مركز الأهرام للنشر والترجمة
والتوزيع
ملخص كتاب
مأزق الحركة الشيوعية المصرية
الجذور التاريخية .. والخيارات
المستقبلية
تأليف: طلعت رميح
تقديم: د. وحيد عبد المجيد
تقديم
ماذا حدث فى الحركة الشيوعية
المصرية، وكيف تراجع دورها إلى حد
أنها صارت مهددة بأن تتلاشى، وكيف
نفسر مأزقها على أسس موضوعية؟ ما
زال هذا السؤال المركب، وسيظل
لزمن يصعب التكهن بمداه، مطروحاً
للبحث والتأمل والنقاش، باعتباره
جزءاً من مسألة أعم وأشمل تتعلق
بأحوال التيارات السياسية
والفكرية التى عرفتها مصر، كما
غيرها، فى العصر الحديث.
فليست الحركة الشيوعية وحدها هى
المأزومة، ولا هى وحيدة فى
مأزقها. فمثلها، بدرجة أو بأخرى،
باقى اليسار. ولا تختلف كثيرا حال
الحركات والتيارات الليبرالية
والقومية العربية، على الأقل من
حيث الجوهر. وإذا كانت الحركات
الإسلامية تبدو فى حال أفضل، فهذا
ما نراه على السطح ومما يمكن أن
تختلف النظرة إليه إذا نفذنا إلى
بعض أعماقه. فقوة هذه الحركات،
ليست منها وإنما من أولئك الذين
جففوا منابع السياسة والفكر
السياسى فى المجتمع فحدث فراغ
ملأه الدين (أو بالأحرى استغلال
الدين). كما انتشر فى هذا الفراغ
الخطاب الذى يسمى دينياً بصوره
المتنوعة وفتاويه التى تملأ
الآفاق.
فالحركات والتيارات السياسية
والفكرية كلها إذن مأزومة،
والحاجة إلى محاولة فهم مأزق كل
منها شديدة. ويساهم هذا الكتاب فى
السعى إلى فهم ما حدث فى الحركة
الشيوعية المصرية، بل العربية
بوجه عام. وهو يستمد أهميته من
تجربة كاتبه فى صفوف هذه الحركة،
قبل أن يغادرها ويصبح من ناقديها.
فيقدم طلعت رميح فى هذا الكتاب
مزيجا من الشهادة والتحليل
والتقييم قد يختلف عليه كثير من
اليساريين، ولكنهم يمكن أن يجدوا
فيه - أيضا - الكثير مما يفيد حتى
لا يكون الأداء فى المستقبل إعادة
إنتاج لما حدث فى التاريخ.
وربما يستغرب البعض أن يكون
للحركة الشيوعية مستقبل، وهم
الذين ظنوا أنها صارت جزءاً من
الماضى ولم يبق منها إلا أطلال.
ولكن فى هذا الظن خلطا بين حركات
تروح وتجئ، وتموت أيضا، وأفكار لا
تندثر مادام فيها نفع للبشر.
ستظل الإنسانية فى حاجة إلى
الماركسية ليس فقط باعتبارها
منهجاً علميا فى المقام الأول،
ولكن أيضا لأن فى هذا المنهج
دليلاً ومرشداً إلى مستقبل أفضل
أكثر عدلا أو حتى أقل ظلماً
للفقراء والضعفاء. وقد ساهمت
الماركسية فعلا، وليس فقط
تحليلاً، فى ذلك. فما كان للنظام
الرأسمالى أن يتطور باتجاه فكرة
الحد الأدنى الاجتماعى وما يقترن
بها من رعاية وضمانات لمختلف
الفئات فى المجتمع إلا بتأثير
الماركسية التى مثلت تهديداً له
فى أعماقه.
فالفضل يعود إلى الماركسية فى
تغيير وجه الحياة فى كثير من
المجتمعات فى البلاد الرأسمالية
الأكثر تقدماً. والمفارقة أنها
حققت للنظام الرأسمالى نجاحاً لم
يتحقق مثله للنظام الاشتراكى الذى
أقيم على أساسها. وإذا كان هناك
من يرون أن هذا يعود إلى عيب
جوهرى فيها، يعتقد أخرون أن هذا
العيب هو فى أولئك الذين طبقوها
وفق ما فهموه منها.
والأرجح أن العيب يوجد هنا وهناك.
فليس هناك فكر إنسانى يخلو من
العيوب. ولكن مزايا الماركسية
ومنافعها تظل أكبر من عيوبها
وأضرارها، إذا أحسن من يؤمنون بها
استيعابها وفهم ظروف مجتمعهم فى
آن معاً، واستمعوا جيداً إلى
الآراء المختلفة وحاولوا
الاستفادة منها وخصوصا تلك التى
يحاول أصحابها فهم ما حدث للحركة
الشيوعية.
وهذا هو ما يسعى إليه فى هذا
الكتاب طلعت رميح صاحب التجربة
الثرية حيث يقدم رؤيته للحركة
الشيوعية تاريخاً ومستقبلاً وفق
خبرته الخاصة جداً، ومن منظار
إسلامى بات ينظر إلى العام من
خلاله، بعد أن إنتقل من موقعه
اليسارى الشيوعى إلى موقع يندرج
ضمن أحد روافد الإسلام الحضارى.
قائمة محتويات الكتاب
هذا الكتاب: القصة والرواية -
الأقسام والفصول
مقدمات لا بد منها
القسم الأول: المظاهر العامة
للمأزق التاريخى.. للحركة
الشيوعية المصرية (دراسة وصفية)
القسم الثانى: فشل الحركة
الشيوعية فى دراسة مأزقها
الفصل الأول: كيف نبحث فى الأسباب
(رؤية منهجية)
الفصل الثانى: الحركة الشيوعية
العربية.. ظواهر مرضية واحدة
الفصل الثالث: الأسباب المباشرة
والأسباب العامة
الفصل الرابع: الخلط بين المظاهر
والأسباب
القسم الثالث: الأسباب الحقيقية
لمأزق الحركة الشيوعية
تقديــــم: الفارق بين الاحتلال
الثقافى واحتلال الأرض!
الفصل الأول: الماركسية بين الفكر
والتجربة
الفصل الثانى: هل امتلكت
الماركسية نظرية عالمية
«للتغيير»؟
الفصل الثالث: الاغتراب... نتيجة
«الارتباك» الحضارى
الفصل الرابع: نضوج المأزق.. وضوح
الارتباط بالتحالف الصهيو-بريطانى
الفصل الخامس: مأزق الحركة
الشيوعية.. لماذا؟
القسم الرابع: مستقبل الحركة
الشيوعية إلى أين:الخيار الحضارى
يقدم المؤلف فى هذا الكتاب محاولة
جادة للبحث والتفكير، فى وقت نحن
أحوج ما نكون فيه إلى دراسات جادة
وإلى حوار حقيقى، سياسى
واستراتيجى وفكرى ونظرى بين
التيارات المتعددة، بديلا للحالة
السائدة الراهنة من الخواء
والتنابذ والانغلاق العقلى.
ويعود المؤلف فى هذا الكتاب من
وجهة نظره، إلى الأصول والجذور،
ليقدم رؤيته لظاهرة الحركة
الشيوعية العربية عموما والمصرية
خصوصا.
لقد مرت تجربة تلك الحركة، على ما
يرى الكاتب، برحلة طويلة فى حياة
النخب المصرية والعربية، رحلة
مليئة بالمشكلات والاضطرابات،
بدأت منذ مطلع القرن التاسع عشر،
و تبلور عنها فى مطلع القرن
العشرين انقسام يراه الأهم
والأبرز بين تيارين أساسيين فى
المجتمع المصرى والعربى - هما
التيار الإسلامى وتيار الحركة
الشيوعية – وهو انقسام تواصل عبر
منحنيات ومنعطفات، بعضها حاد
وقاسٍ وبعضها اختفى تحت سطح
الأحداث، لكنه ما يزال متواصلا
حتى الآن، والاحتمال الأبرز- فى
رأيه- أنه سيذهب بالطرفين إلى
مجابهة فى المستقبل لن تكون
الأولى من نوعها، رغم ما يبدو
ظاهريا من ذبول الحركة الشيوعية
وتراجع تأثيرها. حيث يعتقد الكاتب
أن ثمة قوى خارجية وداخلية ترى أن
مصلحتها تتحقق فى مصر وكثير فى
الدول العربية، بتعميق هذا
الانقسام وتوسيع فجوته وتحويله
إلى صراع دام ومستديم. وذلك لا
يعنى بالطبع إنكار الدور المهم
الذى لعبته الحركة الليبرالية فى
مجتمعنا، والذى يمكن أن تلعبه
«كحل وسط تاريخى»، إذا قدر لها
إدراك وضعيتها ودورها الحضارى..
لا السياسى فقط من وجهة نظره.
يقع الكتاب فى أربعة أقسام. القسم
الأول منه تحت عنوان، «المظاهر
العامة للمأزق التاريخى للحركة
الشيوعية المصرية». وهو
يتناول المظاهر العامة لمأزق
الحركة عبر أطوارها/مراحلها
الثلاث منذ بدايتها وحتى الآن.
حيث يبدأ الكاتب هذا القسم بمدخل
عام لتاريخ الحركة الشيوعية،
لتسهيل المتابعة والوصول إلى رصد
الظواهر العامة التى لازمت الحركة
عبر تاريخها. ويعتقد المؤلف أنه
يقدم فى ذلك الجزء من الكتاب
دراسة علمية غير متداولة لا فى
أوساط الحركة الشيوعية ولا فى
أوساط الحركة الإسلامية فى رصد
الظواهر وتحديدها وبلورتها عبر
التاريخ المتطاول للحركة.
أما القسم الثانى من الكتاب والذى
يحمل عنوان «فشل الحركة
الشيوعية فى دراسة مأزقها»
فيتناول فيه الكاتب بالتحليل
الأسباب «المباشرة» للظواهر التى
رصدها فى القسم الأول، وهى
الأسباب التى يعتقد أنها تبدو
للعيان أو التى تسبب حدوث كل
ظاهرة على حدة فى كل مرحلة من
المراحل التى مرت بها الحركة
الشيوعية منذ عشرينيات القرن
الماضى وحتى الآن، ليستنتج المؤلف
بعد ذلك أن تلك الأسباب
«المباشرة» تتوارى عن أن تصبح
أسبابا جوهرية عند البحث عنها وفق
رؤية معمقة. ويخلُص المؤلف فى هذا
القسم ومن خلال رحلة ممتدة لدراسة
حالة «تكرارية» نفس ظواهر مأزق
الحركة الشيوعية فى الدول
العربية، ولأسباب مباشرة أخرى تخص
حركتها فى كل بلد على حدة - إلى
أن مظاهر مأزق الحركة الشيوعية
المصرية هى مظاهر عامة لازمت كل
الحركات من هذا النوع فى المنطقة،
ويرى الكاتب أن البحث فى الأسباب
يجب أن يتخطى خصوصية الواقع
المصرى الذى غرقت فيه التحليلات،
لننطلق من هذا إلى توضيح ومناقشة
ونقد الأسباب التى يراها بعض قادة
الحركة أسبابا للمأزق التاريخى
الذى عاشته الحركة منذ بداية
نشاطها المنظم فى مطلع عشرينيات
القرن الماضى وحتى الآن.
ينتقل طلعت رميح بعد ذلك فى
القسم الثالث من الكتاب وهو
بعنوان «الأسباب الحقيقية
لمأزق الحركة الشيوعية» لبحث
الأسباب الحقيقية فى رأيه لمأزق
الحركة.
فخلال هذا القسم، والذى يتضمن
مقدمة وخمسة فصول، يبحث الكاتب عن
إجابات لأسئلة يعتقد أنها مهمة
حول تلك الظاهرة، تأتى فى
مقدمتها بعض الأسئلة «النظرية»
منها: هل يمكن باتباع المنهج
العلمى فى الدراسة والبحث - وحتى
باستخدام قوانين الماركسية نفسها
- أن نقول أن ثمة نظرية عالمية
للماركسية؟ والأمر ينطبق على
مفاهيم ماركس حول الاقتصاد
ونظريات لينين وماو وغيرهم بشأن
الصراع الطبقى والثورة، ومنها
البحث فى سقوط الاتحاد السوفييتى
وكل الدول الاشتراكية من خارطة
الماركسية كنظرية. فهل يكفى
لتبرير ذلك الحديث عن
البيروقراطية السوفييتية أو حتى
رأسمالية الدولة؟ أو هل يكفى
لتفسير ذلك القول بأن هذه التجارب
تمثل مرحلة تاريخية «مضت»، أم أن
الأجدر هو القول بأن أفكار
الماركسية نفسها كانت «مرحلة
تاريخية فى عمر البشرية» يجب
البحث فيما يدخل عليها من تطويرات
وتغييرات « فكرية»؟
ويطرح الكاتب عقب ذلك بعض الأسئلة
الأخرى التى يحاول الإجابة عنها،
والتى يرى أنها بالغة الأهمية فى
ضوء تجربة الحركة الشيوعية، منها،
ما هى «نظرية» الحركة الشيوعية
المصرية لتحقيق رؤيتها وأهدافها؟
وهل نجحت الحركة عبر تاريخها فى
التوصل إلى نظرية مقاومة أو نظرية
للثورة التى «حلمت» بها؟ أم أنها
لم تقدم سوى رؤية لحركة احتجاجية
جماهيرية مدنية ذات برامج مطلبية؟
ويعتقد الكاتب أن ما يتعين علينا
أن نبحث عنه هنا، ليس تساؤلات حول
وجود برامج سياسية أو حتى عما
يسمى فى الأدبيات الماركسية
دراسات لتحديد طبيعة السلطة
الحاكمة(!)، لكننا ينبغى بدلا من
ذلك أن نتساءل عما إذا كانت تلك
الحركة قد أمتلكت يوما ما نظرية
للتغيير، أو رؤية متكاملة لبناء
فكرى وتنظيمى خاص بالمنطقة
العربية أو بمصر أو وجود رؤية
لاستراتيجيات محددة وتكتيكات
مرتبطة بالواقع ومراحل التنفيذ.
بعد ذلك ينتقل المؤلف ليحاول
الإجابة فى هذا القسم أيضا عن
التساؤل لماذا - كانت ومازالت -
الانقسامات ظاهرة ملازمة للنشاط
الشيوعى، منذ بدأ هذا النشاط فى
مصر والعالم العربى وحتى الآن؟.
وأيضا لماذا اتسمت هذه الحركة
بظاهرة الأطوار أو الأجيال حيث
جرت نشاطات الحركة بالانقطاع بين
الأجيال ليبدأ كل جيل عمله على
أنقاض تجربة الجيل السابق - مثل
الأب الذى يترك أسرته غارقة فى
الديون - ودون تقدم أو تجاوز
للظواهر السلبية المدمرة فى حركة
الجيل السابق؟ ولم فشلت محاولات
جذب العمال إلى صفوف الحركة خلال
ما يقرب من القرن من الزمان، وهل
يكفى لتفسير ذلك الحديث حول «عنف
البرجوازية المصرية» ضد الحركة
الشيوعية؟ وهل يكفى تبريرا لذلك
القول بأخطاء تكتيكية سياسية أو
تنظيمية؟ وهل ترتقى تلك الأخطاء
إلى أخطاء فى التطبيق الفكرى؟.
وتتواصل التساؤلات التى يسعى
المؤلف لتقديم إجابات من منظاره
الخاص لها، منها دور الأجانب فى
الحركة ولماذا سيطر اليهود -
والصهاينة تحديدا - على قيادة
الحركة فى الجيلين الأول والثانى
بصفة خاصة؟ وما علاقة هذه السيطرة
بالمشروع الصهيونى لاحتلال فلسطين
وإقامة الكيان الصهيونى خلال
الحرب العالمية الثانية؟ وماذا
كشفت عنه تجربة الحركة الثالثة فى
هذا الجانب، والتى نشئت - خلا أحد
الأحزاب - خارج أطر القيادة
والوجود المكثف للأجانب واليهود
والصهاينة الذين انزاحوا من
الحركة على يد الناصرية، بينما لم
تتمكن الحركة فى ذاتها من طردهم
من جسدها؟ وما هو دور الأجانب فى
عمليات الانقسام والتشرذم وهل كان
ذلك لحساب جهات متعارضة بالخارج
أم لمجرد خلافات بين شخوصهم؟ وما
هو دورهم فى إصابة الحركة
الشيوعية بالاغتراب والبعد عن
الواقع المصرى وهل كان دورهم بحد
ذاته - أيا كان - هو الذى أصاب
الحركة بالاغتراب أم أن هناك
أسبابا فى أصل النظرية والفكر هى
التى أصابت الحركة بالاغتراب جاء
وجود اليهود والصهاينة نتيجة له،
وكان دورهم فى إصابة الحركة
بالاغتراب «ناتجا لناتج» أصيل؟
وهل كان دور اليهود والصهاينة
أيضا وراء إصابة الحركة بداء
الاقتصار على المثقفين أم أن
الحركة من الأصل لم يكن لها إلا
أن تجذب مثقفين من القابلين
للتغرب؟ وهل كان دور اليهود فى
الحركة ناتجا عن كثرة عددهم
ونشاطهم وطبيعة ثرواتهم المالية
فى مصر، أم أنهم من الأساس كانوا
يؤدون مهمة ضمن التحالف البريطانى
- الصهيونى، الذى بدأ مع الحرب
العالمية الأولى - وأنتج وعد
بلفور 1917 - واستمر خلال الحرب
العالمية الثانية، وتمثل فعليا
على الصعيد العسكرى فى انخراط
اليهود فى الأعمال المسلحة بجانب
القوات البريطانية خلال الحرب،
ووصل حد إقامة الكيان الصهيونى،
حيث تمكنت الحركة الصهيونية من
خلال سيطرتها على الحركة
الشيوعية، من إصدار قرار بموافقة
فصيل من الحركة الشيوعية المصرية
على قرار تقسيم فلسطين، تحت غطاء
مبدأ حق تقرير المصير أو أطروحات
التعايش بين القوميتين، اليهودية
والعربية.
ويختتم الكاتب تلك الدراسة برؤيته
الخاصة حول مستقبل الحركة
الشيوعية فى ضوء المتغيرات
الدولية والمحلية فى القسم
الرابع و الأخير من الكتاب الذى
يحمل عنوان «مستقبل الحركة
الشيوعية إلى أين: الخيار الحضارى»
والذى يبحث المولف على صفحاته
فرضية ما إذا كان الدور التاريخى
للحركة وفق ما ظهرت ونشطت، قد
انتهى، فى ظل عودة البعث
والإحياء الدينى فى العالم وفى ظل
تبلور مفاهيم صراع أو حوار
الحضارات، والتى يعتقد الكاتب
أنها وإن كانت قضايا تواجه الحركة
الشيوعية فى العالم كله، إلا أنها
تمثل قضايا أكثر حيوية بالنسبة
للحركة الشيوعية فى المجتمعات
الإسلامية بشكل عام، وفى المنطقة
العربية بشكل خاص. وبطريقة أخرى
فالسؤال المهم والحيوى فى ذلك
القسم من الكتاب، كما يرى المؤلف،
هو: هل تندفع الحركة الشيوعية فى
ظل مفاهيم العولمة والغزو الثقافى
والحضارى إلى رؤية أكثر «تغربا»،
باعتبارها من الأصل إحدى معطيات
«الفكر» الغربى؟ أم أن التجربة
التاريخية، والمأزق المتصاعد
للحركة منذ بدايتها وحتى الآن،
وتبلور الصراع بين الحضارة
الغربية فى جانبها الاستعمارى،
والحضارة العربية الإسلامية فى
جانبها المقاوم، على أسس حضارية
شاملة سيدفع الحركة الشيوعية أو
قطاعات منها، للانحياز إلى هذا
التصنيف فى نمط الصراع، والانحياز
إلى ما يعتبره الكاتب حضارة
الأمة.
ويتساءل الكاتب: إذا كانت الإجابة
على السؤال السابق هى أن كوادر من
الحركة سينحازون إلى حضارة أمتهم،
فما هو مشروعهم؟ هل سيدعون للحفاظ
على الهوية والثوابت الحضارية
التى هى قضية جوهرية فى الصراع فى
مرحلة العولمة الراهنة أم يقدمون
طرحا يقوم على وقف الهيمنة
العسكرية والاقتصادية، دون
الأبعاد المتعلقة بالهوية
الحضارية للصراع فى حد ذاته؟
وأيا يكون الأمر، فهذا كتاب
للمستقبل وليس عن الماضى. وهو
كتاب نرجو أن يكون فاتحة أعمال
تسعى إلى تحليل وتفسير مأزق
حركاتنا وتياراتنا السياسية
والفكرية كلها ما ظهر منها وما
بطن.