صوت اليسار العراقي

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

صحافة وتعليقات

انتفاضة آذار المجيدة 1991

الدروس والعبر

 

حميد الحريزي       

في بداية ربيع عام 1991 غطى سماء العراق سحب من دخان الحروب وتشبع أثيره برائحة البارود وأسكتت أصوات طيوره وعنادله أصوات الطائرات والمدافع والصواريخ وقد بدأت طلائع الضباط والجنود العراقيين المنهزمين وهم باردىء  حال واسوا مظهر أخذت هذه الطلائع تصل المدن العراقية وهي كمرجل يغلي غضبا وكرها للسلطة الفاشية ومغامراتها الإجرامية وما صنعته حماقاتها مفرطة بشرف وسمعة وحياة الجيش ومستقبل الشعب تطالب الإله بان يقول كلمته حيث يقل للشيء كن فيكون فماذا ينتظر ليقول ذلك  فقد طال انتظار  الشعب للفرج!!!!!؟؟؟.

 رافق كل ذلك اختفاء رموز السلطة من الامن والجيش الشعبي والمخابرات من الشوارع والمدارس وحتى من المنظمات والدوائر ولمختلف الأسباب بين الخوف والرفض واللامبالاة مما سيحل بالبلاد وهروبا من ثورة الشعب وقصاصه وانتقامه من رموز السلطة الفاشية ،لا نشك ان السلطة كانت في مركز القرار ولم تكن بعيدة عنه ليأخذ هذا الانسحاب شكلا منضما ومدروسا لغرض تحاشي الاصطدام المباشر بالجماهير المنتفضة وهي في أوج حماسها واندفاعها فتخسر بذلك السلطة الفاشية قوتها المضمونة ذات المصير المشترك الواحد مع رأس النظام لاشتراكها معه في جرائمه... بل عملت على اختراق صفوف المنتفضين بأساليب عالية التنظيم وبخبرتها المتراكمة في مثل هذه الأفعال سعيا منها لمعرفة قادة الانتفاضة وعناصرها الفاعلة والتأثير المخطط في قراراتها وتوجهاتها عبر إشاعة الدوغمائية الغير منضبطة لتفويت الفرصة أمام القوى الناضجة والمجربة والمخلصة داخل الانتفاضة لتنظيم صفوفها وتنظيم جماهيرها بشكل أفضل وأكمل لتحقيق وسائل وسبل الانتصار.وقد لعبت هذه العناصر المندسة بدورها المعروف بالخسة والقذارة كمعرفين داخل معسكرات الاحتجاز بعد فشل الانتفاضة كملثمين وملثمات يكفي ان يؤشر احدهم الى أي محتجز لينفذ به حكم الإعدام مباشرة ودون أية مسائلة. ولاشك ان الكثير من هؤلاء القتلة هم من اخطر وسائل وأدوات الإرهاب الموجه ضد الأبرياء من أبناء الشعب العراقي في الوقت الحاضر.
تقاسم أبناء الشعب دموع الحزن بسبب ما حل من خراب وانكسار ودموع فرح بعودة الأبناء والأهل سالمين من ساحة الدمار وتمرغ رؤوس الفاشية بوحل الحرب وبين من فقد الأمل بعودة أبناءه من رمال الصحراء اللاهية ونيران قوى التحالف الدولي الرهيبة . ان ذلك أوقد نيران التمرد والثورة في نفوس الجماهير بمختلف شرائحها وانتماءاتها حيث كانت هذه المشاعر كعود ثقاب تحت أكداس من الحطب الجاف لم تكن بحاجة إلا لمن يدعكه بأرض الإحداث الساخنة لكي يلتهب؟ كنا نشهد إن العسكري العائد بسلاحه إن لم يكن قد باعه أو تركه في ارض المعركة كان غالبا ما يفرغ عدد من مخازن عتاده في سماء زقاق داره أو قريته ليعلن خبر وصوله وليفرغ جام غضبه وألم قروح إقدامه وقد جاء مشيا على الأقدام لعشرات الكيلومترات وسرعان ما تحولت هذه الرصاصات إلى صدور رموز السلطة العسكر ية والمدنية فكانت الشرارة وبالفعل هذا هو ما حصل . لتنير نيران الثورة والتمرد ظلام الأزقة والشوارع وإنفاق قلاع الفاشية وأجهزتها الأمنية والحزبية والمخابراتية مما أدى إلى سقوط اغلب المدن خلال يوم أو بعض يوم لتمتلك الجماهير مقاليد الأمور .*

 إن جماهير العراق أعطت ما مطلوب منها وعلى الدوام قرابين من الضحايا بالأرواح واسترخصت الدماء على مذابح الحرية بجرأتها المعهودة . بعد إن تفجر بركان الغضب المتراكم طيلة أكثر من عشرين عاما من حكم البعث. فمن يستثمر هذا العطاء السخي من قبل الجماهير لبناء حياة الحرية والسلام والرفاه للشعب المظلوم ؟؟

وطوال هذه الفترة وما سبقها ومن باب تجربة ذاتية معاشة داخل العراق آنذاك- حيث كان الكاتب احد المساهمين في الانتفاضة في احد محافظات الفرات الأوسط واحد المعتقلين بعدها - فقد كنا تترقب الوضع جازمين بهزيمة حشود السلطة في حرب غير متكافئة وغير عادلة ضد الدولة الشقيقة التي أراد الدكتاتور أن يجعلها ثمن حروبه السابقة ضد إيران والتي ختمها دون إي مكسب يسدد جزءا ولو يسيرا من كلفتها الناهضة من الأرواح والثروات بل جاءت أسوء مما كان قبل الحرب وليضلل العراقيين إن ما خسروه في تدمير الدولة الصديقة سيعوضونه أضعافا بابتلاع الدولة الشقيقة!!!.

