<%@ Language=JavaScript %> جمال محمد تقي فساد التسليح في الجيش العراقي من فساد عقيدة القائمين عليه !

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

فساد التسليح في الجيش العراقي من فساد عقيدة القائمين عليه !

 

 

 جمال محمد تقي

 

الخدمة الالزامية والمهنية العالية كانت الضامنة الاولى لتمثيل الجيش العراقي السابق للطيف الوطني العراقي والتي رسخت عقيدته في الدفاع عن الوطن كل الوطن ، وكانت وحداته ومدارسه وكلياته واكاديمياته ومهنية ووطنية قياداته ضامنة لحرفية ونزاهة تسليحه ، بل وابتكار وتصنيع كل ما تيسير من وسائل الدفاع والردع .

اليوم غاب التجنيد الالزامي وحلت محله نسب المحاصصات الطائفية والاثنية التي هندسها بريمرعند تشكيله لاول كتيبة عراقية جديدة في منتصف عام 2003 ، عام حل الجيش السابق واستبداله بتشكيلات ينحدر اغلب عناصرها من ميليشيات الاحزاب الطائفية والاثنية التي اعانت الامريكان اثناء حربهم المجرمة على العراق ، من معسكر قرقوش في ديالى خرج بريمر الكتبة الاولى لتكون نواة للجيش الجديد ، 60 بالمئة من اجمالي خريجي الدفعة الاولى من الشيعة و25 بالمئة من السنة و10 بالمئة من الاكراد و5 بالمئة  لباقي الطوائف ، استنسخت هذه الوصفة لتكون قاعدة يعتمدها كل تشكيل جديد في القوات المسلحة وخصوصا الجيش والمخابرات وقوات الامن ، ومن ثم على كل تشكيلات الدولة المدنية ، تحت يافطة الحفاظ على التوازن التمثيلي لمكونات الشعب في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية الجديدة ، والتي سهلت فيما بعد مهمة استبداد حزب الدعوة الطائفي بالمؤسسات الجديدة لنظام الحكم الذي اقامه الامريكان ، ووفرت حماية غير مباشرة لوجود قوات مسلحة نظامية من اثنية واحدة ، قوات البيشمركة الكردية ، التي يعبر وجودها عن اقرار رسمي بتعددية الولاءات وانقسام في مؤسسات الدولة  التي لا تقبل القسمة على اثنين ، فالجيوش الوطنية تخضع لقيادة واحدة وعقيدة واحدة وتسليح واحد وقرار واحد .

مليارات من الدولارات سرقت تحت بند تسليح وتمويل الجيش العراقي الجديد ، كان الامريكان طرفا بها الى جانب مستخدمون عراقيون وعملاء ربطوا مصيرهم بمصير الوجود الاحتلالي ، كان بريمر الحاكم المدني للعراق بمثابة القائد العام للقوات المسلحة العراقية ، فهو يوقع على عقود وهمية وعلى استيرادات لاعتدة واسلحة خفيفة لاتسلم الا بعد بيعها مرات عدة وتحت عناوين مختلفة لوزارة الدفاع العراقية ، وكان بريمر لا يبخل بسقط المتاع على خدمه من العراقيين من امثال زياد القطان وحازم الشعلان وعبد القادر العبيدي وسعدون الدليمي وغيرهم ، استمر الحال على هذا المنوال بعد بريمر ، فارتفعت نسب السرقات والعمولات في كل تفصيل من مفاصل مخصصات وزارة الدفاع والداخلية والامن الوطني ، وكانت الاسماء الوهمية لمنتسبين ليس لهم وجود احد الاساليب المبتكرة وابسطها بين طرق النصب والاحتيال التي يتبعها اصحاب الشأن في قيادات الدفاع والداخلية ، ففي عهد الجعفري سرقت المليارات بصفقات فاسدة للتسليح مع اوكرانيا وصربيا والاردن وتركيا ، وفي عهد نوري المالكي القائد العام للقوات المسلحة فاحت روائح اعظم السرقات وفي كافة المجالات من الكهرباء ومفردات البطاقة التموينية الى فساد صفقة اجهزة كشف المتفجرات الى عمولات صفقة السلاح الروسي التي بلغت اكثر من 150 مليون دولار ، مخصصات وزارة الدفاع والداخلية لا تقل عن عشرة مليارات في السنوات الثلاثة الاخيرة وقد بلغت موازنة الوزارتين في عام 2013 حوالي 17 مليار دولار ، ورغم هذا الانفاق المهول الا ان اجهزة الامن والدفاع في العراق مازالت فقيرة العدة والنوع والتدريب ، ربما كثيرة العدد ، نعم ، ولكنها اشبه ماتكون مستودعا للبطالة المقنعة ، ومجالا حيويا لتكريس بعض الامتيازات السياسية والطائفية ، والتي تجعل المنتسبين يدينون بالولاء للقائد العام ، دولة رئيس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية ، بحيث يستقتلون من اجل اعادة ولاية حكمه لمرات لا تنقطع ! 

