<%@ Language=JavaScript %> عبد الله ناصر العتيبي عليكم بالديموقراطية.. ومن شذ شذّ في الإقصاء!

   

لا

للأحتلال

لا

للخصخصة

لا

للفيدرالية

لا

للعولمة والتبعية

حضارة بلاد الرافدين   

    

                                              

صحيفة مستقلة تصدرها مجموعة من الكتاب والصحفيين العراقيين                                    

 للمراسلة  webmaster@saotaliassar.org                                                                            

 

 

عليكم بالديموقراطية.. ومن شذ شذّ في الإقصاء!

 

 

عبد الله ناصر العتيبي

 

قبل الانفتاح على العالم، وحينما كان تواصلنا مع الآخر الذي لا يشبهنا مقصوراً على ما تسمح به طبيعة وسائل الاتصال المحدودة آنذاك، كان طريق «عوام الناس» إلى فهم فلسفة الإسلام تجاه المتغيرات الكونية الطارئة والجديدة لا يخرج عن مصدرين رئيسيين: الكتب الدينية في المناهج المدرسية والتي أسهم في تأليف بعضها عدد من كوادر جماعة «الإخوان المسلمين» الذين لفظتهم بلادهم واحتضنتهم دول الخليج العربي، والمصدر الثاني هو الدعاة الصغار، علماً ورؤية، الذين كانوا يدورون على مساجد الأحياء لتوصيل محفوظاتهم الدينية غير القابلة للمناقشة والتفكيك والتفنيد والمراجعة!

كانت كتب المناهج المدرسية وكتيبات المناشط الصيفية ومنشورات المناسبات الشتوية ومطويات الملتقيات الربيعية ومطبوعات التجمعات الخريفية وشرائط الكاسيت ومحاضرات الدعاة في المساجد، كلها تهاجم الديموقراطية وتصفها بأبشع الصفات، وتضعها في خانة الحرب على الله ورسوله! كانت تفعل ذلك لثلاثة أسباب رئيسة:

الأول: لأن الديموقراطية هي أحد منتجات الغرب الكافر، وبالتالي فإن الدعوة لها والترويج لمبادئها هو من قبيل التغريب واستدعاء «الثقافة الغربية الشريرة» إلى بلاد المسلمين.

والثاني: الدخول المشوّه لمصطلح الديموقراطية إلى القاموس العربي في شكل واسع من خلال ربطها بالجمهوريات العربية المستقلة حديثاً، والتي تبنت في مجملها أطر الحكم اللادينية، وراحت تلاحق الحركات الإسلامية وتنكل بأفرادها وتسومهم سوء العذاب، الأمر الذي جعل بسطاء الناس في الخليج والمتدينين فطرة، يربطون الديموقراطية بعداء الله ورسوله والصالحين في الأرض، خصوصاً مع ترافق ذلك مع النظرة الاستعلائية والحروب الإعلامية التي كان يشنها علينا إخوتنا في «العروبة الجديدة» باسم «الرجعية – التقدمية» حيناً، و «والملكية – الجمهورية» في أحايين كثيرة.

أما السبب الثالث: فيتمثل في التفسير المباشر الذي كان يضع الديموقراطية التي هي «حكم الشعب» في فضاء مقابل لما يجب عليه أن يكون الحكم في الإسلام وهو «حكم الله». كان هذا التفسير المقتضب والمباشر كفيلاً بحشد «الغضب» الشعبي تجاه الديموقراطيين الذين – بحسب المؤمنين - يحادون الله، ويحلمون بالحلول مكانه، والاتحاد بأرواح الناس بدلاً منه!

هذه الأسباب الثلاثة جعلت الشعوب الخليجية تنفر من الديموقراطية وتحاربها وتعتبرها نوعاً من التعدي على المشيئة الإلهية، وكان أشد الناس ضراوة في محاربتها هم المنتمون إلى الحركات الإسلامية والمحسوبون على تيارات الإسلام السياسي.

أعوام طويلة، واسم الديموقراطية يجرح الشعور العام، لكن الوضع تغيّر خلال العقدين الأخيرين. صار الناس يتحدثون عن الديموقراطية بلهجة أخف حدة من السابق، وتوقفت المساجد تقريباً عن مهاجمة الديموقراطية، بل تعدى الأمر ذلك إلى تنامي الطلب على الديموقراطية وتفعيلها من خلال التمثيل الشعبي والمشاركة في إدارة شؤون الحكم كمطلب رئيس، على افتراض أن باقي أركان الديموقراطية موجود بالفعل في دول الخليج منذ مئات السنين تحت مظلة الارتباط التاريخي بين العائلات الحاكمة وشعوب المنطقة، والذي كان ولا يزال يمثل عقداً غير مكتوب يحمي حقوق الطرفين ويفرض عليهما مجموعة من الواجبات التي لا تتعارض مع بعضها.

سقطت الأسباب الثلاثة فجأة، وتحولت من موانع لتطبيق الديموقراطية إلى مبررات لوجودها، فمنتج الغرب الكافر هو الذي يحمي اليوم مركب المسلمين المهاجرين بما يحمله من مبادئ ومعتقدات في بحر الغرب المسيحي الهادر، وهو الذي يوفر الرعاية أيضاً لمتطرفي الجماعات الإسلامية الذين جرحوا بحرّية تعبيرهم المواثيق والعهود الإسلامية كافة!

أما الجمهوريات العربية المشوهة في منتصف القرن الماضي، فقد حلت بدلاً منها في دول الربيع العربي جمهوريات إسلامية قطفت الثمرة العليا من الديموقراطية، في الوقت الذي فشلت فيه حتى الآن في تفعيل الأساسات التي تلزم لحمل الديموقراطية إلى المستقبل.

المانع الثالث سقط بسقوط السببين السابقين، لأنه لم يكن إلاّ «فذلكة» لغوية لم تنطل إلا على أولئك الذين ارتضوا تأجير عقولهم لمجموعة من المرتزقة والجهلاء

أصبحت الديموقراطية حلالاً وقد كانت حراماً في الذهنية الخليجية - جماهير ونخباً -، فما الذي تغير؟

الشعوب في مجملها تريد الديموقراطية لأنها تضمن لها التمثيل وحرية التعبير والعدل والمساواة. تريد الديموقراطية التي تضمن الحرية المسؤولة. تسعى إلى تفعيل صوت الغالبية (غير الدينية وغير العرقية وغير الجهوية) بما لا يتعارض مع حقوق الأقليات الدينية والعرقية والجهوية. تسعى إلى ذلك، وهي تضع في اعتبارها قدسية التوافق التاريخي ما بينها وبين العائلات الحاكمة التي استطاعت من خلال قيادتها للسفينة الخليجية تجنيب شعوب المنطقة خلال العقود الماضية الكوارث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت تحدث باسم «التقدمية» في دول الجوار!

الشعوب الخليجية اليوم وعت حقيقة الديموقراطية، فراحت تبحث عنها في رداء الملكية. لا تبحث عن تغيير التاريخ بقدر ما تبحث عن تغيير المستقبل. تريد أن تكمل رخاء الماضي ورفاهيته، إنما بشروط المشاركة و «المعاونة» والتكاتف وضمان الحقوق «السياسية» لكل فرد.

أما الحركات الإسلامية فصارت تستخدم الديموقراطية، ليس من أجل حرية التعبير، ولا ضمان العدل والمساواة تحت مسطرة القانون، ولا لحماية الأقليات الدينية والعرقية، ولكن من أجل فضيلة واحدة فقط هي تدوير السلطة! وتدوير السلطة عندما يُفصل عن باقي أركان الديموقراطية، فإنه يتحول من فضيلة عظيمة إلى مجرد عمل مرذول مكون من كلمتين: قلب الحكم!

كانت الديموقراطية في الإسلام واقعاً معاشاً منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا جاءت الكثير من الأحاديث التي تدعو إلى السير في ركب (الجماعة) وتحذّر من الشذوذ عنها، ومن شذّ شذ في النار. كما أنه صلى الله عليه وسلم أشار إلى وجوب اتباع الغالبية من خلال الشهادة لها بعدم الضلال، فأمته صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة.

كانت الديمقراطية والليبرالية اساس الحكم في الاسلام الأول قبل ان تخطتفها يد المزايدين المتأخرين مرة معها لأجل مصالحهم ومرة ضدها لأجل مصالحهم ولتذهب الشعوب الى حيث يذهب الشاذون عن الجماعات.

 

 

 

 

 

تنويه / صوت اليسار العراقي لا يتحمل بالضرورة مسؤوليّة جميع المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن كتاباتهم

 

 

الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا

 

 

جميع الحقوق محفوظة   © 2009 صوت اليسار العراقي

 

   الصفحة الرئيسية | [2]  [3] [4] | أرشيف المقالات | دراسات | عمال ونقابات | فنون وآداب | كاريكاتير  | المرأة | الأطفال | حضارة بلاد الرافدين | إتصل بنا