غياب القيادة الكفوءة :-

من خلال ما نسمع الكثير من محطات الإذاعات السرية والنشرات المغامرة في جيوبنا وهي تختزنها لتواربها عن عيون جواسيس السلطة إن قوى المعارضة العراقية المنظمة وأحزابها السياسية ذات العمق داخل صفوف العراقيين لعقود من الزمان ستكون بلا أدنى ريب  مع الجماهير فلا يمكن أن تكون لم تحسب الحساب لمثل هذا الوقت وبوادر انهيار أجهزة الدكتاتورية فلابد أن تكون في وسط الساحة الملتهبة لتقود جماهيرها المقهورة والمنتفضة نحو النصر. حتى إننا كنا نقنع أنفسنا ومن يستفهم منا عن هذه القيادات وعدم وجودها بجزمنا بوجودها ربما بين صفوفنا الآن ولكننا لا نراها بسبب احترازها وتحسبها ودهائها وعظم خبرتها في مقارعة الفاشية الصدامية . ولكن يوم بعد يوم لم تصح توقعاتنا وذهب سراب أملنا مبددا كافة جهودنا في فوضى الانفجار وعفوية وانفعالية وقصور القرار على الرغم من الجهود الفردية لجمع شتات البعض وتقديم المبادرات للقوى الدينية المهيمنة على قيادات الأحداث ولكن للأسف ذهبت سدى بسبب ضعف هذه المبادرات وتخلفها في اخذ زمام المبادرة ضنا منها إن مراكزها لابد وان تعلن عن نفسها و تكون في قلب الحدث وان قوانا سوف لا يكون دورها أكثر من الالتحاق والالتحام بمثل هذه القوة المركزية لتضع نفسها تحت قيادتها وهذا مما افقدنا الكثير من إمكانية الصدارة في القيادة والتعبئة والتوجيه للجماهير المنتفضة بالإضافة إلى هذا ما واجه هذه المبادرة من رفض القيادات الدينية للانتفاضة في قبول أي تنسيق أو مشاركة أي قوة سياسية وطنية عراقية لقيادة وتوجيه الأحداث واتخاذ القرارات مزهوة ومغرورة بعظم ما يحيطه بتا أنصارها من الزعيق والفوران العاطفي والذي كثيرا ما كان صادرا من تجمعات وعناصر وقوى مشبوهة مرتبطة بالأجهزة الأمنية والاستخباراتية والحزبية للنظام الصدامي. بالإضافة إلى وجود أيدي خارجية عالمية وإقليمية عربية وغير عربية تعمل على حرف توجه الانتفاضة أو العمل على خنقها وفشلها من الداخل. مما مكن أجهزة السلطة من إن تنجح في دس عناصرها بين المنتفضين وهي تردد كذبا وزورا شعارات الانتفاضة و وتتظاهر برفع شعارات ورايات وتشد عصائب وتعتمر حتى عمائم المنتفضين لتجرهم نحو التدمير والحرق وأتلاف الوثائق وأثارت الاستياء والسخط بين صفوف الجماهير بسبب همجية ولا توازن الأفعال والسلوك كإحراق الدوائر بالإضافة إلى نشر ظاهرة تدمير وسلب المعامل والمصانع والمؤسسات والمدارس والمخازن على حد سواء مع دوائر الأمن والجيش والمخابرات . حيث تصدت للقيادة بشكل مكشوف ومستتر بعض الرموز الدينية لتوجه عبر مكبرات الصوت بشكل ارتجالي غير مدروس *.إن هذا الوصف لا يدعنا نهمل الاندفاع الجماهيري العفوي للثورة ونزوعا للخلاص من نير الدكتاتورية وما تمتعت به هذه الجماهير وخصوصا الشباب الثائر من روح الفداء والتضحية قدموا فيها أروع صور الجود بالنفس والمال والوسائل مما يؤكد ويدل دلالة أكيدة إن ما حصل في اذار1991 هي انتفاضة جماهيرية ربما لم يشهد مثلها تاريخ العراق الحديث وقد شهدت المقابر الجماعية صحة هذا الوصف حيث لم تميز السلطة الفاشية بين الجميع في مجازرها وأوصاف ضحاياها. كان اشد أنواع وأساليب الإساءة ابذءا للانتفاضة وفشلها هو محاولة قوى الإسلام السياسي لحرف الانتفاضة وخنقها بإدخالها في نفق الطائفية وإلباسها أردية رموزها ومحاولة تناسي وطمس تضحيات القوى الوطنية والسياسية وخصوصا الأحزاب والقوى اليسارية وحتى الدينية الأخرى ودورها في الكفاح ضد الفاشية الصدامية على مدى أكثر من ثلاثين عاما مما فت من عضد الجماهير وأثار لديها الريبة والتردد والشكوك والخوف مما تساق إليه من مستقبل مجهول .
