<%@ Language=JavaScript %>

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

جولة أخرى في العقل السياسي لنتنياهو

 

معتصم حمادة

-الحرية-

 

 يبدأ السلام عند نتنياهو بإعادة تربية أطفالنا على حب إسرائيل وكسب ودها، لنبني الجيل القادر على التعايش مع دولة عنصرية فاشية لا تؤمن سوى بالقوة والبطش.

الانتخابات التشريعية في إسرائيل، موسم غني بالمواقف والتصريحات السياسية التي تسلط المزيد من الضوء على سياسات الأحزاب والشخصيات الإسرائيلية على اختلاف اتجاهاتها وخلفياتها الإيديولوجية والفكرية.

صحيح أن البعض، قد يغالي في تظهير موقفه، ليكسب المزيد من الأصوات في معركة حامية الوطيس، قد يذهب البعض فيها إلى حد اعتبار كل الوسائل مشروعة في سبيل الوصول إلى الكنيست، بما فيه من مغانم ونفوذ وانتماء إلى النخب الصهيونية. لكن الصحيح أيضاً أن ما يتم طرحه في موسم الانتخابات، يشكل في كثير من جوانبه الموقف الحقيقي لهذا الحزب أو ذاك، أو لهذه الشخصية أو تلك. آخر ما صدر عن نتنياهو، ما جاء في حديث له إلى صحيفة «جيروساليم بوست» ، نشر قبل الانتخابات بأسبوع. يقول نتنياهو:

إنه ضد الدولة ثنائية القومية، لأنها «فكرة غير مناسبة» للدولة اليهودية التي يرغب في تكريسها. هذا الكلام ليس بجديد، وإن كان فيه نتنياهو يدافع عن نفسه، ضد خصومه، الذين يتهمونه بتعطيل «حل الدولتين»، الأمر الذي سيقود برأيهم إلى «دولة ثنائية القومية» تقضي على مشروع «الدولة اليهودية».

من هنا، على سبيل المثال، يتهم باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة، أن نتنياهو لا يعرف حقيقة مصالح إسرائيل. وتنضم لأوباما، أحياناً هيلاري كلينتون، يوم كانت وزيرة للخارجية حين «تنصح» نتنياهو بالقبول بـ«حل الدولتين» حرصاً منها (هي) على «يهودية» دولة إسرائيل.

إنه لا يقبل بتوقيع معاهدة سلام مع الفلسطينيين دون أن تتوفر له «ضمانات أمنية». فمعاهدات السلام لدى نتنياهو لا تكفل أمن إسرائيل. بالإمكان مثلاً أن تتغير الفئة الحاكمة في البلد المعني باتفاقية سلام، وأن تنقلب الفئة الجديدة على الاتفاقية والتي قد تتحول إلى مجرد ورقة. نتنياهو لا يؤمن بالاتفاقيات ولا بالمعاهدات الموقعة من قبل الرؤساء والجنرالات، ولا حتى التي تكفلها الولايات المتحدة. نتنياهو يؤمن فقط «بالإجراءات الأمنية» التي تقيمها إسرائيل في محيطها. وحدها هذه الإجراءات، حسب نتيناهو، هي الكفيلة بتأمين سلامة إسرائيل. لذلك أبقت إسرائيل، على سبيل المثال، على احتلالها لأربع مستوطنات داخل الأراضي الأردنية ورفضت الانسحاب منها «لدواعي أمنية»، رغم توقيع معاهدة وادي عربة مع النظام الأردني. ولهذا السبب مثلاً ترفض إسرائيل الانسحاب من كامل الجولان المحتل، وتبدي استعدادها (اللفظي حتى الآن) للانسحاب حتى الحدود الدولية وليس حتى حدود الرابع من حزيران، لأنها تعتبر هذه الحدود خطراً على مصالحها الأمنية، و بالتالي فإنها ترى أنه من حقها أن تحتفظ بأجزاء مهمة، من الجولان، تحت سيطرتها، ضاربة عرض الحائط بالأعراف والقوانين والمعاهدات الدولية، حول عدم الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، وحول اعتبار الاحتلال عدواناً، وحول أن ليس من حق أية دولة أن تعدل حدودها مع دولة مجاورة بقوة السلاح، لأن في ذلك إشعالاً للحروب بين الدول. ولذلك أيضاً يرفض نتنياهو الانسحاب من مزارع شبعا، بذريعة أنها احتلت في حرب 1967 ولا علاقة لها بالقرار 452 الخاص بالانسحاب من لبنان دون قيد أو شرط.

