كتابات حرّة

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا

  

مقالات مختارة

 مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين

للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org 

 

عيد العمال ومجد المنسيين والمحرومين والمضحين

 

آرا خاجادور

تمر مناسبة الأول من آيار عيد العمال العالمي على شعبنا العراقي ولسان حاله يقول:"عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمـر فيك تجديد" فالشعب يعاني منذ دخول القوات الغازية بلادنا بصحبة خونة الأهل والديار أياماً قاسية ربما هي الأقسى في كل تاريخه والأخطر على مستقبله ووجوده. وهي أيام علاجها يحتاج الى وضوح الفكر والعمل والقيم والمواقف التي لا تحابي أو تراوغ أو تخشى في الحق لومة لائم.

 

في هذه المناسبة الكبيرة أسعى للوقوف عند بعض القضايا التي على صلة بالمناسبة أكثر من الحديث عن المناسبة نفسها لأتناول قضايا تجسد مضمون العيد. ومعلوم أن مناسبة العيد ليست ميداناً يتسع لكل ما ينبغي أن يذكر. ولكن العيد من جانب آخر مناسبة يحتشد فيها خليط قد لا يبدو غير مترابط من الذكريات والنظرات وقراءات الأحداث والتطورات الكبيرة منها والصغيرة وبكل ألوانها. وهذه الأجزاء مهما كبرت تبقى أجزاء صغيرة من مأساة كبيرة للغاية يمر بها شعبنا الذي يستحق العيش الكريم.  

وعلى الرغم من بشاعة كل الذي مر خلال السنوات الماضية فإن المرارة تكمن في أن القادم أبشع وأمر من كل ما تجرعه الشعب وتجرعناه الى يومنا هذا. إن الدمار الشامل للشعب العراقي هو ما يخطط له المحتل نفسه وخدمه في السر والعلن، وبصفة خاصة منهم طلاب الوجاهة الزائفة، والعصابيون والساديون وسقط المتاع. وقد مهد لهم الطريق كتاب الإحتلال المتعاقدون الذين روجوا مفاهيم تفيد بأن الوطنية والضمير والأمانة وحماية المال العام وصون حياة الناس وأعراضهم والشرف والمسؤولية مفاهيم بالية عفى عليها الزمن.

هولاء كلهم فرضوا على شعبنا في السابع من آذار الماضي مسرحية هزلية قالوا عنها أنها إنتخابات ديمقراطية عامة. إن الشعب الذي جُرد حتى من حقه في الحياة خاضها مكرهاً، وهو يعلم علم اليقين أن العدو الرئيسي وكل الأعداء الثانويين وخدمهم لن يتركوا أمامه إلا الخيارات المرّة. وسعى الشعب بوعيه الوطني الى دفع الشر الكبير بالصغير منه وبما هو متاح. وفي وقت لا يملك فيه قيادة أمينة وصلبة وواضحة، وهذا واقع له ما يفسره ذاتياً وموضوعياً. وفي وقت عجزت في القوى الوطنية المعادية للإحتلال بحق وحقيقة أن توحيد صفوفها أو على الأقل أن تنسيق بينها.

وعلى الرغم من أن الإحتلال بشطارته أو نذالته المعهودة وبمساندة وخبث ذوي القربي وخونة الديار قد وضع قانوناً وخططاً توصل الشعب الى حقيقة واحدة: أنت تمارس الإنتخاب ولكن في نهاية المطاف نحن ننصب من جاء معنا طامعاً أو مرتزقاً أو من هو نظيرهم ومن صناعتنا. ولكن على الرغم من كل هذه النذالة والمكر عاقب الشعب من يستطيع معاقبتهم مباشرة، خاصة أولئك الذين لا يمكن للإمبريالية أن ترضى عنهم حتى ولو باعوا كل المبادئ بشروى نقير أو بمنصب حقير ومال حتى وإن لم يكن وفير. وهؤلاء أمكن عقابهم لأن أيدهم القصيرة لا تصل الى الصناديق للتزوير كما زور الآخرون. إن اللصوص الكبار زوروا بصورة تبدو غير مباشرة حيث الصناديق بأيديهم وكعادة اللصوص وعبر التاريخ إختلفوا على تقاسم المسروقات. إن المهم لنا أن الشعب قد أوصل رسالته وحسب.

إن مهزلة ما بعد الإنتخابات مازالت متواصلة بكل قذاراتها وإجرامها. وإن فيلق الكتاب المتعاقدين مع وزارة الدفاع الأمريكية وغيرها ما زال يهيج الغبار بكل الإتجاهات، وتحت كل العباءات من أجل طمس حقيقة أن البلد محتل وإن المحتلين الكبار والصغار هم وراء كل الجرائم التي ترتكب بحق العراق. تبدأ من الإنتهاكات في السجون والمعتقلات مروراً بالسرقات والتجويع وإنتهاءً بالقتل الجماعي المعلن لكل العراقيين في الشوارع والمدن وحتى في القرى العراقية غير الآمنة.

وعلى الرغم من كل هذه البشاعات فإن الموقف الثوري يُعاد الإعتبار إليه وإن كان بأقل من السرعة المطلوبة. وإن الحياة بإعتبارها الحقيقة الكبرى تؤكد ما قاله الأبناء الشرفاء للشعب العراق: نقطة واحدة للمفاوضات مع المحتل هي إرحلوا عن بلادنا. ولا بديل عن كنس الإحتلال وكل القذارات الوافدة معه. 

وصفوا مهزلة الإنتخابات العامة بالعرس الإنتخابي تحت طائلة الوهم والغباء والمصالح الخيانية والغدر وأسباب أخرى كثيرة. وفي النهاية لا أقول في النتيجة حيث لا نهاية ولا نتيجة الى يومنا هذا. اليوم بان المرج قبل أن يذوب الثلج، حيث لا نحتاج نحن اليوم أن نضيف شيئاً على الإنتخابات الخدعة أكثر مما صدر عن منظموها أنفسهم، وكل من زاويته الأنانية ودوره المرسوم. ويكفي كل منصف النظر فيما قالوا هم عنها. وما كان لنا أسف على هذا العرس الذي لا يمكن إلا أن يكون عزاء ويوم حزن وعار لهم، ولكن نخشى ممن يدبر للشعب العراقي في الكواليس. لا نلوم من حاول أن يجعل من أساليبهم "الديمقراقية" مطية لخدمة توجهاته إذا كانت لدعم الوجه العام وهو تحرير البلاد بكل الوسائل المشروعة من أعلاها الى أبسطها.

أحيي كل الكتل والشخصيات الشيوعية التي قاطعت الإنتخابات. وأعلنت مواقف صريحة ضد المحتل والمتعاونيين معه بكل دوافعهم الواطئة والمعيبة. قلنا عن الإنتخابات السابقة بأن اللص وزير التجارة وحده قد زور حصص أرزاق المواطنيين بحدود مليوني بطاقة تموين فكيف عن أوراق وحسب وكيف الحال إذا كان الأمر بمشاركة كل المشاركين فيما يسمونها بـ "العملية السياسية" وأسيادهم الى جانبهم. وهنالك تأكيدات بأن اللجنة "الوطنية المستقلة" للإنتخابات صنيعة الإحتلال قد رفعت نسبة المشاركة الإنتخابية من أقل من 40% الى 62% ومسلسل العار متواصل الى يومنا هذا. وهذه اللجنة الصنيعة سوف تدفع الثمن بعد أن إختلف اللصوص والعملاء فيما بينهم وإنتظروا الأسابيع القليلة القادمة. إن الهدف من الضجيج الإنتخابي وخلق أجواء الإحتراب الداخلي هو التغطية على الواقع القائم وفق تكتيك حرمان الشعب من كل شيء ليطالب بأي شيء. وعلى أمل أن تنسحب قطاعات وفئات واسعة من الشعب من معركة السيادة الوطنية ومحاسبة المجرمين الى معارك ضمان توفر بعض الأسس الضرورية للحياة وحسب.

وفي هذه المناسبة أبعث تحياتي الطيبة والصادق الى كل عمال العراق من أم قصر الى زاخو بالدرجة الأولى لأنهم الأحق بالتحية والتقدير لظروفهم القاهرة الراهنة، وأخوّل نفسي توجه التحية لهم لإعتقادي بإنني قد كرست كل حياتي من أجل قضاياهم العادلة. وبهذه المناسبة أستنكر موقف اللص وزير النفط العراقي الحالي الذي باع أسرار العراق كذباً وزوراً فقط لتبرير عدوان من قرر العدوان على الشعب العراقي بكل مكوناته من أجل تدمير الآمال المعقودة على الثورية العراقية من قبل حركات التحرر القادمة بكل تأكيد، العربية منها والعالمية.

وبهذه المناسبة العمالية العالمية أعرب عن تضامني مع بيان الاتحاد العام للمجالس والنقابات العمالية في العراق الذي وصف وزير النفط  في حكومة الإحتلال بأنه رمز للدكتاتورية المعادية للعمال ومنظماتهم النقابية. ونقول لهذا "الوزير" ندرك بأن مبرر وجودك في المنصب هو تنفيذ قرارات أسيادك ولكن لماذا المبالغة في محاربة قادة الحركة النقابية العمالية؟.

قامت  وزارة النفط بإصدار أمر وزاري تعسفي مجحف يقضي بنقل قادة الحركة النقابية العمالية من مصافي الجنوب إلى شركة الحفر العراقية ومقرها بغداد عقاباً لهم على تظاهراتهم المطالبة بحقوقهم الأساسية. إن وزارة النفط أقدمت على هذه الخطوة الرعناء من أجل إسكات صوت العمال الإحتجاجي والموحد للشعب. نقول لوزير النفط وعصابته بأنكم تكررون أساليب شركات النفط الإستعمارية دون إبداع ولكن يجب أن تعلموا بأن أبناء وإحفاد أبطال كاورباغي وكي ثري لن ينسوا تلك التجارب العظيمة ويوم حسابكم غير بعيد. هذا العراق شعب الوثبات والإنتفاضات.

نشير الى أسماء العمال الذين أصابنهم القرارات الجائرة، هم:

1 ـ إبراهيم راضي عبد الواحد        نائب رئيس إتحاد النفط رئيس نقابة مصفى البصرة.

2 ـ علاء صباح مرعي                نائب رئيس المجلس المركزي نائب رئيس النقابة.

3 ـ فرج رباط مزبان                  عضو المكتب التنفيذي لإتحاد النفط.

4 ـ ماجد عبد السادة علي             سكرتير نقابة المصفى.

5 ـ خزعل كاظم حمود               عضو النقابة.

نقول لهذا الوزير إن الإرهاب الرسمي الذي تمارسه أنت وأعوانك في مكتب الأمن والإستخبارات التابع لوزارة النفط ضد قادة الحركة العمالية في قطاع النفط من أجل أن ترفع هذه الحركة راية الإستسلام والخضوع لسياسات وزارة النفط وإجراءاتها التي شرعها الإحتلال وخدمه لن يجدي نفعاً. إن الحركة النقابية تثبت يوماً بعد آخر إنها أقوى من جلاديها وإن دفاعها عن حقوق العمال هي مهمة أساسية لا يمكن التخلي عنها، كما لا يمكن التخلي عن الحقوق الوطنية في الحرية والإستقلال والسيادة.

ندعوا كل من يريد الإحتفال حقاً بالأول من آيار أن يعرب عن التضامن بكل أشكاله مع العمال العراقيين ضحايا الإحتلال وعملاء الإحتلال. إن حكومات الإحتلال المتعاقبة هي أدوات الإحتلال فكيف الأمل منها بأن تدافع عن الوطن والعمال. وكيف تكشف جرائم الإحتلال في حين أنها إرتكبت جرائم تصل الى درجة أخجلت الإحتلال نفسه وغطت على جرائمه.

تدور النقطة الأخيرة في إحتفائي بهذه المناسبة حول ذكرى بعض العمال والعماليين العراقيين وقائمة الأبطال هنا لا حصر لها. ولكن بهذه المناسبة أتوقف عند ثلاثة منهم فقط على أمل العودة في لاحق الأيام. أتمنى أن يتسع المجال للتفصيل أكثر عنهم وعن الجميع أو معظمهم على الأقل. ومن خلال ذكرهم أسعى الى القول: المجد للأبطال المنسيين عند من وضعوا في الواجهة. وإذ أكتفي الآن بالذكر فقط على أمل التوقف ملياً عند أجزاء من سيرهم لاحقاً.  

صادق جعفر الفلاحي القائد العمالي الكبير إبن كاظمية بغداد الذي ظل الى أخر أيامه يحتضن المدينة التي شهدت أولى الخطوات في دروب نضاله المديد ومن خلالها يتطلع الى الوطن بأسره ساعياً للمساهمة بقسط ما وقلبه يعتصر ألماً وحزناً على ما حل بالعراق الذي كرس كل حياته من أجله. رحل هذا المناضل بصمت ولم نسمع كلمة عنه من "رفاق الدرب" حتى في أربعينيته التي مرت عشية الإحتفاء بالأول من آيار.  

بعد أن تهمل ذكرى رجل بحجم الفلاحي لا يعود مكاناً للسؤال عن سبب عزلة بعض المعزولين الذين لم يدركوا خيبتهم بعد. وهذه النتيجة نتيجة طبيعية بعد أن غاب عنهم الإخلاص والتحدي والروح الوطنية والنزعة الإنسانية لفرط خضوعهم للأهواء والعجرفة الفارغة وتقديس "الحلفاء". وهذا الإهمال المتعمد للفلاحي من وجهة نظر الكثيرن يُعد تكريماً إضافياً له.

وكذلك أطمح في هذه المناسبة الجليلة عيد الأول من آيار تسجيل بعض من سفر المناضل العمالي الكبير عبد الوهاب الرحبي أبو فرقد أبن ديالى الباسلة التي كانت في الماضي واليوم أيضاً رمزاً للثورية العراقية. ومهما حاول الأوغاد تشويه سمعة نضالها عبر خلط الأوراق تظل رمزاً للمقاومة الوطنية العراقية ضد الإحتلال والعمالة والإرهاب، وليس عبثاً القول " ثلثين الطك من ديالى". والرحبي غادرنا فقيراً ولكن إرادته صلبة، وظل الصمت يطوي ذاكرة عند بعض "رفاقه" كما هو حال الفلاحي اليوم. إن قيم الرحبي تمنح ديالى اليوم المثل والقوة الدافعة.

وفي هذا العيد العمالي الكبير تقف أمامي سيرة رفيق فهد المناضل النقابي الكبير على شكر، وكيف كان يتعامل مع حقوق العمال مع العمال أنفسهم. إن الذي يجمع بين المناضلين الثلاثة هو حبهم للعراق، العراق كله، والثقة بالشعب والنفس، والزهد بمتع الحياة من أجل حياة حرة كريمة للآخرين.

المجد لكم يا عمال العراق لأنكم حماة روحه الوطنية ووحدته الفعلية.

كنتم وما زلتم هازئين بالسحت الحرام وأهله. وعرقكم الناضح دوماً هو ملح أرض العراق.

الغد لكم والعار لكل الخونة بكل أصناف وجهاتهم ودوافعهم.

لن تموت القيم بسموم الأقلام المأجورة وبسيوف قوى الهيمنة والعدوان ولا من خلال التشريد والسجون والتعذيب والقمع ولا من خلال من الإرتخاء أمام دعة الحياة والمال والجاه الزائف.

 

 

 الصفحة الرئيسية | مقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | أرشيف الأخبار | المرأة | الأطفال | إتصل بنا