فبدلا من الحفاظ على الوحدات العسكرية وزجها في المعركة ضد أجهزة السلطة والاستفادة من أسلحتها و خبراتها وقدراتها في الحفاظ على المؤسسات الحكومية وحفظ الأمن كان يتم تجريدها بشكل فج من السلاح وإلباسها الملابس المدنية وتسريحها بشكل عشوائي افقد الانتفاضة قوة عظمى يجب إن تكون هي حربة في صدر الفاشية فأعطى مثل هذا التصرف الفرصة الكافية للقوى المخابراتية و الأمنية لتستحوذ على أو تحرق وتتلف الكثير من الوثائق الهامة جدا وأدلة الإدانة القطعية ضد رموز السلطة وكشف شبكاتها وعملائها داخل النسيج العراقي فمكن النظام من ادخارهم لمثل هذا الوقت ليخترقوا بمهارة وقردنة وثعلبة فائقة كافة أجهزة الدولة بعد السقوط لتعمل كخلايا سرطانية تخرب وتهدم وتفسد هذه الأجهزة وتجيرها أو جعلها ستارا من قلب السلطة لقوى الإرهاب والسلب والقتل وافتعال الأزمات مستفدين من سياق الكسب الضيق للأنصار وللأصوات الانتخابية كوسيلة وسلم للوصول للسلطة والجاه والمال لكثير من العناوين السياسية الدينية وغير الدينية وخوفها من القوى الديمقراطية وخصوصا اليسارية منها ؟
*. عدم وجود أي دعم ومساندة لتواصل القوى الجماهيرية المسلحة المنتفضة كتزويدها بالعتاد والغذاء وتنظيم تبادل الأدوار في حماية المدن والمنشات ضد خروقات قوى السلطة لاستعادة وجودها في الشارع العراقي مما أسرع في مللها وإنهاكها وتردي معنويتها. بالإضافة إلى ذلك غياب تحرك شعبي مباشر في المحافظات الغربية والوسط ومن داخل العاصمة تضامنا مع محافظات الوسط والجنوب والشمال لتكون دعما ساندا لثوار الانتفاضة في عموم العراق . ولنا إن نعرف إن احد أسباب ذلك في بغداد و الانبار و ديالى وصلاح الدين هو تخوف وريبة الكثير من الجماهير في هذه المحافظات من الأطروحات الطائفية والحزبية الضيقة غير الوطنية والتي غطت على اغلب الشعارات المرفوعة من قبل بعض القيادات الدينية التي ركبت موجة الانتفاضة لتوجهها كما ذكرنا سابقا وجه ضيقة بما يصب في غير الصالح الوطني العراقي وافقد الانتفاضة الكثير من الدعم والإسناد المفترض من كافة انباء الشعب العراقي ضد تسلط الديكتاتورية على رقاب العراقيين جميعا أحزابا واديانا وقوميات وطوائف وعزز ادعاءات السلطة وتضليلها وتوجهاتها صوب التخندق الطائفي والعرقي دفع بعض الطوائف لتصطف مع السلطة خوفا من مد وهيمنة وسيطرت الطائفية أو القومية الأخرى وخصوصا الطائفة الشيعة والأكراد.
ومن ذلك نستطيع إن نجد الأسباب الرئيسية لفشل الانتفاضة هو غياب القيادة السياسية الوطنية المنظمة للجماهير ضد قوى النظام الفاشي وتحكمه مما افقدها القدرة على المواجهة والمناورة وإيصال الانتفاضة إلى الانتصار النهائي على الفاشية . وقد عززت هذه الحالة من الفوضى واللا نظام وعدم وضوح أو ضيق الأهداف وصبغها بالصبغة الطائفية والعرقية فأوصل رسالة لقوات التحالف وخصوصا القيادة الأمريكية إن الأمور ستفلت من زمام السيطرة وستجير هذه الانتفاضة أو هي قد جيرت بالفعل