* * *

وعلى خلفية هذه الفكرة الجهنمية، بمضمونها الاستعماري العدواني المفضوح، يصر نتنياهو على مواصلة الاستيطان، باعتباره لمصلحة أمن إسرائيل، وعلى الاحتفاظ بمنطقة الأغوار، وقمم الجبال والتلال، والسماء، والبحر، ومعابر الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال والسيطرة الإسرائيليين. أي أنه يصر على تقزيم الدولة الفلسطينية وتحويلها إلى مجرد أرض متناثرة، تفتقر إلى الإقليم المتواصل، تتكون من إدارة خدمات، ومجرد علم ونشيد، وسجادة حمراء. وفي الوقت نفسه يتهم نتنياهو الفلسطينيين بتعطيل المفاوضات، ويتهمهم بأنهم هم من يضع الشروط المستحيلة لإستئناف المفاوضات. نتنياهو يرسم للمفاوضات إطارها، وآلياتها، ومواضيعها، ونتائجها بشكل مسبق، ويدعو المفاوض الفلسطيني إلى الجلوس على الطاولة، لا للتفاوض، بل للتوقيع على ما تريده إسرائيل. وكل ما هو غير ذلك تعطيل للمفاوضات. وعلى خلفية مشروعه الاستيطاني يؤكد نتنياهو أنه يفتقر إلى الشريك الفلسطيني في السلام. السلام هنا، كما ترسمه إسرائيل وليس كما ترسمه الأمم المتحدة بقراراتها وأنظمتها وميثاقها. هذه كلها يعتبرها نتنياهو ضمانات أمنية لإسرائيل، رغم أنه يتحدث عن السلام، لكنه السلام، الذي في جوهره يقوم على بقاء الاحتلال [إعادة انتشار للقوات المحتلة ليس إلا] ويقوم على بقاء الاستيطان [مع تفكيك بعض المستوطنات الصغيرة، هنا وهناك، والتي تتجاوز كلفتها المالية والأمنية ما تجنيه منها دولة الاحتلال من مكاسب]. وتقوم على بقاء التبعية الفلسطينية الكاملة لإسرائيل، فنتنياهو لا يؤمن بالانفكاك الاقتصادي بين «الدولتين»، و«حل الدولتين» بالنسبة له، ووفقاً للسقف الذي رسمه، حل يبقي الدولة فلسطين، باقتصادها، جزءاً من الاقتصاد الإسرائيلي، وبالتالي لا داعي لأن تكون هناك عملة فلسطينية وطنية، فيبقى الشيكل الإسرائيلي هو العملة الفلسطينية وهو عنوان التبعية.

* * *

نتيناهو لا يكتفي بهذا كله، بل هو يفترض، ليقوم سلام حقيقي في المنطقة، تتوج على رأسه إسرائيل، أن يغير العرب والفلسطينيون من طريقة تربيتهم لأطفالهم، وأن يوقفوا الدعاية السياسية التي يتبنونها ضد إسرائيل باعتبارها دولة غاصبة ومعتدية. حتى حرية النظر إلى إسرائيل يرفضها نتنياهو، ويطالب العرب والفلسطينيين أن يتبنوا نظرة إسرائيل نفسها لنفسها، وبالتالي عليهم أن يدينوا أنفسهم، وأن يعترفوا بحق السيطرة والهيمنة الإسرائيلية، عسكرياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً. فنتياهو يؤمن أن الدولة القوية التي تنشر هيمنتها على إقليم ما، أو على العالم، يجب أن تتمتع بعناصر القوة التالية: العسكرية – الاقتصادية – السياسية – والثقافية.

هذا كله ليس زلات لسان عند نتنياهو، بل هي الحقيقة التي صرح بها وكشف عنها في رؤيته للسلام (المزعوم)، وبالتالي بات على القيادة السياسية الفلسطينية أن تنظر إلى هذه المقابلة في «جيروساليم بوست» ليس باعتبارها مجرد دعاية انتخابية بل هي إشهار للبرنامج الحقيقي لنتناهو للوصول إلى «حالة سلام» مع الفلسطينيين والعرب. سلام صنع في إسرائيل، على يد المشروع الصهيوني. وإذا كانت القيادة السياسية الفلسطينية تؤمن حقاً بإمكانية الوصول إلى سلام مع نتنياهو، فما عليها سوى أن تبادر إلى إعادة صياغة برنامج التعليم والتربية الوطنية في مدارسها، وأن تحجز لنفسها مقاعد تعيد فيها تلقي حقائق المشروع الصهيوني، جنباً إلى جنب مع زملائها، في رياض للأطفال، يشرف عليها نتنياهو.)

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا