تعد منطقة الشواكة من أهم مناطق ومحلات بغداد القديمة، ببيوتها
التي لم يترك تقادم الزمان على جدرانها إلا بعضا من الاسمنت الآيل
للاندثار شيئا فشيئا، وبدكاكينها التي تأخذك بتاريخها إلى دوامة
سنين طويلة غابت، أما سوق "الخضر الكبير" الذي كان يجتمع فيه نخبة
من كبار رجال السياسة والأدب أمثال الملا "عبود الكرخي" فأصبح يشكو
الإهمال والقطيعة.
منطقة الشواكة تعد من بين أكثر مناطق بغداد كثافة سكنية كونها
منطقة مفتوحة تستقبل كل أبناء العراق.
الشواكة تمتد حدودها إلى الشارع المؤدي للمحطة العالمية غربي
بغداد والمقابلة لمنطقة "الأرضروملي" التي كانت آخر مناطق العمران،
وكون المنطقة قريبة من محطة السكك الحديد ومن السفارة البريطانية
ومن المطار فقد سكن فيها إلى جانب سكانها الأصليين عدد من الهنود
والبلوش وما تبقى من حدودها هي حسينية تستقر على ضفة نهر دجلة،
يقال أنها أنشئت بأيدي الهنود.
المفارقة، انك تنتقل بلمحة بصر من عمارات شاهقة فخمة في شارع
حيفا إلى إهمال وفقر وبيوت باتت تتساقط الواحد تلو الآخر، فحين
تتجول بين ممرات "الشواكة" التي أغلق القسم الكبير منها بسبب تهدم
اغلب بيوتها، تجد تاريخا عريقا وقصورا كانت مساكن للرؤساء ولشخصيات
مهمة عديدة بالإضافة إلى الأثرياء اليهود.
لم تلتفت أية جهة معنية الى إعادة عمران هذه البيوت التي باتت
تشكل خطرا كبيرا على سكان المنطقة، فتلاصق البيوت وتجاورها وضيق
ممراتها يجعل تهدم أي بيت سببا لتساقط باقة متجاورة من بيوت ذلك
الشارع، حتى انك تجد بعض العوائل تسكن في ما تبقى من حطام البيوت،
لأنها وببساطة لم تجد بديلا يعوضهم عن مساكنهم.
الشواكة وغيرها الكثير من المناطق التي عانت ومازالت تعاني من
الإهمال وسوء الخدمات، لم تجد أية التفاتة لتحسين أوضاعها وتغيير
الواقع المرير الذي تعيشه.
أين وعود الحكومة بتوفير مساكن لأمثال هؤلاء؟ والكثير الكثير
الذين يعانون الأمرين من هذه الحياة الشاقة، وربما لا يجدون حتى
"بقايا جدران" تحيطهم لتحميهم من حر الصيف وأمطار الشتاء وتلصص
المارة!.
ألا يمكن ان تعالج هذه المشكلة الكبيرة برسم إستراتيجية إسكانية
تستوعب الزيادة في النفوس في البلد، وإنشاء المجمعات التي تستوعب
مواطنينا، وتعوض العوائل التي فقدت منازلها؟.
ليس من الصعب توفير فرص العمل الجيدة للمواطنين، وتوفير رواتب
ضمان اجتماعي، وفرض إلزامية التعليم للمئات من الأطفال المتسربين
والمشردين وتطبيق ما ينص عليه الدستور العراقي في المادة (19) التي
تقول: "لكل عراقي الحق في التعلم والعناية الصحية والضمان
الاجتماعي وتوفير فرص العمل، وعلى الدولة كفالة ذلك في حدود
مواردها".
وما أكثر مواردها التي تصرف على الدعايات الانتخابية لأولي
الأمر.