الظاهر إلى قوى إقليمية وبالخصوص لصالح إيران التي تحذرها الولايات المتحدة الأمريكية فدفع بها إلى وضع ترتيبات المهادنة مع النظام في خيمة صفوان لتكون الانتفاضة ورقة مساومة من قبل الطرفين انتهت بتسليم رأس الانتفاضة للنظام مقابل التنازل عن السيادة الوطنية وفرض الشروط المجحفة بحق الشعب العراقي وقد اتخذت الإجراءات العملية لتامين خط العودة لقوات النظام والسماح لطائراته السمتية وقوى الحرس الجمهوري والخاص لتأخذ طريقها لقمع الانتفاضة وإعادة الأمور لسيطرة السلطة الدكتاتورية وفي هذا الشأن لابد لنا أن نستذكر.إن قادة بارزين من السلطات الحاكمة الأمريكية قد قالوها علنا وأمام العالم بأنهم لا يريدون ثورة شعبية في العراق وإنما استبدال رموز السلطة الذي تدعي خروجهم عن الطاعة وليس انتهاء خدماتهم التي لازالوا يقدمونها لسلطات الرأسمال العالمي وخصوصا الأمريكي في إحكام سيطرتها على ثروات ومقدرات شعوب المنطقة وخصوصا الشعب العراقي . حيث إن كل ما أقدم عليه النظام الصدامي إنما يصب في خدمة ومصالح الرأسمال الأمريكي ومخططاته متجاوزا وصف ألعماله إلى وصف الجندي المغامر في خدمة أسياده ومن الوصول إلى التضحية بالنفس والمنصب في سبيل ذلك وهذا ما قام به الدكتاتور صدام طيلة مسيرته السوداء في العراق والمنطقة إلى حين تسليم رقبته إلى حبل المشنقة متوهما بأنه سيكون حبل إنقاذ وليس حبل إعدام متناسبا إن الامبريالية الأمريكية لم تكن صادقة لأية عهودا أو وعود ما خلا مصالحها وتبدل رموز ممثلي هذه المصالح . فان الذي حدث إن تنكرت قيادة التحالف الأمريكي لوعودها لأبناء الشعب العراقي وتسهيل عملية تسيلم رأس الانتفاضة لمقصلة الجلاد العدو المزعوم ليكون الفاعل المضموم لحدث مقبل حيث سلمته لحبل العدالة المصبوغ بصبغة طائفية لغاية في قلب بوش.مما يحول دون إن تتسلم الجماهير العراقية وأبناء العراق الأحرار زمام السلطة في بلدهم ويخلص الشعب من قوى الرأسمال والاستغلال والاحتلال وقد أدرك صاحب القرار الأمريكي إن لا زال الشعب العراقي يضم بين جنبيه قوى تناهض قوى الرأسمال العالمي وتقاوم مخططات نهب ثوراته وسلب سيادته فكان القرار الخارجي متكأ على هشاشة ولا علمية وفوضوية وضيق أفق من تصدى للقرار وتقمص شخصية الثوار في الداخل العراقي إلى المد من عمر الدكتاتورية وتسليط سوط الاستبداد والتجويع والترويع ضد أبناء العراق وصولا إلى الترويض الكامل لقواه نافضة يدها من إمكانية خلاصها بقواها الذاتية وقوى شعبها المكافح معلقة كل أمالها على المخلص الخارجي الأمريكي بالذات ومن اجل كل ذلك رسمت وخططت أكثر السينورهات الإجرامية ضد ايناء الشعب العراقي في الداخل حيث أطلقت يد الفاشية الصدامية في إقامة المقابر الجماعية وتعريض شباب العراق نساء ورجالا لأقسى أنواع التعذيب والترويع والإذلال لاجتثاث كل ما يمت إلى الوطنية والكرامة الإنسانية من أعراف وموروثات تاريخه النضالي المجيد . فتم نشر روح اللامبالاة والخنوع والشرذمة الطبقية والسياسية و الإنسانية وتعميق روح الطائفية استباقا واحترازا منها لسلب القوى الديمقراطية الوطنية العلمانية اللبرالية واليسارية دورها المفروض في تقرير مصير الشعب والوطن وقد جرى ذلك بالتناغم والتخادم بين قوى الرأسمال العالمي والامبريالي الأمريكي وقيادة السلطة الفاشية في العراق كذلك عملت القيادة الأمريكية إلى عزل الشمال عن الجنوب بان أعطت المنطقة الشمالية نفوذا وسيادة ناقصة لكردستان العراق بما أسمته بالملاذ الأمن ليكون قيدا في معصم الثوار العراقيين عموما ولقيادة الأكراد خصوصا بعدم تجاوز الخطوط الحمراء لكي تكون كردستان العراق كما هي دائما منطلقا لتوحيد قوى النضال الوطني والديمقراطي العراقي ضد مستغليه وضد قوى الدكتاتورية لتخوض نضالا وطنيا فاعلا بعيدا عن تبعية وهيمنة قوى الرأسمال العالمي والأمريكي على وجه الخصوص . وثم الإيعاز لقوى النظام المنظمة من الجيش والشرطة ومؤسسات الأمن والمخابرات بالانسحاب من كردستان لتتفرغ لقمع قوى الشعب في مناطق الوسط والجنوب مدركة مدى هزال وضعف وانهيار معنويات هذه الأجهزة الذي يسعي فسما غير قليل منها خصوصا من الجنود والمراتب الدنيا ومن الضباط الأحرار للحصول على الفرصة المناسبة للتخلص من النظام الدكتاتوري وإذلاله للجيش والشعب فافقد المقاومة الشعبية العراقية الوطنية الحقيقية فرصة كبيرة في تنظيم قوة ديمقراطية ثورية حقيقية في شمال العراق للإطاحة بالسلطة الدكتاتورية الصدامية في قمع والسيطرة على وسط وجنوب العراق بالإضافة إلى ارتهان الشمال للقرارات الدولية الأمريكية وقد تمثل ذلك جليا وواضحا في الالتفاف على قرار 688 وعدم تفعيله ليكون من أكثر القرارات الدولية الساندة لنضال الشعب العراقي ضد الفاشية الصدامية وحصول الشعب على حريته دون الحاجة للتدخل الأمريكي العسكري المباشر. عمد النظام بتكريم القوى العسكرية والأمنية المهزومة وتقليدها الرتب والنياشين كمقابل غير مسبوق لاحتواء إحساسهم بالهزيمة والانكسار موجها غضبهم وشراستهم ضد أبناء شعبهم من العراقيين المنتفضين ليستبدل احتلال الخارج باحتلال ونهب وإذلال الداخل ... وأعطى الفسحة والوقت الكافي لتطويع وتركيع وتوبيخ وحتى تقطيع نسيج المجتمع العراقي عموما ليكون لقمة سائغة لقوى الاحتلال الامبريالي المباشر وهذا ما حدث بالضبط في 9 / 4/ 2003 بعد انهيار وسقوط السلطة الدكتاتورية في بغداد دون مقاومة تذكر . ونجاح مخططات الرأسمال الأمريكي في إدخال العراق في أتون الصراع الطائفي والعرقي بعد إن استجابت قوى ( المعارضة ) العراقية المسلوبة الإرادة والمسحوبة بقوة الاحتلال إلى الزحف لاعتلاء كراسي الحكم تحت يافطة المحاصة الطائفية والعرقية البغيضة وبذلك أصبح العراق تحت لعنة برا يمر سيء الصيت وتحكم قوى الرأسمال العالمي واختلط الحابل بالنابل في آتون حرب أهلية عرقية طائفية أفقدت حتى المقاومة الحقيقية وسائلها ومشروعيتها تحت هيمنة قوى الجريمة والإرهاب والظلامية ... وليس بخاف الواقع الحالي لوطننا وشعبنا المهدد بالفناء والتقسيم والذي يعيش في ظل الفقر والبطالة والموت والى اجل غير معلوم وهو لا يعلم ما هو ثمن أمنه وسلامه واستقراره ووحدته ؟؟؟ وهو لا زال يئن تحت سياط الاحتلال والاستغلال والعنف والقتل ويمر آذار تلو آذار والشعب لا ينعم لا بالحرية ولا بالأمان ولا بالرفاهة والاستقرار . فهل محاربة وإضعاف الإسلام هو الثمن وها هو قد أصبح عشرات الفرق والملل يكفر ويقاتل بعضها بعضا؟أم وحدة العراق هي الثمن وها هو العراق أصبح مقسما فعلا أقاليم ومناطق ومحافظات وربما إحياء وحارات ؟ هل النفط هو المطلوب ؟ وها هو قانون الاستثمار ومبدأ المشاركة في الإنتاج مطبوخا وسط دخان الحرائق ليكون بعيدا عن وعي ونظر المواطن العراقي وهو يسلم 75% من الثروة النفطية ولعشرات السنين للاحتكارات النفطية بل إن كافة وسائل الإعلام كأنه نثر للدورات النفطية على رؤوس العراقيين !!!. هل الإنسان العراقي وتاريخه هو المستهدف ؟ ها نحن نشاهد اغلب العراقيين وهم عبارة جذوع نخل خاوية ؟ من عذاب الحرمان والظلم والاستغلال والإرهاب . إن حرقة الألم وحسرة العدم وآهة المرارة مما نحن فيه وقد تكالبت على قطرنا العراق كل قوى الشر والظلام في الداخل والخارج حيث يسحق العراق أرضا وشعبا وتدميره كوطن ونسفه كمستقر وسكن. أفلا من ناصر ينصر العراق إما من مغيث يغيث شعب العراق إلا من حامي ومدافع يدافع عن الأطفال وشيوخ ونساء وشباب العراق. صرخة طالما رددناها ونرددها في سهول وجبال ووديان واهوار العراق عسى إن تستيقظ القوى الوطنية الصادقة العراقية بمختلف أطيافها لتنسى خلافاتها وتعود لوطنيتها لتنقذ العراق من حال الخراب والدمار . نعود ونجدد صوتنا ونداءنا هذا بالخصوص للقوى اليسارية العراقية حاملة راية الديمقراطية والعدل لتكون بمستوى مهامها الوطنية والطبقية بإقامة حد ادني من التحالف ونبذ الخلافات لتكون في طليعة القوى المناضلة كما هو عهدها دائما من اجل عراق حر مستقل موحد حيث يؤكد التاريخ النضالي بكل شواهده العالمية والوطنية عجز وعدم قدرة وتردد قوى الإقطاع والبرجوازية الطفيلية((القطوا زيه)) القبلية وقيادات الدين السياسي عن حمل راية الكفاح التحرري الوطني الديمقراطي بسبب بنيتها وتركيبتها وحقيقة وجودها وطبيعة حراكها كقوى ما قبل الحداثة وارتباطها المصيري بقوى الرأسمال العالمي و أنانيتها وعدم إيمانها الحقيقي بالحرية والديمقراطية طريق وهدف التحرير المطلوب وان غاية ما تسعى إليه لتكون المحتل ((الوطني)) البديل للمحتل الأجنبي الدخيل . وقد كانت ثورة العشرين دليلا ساطعا ولازال ماثلا للعيان وكذا هو الأمر بالنسبة للقوى القومانية بمختلف أطيافها وتوجهاتها وادعاءاتها عبر انقلاباتها ومؤامراتها وتعاقبها على دست الحكم.
وهذا هو الحاضر يؤكد صحة ما نقول فبعد  سبعة سنوات من هيمنة هذه القوى على زمام الحكم منذ 9/4/2003 ولحد ألان حيث فاقت كل التاريخ السابق من حيث ضيق افقها وفسادها وعدم حكمتها مما جر العراق إلى المزيد من الخراب والدمار وهو يعيش   تحت وطأة  الإرهاب وانعدام الأمن والأمان والبطالة وتفشي الفساد والإفساد وفقدان ابسط الخدمات.
فهل استطعنا إن نتعظ بآذار الأمس لنكون بمستوى آذار اليوم. وما سيسفر عنه ((عرسه الديمقراطي))  الذي لابد سيشهد خسارة وهزيمة  كبيرة ل((اليسار )) بقيادته التقليدية وهو  يركض مع جوق  الهرج السياسي لعله يمسك  بكرسي في قبة البرلمان متخليا عن كونه  طليعة  جماهير الكادحين والمعدمين والمهمشين وكل  أحرار العراق حتى وان كان الثمن  كل الماضي الكفاحي الجبار لأجيال من الشيوعيين الأبطال اللذين ضحوا  بالنفس والنفيس من اجل محاربة قوى الاستغلال والاحتلال في كل زمان ومكان
!!!!

ملاحظه:- سبق وان نشر مضمون المقالة تحت اسم ((سلام خالد)).

 

 

 

 

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

صوت اليسار العراقي

 

تصدرها مجموعة من الصحفيين والكتاب العراقيين

webmaster@saotaliassar.org    للمراسلة