<%@ Language=JavaScript %> حامد الحمداني  الحزب الشيوعي يتصدى للانقلابيين ويدعو إلى مقاومتهم القسم الثالث 3/4

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

الحزب الشيوعي يتصدى للانقلابيين ويدعو إلى مقاومتهم

 

القسم الثالث 3/4

 

حامد الحمداني

 8/2/2013

 

منذُ اللحظات الأولى لوقوع الانقلاب سارع الحزب الشيوعي إلى إصدار بيان وُزع على جماهير الشعب صباح ذلك اليوم دعا فيه القوات العسكرية الوطنية، وجماهير الشعب إلى التصدي للانقلابيين بكل الوسائل والسبل، ومما جاء في البيان :

{إلى السلاح! اسحقوا المؤامرة الرجعية الإمبريالية}.

أيها المواطنون: يا جماهير شعبنا العظيم المناضل، أيها العمال، والفلاحون والمثقفون، وكل الوطنيين والديمقراطيين الآخرين:

 لقد دق جرس الخطر ...استقلالنا الوطني يتعرض للخطر العظيم، إنجازات الثورة تحدق بها المخاطر.

لقد قامت عصابة حقيرة من الضباط الرجعيين والمتآمرين بمحاولة يائسة للاستيلاء على السلطة، استعداداً لإعادة بلدنا إلى قبضة الإمبريالية والرجعية، بعد أن سيطروا على محطة البث الإذاعي في أبو غريب، وانكبوا على إنجاز غرضهم الخسيس، فإنهم يحاولون الآن تنفيذ مجزرة بحق أبناء جيشنا الشجاع.

يا جماهير شعبنا المناضل الفخور! إلى الشوارع، اقضوا بحزم وقسوة على المتآمرين والخونة، طهروا بلدنا منهم، إلى السلاح دفاعاً عن استقلال شعبنا ومكتسباته، شكلوا لجان دفاع في كل ثكنة عسكرية، وكل مؤسسة، وكل حي وقرية  وسيُلحق الشعب، بقيادة قواه الديمقراطية، الخزي والهزيمة بهذه المؤامرة الجبانة، كما فعل بمؤامرات الكيلاني، والشواف، وآخرين. إننا نطالب بالسلاح}.

 ودعا البيان رفاق وجماهير الحزب إلى الاستيلاء على الأسلحة من مراكز الشرطة وتوزيعها على الجماهير، إلا أن ذلك لم يكن في مستوى الأحداث، فلم يكن الحزب قد كدس السلاح، كما فعل الانقلابيون خلال ثلاث سنوات.

 ولاشك أن قيادة الحزب تتحمل جانباً كبيراً من المسؤولية في عدم أخذ الاحتياطات اللازمة لمنع الانقلابيين من تنفيذ جريمتهم، ولا سيما وأن الحزب كان على علم بما يجري في الخفاء، وأنه كان قد أصدر بياناً قبل أيام يحذر فيه من وقوع مؤامرة ضد الثورة، فما هي الإجراءات التي اتخذتها قيادة الحزب لتعبئة رفاقه وجماهيره ، وخاصة في صفوف الجيش ؟ في الوقت الذي كان الحزب لا يزال يتمتع بنفوذ لا بأس به داخل صفوف الجيش من العناصر غير المكشوفة على الرغم من تصفية قاسم لمعظم القيادات الشيوعية فيه.

ورغم كل ذلك، فقد أندفع رفاقه وجماهير الشعب التي كانت تقدر بالألوف للذود عن حياض الثورة بكل أمانة وإخلاص، ووقفوا بجانب عبد الكريم قاسم، بل أستطيع أن أقول أن الشيوعيين كانوا القوة السياسية الوحيدة التي وقفت بجانبه، رغم كل ما أصابهم منه من حيف خلال السنوات الثلاثة الأخيرة من عمر الثورة. لقد أندفع معظم الضباط، وضباط الصف، والمسرحين من الخدمة العسكرية إلى الالتحاق بالمقاومة وحماية الثورة، بناء على دعوة الحزب، وقدموا التضحيات الجسام، وسالت دماؤهم على ساحات المعارك مع الانقلابين.