 ان تكامل نضج القوات المسلحة النظامية الحالية  سيجعلها حتما متطلعة لتكون ذراعا حقيقية  للشعب بوجه امراء الطوائف ، الشعب يريد جيشا ملتزما بعقيدته الوطنية ، وامتدادا متفوقا يعيد الامور الى نصابها ، يريده جيشا متمسكا بعقيدة الدفاع عن حدود الوطن كل الوطن ، جيشا ملتصقا بثكنته تاركا الساحة السياسية لمدبريها ، ليكون هو حارسا امينا لها ، وبالتالي خير خلف لخير سلف .

لم يستطع من استخلف المحتل الامريكي في حكم العراق اجتثاث الروح التي يحملها جيش الرافدين والتي ستحل حتما بالجسد الجديد ، الذي حاول الحكام الجدد تخليقه على شاكلة من باعوا الوطن ومواطنيه مقابل سلطة لا عزة ولا كرامة لها ، سلطة فاسدة لا هم لها سوى استبقاء  وضع اليد على بئر النفط ، ومأسورة تهريبه ، وسرية حسابات عائداته !

لن تقوم للتشكيل الجديد قائمة الا اذا غسل نفسه بنفسه من الارواح الشريرة التي حاول نفخها فيه حكام المحاصصات الطائفية والاثنية الذين لا عقائد قتالية لديهم غير عقائد الملل والنحل ، والذين يبتزون ادوات الحكم وثروات الشعب لبناء جحافل ميليشياوية وقوات من النخبة الطائفية لتحقيق ماعجزت عن تحقيقه جحافل الغزو الامريكي بالوكالة .

يذكر القاصي والداني فدائية البعض من افراد التشكيل الجديد الذين انقضوا كالاسود على مدربيهم او مرافقيهم من الجنود والضباط الامريكان ثأرا للضحايا من العراقيين ، وكيف رفض البعض من الضباط القدامى المحترفين والذين انخرطوا بالتشكيلات الجديدة ، الاساءة الى التاريخ المشرف للجيش العراقي قبل 2003 ، وانتقد اغلبهم قرار حل الجيش واعتبروه قرارا اخرق .

 من الواضح ان اشد ما يخشاه حكام المنطقة الخضراء ، امتزاج الامزجة بين الافراد والضباط على قاعدة الولاء للوطن والمصلحه الوطنية العليا التي لا تعلوها مصلحة ، فتراهم يقسمون العراق الى مناطق عمليات عسكرية قتالية مشحونة بالميول المناطقية والطائفية ، وجعلوا من التمايزات بين قوات الصفوة اوالخاصة سنة وعقيدة ، هذه القوات التي دربها الامريكان وحلف الناتو والمسماة حاليا بقوات سوات التي اصبحت قوات شبه خاصة برئيس الوزراء وهي عالية التدريب والتسليح ، وتضخمت الان حتى بلغت ثلاثة الوية ، منها للاستطلاع والدعم والقتال ، وبات معروفا ان اغلب افرادها حاليا ينحدرون من الميليشيات الحزبية لتنظيم الدعوة وفيلق بدر ، اما التشكيلات المختلطة فانهم يتعاملون معها كصنوف من الدرجة الثانية .

برغم من الغاء الخدمة الالزامية في الجيش العراقي الحالي ، لكن اعداد عناصره تجاوزت النصف مليون عنصر ، وصعد الرقم الى السبعمائة الف مع ارتفاع حجم التخصيصات الكبيرة لوزارتي الدفاع والداخلية في الميزانيات العامة ، هذا من دون ان نحسب اعداد قوات حرس الحدود المسماة بالبيشمركة ومن دون حساب تشكيلات الصحوات التي تم احتواء اعداد منها في صفوف الجيش والشرطة والدفاع المدني ، تماشيا مع سياق المحاصصة الجاري في كل الاتجاهات ، وبرغم الامتيازات التي يحتكرها عناصر حزب المالكي والموالين له في جعل اغلب الاجهزة المؤثرة والقيادات الميدانية للجيش من حصتها لكن فتح باب التطوع للعمل في القوات المسلحة والاقبال عليه من مختلف شرائح المجتمع بما فيهم اعداد من الجيش العراقي السابق بسبب انعدام مجالات العمل الاخرى ووصول نسبة البطالة الفعلية بين القادرين على العمل الى نسب كارثية تصل احيانا الى 35 ـ 40 بالمئة ، كل هذا جعل من القوات المسلحة العراقية حاليا ، اكبر فئة وظيفية فاعلة ومنظمة في المجتمع ، حيث تضاهي من حيث الفاعلية النوعية فئات وطبقات المجتمع المؤثرة كالطلاب والعمال فالاخيرة محجمة ومشتتة بحكم الفوضى والفساد وسوء الادارة وانعدام الكفاءة السائدة في كل مناحي الدولة !

لقد جرى تصفية خيرة طياري العراق ممن يمتلكون خبرة وحنكة في فنون الطيران المقاتل ، وبذلك خسر العراق طاقات جبارة ، تعويضها يتطلب تخصيصات كبيرة وزمن طويل ، وتم تخريب الكليات العسكرية واكاديميات العلوم العسكرية والاستراتيجية المتخصصة في الهندسة العسكرية ومختلف صنوف القتال البري والجوي والبحري والصاروخي ، والحالة المرثية للكلية البحرية في البصرة وكذا اكاديمية البكر ومؤسسة التصنيع العسكري شواهد لا تغفلها عين مثلما هي حالة الطائرات الحربية العراقية التي تحتجزها ايران دون وجه حق منذ عام 1991 ، مثلما هي حالة مئات الاطنان من مختلف انواع المدافع الثقيلة والدبابات ومنصات الصواريخ والاسلحة المتوسطة المهملة كالخردة ، باستثناء ما وقع بين ايادي قوات الحزبين الكرديين الذين اعادوا تاهيل معظمها وصار تسليحهم يضاهي تسليح جيش المركز ، الان هناك مخصصات وصفقات تقدر بعشرات المليارات والنتيجة تقول ، مازال العراق يعتمد على غطاء جوي امريكي ، وقدراته الرادارية صفر ، وان اغلب صفقاته اما تحوم حولها شبهات الفساد او معطلة بسبب المماطلة الامريكية !

حدود العراق مخترقة من الجهات الاربعة وكذا حدوده البحرية ناهيك عن السماء ، وهذه الحالة تحديدا تستدعي اعتماد سياسة تستنهض الحماسة الوطنية لتحصين حدود الوطن بجيش مشبع بعقيدة الدفاع والذود عن سيادته ، ومن هنا فان تغليب الهوية الوطنية على كل هويات المحاصصة القائمة هو شرط حاسم لجعل الجيش الحالي امتداد مستحق للجيش السابق .

حاول الامريكان جعل نواتات الجيش العراقي المستحدثة رديف لها بالافعال المستهجنة داخل المدن والاحياء ، لخلق هوة نفسية وتكوينية بينها وبين الاهالي ، وكأنها مجموعات من المرتزقة المنزوع عنها كل النوازع الوطنية ، مجموعات تمتهن القتل والمداهمات والملاحقات ، ومما جعلهم يعتقدون بنجاعة مسعاهم هذا ان تلك النواتات منتقاة طائفيا ومدربة اصلا خارج العراق ، ولا تجنيد الزامي يشمل كل مواطن بلغ سن البلوغ ، لانه الغي بقرار بريمري مثلما الغيت كل مؤسسات الدولة العراقية وقوانينها التي تتعارض مع الاهداف الامريكية البعيدة والقاضية بجعل العراق عبارة عن دويلات متصارعة ، لكل واحدة منها جيش منحدر من ميليشيا خاصة بمكون تلك الدويلة !

ان وضع تشكيلات الجيش بحالة تصادم متكرر مع المحتجين والمتظاهرين في داخل المدن العراقية ، سيجعله اكثر عرضة للتغيير القادم ، ويبدو ان السلطة قد ادركت ذلك فعملت على التلويح مجددا بدور قادم للميليشيات الطائفية ، كجيش المختار وعصائب اهل الحق وكتائب حزب الله لغرض التغطية على الدور الخفي لقواتها الخاصة الممولة مباشرة من خزينة الدولة والتي تستهدف نشطاء المعارضين وايضا لفتح الطريق امام الفوضى الطائفية التي تتيح لها فرصة اعادة انتاج ذاتها

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا