانياتهم
لخدمته ومن أجل بنائه وتقدمه.
وقد انعقدت عدة اجتماعات لهذا
الغرض مع قيادة الحزب وكذلك
بين الرفاق أنفسهم كما أن
قيادة الحزب وجهت إلى الرفاق
المعنيين رسالة ترد فيها على
أفكارهم الخاطئة الواردة في
تقاريرهم ورسائلهم ونوقشت هذه
الرسالة في اجتماع عقد الرفاق.
وبالفعل فإن هذه الجهود
المستندة إلى قوة المبادئ
وسياسة الحزب الصحيحة قد
أجريت انعطافا لدى الرفاق
المعنيين من حيث نظرتهم
للمسائل المطروحة وبدأت تنهار
في أذهانهم الأفكار الخاطئة
التي كانوا يتبنونها وأعلنوا
تمسكهم التام بسياسة الحزب.
ولكن ذلك لم يجعل من المسألة
شيئا منتهيا بل الأمر على
العكس فقد تنبه الحزب بقوة
إلى ضرورة رفع كفاحه الفكري
ضد الأفكار الغربية التي
تحيطنا فتشكل ضغطا مستمرا
يرمي إلى صرف المنظمات
والرفاق في تطبيقهم لسياسة
الحزب.. وعندما تتسلل مثل هذه
الأفكار إلى خيرة رفاقنا في
كردستان فان ذلك يعني أن
هنالك خطرا لا يمكن الاستهانة
به من جرائها خصوصاً في
الظروف الحادة والمتشابكة
التي تمر بها حركتنا الوطنية
والتي يحاول فيها المستعمرون
اليائسون التشبث بكل شيء
للخروج من أزمتهم والحفاظ على
نفوذهم ومصالحهم الجشعة …وليس
عبثا أن ينشط الآن صنائع
المستعمرين وخصوصاً صنائع
الأمريكان والخونة والجواسيس
لتحفيز " حركة قومية " كردية
في الظاهر وتخدم الاستعمار في
الواقع، حركة لا يمكن أن يكون
نشاطها بأي حال من الأحوال
إلا خيانة صريحة لقضيتنا
الوطنية ولقضية الشعب الكردي
نفسه الذي ليس أمامه مطلقا
سوى طريق الكفاح المشترك مع
الشعب العربي في العراق وع
سائر الأقليات القومية فيه من
أجل الاستقلال والتحرر الوطني
والديمقراطية.5 والشعب الكردي
لا يمكن أن يسير وراء حركات
مشبوهة تستهدف استبدال شكل من
الاستعمار بآخر أشد ضراوة
وبشاعة منه يتسلم فيه الزمام
صنائع الأمريكان وخدمهم وهو
لا يمكن أن يستعيض عن تحرره
الوطني الناجز في عراق حر
مستقل تمارس فيه قوميتاه
الرئيستان العربية والكردية
حقوقا ديمقراطية متساوية
بحركة انفصالية تسير دواليبها
دسائس المستعمرين الأمريكان
أو باستقلال مزيف يضع الشعب
الكردي مرة ثانية أمام مهمات
التحرر الوطني من الاستعمار
وصنائعه.
وكجزء من كفاح الحزب الفكري
والسياسي ضد دسائس الاستعمار
والرجعية ومن أجل رقع يقظة
الرفاق إزاءها فان قيادة
الحزب ارتأت نشر رسالتها إلى
قادة المنظمات في كردستان
وكذلك نشر بعض المقتطفات التي
تلقي ضوءا على تراجع الرفاق
عن أفكارهم الخاطئة وتمسكهم
بسياسة الحزب ولا شك أن هذا
الكراس سيلقى اهتماماً كبيراً
من جميع مناضلي الحزب وخصوصاً
في كردستان وكذلك من سائر
الوطنيين والقوميين المعادين
للاستعمار والرجعية الخائنة.
وقد يخطر ببال البعض أن من
المستحسن تجنب مناقشة طبيعة
سياسة الحزب الديمقراطي
الموحد في كردستان(البارتي)
في هذا الوقت الذي يتجه فيه
نشاط الحزب الرئيسي من أجل
تقوية لحمة القوى الوطنية
ولكن هذا الرأي خاطئ من
الأساس وذلك:
أولاًـ إن البارتي يصر ويوغل
في سلوك خاطئ معاد لحزبنا
ولأفكار الماركسية اللينينة
وتبني سياسة انتهازية تزرع
البلبلة والتشويش في صفوف
المناضلين وتؤدي بحركة الشعب
الكردي إلى الانحراف نحو
الانعزالية فالانفصالية. وان
حمل البارتي على التخلي عن
هذه الأفكار وتلك السياسة هو
بحد ذاته تقوية واضحة للحركة
الوطنية والقومية.
ثانياًـ لأن مجهود حزبنا من
أجل الجبهة الوطنية الموحدة
لا يتنافى ولا يتعارض مع
كفاحه الفكري الخاص من أجل
توضيح وتثبيت أفكاره وسياسته
التي تتفق تماماً مع مصلحة
حركتنا الوطنية والقومية
وبالتالي تخدم تطورهما
ومستقبلهما ولا يتنافى ما
إبداء رأينا في طبيعة الأحزاب
القائمة ومع نقدنا لمواقفها
وآرائها الخاطئة.
ثالثاً: لأن حزبنا في موقفه
هذا لا يتخلى بل يتمسك بحرص
أكثر بآرائه ومقترحاته
الإنشائية الواردة في هذا
الكراس حول إعادة النظر في
علاقة حزبنا بما يكفل تجنب
منظماتها في كردستان أخطار
المماحكة والتنافر ومن أجل
التقدم بخطوة جديدة في سبيل
الجبهة الوطنية الموحدة في
العراق.
ونحن ننتهز هذه الفرصة
للتأكيد مرة أخرى بأننا على
استعداد تام لمد أيدينا لكل
من يمد لنا يدا واحدة إذا كان
الأمر يتعلق بخدمة جماهير
شعبنا العراقي ومصلحة تحرر
وطننا من طغيان الاستعمار
وعملائه الرجعيين