كان كل ما يعوز جماهير الشعب هو السلاح الذي كانوا يفتقدونه، ورغم كل النداءات التي وجهوها إلى عبد الكريم قاسم للحصول على السلاح لمقاومة الانقلابيين في أول ساعات الانقلاب، إلا أن نداءاتهم ذهبت أدراج الرياح.

ربما كان قاسم يتوقع من أولئك الذين أعتمد عليهم في القوات المسلحة أن يقمعوا الانقلاب، ولكنهم كانوا في وادٍ آخر، وربما خاف قاسم من إعطاء السلاح للحزب الشيوعي على مستقبله السياسي إذا ما تم قمع الانقلاب على أيدي الشيوعيين، وفي كلتا الحالتين كان قاسم مخطئاً، ودفع حياته، ومستقبل الشعب ثمناً لتلك الأخطاء التي أرتكبها طيلة فترة حكمه.

قاسم يحاول توجيه خطاب للشعب والقوات المسلحة:

في الوقت الذي كان فيه القصف المركز يجري على وزارة الدفاع، والقوات الانقلابية تحيط بها، حاول الزعيم عبد الكريم قاسم تسجيل خطاب يوجهه إلى الشعب، والقوات المسلحة يدعوهم لمقاومة الانقلابيين، وقد تم تسجيل ذلك الخطاب على شريط [كاسيت]، تحت أصوات القصف والانفجارات، وأرسله إلى دار الإذاعة مع الرائد[سعيد الدوري]، الذي تبين فيما بعد أنه من المشاركين في الانقلاب، حيث سلمه للانقلابيين، كما أن دار الإذاعة كانت قد احتلت من قبل الانقلابيين، ولذلك لم يتسنَ إذاعة الخطاب، وقد حصلت على نسخة منه، وفيما يلي نصه:

إلى أبناء الشعب الكرام، وإلى أبناء الجيش المظفر:{إن أذناب الاستعمار، وبعض الخونة والغادرين والمفسدين، الذين يحركهم الاستعمار لتحطيم جمهوريتنا ...كلمات غير مفهومة بسبب القصف، الذين يحاربوننا بحركات طائشة للنيل من جمهوريتنا، وتحطيم كيانها.

إن الجمهورية العراقية الخالدة وليدة ثورة 14 تموز الخالدة لا تقهر، وإنها تسحق الاستعمار، وتسحق كل عميل وخائن. إنما نحن نعمل في سبيل الشعب، وفي سبيل الفقراء بصورة خاصة، وتقوية كيان البلاد فنحن لا نقهر، وإن الله معنا، أبناء الجيش المظفر والوحدات، والقطعات، والكتائب والأفراد.

 أيها الجنود الغيارى، مزقوا الخونة، اقتلوهم، اسحقوهم، إنهم متآمرون على جمهوريتنا ليحطموا مكاسب ثورتنا، هذه الثورة التي حطمت الاستعمار، وانطلقت في طريق الحرية والنصر، وإنما النصر من عند الله، والله معنا، كونوا أشداء، اسحقوا الخونة والغادرين.

 أبناء الشعب في كل مكان: اسقطوا الخونة والغادرين، إنهم أذناب الاستعمار والله ينصرنا على الاستعمار وعلى أذنابه وأعوانه.

ثم يتوقف التسجيل بسبب دوي القصف، ويعاود الزعيم مرة أخرى:

السلام عليكم أبناء الشعب، أيها الضباط، أيها الجنود، أيها الضباط الصف الأشاوس، أيها العمال الغيارى، إن الاستعمار يحاول أن يسخر نفراً من أذنابه للقضاء على جمهوريتنا، لكنه بتصميمنا، وتصميم الشعب المظفر، فأننا نحن جنود وشعب 14 تموز الخالد الذي وجه الضربات الخاطفة إلى العهد المباد، رغم الاستعمار، وحرر أمتنا، واسترد كرامتها فإننا في هذا اليوم المجيد قادرون على  سحق الخونه والغادرين.

أبناء الشعب، أبناء الجيش المظفر، إن النصر أمامنا، وإننا صممنا على سحق الاستعمار وأعوانه، فلا تدعو الخونة والغادرين، فأن الله معكم، وسوف نتصدى للظالمين والغادرين والسفاكين، أذناب الاستعمار، سوف نهزمهم عندما توجه إليهم الضربات الخاطفة، وقد باشرنا بتوجيهها إليهم.

إنني الزعيم عبد الكريم قاسم، وإننا أقوى وأمضى وأشد عزماً وكفاحاً في سبيل الفقراء، والنصر للشعب العراقي المظفر، والنصر لكم أيها الغيارى}.

                                                                 عبد الكريم قاسم

                                                                 8 شباط 1963

هذا هو نص الخطاب الذي لم يستطع عبد الكريم قاسم إذاعته، فقد فات الأوان، واستولى الانقلابيين على دار الإذاعة، ووقع الشريط الذي يحوي الخطاب بين أيديهم، وربما كان بالإمكان لو لم تقع دار الإذاعة بأيدي الانقلابيين، وتم إذاعة البيان، أن تتحرك بعض القطعات العسكرية الموالية له، وتتصدى للانقلابيين.

كان الانقلابيون يدركون مدى تعلق الشعب العراقي وجيشه بثورة 14 تموز وقيادتها، رغم كل الأخطاء التي أرتكبها الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم يحق القوى الوطنية المخلصة حقاً وفعلاً، فالكل يركب سفينة الثورة، التي إذا غرقت غرق الجميع ولذلك نجد الانقلابيين يعلنون في أول ساعات الانقلاب عن مقتل عبد الكريم قاسم لكي يمنعوا أي تحرك عسكري لإسناده، مثل ما فعلوا عندما تقدمت دباباتهم وهي تحمل صور عبد الكريم قاسم لخدع جماهير الشعب حتى تتمكن من الوصول إلى وزارة الدفاع.

ورغم كل ذلك فقد اندفعت جماهير الشعب تقارع الانقلابيين بكل ما أوتيت من عزم وقوة رغم أنها كانت عزلاء من السلاح، وخاضت المعارك معهم بالبنادق والعصي والحجارة فيما قابلتهم الدبابات والمصفحات منزلة بهم خسائر فادحة في الأرواح بلغت عدة آلاف من أبناء الشعب.

أما [الحرس القومي] الذي شكله الانقلابيون فقد أندفع أفراده إلى الشوارع، وهاجموا مراكز الشرطة، واستولوا على الأسلحة، وبدءوا يهاجمون جماهير الشعب بكل عنف وقوة موجهين نيران أسلحتهم الثقيلة والخفيفة نحو كل من يصادفونه في طريقهم.

واستمرت مقاومة الشعب في بعض مناطق بغداد، وخاصة في مدينة الثورة، والشاكرية، والكاظمية، وباب الشيخ، وحي الأكراد، والحرية، والشعلة، لعدة أيام، ولم يستطع الانقلابيون قمع المقاومة إلا بعد أن جلبوا الدروع لتنفث نار القنابل الحارقة فوق رؤوسهم.

 واصدر الانقلابيون بيانهم المشؤوم رقم 13 الذي يدعو إلى إبادة الشيوعيين الذين تصدوا للانقلاب منذُ اللحظات الأولى، وشنوا على الحزب الشيوعي حرب إبادة لا هوادة فيها، حيث اعتقلوا ما يزيد على مئات الألوف من مواطن، بينهم 1350 ضابطاً عسكرياً من مختلف الرتب، وجرى تعذيب المعتقلين بأساليب بشعة لا يصدقها أحد، واستشهد جراء ذلك المئات من المناضلين تحت التعذيب الشنيع، وكان من ضحايا التعذيب كل من [سلام عادل] السكرتير العام للحزب الشيوعي، حيث قطع الانقلابيون يديه ورجليه، وفقأوا عيناه في محاولة لانتزاع الاعترافات منه عن تنظيمات الحزب، كما استشهد أيضاً من أعضاء اللجنة المركزية كل من :

 جمال الحيدري، ومحمد صالح العبلي، ونافع يونس، وحمزة سلمان، وعبد الجبار وهبي، أبو سعيد، وعزيز الشيخ، ومتي الشيخ، و محمد حسين أبو العيس، وجورج تللو، وعبد الرحيم شريف، وطالب عبد الجبار، بالإضافة إلى المئات من الكوادر الحزبية، ورفاق الحزب، قضوا جميعاً تحت التعذيب رافضين تقديم الاعترافات عن تنظيمات حزبهم.

موقف قطعات الجيش من الانقلاب:

 بعد كل الإجراءات التي أتخذها عبد الكريم قاسم منذُ عام 1959 وحتى وقوع انقلاب 8 شباط، والمتمثلة في إبعاد أغلب العناصر الوطنية المخلصة والكفوءة من المراكز العسكرية، واستبدالها بعناصر انتهازية، وأخرى حاقدة وموتورة تتربص بالثورة وقيادتها، لم يكن متوقعاً أن تحدث المعجزة، ويجري التصدي للانقلابيين، وكل ما حدث أن عدداً من بقايا العناصر الشيوعية في الجيش من صغار الضباط، وضباط الصف، والجنود، حاولت مقاومة الانقلابيين بما استطاعوا، ولكن دون جدوى، فلم يكن هناك أدنى توازن للقوى، بعد أن سيطرت قوى الرجعية على الجيش. ففي بعقوبة تصدى عدد من الضباط وضباط الصف والجنود للانقلاب، إلا انهم فشلوا في ذلك، وجرى إعدام فوري لما يزيد على 30 ضابطاً وجندياً.

وفي معسكر التاجي القريب من بغداد، حيث توجد هناك محطات الرادار، حاولت مجموعة أخرى السيطرة على المعسكر، غير أن الانقلابيين تمكنوا من التغلب على المقاومة بعد قتال عنيف، وغير متكافئ، وجرى الإعدام الفوري لعدد من الضباط الصغار، وضباط الصف والجنود.

كما حدثت مقاومة من جانب عدد من الضباط وضباط الصف والجنود في منطقة فايدة شمال الموصل، لكنها لم تستطع الصمود، حيث تم للانقلابيين قمعها، وجرى إعدام فوري لعشرات من الضباط والجنود.

أما قادة الفرق، وكبار القادة العسكريين فلم يحركوا ساكناً، بل أن قسماً منهم كان له ضلعاً في الانقلاب، وبشكل خاص محسن الرفيعي، مدير الاستخبارات العسكرية، الذي كان يغطي ويخفي كل تحركات الانقلابيين دون أن يتخذ أي إجراء ضدهم،  ولم ينقل لعبد الكريم قاسم حقيقة ما يجري.

ففي 4 شباط، قبل وقوع الانقلاب بأربعة أيام، أصدر عبد الكريم قاسم قرارا بإحالة مجموعة من الضباط المعروفين بعدائهم للثورة على التقاعد، ولكن أولئك الضباط استمروا بلبس ملابسهم العسكرية، ولم يغادروا بغداد، ولم تحرك أجهزة الاستخبارات العسكرية ولا الأمنية ساكناً، وهذا خير دليل على تواطؤ مدير الأمن العام، ومدير الاستخبارات العسكرية مع الانقلابيين.

أما احمد صالح العبدي، رئيس أركان الجيش، والحاكم العسكري العام، فإن خيانته قد توضحت تماماً عندما أصدر أمراً يوم 5 شباط، أي قبل وقوع الانقلاب بثلاثة أيام، يقضي بسحب العتاد من كتيبة الدبابات التي كان يقودها العقيد الركن [ خالد كاظم ] وهو الوحيد الذي بقي في مركزه القيادي من الضباط الوطنيين، وأودع العتاد في مستودع العينة، وبقيت دباباته دون عتاد لكي لا يتصدى للانقلابيين، ولم يمس الانقلابيين العبدي بسوء. كما أن عبد الكريم قاسم قام قبل الانقلاب بتعيين عبد الغني الراوي، المعروف بعدائه للثورة وتوجهاتها، آمراً للواء المشاة الثاني الآلي، وكانت تلك الخطوة ذات أبعاد خطيرة، فقد كان الراوي أحد أعمدة الانقلاب، وقام اللواء المذكور بدور حاسم فيه.

 

خمسون عاماً على انقلاب 8 شباط الفاشي

 في العراق

واغتيال ثورة 14 تموز1958

حامد الحمداني

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا